<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الشعب السوري ليس بحاجة الى صدقة بل الى من يوقف العدوان وتدفق الإرهابيين

 

 

 

الشعب السوري ليس بحاجة الى صدقة بل الى من

 

 يوقف العدوان وتدفق الإرهابيين

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

المناظر المأساوية التي يتعرض لها المهاجرين واللاجئين السوريين التي تنقلها وسائل الاعلام المرئية في عصر المعلومات والاتصالات والعولمة التي كسرت الحواجز الجغرافية، حركت ضمائر العديد من المفكرين والادباء والفنانين ورجل الشارع في العديد من عواصم الدول الغربية وخاصة الأوروبية منها. ولا شك ان صورة الطفل السوري الغريق التي قذفت الامواج جثته الهامدة على شواطئ البحر المتوسط أثارت غضبا وشفقة وتضامن انساني وحركت الراي العام في عواصم هذه الدول التي شاركت بعض حكوماتها بالعدوان المباشر أو الغير مباشر على سوريا وليبيا على الأقل مما تسبب في الكارثة الإنسانية التي تجسدت في هجرة أو نزوح الملايين من سكان المنطقة هربا من الموت على ايدي المجموعات الإرهابية التكفيرية والتي بدورها قد تسببت في غرق المئات أو الاف من المهاجرين "الغير شرعيين" الذين وقعوا فريسة لتجار الموت الذين تقاضوا ملايين الدولارات لنقل عشرات الألوف من هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء الى الشواطئ الأوروبية.

وكان من نتيجة الاحداث المروعة التي تعرض لها المهاجرين وطالبي اللجوء الى الدول الأوروبية أن قام بعض المغنيين الأوروبيين بإقامة حفلات غنائية ذهب ريعها كتبرع للاجئين السوريين وغيرهم. ولقد قامت اللجنة الأولمبية الألمانية الدولية بالتبرع بمبلغ مليون يورو للاجئين، وكذلك فعل نادي رويال مدريد وفريق بايرن ميونخ. ومما لا شك فيه ان قائمة المتبرعين من الأوروبيين كدول ومؤسسات ومنظمات ستزداد. الى جانب ذلك قامت بعض المظاهرات في بعض العواصم الأوروبية للضغط على حكومات هذه الدول باستيعاب اعداد من هؤلاء المهاجرين واللاجئين، وعدم صدهم والتعامل معهم بخشونة كما فعلت قوات الامن لبعض هذه الدول، والكف عن التعامل معهم بشكل غير انساني وغير متحضر. والذي يبدو ان العدوى قد اصابت بعض الفنانين العرب في التضامن والتبرع للاجئين من خلال إقامة الحفلات الغنائية وغيرها من النشاطات الهادفة للتخفيف عن معاناة اللاجئين بشكل عام.

نحن لا نشكك ولو للحظة واحدة بهذا التوجه الإنساني لهذه التحركات الشعبية مهما صغرت أو كبرت. كما ونقدر عاليا المجهودات التي يقوم بها البعض والتي تدلل بالدرجة الأولى على إنسانية الانسان التي تتحرك في داخل كل منا نحن العامة من الناس والتي تفرض علينا ان نتضامن مع كل انسان يتعرض الى الظلم والقهر والاعتداء على امنه واستقراره والنيل من حريته وحقه في العيش الكريم على ارضه ووطنه والمس بكرامته.

ولكننا نرى من الضرورة بمكان التأكيد على ان الشعب السوري ليس بحاجة الى من يفتح له أبواب الهجرة من وطنه والعمل على استيعابه وتوطينه في بلاد الشتات. بل هو بأمس الحاجة لمن يتحرك لوقف العدوان الغاشم والمفضوح على عليه، من قبل الأدوات والوحوش ذات الشكل الانساني الخارجي مثل النصرة وداعش وغيرها من المجموعات الإرهابية التكفيرية المدعومة من قبل بعض الدول الإقليمية أمثال قطر وتركيا والامارات والسعودية على وجه الخصوص وتحت مظلة صهيو-أمريكية غربية، وذلك بتقديم كل أنواع الدعم المالي واللوجيستي والسياسي والاعلامي والتسليحي والتدريب على الأسلحة النوعية وتوفيرها لهم بدفع فواتيرها من قبل الدول الخليجية بأموال البترودولار. وحبذا ان تقوم هنالك حركات شعبية مؤثرة للضغط على الحكومات الداعمة للإرهاب باتخاذ الإجراءات بوقف هذا الدعم الذي أتاح للعناصر الإرهابية بالتمدد والانتشار في المنطقة ككل كما هو الوباء والخلايا السرطانية.

