%@ Language=JavaScript %>
لا تدنسوا أرض اليمن الطاهرة ...
اخرجوا أيها الغزاة من يمننا الحبيب
الدكتور بهيج سكاكيني
بعدما عجز العدوان السعودي-الأمريكي من تركيع الشعب اليمني بالغارات الجوية التي لم تنقطع منذ ما يقرب من أربعة أشهر التي دمرت البلد بأكمله عدا عن المناطق التي تسيطر عليها عناصر القاعدة وداعش، ها هي جحافل الغزاة من جيوش المرتزقة الخليجيين وغيرهم وعلى رأسهم قوات إماراتية المدججة بالأسلحة النوعية والدبابات والمدرعات الحديثة التي لم تستخدم بعد على ما يبدو ترى في الطرقات الرئيسة اليمنية في مدينة عدن وحولها وتزحف كالجراد على امل ان تقضم مزيد من الأرض اليمنية للكاميرات والصور التي تنشر في الصحف والمجلات لإعطاء الانطباع بأن اليمن أصبح تحت سيطرة "الشرعية" التي سرعان ما ستزحف على صنعاء او انها في طريقها الى هنالك. "الشرعية" التي لم تقوى على الخروج من مطار عدن والتي بقيت فيه ساعتان ربما من الزمن للكاميرت وأخذ الصور التذكارية.
الناطق الرسمي باسم قوات التحالف العسيري يؤكد انه لم يكن هنالك عملية إنزال جوي لقوات التحالف وانه إذا ما "قمنا" بذلك سنقوم بالإعلان عن هذا. ربما كان هذا صحيحا ولكن لم يذكر ان التحالف قام بعملية إنزال بري والا من اين أتت كل هذه الدبابات والاليات العسكرية والمدرعات والسيارات المصفحة التي عرضت للكاميرات وهي تسير على الأرض اليمنية؟ ومن اين اتى 3000 جندي الذين نشروا من قبل قوات التحالف في عدن للحفاظ على الامن والسيطرة على المدينة؟ ومن اين هذه القوات العسكرية التي تتحرك بكامل الزي العسكري النظيف والأسلحة والعتاد بالنمط الأمريكي؟ لم نشهد هذه المناظر قبل ذلك على الاطلاق في اليمن طيلة الحرب للان. ما شهدناه وعهدناه هم اليمنيين بزيهم الشعبي والكلاشينكوف على اكتافهم أو ار بي جي وسيارات عادية عليها رشاشات . هذه هي المشاهد التي كانت مألوفة لدينا. طبعا هذا عدا عن الطائرات والقصف لقوات التحالف الغير مقدس السعودي الأمريكي والدمار الذي تخلفه هذه الضربات المجنونة والهمجية والحاقدة لكل ما هو يمني حجرا كان ام بشرا.
بعد كل هذا القصف المتواصل وعمليات الانزال التي جرت وتزويد مرتزقة هادي والقاعدة وحزب الإصلاح ومن لف لفهم بأطنان الأسلحة، ومع الحصار الجوي والبحري والبري، وصرف المليارات من الدولارات القذرة لم يكن مستغربا ان تحققوا هذه الإنجازات القليلة التي لا تتكافىء باي حال من الأحوال مع ما بذلتموه من الجهد وتجميع كل قدراتكم العسكرية وتجنيد كل طاقاتكم السياسية والعدوانية.
تقولون انكم "حررتم" عدن "بالكامل" لا بل يقول البعض منكم انكم "حررتم" الجنوب بأكمله، وإنكم ذاهبون في طريقكم الى صنعاء. ولنفرض جدلا اننا صدقناكم على قول المثل الفلسطيني " إلحق المجنون لباب الدار". "حررتموها من من؟ ولمن؟. نظرة بسيطة تجعل الإنسان البسيط مثلي ان يتساءل من هي القوى العاملة على الساحة في عدن اليوم؟
هنالك الحراك الجنوبي وهناك عناصر من القاعدة وتنظيم داعش وحزب الإصلاح ومرتزقة الرئيس الفار هادي الذي ما زال "يدير شؤون البلاد والعباد" هو وزمرته الذين لم يجرأ أحد منهم بعد على القدوم الى البلد التي "يدافعون" عنها من مكاتبهم المكيفة وغرف نومهم في الرياض أو البقاء لمن يقال ان طائرات التحالف جلبتهم الى مطار عدن لبضع ساعات للصور التذكارية فقط لوسائل الاعلام لإعطاء الانطباع الكاذب بأن عدن قد "حررت" وأن الاوضاع باتت مستقرة وتحت السيطرة.
الحراك الجنوبي بداخله تيارات سياسية مختلفة ولكن اللذين حملوا السلاح وقاتلوا الجيش اليمني الشرعي ومقاتلي أنصار الله وغيرهم لم يقاتلوا لنصرة الرئيس الفار هادي ولا لدعم "شرعيته" المفقودة ولا لعودته الى عدن. هؤلاء وبغض النظر عن رأينا فانهم يقاتلون من اجل الانفصال وإقامة دولة اليمن الجنوبي لأسباب عديدة لا مجال لنا للخوض بها هنا فهذا ليس بيت القصيد. وقد حصلت اشتباكات مؤخرا بين عناصر من الحراك الجنوبي وعناصر من القاعدة وداعش المنتشرين في شوارع عدن كما تدلل عليه الاعلام المرفوعة والتي يحاول البعض انكار وجودهم هناك.
أما حزب الإصلاح فقد قام بالسيطرة على المؤن الواردة الى ميناء عدن ويقوم بتوزيعها على من يريد وبشكل انتقائي وهو ما خلق نوع من الاحتكاكات بين عناصره وبقية المسلحين هناك. حزب الإصلاح الذي يعتبر نفسه جزءا من تنظيم الاخوان المسلمين العالمية لا يقاتل من أجل هادي أيضا، انما يقاتل من أجل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة. وهذا أيضا سيضعه في مجابهة مع الحراك الجنوبي. وهنالك اخبار تفيد بأن آل سعود قد قدموا وعدا للحزب بتنصيبه حاكما في اليمن. وتوزيع المناصب هو جزء من ثقافة آل سعود السياسية والمبدأ الوحيد التي تقوم عليه سياستهم الخارجية الا وهو، "لكل شيء ثمن". وان كان البعض يعتقد ان آل سعود سيتمسكون في الرئيس المنتهية ولايته وشرعيته فانه واهم وواهم جدا.
أما القاعدة وداعش فكل منهم اجندته الخاصة به على الرغم من أن كلاهما ينهل من نفس المنهل الفكري التكفيري الوهابي، فالحرب بينهم ضروس كما بينت الساحة السورية. والساحة اليمنية ليست استثناء لذلك التناحر الدموي بينهم، وتنظيم داعش بدأ يتمدد في اليمن ويسيطر على مناطق في بعض الأحيان على حساب تنظيم القاعدة، والفضل يعود للعدوان السعودي-الأمريكي طبعا. وهذا يعني ان حلفائكم من تنظيم القاعدة الإرهابية والتي كانت ولفترة قريبة تجمع الاتاوات من آل سعود لحماية حدود "مملكة القهر والاستبداد" مع اليمن بدأت تخسر لصالح داعش التي تريد ان تقيم دولة الخلافة أينما حلت. ويالتالي اذا ما كانت داعش تقاتل الى جانبكم الان فإنها ستقاتلكم غدا على أرض اليمن في المناطق "المحررة"!!!!
تستطيعون من خلال وسائل اعلامكم ووسائل الاعلام الغربية والاقليمية التي تدفعون لها لكي تكون ابواقا لكم ولعهركم السياسي والأخلاقي والتضليل الاعلامي أن تعطوا الانطباع بانكم تحققون شيئا على الأرض علا وعسى ذلك ان يرفع من معنوياتكم وخيبتكم بعد هذا الصمود الأسطوري للشعب اليمني الذي لا يملك الا الجزء اليسير اليسير من مقدراتكم المادية ولكنه يملك الكثير والكثير مما تفتقدونه ولا تملكوه ولن تملكوه وهو الكرامة والعزة والإباء ومحبة الشهادة من اجل كرامته وحريته ونيل استقلاله وكسر قيود عبوديته.
وختاما أقول بأنني لن أنسى منظر شاهدته منذ مدة في احدى النشرات الإخبارية التلفزيونية لرجل يمني فاقد لاحد رجليه ويمشي على رجل واحدة مستخدما عكازة وعلى كتفه كلاشينكوف متوجها مع اثنين من رفاقه لمهاجمة نقطة استطلاع سعودية على الحدود مع اليمن بعد قصف طائرات التحالف الغير مقدس للمنطقة الحدودية التي يقطنها. لقد هزني هذا المنظر من الأعماق وربما هز غيري أيضا ممن شاهدوه.
هذا الانسان اليمني وهذا الشعب اليمني الأصيل لن يقهر فارحلوا عن ارضه أيها الغزاة.....لا تدنسوا ارض اليمن الطاهرة ......وارحلوا أيها الغزاة عن يمننا الحبيب.
الدكتور بهيج سكاكيني
تاريخ النشر
05.08.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
05.08.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |