%@ Language=JavaScript %>
عندما تصبح العمالة والتصهين وجهة نظر!!!!!
الدكتور بهيج سكاكيني
تتكالب العديد من الأطراف الدولية والإقليمية في محاولة يائسة وبائسة لاحتواء الهبة والتحركات الشعبية الفلسطينية التي بدأت تأخذ أبعادا تقلق العدو الصهيوني وتسقط ورقة التوت على العديد من الأنظمة العربية المتواطئة مع الكيان الصهيوني في كبح جماح الشعب الفلسطيني الذي استطاع بإصراره على المواجهة اليومية المتصاعدة للاحتلال الصهيوني وعلى امتداد جغرافيا فلسطين التاريخية، أن يعيد القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وتأتي التحركات الجماهيرية الفلسطينية العريضة داخل كل الأراضي المحتلة لتؤكد أنه وبالرغم من الوضع العربي المأساوي وحالة الاستقطاب السياسي الغير معهود في المنطقة بين الدول العربية والتي أدت الى حرف بوصلة الصراع لدى النظام العربي الرسمي من صراع مع العدو الصهيوني الى صراع مع إيران ومحور المقاومة، انه وبالرغم من كل ذلك فان عزيمة الشعب الفلسطيني لم تهن أو تضعف في مقاومة الاحتلال وهو ما عملت وراهنت عليه العديد من الدول العربية الى جانب الكيان الصهيوني.
ولقد وصلت الوقاحة والعهر السياسي ببعض كتبة السلاطين أمثال الكاتب الكويتي عبدالله الهدلق أن يهاجم الشبان الفلسطينيون المنتفضين ويصفهم بالإرهابين لاستخدام بعضهم السكاكين لطعن المستوطنين والجنود الصهاينة الذين يعتدون على كل الحرمات والمقدسات ويقتلون الفلسطينيين بدم بارد في عمليات اعدام ميدانية ممنهجة وبتشجيع وتغطية سياسية من قبل حكومة إسرائيلية فاشية. ففي مقال نشر في جريدة الوطن الكويتية يؤكد هذا العميل على "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وقتل الإرهابيين الفلسطينيين مهما كانت أعمارهم، أطفالا وشبانا ذكورا واناثا". ويطالب رئيس السلطة السيد محمود عباس بوقف ما وصفه " التحريض على الكراهية كما يجب عليه ادانة الهجمات التي تستهدف الإسرائيليين". ويمضي في مقاله ليقول بان " دولة إسرائيل ستبقى قائمة لا يرهبها إرهاب السكاكين الفلسطيني، بينما شتات مخيمات اللاجئين الفلسطيني زائل لا محالة لأنه باطل فلسطيني أمام حق إسرائيلي واضح وجلي، على الرغم من تخاذل المجتمع الدولي عن مناصرة إسرائيل في دفاعها عن نفسها وعن شعبها وجنودها".
والغريب في الامر انها ليست المرة الأولى الذي يقوم فيها هذا الكاتب بمهاجمة مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني. والذي يبدو من كتاباته بهذا الجانب انه أحد المتصهينين العربان الذين يبذلون كل جهدهم في محاولة كي وجدان رجل الشارع العربي ضمن مخطط عمليات التطبيع والقبول بالأمر الواقع وبوجود الكيان الغاصب والتغاضي عما جرى للشعب الفلسطيني من عملية تهجير قسري من موطنه والاستيلاء على أراضيه وارتكاب المجازر بحق هذا الشعب منذ ان وهبت الأرض الفلسطينية للصهاينة في قرار التقسيم الاممي الجائر. تلك المجازر وعمليات التهويد التي لم تنقطع للأرض الفلسطينية.
والذي يبدو ان هنالك العديد من "الخلايا الصهيونية النائمة" في المنطقة التي رأت ان هذا هو يومها لتوصيف العمل النضالي الذي يقوم به فتيان وفتيات فلسطين للدفاع عن الأقصى بالعمل "الهمجي"، كما هو الحال مع خطيب أحد المساجد في عمان والمدعو عمر أبو طلحة الذي تجرأ في احدى خطبه بوصف طعن المستوطنين الصهاينة "بالعمل الهمجي". لم نسمع هذا الخطيب بانه وصف دق أعناق ما يقرب من 90 شخصا هذا العام في السعودية بالسيف أو أكل الأعضاء البشرية للإرهابيين التكفيريين في سوريا بالهمجية.