ولا يسعنا الا ان نؤكد أن سوريا قبل العدوان الكوني الهمجي الذي ما زالت تتعرض اليه منذ ما يقرب من الخمسة سنوات كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم يكن لديها ديون خارجية والتي عادة ما ترهق الدولة وتضع القيود على برامجها الاقتصادية التنموية وهيكلة الاقتصاد الوطني وبنيته بمقاسات صندوق النقد الدولي التي تؤبد التبعية المالية والسياسية للبلد المديون لطواغيت المال العالمية. كما انها الدولة الوحيدة التي كانت تقدم لمواطنيها وبما فيهم الفلسطينيين من سكان المخيمات كافة الخدمات الطبية مجانا، الى جانب ذلك كان التعليم بها ولغاية المرحلة الجامعية مجانا. وكانت الدولة السورية وبرغم الحصار والعدوان الاقتصادي عليها المتمثل بنظام عقوبات غربية اقتصادية صارمة بسبب مواقفها القومية، كانت تتمتع باكتفاء ذاتي. لا بل وكانت تنتج من الخضروات والحبوب والفواكه والقمح والأدوية وغيرها من المنتوجات والمحاصيل الرئيسية أكثر من حاجتها وكانت تصدر الفائض الى بقية الدول العربية وخاصة الخليجية منها. كل هذه الحقائق تدلل وبشكل واضح ان الدولة والشعب السوري كان يعيش بوفرة في جميع المتطلبات الأساسية للحياة الكريمة. الى جانب كل هذا كانت سوريا الدولة العربية الوحيدة الذي يستطيع أي عربي من اية دولة عربية الدخول اليها دون تأشيرة أو فيزا وربما هذا ما سهل دخول العناصر الإرهابية اليها من بعض الدول العربية المصنعة والمصدرة للإرهابيين التكفيريين والوهابيين وعلى رأسهم السعودية.

هذه هي الحقائق الذي قد يجهلها العديد من الناس ومن ضمنهم للأسف الكثيرون منا، فما بال الشعوب الأخرى وخاصة الغربية منها الذي تنفث وسائل اعلامها بشكل عام السموم والاكاذيب والاخبار الملفقة عن سوريا وقيادتها السياسية وعن الشعب السوري بكافة مكوناته الاجتماعية التي عاشت بسلام ووئام لعقود من الزمن. ولم يقتصر هذا الدور الإعلامي المضلل على الاعلام الغربي بل انضمت اليه وسبقته بعض وسائل الاعلام العربية وخاصة القطرية والسعودية في حملات تضليل اعلامية مكثفة وغير مسبوقة في تاريخ المنطقة، واغدقت ملايين الدولارات على طواقم الخبراء المرتزقة من علماء نفس ومتخصصين اعلاميين في المؤثرات الصوتية والصورية للتلاعب في عواطف انسان الشارع والرأي العام العالمي. هكذا كان الحال مع العراق وليبيا وسوريا واليمن لفقت وفبركت المبررات للتدخل العسكري من امتلاك أسلحة الدمار الشامل الى ضرورة حماية المدنيين والى شيطنة الرؤساء وغيرها من المبررات الكاذبة.

ما نريد استخلاصه هنا هو ان الشعب السوري لا يريد صدقة أو توطينا في ارض الغير بل ما هو بأمس الحاجة اليه هو ان تتضافر الجهود والتحركات الشعبية لجميع محبي السلام والعدل من شعوب العالم قاطبة للضغط على الحكومات لوقف كل وسائل الدعم للإرهاب والإرهابيين العاملين على الساحة السورية والذين جمعوا من أكثر من ثمانين دولة "للجهاد" على الأراضي السورية. نقول هذا بمحبة وتقدير وشكر لكل من ابدى المشاعر الإنسانية الخالصة والحقيقية للتعاطف مع النازحين واللاجئين والمهجرين السوريين الذين أصبحوا مادة إعلامية خصبة لوسائل الاعلام الغربية والإقليمية هذه الأيام لأغراض في نفس يعقوب كما يقول المثل.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

تاريخ النشر

15.09.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

15.09.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org