<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الساحة الفلسطينية....تصعيد الارهاب الصهيوني

 

 

 

الساحة الفلسطينية....تصعيد الارهاب الصهيوني

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

حكومة الكيان الصهيوني ماضية في تصعيدها المسعور ضد الفلسطينيون في كافة ارجاء فلسطين التاريخية وتهويدها للقدس وتبدي إصرارا غير مسبوق في محاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك كما هو الحال في الحرم الابراهيمي في الخليل. وهذا يتضح من التكرار اليومي لهجمات المستوطنين والاقتحامات لباحات المسجد الأقصى والاعتداءات المستمرة على المصلين والمرابطين والمرابطات الذين عاهدوا الله بالدفاع عن المسجد المبارك حتى الشهادة.

ولقد وصل الحد بهذه الحكومة المجرمة بالسماح للشرطة وعناصر الامن الإسرائيلي باستخدام الرصاص الحي ضد ملقي الحجارة أو الزجاجات الحارقة من الفلسطينيين المحتجين على الإجراءات الاجرامية لسلطات الاحتلال القمعية. كما سمح لقوات الامن الإسرائيلي بنشر القناصة من على سطوح الأبنية "للتعامل" مع المتظاهرين. ولقد طالب الكابينيت الإسرائيلي في الاجتماع الطارئ الذي عقد على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية في القدس بتنفيذ السجن لأربعة سنوات لملقي الحجارة وعشرة سنوات لملقي الزجاجات الحارقة من الفلسطينيين على الشرطة الإسرائيلية. ولقد طالب الكابينيت كذلك بعدم ترقية المحامين اللذين لا يلتزمون بقرارات الكابينيت التي جاءت مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية والتي يتوقع أن يرفضها على الأقل عدد من المحاميين الإسرائيليين الذين يحترمون مهنة المحاماة ويلتزمون بالقوانين المهنية المكتوبة.

وفي حركة تصعيدية أخرى فلقد قررت لجنة الامن والخارجية التابعة للكنيست استدعاء الاحتياط من حرس الحدود الإسرائيلي وذلك لتدعيم التواجد الأمني في مدينة القدس، حيث وصل عدد العناصر الامن الى 5000 عنصر انتشروا في القدس الشرقية وذلك لقمع أي تحرك للفلسطينيين احتجاجا على الاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى التي شملت الباحات كما وداخل المسجد أيضا.

ما يدور في القدس الشرقية من صدامات بين الشعب الفلسطيني ورجال الامن الإسرائيلي يأتي ليدلل بشكل واضح ان القدس محتلة وان محاولات الاحتلال تسويق ان القدس الشرقية أصبحت جزء من الكيان الصهيوني بمجرد اعلان الضم الذي صدر منذ الاحتلال عام 1967 وان القدس "الموحدة" هي عاصمة الكيان الصهيوني وستبقى موحدة تحت أي ظرف من الظروف ما هي الا أوهام. هذه الأوهام تسقط وتزول مع كل هبة للمقدسيين عند كل منعطف يريد من خلاله الاحتلال محو الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

ما يجب ان نؤكده هنا هو ان نتنياهو وحكومته لم تكن لتجرؤ على اتخاذ مثل هذه الإجراءات وتنحى الى التصعيد الغير مسبوق من حيث درجة العنف المستخدم في المسجد المبارك وباحاته والإصرار على السير لتحقيق التقسيم الزماني والمكاني والضرب بعرض الحائط للمناشدات الدولية، لولا حالة التشرذم والانقسامات القائمة في الساحة العربية وحرف بوصلة الصراع والعمل الدؤوب من قبل محور آل سعود ومن لف لفهم لزرع الفتنة الطائفية والمذهبية في المنطقة بحيث أصبح العداء لمحور المقاومة هو الطاغي في المنطقة. لا بل ولقد قامت بعض الدول الخليجية مثل السعودية وقطر والامارات بمد الخيوط للكيان الصهيوني والتحالف معه من تحت الطاولة او علانية ضد محور المقاومة تحت ذرائع مذهبية كاذبة، وذهبت الى التطبيع مع الكيان الصهيوني. التوحش الذي يبديه الكيان الصهيوني والتهويد المستمر لم يكن ليأتي بهذا الإصرار والتصعيد لولا انخراط ما سمي بالجامعة العربية بالمخططات الانهزامية والدخول على خط الصراعات والاصطفاف مع المحور المعادي للدول الوطنية وانغماس امينها العام وجر الجامعة الى أجندة آل سعود والصهيو-أمريكية في المنطقة بالاعتداء الكوني السافر على الدولة السورية في محاولة اسقاطها بالإضافة الى الانضمام الى التحالف السعودي الأمريكي بالاعتداء على اليمن وتدمير البشر والحجر فيه، ومباركة عدوان الناتو على ليبيا سابقا وتحويلها الى دولة فاشلة ينهشها امراء وميليشيات الحرب والمجموعات الإرهابية الداعشية والقاعدية.

الكيان الصهيوني والمسعور نتنياهو ارتأى ان هذه هي الفرصة الذهبية المتاحة امامه وامام حكومته للتمادي في الاعتداء على المقدسات وفرض التقسيم الكاني والزماني للمسجد الأقصى في ظل انشغال الدول الوطنية العربية بأزماتها الداخلية واستنزاف قدراتها العسكرية والاقتصادية والبشرية في محاربتها للإرهاب التكفيري الوهابي من داعش والنصرة ومن لف لفهم، الذي جندته ورعته ومولته بعض الدول الخليجية وعلى رأسهم آل سعود والتنسيق والتعاون مع تركيا والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وخاصة فرنسا بالإضافة الى العدو الصهيوني وذلك في محاولة لإضعاف محور المقاومة في المنطقة، الى جانب محاولة تحجيم دور مصر الإقليمي والدولي.

الكيان الصهيوني يتخذ مثل هكذا خطوات تصعيدية وهو مطمئن من ان الموقف الرسمي العربي لن يتعدى كلمات الشجب والادانة وبيانات الاستنكار وحال منظمة التعاون الإسلامي لن يكون أفضل من الموقف الرسمي العربي أو جامعة الدول العربية فالتهديدات التي تطلق ينطبق عليه قول الشاعر " زعم الفرزدق يوما ان سيقتل مربعا ...أبشر بطول السلامة يا مربع". او المثل الشعبي القائل "كلام الليل يمحوه النهار". لا بل والقضية أصبحت اكبر من ذلك وخاصة مع وجود اطراف عربية تخطط وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية برمتها.

وحقيقة لا يمكننا كشعب فلسطيني أن نلوم غيرنا قبل ان نلوم أنفسنا والطبقة السياسية المتحكمة والمتنفذة والمهيمنة على القرار الفلسطيني والخارجة على الاجماع الفلسطيني الشعبي والفصائلي. وهذا ليس مجافاة للحقيقة كما تدلل معظم الوقائع على الأرض ان لم تكن بمجملها. فقرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والاجتماعات الاستشارية مع أمناء الفصائل تضرب بعرض الحائط يوما بعد يوم. وتم تهميش واقصاء منظمة التحرير الفلسطينية لصالح السلطة الفلسطينية وحفنة ربما لا تتجاوز أصابع اليد هي التي تتحكم بكل مجريات الأمور المصيرية لشعبنا وقضيته.  ويضاف الى كل هذا حالة الانقسام والتباعد بين تنظيم فتح وحماس الذي جر الويلات على شعبنا. الانقسام الذي أصبح كالمرض المزمن الذي يبدي بعض بوادر التحسن ولكن لحين ليعود بعد أيام قلائل الى أبلى ما كنا عليه، حتى أصبح عند غالبية شعبنا حساسية شديدة من كلمة انقسام لأنه لا يرى نهاية له ضمن تمترس وتخندق (إن جاز التعبير) كل من الفصيلين خلف مواقفه ومصالحه الفئوية الضيقة، واصطفاف كل منهما مع هذه الدولة الإقليمية أو تلك للاستقواء على الآخر والولوج في الصراعات فيما بينها، مما يزيد الأمور تعقيدا ويباعد أكثر فأكثر بين فصيلين أساسيين على الساحة الفلسطينية. والنتيجة مزيدا من الوهن والترهل في الساحة الفلسطينية مما يجعلنا عرضة للابتزاز وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على شعبنا من كل حد وصوب.

من الضروري ان ندرك جيدا انه لن يكون بوسعنا ان نطالب الاخرين بمواقف لا نتخذها نحن كشعب فلسطيني وكقيادة سياسية لهذا الشعب فكما يقول المثل لن نجد أحدا سيكون أكثر كاثوليكية من البابا. ولن يستمع لنا أحد بجدية طالما بقينا على هذا الحال من التشرذم تعصف بنا رياح الانقسام ودون وجود برنامج مقاوم نضالي استراتيجي موحد نستطيع ان نحمله الى من يناصر شعبنا وقضيته العادلة على الساحة الدولية والإقليمية.

ومن الضروري ان ندرك ان العدو الصهيوني قد برع في جرنا الى مقارعة تفاصيل هنا وهناك. تفاصيل تشكل افرازات الاحتلال حتى أصبحنا نعتبر ان إزاحة حاجز أو الحصول على تصريح، او فتح معبر لساعات او لأيام معدودة هو بمثابة انجاز كبير. لقد جرنا العدو الصهيوني الى محاربة المظهر وليس الجوهر، والمعنى هنا الاحتلال. ليس هذا وفقط بل أصبح البعض متعايشا ومتأقلما مع الاحتلال لسبب أو لأخر واعتباره قدر محتوم. لن ننتصر الا إذا قارعنا الاحتلال وليس افرازاته. ومن الضروري ان نجعل مشروع الاحتلال مشروعا خاسرا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والبشرية والأمنية والإعلامية والأخلاقية.

ومع كل حدث جلل ينادي شعبنا بضرورة وقف التنسيق الأمني والتحلل من كل الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي كبلت الطبقة السياسية وارخت بظلالها الثقيل على شعبنا منذ توقيع اتفاقية أوسلو المشؤومة وما تبعها من اتفاقيات وتفاهمات، وحولت السلطة بشكل او بآخر الى أداة لقمع شعبها وإدارة الاحتلال بالنيابة وضمان أمن للكيان الصهيوني. ومع كل حدث جلل كما هو الان يتساءل شعبنا وفصائله أما آن الأوان والاقصى المبارك يتعرض لمثل هذه الهجمة الشرسة بالتزامن مع مزيد من الاستيطان والتهويد لإعلان ان اتفاقية أوسلو والتي تضمنت التنسيق الأمني وما تبعها أصبحت لاغية؟ وهل يا ترى سترقى المفاجأة التي تحدث عنها الرئيس أبو مازن التي وصفها بالقنبلة التي سيطلقها في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة المرتقب الى الغاء هذه الاتفاقيات المهينة لتتحمل إسرائيل مسؤولية احتلالها؟  وهل ستكف الأجهزة الأمنية عن حملات اعتقال المقاومين الفلسطينيين وملاحقتهم؟ وهل ستكف هذه الأجهزة عن التعرض للجمهور الفلسطيني المنتفض هنا وهناك تحت حجة المحافظة على أرواح المتظاهرين من الفلسطينيين عند خطوط التماس مع قوات الاحتلال؟

الاحتلال الصهيوني يصعد من اجراءاته القمعية ويجيز قتل المتظاهرين من الفلسطينيين بدم بارد بمجرد رمي الحجر، ولا بد لشعبنا وقواه الخيرة من الانتفاض وتصعيد المقاومة للاحتلال بكل اشكالها الشعبية والمسلحة ان أردنا التخلص من الاحتلال وكنسه من أراضينا.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

تاريخ النشر

19.09.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

19.09.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org