وقد سبق هذا القرضاوي "علامة الفتنة" في المنطقة والذي ما زال ينفث السموم في امتنا العربية الإسلامية والمسيحية في دعوته الى "الجهاد" على الأرض السورية ضد القوات الروسية التي جاءت لمؤازرة سوريا شعبا وجيشا وقيادة في محاربة الارهاب الذي دمر البشر والحجر وقام بتفجير المساجد والكنائس ومعالم التراث الإنساني والحضاري وقتل رجال الدين مسلمين ومسيحيين ذهب ضحيتها خيرة علماء المسلمين الشيخ والعالم الجليل سعيد رمضان البوطي في تفجير خسيس داخل المسجد الاموي في دمشق في مارس 2013 . شيخ الفتنة يدعو "للجهاد " في سوريا في الوقت الذي تنتهك حرمة المسجد الأقصى الذي يسعى المستوطنين القدامى والجدد الصهاينة لتهوديه، ولا ينبذ ببنت شفه وحث "جهادييه" الى نصرة الأقصى والدفاع عن بيوت الله في فلسطين. وصدق الاب مناويل مسلم راعي كنيسة دير اللاتين في غزة وعضو الهيئة الإسلامية والمسيحية لنصرة المقدسات في فلسطين عندما كتب في موقعه على الفيسبوك ردا على الخطيب من عمان وهو ينطبق أيضا على علامة الفتنة القرضاوي، " ما ترَكَنا العرب والمسلمون وحدنا في ساحة الجهاد لحماية أرض فلسطين والمسلمين، الا لأنه خَفَتَ صوت الخطباء الوطنيين الأشراف، وعلت أصوات الخطباء الانهزاميين أمثالك".
هذه الأصوات والدعوات ليست منفردة ومن الخطأ الفادح النظر اليها كذلك. فلقد هللت بعض الأصوات الإعلامية في مصر للعدوان الهمجي الصهيوني الأخير على غزة عام 2014 الذي أدى الى تدمير كامل للبنية التحتية في غزة واستشهاد أكثر من 2000 من السكان جلهم من النساء والأطفال. لا بل وذهب البعض الى "الشد على أيدي نتنياهو" الطلب منه علانية بعدم التوقف عن العدوان العسكري البربري على القطاع حتى ينهى المقاومة الفلسطينية حتى لو أدى ذلك الى مزيد من القتل والدمار لأنه ثمن جدير بالدفع للقضاء على المقاومة. هؤلاء هم التلامذة المخلصين للمجرمة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة التي قالت بان قنل نصف مليون طفل عراقي بسبب نقص الادوية اللازمة في العراق أثناء الحصار والعدوان الاقتصادي على العراق بانه ثمن جدير بالدفع للقضاء على نظام صدام حسين. لم ننسى ولن ننسى كشعوب عربية أساتذة وتلامذة الفتنة والإرهاب ومشغليهم.
ولقد رأينا وفي فترة قريبة اجتماعات علنية بين كبار ساسة سعوديون مقربين من آل سعود وأطراف من القيادات السياسية الصهيونية مثل تلك الذي عقد في واشنطن 4 يونيو 2015 بين اللواء المتقاعد أنور عشقي الذي يشغل منصب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجدة ومستشار مقرب من مراكز القرار السعودية أي العائلة المالكة، ودوري غولد مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية وامين سر بنيامين نتنياهو.
وقد سبق وان اجتمع الأمير تركي الفيصل مدير الاستخبارات السعودي السابق زعيم حزب "هناك مستقبل" الصهيوني يائير لبيد وكذلك بعاموس يدلين الرئيس السبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصافح نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني يالون في منتدى الامن في ميونيخ وغيرهم. وكما قال البعض ان كل هذا ليس بجديد وما هو الجديد هو الانتقال من السرية الى العلن.
وكل هذا يدخل ضمن دائرة التطبيع التي بدأت منذ زمن بعيد ولكنها نشطت بعد التوقيع الفلسطيني على اتفاقيات وتفاهمات أوسلو سيئة الصيت. ومن هنا فالجانب الفلسطيني الذي اخذ منحى أوسلو وما زال متمسكا به ليومنا هذا على الرغم من عدم تحقيق أي شيء ملموس على ارض الواقع للشعب الفلسطيني، هذا الطرف يتحمل جانب من المسؤولية.
في النهاية نود ان نؤكد ان هذه الأصوات والدعوات الانهزامية والعميلة والمتصهينة التي تصدر من هنا وهناك ليست منعزلة كما قد يبدو للوهلة الأولى، بل أنها تشكل مسار ومنحى بدأ يتجذر ويأخذ حيزا على الساحة السياسية ضمن منظومة متكاملة يشكل التطبيع مع العدو الصهيوني وحرف بوصلة الصراع معه، واثارة الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة، وتصفية القضية الفلسطينية بكل ابعادها أهم ركائزها. لقد سقطت كل الأقنعة ولم يتبقى شيء منها لتخفي الوجوه القبيحة المتصهينة والمتآمرة على الامة ومقدساتها ومقدراتها وشعوبها وها هي فلسطين وليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن ولبنان أمثلة ساطعة تعمي العيون. ولا بد من الوقوف بشدة في وجه الهجمة الشرسة التي تريد أكل الأخضر واليابس في المنطقة مع اشتداد الصراعات القائمة. وهذا يتطلب جهدا وعملا دؤوبا إقليميا وعلى مستوى المنطقة بأكملها ولا مكان فيه للمتخاذلين والمترددين والذين يقفون على الاسوار ليميلوا حيث تميل الرياح من منطلق انتهازي مقيت وعدم الرغبة في دفع ثمن الانعتاق وكسر الاغلال للوصول الى الحرية والتخلص من العبودية.
الدكتور بهيج سكاكيني
تاريخ النشر
19.10.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
19.10.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |