%@ Language=JavaScript %>
المحور المعادي لن يكف عن النباح والعويل والتآمر
الدكتور بهيج سكاكيني
منذ أن بدأ الدخول الروسي وبقوة على خط الازمة السورية في الفترة الأخيرة وخاصة منذ ان بدأت الطائرات الروسية بتوجيه الضربات المؤلمة والتي أخذت في الزيادة من حيث الكثافة في عدد الطلعات ومناطق القصف لم تهدأ تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين في الدول الغربية وحلفاءهم وأذنابهم وأدواتهم في المنطقة الحاوية على التهديد تارة بجعل سوريا أفغانستان ثانية للقوات الروسية واتهامها أحيانا أخرى بأنها تقصف المدنيين "والمعارضة السورية" وإنها لم توجه الضربات بعد الى تنظيم داعش. وانبرت بعض التصريحات لتقول ان 5% فقط من الضربات الجوية قد وجهت الى تنظيم داعش بينما الباقية قد وجهت الى "المعارضة السورية". ولا نعتقد ان سيل الاتهامات أو الادعاءات أو التهديدات ستنقطع في القريب العاجل.
بدأت الحملة الإعلامية ضد المؤازرة الروسية للدولة السورية بالقول بان الضربات التي قامت بها الطائرات الروسية قد استهدفت مدنيين وأدى ذلك الى سقوط الأطفال من جراء هذه الغارات. وتبين بعد ذلك ان الصور التي عرضت للأطفال هي صور قد استخدمت سابقا في 25 سبتمبر وعرضت مرة أخرى قبل 24 ساعة من بدء القصف الجوي للطائرات الروسية لأوكار الإرهابيين. الفبركات الإعلامية لم ولن تنقطع على الرغم من انها أصبحت واضحة للجميع.
أما بخصوص ان الطائرات الروسية استهدفت مناطق لا يتواجد فيها تنظيم داعش الإرهابي بل مجموعات من المعارضة السورية وبالتالي فان "التدخل" الروسي جاء ليقوي النظام السوري وليس لمحاربة الارهاب في سوريا، فهذا هراء وكذب وتضليل اعلامي من قبل المحور المعادي وإعلامه الذي تفاجأ بالسرعة التي تم فيها الدخول الروسي على الساحة السورية كما تفاجأ بفعالية الضربات الجوية للطائرات الروسية التي أدت الى تدمير عدد كبير من مقرات قيادة ومخازن أسلحة تحت الأرض وطرق امداد الى جانب اعداد القتلى من الإرهابيين والارباك والذعر الذي أصاب عناصرهم وقياداتهم التي شدت الرحيل الى الأراضي التركية، حيث تناقلت بعض وكالات الانباء عن هروب ما يقارب من 150 من قياداتهم والدخول الى الأراضي التركية.
القيادة الروسية أوضحت بشكل لا لبس فيه ان الدور الروسي في سوريا هو محاربة الارهاب بكل اشكاله. وبالنسبة الى روسيا فان تنظيم داعش والمجموعات القاعدية الأخرى مثل أحرار الشام وجيش الفتح وهلم جر وكل من يحمل السلاح في وجه الجيش العربي السوري وضد الدولة السورية هي تنظيمات إرهابية بكل المقاييس. ولقد أوضحت القيادة الروسية انها لا تعترف الا بالجيش العربي السوري الشرعي الذي يأتمر بأوامر الرئيس الدكتور بشار الأسد. وللتذكير فقط فان الإدارة الامريكية كانت قد أدرجت جبهة النصرة على قائمة الارهاب منذ ديسمبر 2012 ولكن "حملتها ضد الارهاب" حاليا مقتصرة على "محاربة" تنظيم داعش. والبعض في القيادة السياسية الامريكية مثل المحافظين الجدد ورئيس المخابرات المركزية الامريكية السابق الجنرال المتقاعد بترايوس لا يرون حرجا من دعوة الإدارة الامريكية الى ضم عناصر من جبهة النصرة الى قوات "التحالف الدولي" الذي تقوده أمريكا. ولا عجب في ذلك فالإدارة الامريكية تعاونت مع أحزاب نازية وفاشية في أوكرانيا حتى تسقط نظام يانوكوفيتش في "ثورة ملونة" فضح امرها مساعدة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند في محادثها التليفونية مع السفير الأمريكي في كييف وما تلاها.
الإدارة الامريكية تتحدث عن ان قصف الطائرات الروسية استهدف "المعارضة المعتدلة" التي تدعمها واشنطن والتي ترى انها يجب ان تكون جزء من الحل السياسي. وهي ما زالت تتحدث عن "الجيش الحر" الذي لم يعد له وجود أصلا حيث انضم غالبية عناصره الى جبهة النصرة أو تنظيم داعش لان كلا التنظيمين يمتلكان الأسلحة والموارد المالية التي تؤهلهما دفع معاشات شهرية وتأمين المأوى والغذاء لجيش المرتزقة الذي يحارب الدولة السورية. وهذا بشهادة العديد من وسائل الاعلام الغربية.
فقد ذكرت صحيفة الجاردين البريطانية ( 8 مايو 2013) " ان المجموعة المسلحة الرئيسية في سوريا، الجيش السوري الحر يفقد مقاتلين وقدرات الى جبهة النصرة وهي منظمة إسلامية لها ارتباطات بتنظيم القاعدة التي تبدو أنها القوة الأفضل من ناحية السلاح والامكانيات المادية والمتحفزة لقتال نظام بشار الأسد".
أما مجلة انترناشيونال بيزنس تايمز ( 14 مايو 2015 ) فقد اشارت الى انهيار الجيش الحر، " جبهة النصرة التقطت الالاف المقاتلين من الرجال الذين كانوا يقاتلون تحت مظلة الجيش السوري الحر خلال الثلاثة سنوات الماضية".
أما صحيفة الديلي بيست الامريكية المعروفة بأنها احدى الابواق الإعلامية للمحافظين الجدد فقد اشارت في احدى مقالاتها ( 3 يناير2015 ) " مجموعة حركة الحزم السورية احدى اكثر المليشيات التي يثق بها البيت الأبيض التي تقاتل الرئيس بشار الأسد انهارت يوم الاحد، وقد أعلنت قياداتها الميدانية عن حل مجموعاتهم والانضمام الى مجموعات إسلامية لا تثق بها واشنطن" ويستتبع المقال بالقول ان عناصر هذه الحركة قد انضموا الى جبهة النصرة وتنظيم داعش. وأشارت الصحيفة الى ان " مقاتلي حركة الحزم سيأخذون معهم الى جبهة النصرة وتنظيم داعش أسلحة أمريكية نوعية بملايين الدولارات بما فيها صواريخ تاو ضد الدبابات".
وفي 22 سبتمبر الماضي تحدثت وسائل الاعلام عن انضمام عدد من المقاتلين الذين تدربوا على ايدي خبراء البنتاغون في المعسكرات التركية بمجرد عبورهم الى الأراضي السورية وقاموا بتسليم أسلحتهم. وكانت الإدارة الامريكية قد رصدت 500 مليون دولار لبرنامج لتدريب "معارضة معتدلة" في معسكرات أنشأت خصيصا لهذا الغرض على الأراضي التركية والاردنية على ان يتم ارسال 5000 مسلح كل عام الى الأراضي السورية وقد فشل هذا البرنامج فشلا ذريعا بشهادة البيت الأبيض، ولم يتبق من الذين أرسلوا ضمن هذا البرنامج سوى خمسة اشخاص في سوريا.
بعد كل هذا وهذه السنوات التي تلت تظهر علينا وسائل الاعلام والبيت الأبيض لتقول ان الطائرات الروسية تقصف المعارضة المعتدلة في سوريا وتستثني تنظيم داعش. ويحث نابليون الثاني هولاند خليفة سركوزي بوتين على ضرب تنظيم داعش فقط، فالكل يريد الإبقاء على النصرة والمجموعات الإرهابية الأخرى لتحارب الدولة السورية.
لو لم تكن روسيا مصممة على مساعدة الدولة السورية على اجتثاث الارهاب من على الأراضي السورية من داعش والنصرة وغيرها، لما رأينا الهجرة التي بدأتها عناصر وقيادات داعش الى الأراضي العراقية مثلما بدأت النصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا وقطر على وجه الخصوص البدء بالتحرك الى المناطق القريبة من الحدود التركية. وهذا يفسر ربما عودة دعوات أردوغان لإقامة منطقة آمنة أو خالية من "الارهاب" في الشمال السوري يليها منطقة حظر جوي وبالطبع هذه الدعوات تهدف الى الحفاظ على المجموعات الإرهابية المدعومة من قبل تركيا أردوغان وقطر من الضربات والقصف الجوي للطائرات الروسية. وقد جاء الرد الروسي مباشرة من ان الطائرات الروسية ستستهدف المجموعات الإرهابية أينما كانت على الأراضي السورية.
ولقد استغلت الولايات المتحدة والناتو وتركيا دخول احدى الطائرات الروسية بالخطأ ولمجرد ثوان نظرا للأحوال الجوية السيئة في تلك المنطقة كما تم شرح ملابسات القضية من قبل الخارجية الروسية الى القيادة في تركيا. وذهب الأمين العام للحلف بالقول ان هذا يشكل عملا خطيرا للغاية. وقام السيد أوغلوا بالتهديد بتفعيل قوانين الاشتباك ولكن كل هذا لا يدخل الا من باب النعيق والصراخ ومحاولة الاستثمار السياسي للحدث ليس الا. نقول ذلك لان أي رد من قبل تركيا أو من قوات حلف الناتو على هذا الخطأ الغير مقصود أصلا سيؤدي الى اشعال حرب قد تمتد على مساحة الإقليم ككل ان لم تكن أكثر من هذا. بوتين والقيادة الروسية مصممة وعازمة على حماية الأجواء السورية بالكامل ومن اجل ذلك على ما يبدو قامت بجلب القطع البحرية التي يمكن من خلالها شن حرب اليكترونية على الرادارات والاتصالات ومركز التحكم كما يقول الخبراء. وقد سبق وان هدد بوتين بعض دول الخليج التي ذهب بعض من قياداتها بالقول انهم سيقومون بإرسال أسلحة نوعية لمقاتلة الوجود الروسي وجعل سوريا أفغانستان ثانية للقوات الروسية، من ان روسيا في هذه الحالة ستعتبرهم من الأعداء وليتحملوا تبعات ذلك.
اما عن قضية استهداف والتركيز على المجموعات الإرهابية القاعدية من النصرة الى جيش الفتح واحرار الشام وغيرهم في اليومين الاوائل من القصف للطائرات الروسية وخاصة في مناطق حمص وحماة وحلب وحتى الوصول الى الحدود التركية في الشمال السوري بمحاذاة الساحل فان ذلك يعود الى ضرورة تأمين القاعدة الجوية التي تستخدمها القوات الجوية الروسية في اللاذقية من أي هجمات إرهابية. فقد سبق للإرهابيين وقبل مجيء قوات روسية ان قاموا بقصف صاروخي لمدينة طرطوس الساحلية حيث الميناء الذي يستخدمه الاسطول والسفن الروسية للتزود بالوقود واجراء عمليات الصيانة. ونحن نعلم ان المجموعات الإرهابية كانت ولفترة قريبة تستخدم هذا الممر الساحلي لنقل المسلحين والأسلحة والمؤن من تركيا الى الداخل السوري. ومن هنا كان على القوة العسكرية الروسية أن تؤمن هذا الممر خشية من تعرضها لهجمات إرهابية. وحالما أمنت هذه المنطقة بدأت الضربات المكثفة على تنظيم داعش في الرقة المعقل الرئيسي لهذا التنظيم وكذلك ضربهم في محيط مدينة تدمر وداخلها. لكن الحلف المعادي لا يريد ان يرى الصورة بكليتها لأنه لا يريد من روسيا ان تحارب الا داعش فقط، وترك المجموعات الإرهابية الأخرى تسرح وتمرح في الأراضي السورية.
والغريب العجيب ان تأتي الإدارة الامريكية لتقول ان الطائرات الروسية لم تقصف مواقع داعش بل المجموعات المسلحة الأخرى التي تطلق عليها واشنطن "المعارضة المعتدلة". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا إذا ما كانت الولايات المتحدة لديها هذا العلم الدقيق بإحداثيات الأماكن التي تتواجد فيها داعش لماذا لم تقم بقصفها وطائراتها تعمل في الأجواء السورية منذ ما يقارب 13 شهرا؟ لقد أوقفت داعش الصلاة في الجوامع في الرقة خوفا من تعرض عناصرها للقصف بعد دخول روسيا على الخط. هذا لم يحصل عندما دخلت الطائرات الامريكية الى الأجواء السورية تحت ذريعة "مكافحة الارهاب"، الا يعني هذا شيئا؟ ولماذا تركت جحافل داعش للتنقل بين سوريا والعراق دون التعرض لها؟ ولماذا تحاول الإدارة الامريكية الضغط على الحكومة العراقية بعدم الطلب من روسيا لضرب قواعد داعش في العراق كما هو الحال مع الحكومة السورية؟
يدور الحديث الان عن احتمال دخول قوات برية روسية الى الأراضي السورية وهنالك لغط كبير في الاعلام الغربي والبعض الإقليمي من ان هذا يعني احتلال سوريا. ان قدوم قوات برية روسية من عدمه مرهون بتطور الأمور ولكن المؤكد من ان هذا ان تم فانه سيتم بطلب رسمي من الحكومة السورية والتنسيق الكامل معها اذا ما نشأت حاجة لذلك. فروسيا وعلى مدار الازمات سواء في منطقتنا أو غيرها لم تتصرف خارج إطار القوانين والأعراف الدولية ولم تنحى منحى الكابوي الامريكي الذي يريد ان يفرض ما يريد بقوة "البسطار" كما نقول، ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الدولية اذا لم تستجيب الأمم المتحدة لرغباته ونزعته العدوانية لتحقيق مآربه.
لا شك ان دخول روسيا على خط الازمة السورية وبهذه السرعة والكفاءة قد أربك المحور المعادي وادواته على الأرض السورية من المجموعات الإرهابية التي بدأ بعضها بالهجرة. وما يخشاه المحور المعدي هو انتقال عدوى التنسيق والتعاون الميداني لبعض دول المنطقة التي تحارب الارهاب على أراضيها وخاصة العراق بحكم الجغرافية المشتركة التي تحتم عملية الدمج الميداني للحرب على الارهاب وعدم الاكتفاء في التنسيق والتعاون في مجال الاستخباراتي واللوجيستي. والخشية الأكبر ربما ستكون في حالة وجود قوات روسية برية على الأرض. وبغض النظر عما ستؤول اليه الأمور فان المنطقة قد دخلت في مرحلة نوعية جديدة انقلبت فيها عدد من الطاولات واسقطت مراهنات عديدة للحلف المعادي الذي تقوده أمريكا في المنطقة لا بل وفي الساحة الدولية. وما هو واضح الان هو هذا التماسك في محور المقاومة وصلابته وصموده وبروز تحالف استراتيجي من شانه ان يغير الموازين لصالح شعوب المنطقة برمتها. لكن من الضروري ان ننبه هنا الى ان الأمور ستزداد شراسة ربما قبل ان نبدأ برؤية انفراج حقيقي، فمحور الأعداء لن يقبل بالهزيمة بهذه السهولة وهو الذي قاتل وجند ومول ماديا ودعم سياسيا واعلاميا وعلى مدى سنوات طويلة وعلى الأقل منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 في محاولة تحقيق اجندته للمنطقة بأكملها.
الدكتور بهيج سكاكيني
تاريخ النشر
06.10.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
06.10.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |