<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الاتفاق النووي الايراني ومحاولات زرع الشكوك بين الحلفاء والتضليل الإعلامي الذي لم ولن ينقطع

 

 

الاتفاق النووي الايراني ومحاولات زرع الشكوك بين الحلفاء

 

 والتضليل الإعلامي الذي لم ولن ينقطع

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

ما زالت ردود الفعل على الاتفاقية الموقعة بين إيران والدول الست الكبرى حول برنامجها النووي تتفاعل كما هو واضح من الحجم الهائل للمقالات المنشورة في الصحف العالمية والمحلية ومراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية. وجميعنا يعلم أن الحرب الإعلامية التي تشن هي جزء لا يتجزأ من المعركة والصراع المشهود على الساحة الدولية أو الإقليمية. وبعض هذه المقالات قد يبدو بريئا لأول وهلة ولكن عنما تعيد قراءته بتمعن ترى النوايا الخبيثة وراء ما كتب والى ماذا يريد الكاتب ان يصل اليه القراء الذين لا يدققون بالمكتوب. وهذه احدى المقالات التي اريد ان اتعرض لما جاء بها مع التعليق عليها.

المقال منشور في مجلة The National Interest الامريكية 1 وهى احدى المجلات الرئيسية التي تعنى بالشؤون الدولية. عنوان المقال "رجل موسكو الإيراني: لماذا يبتسم". الكاتب يستغرب كيف لرجل موسكو سيرجي رايابكوف الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الروسي السيد لافروف والمسؤول عن المتابعة والمشاركة اليومية للمفاوضات التي أجريت في فينا والتي أفضت في النهاية الى توقيع الاتفاق، كيف له ان يبتسم في الصورة التذكارية في ظل العلاقات المتوترة بين روسيا وواشنطن ونظام العقوبات المفروضة على روسيا والتي تشارك فيها دول الاتحاد الأوروبي. ويذكر المقال بان هنالك العديد من الأسباب التي تجعل الوصول الى اتفاقية بين إيران والغرب أن لا تصب في مصلحة المصالح الروسية. وهنا تكمن غرابة هذا المقال وربما تميزه عن الكثير من المقالات التي نشرت حول الاتفاقية.

أول هذه الأسباب التي يسوقها الكاتب تعود باعتبار تأثيرها على سوق البترول واسعاره العالمية. فان الاتفاقية بسماحها لإيران للعودة بالدخول الى الأسواق النفطية العالمية مرة أخرى، والزيادة في كميات البترول المعروضة في الأسواق العالمية الناجم عن رفع العقوبات عنها سيؤدي بالضرورة الى مزيد من الانخفاض في سعر برميل النفط في الأسواق وهذا نتيجة طبيعية لزيادة العرض عن طلب السوق، كما يراها الكاتب.

نعم ان الانخفاض في أسعار البترول في الأسواق العالمية له تأثير كبير على روسيا لأنه يضع ضغوط اقتصادية عليها مما قد يكون له أثر كبير على برنامج الضمان الاجتماعي الذي يريد بوتين تطبيقه بالإضافة الى نية روسيا القيام بتحديث المنظومة الدفاعية الروسية الناجمة عن السياسة العدوانية للولايات المتحدة وحلف الناتو. تلك السياسة العدوانية التي تهدف الى محاصرة روسيا بنشر مزيد من قوات التدخل السريع حلف الناتو ورفعها من 13000 الى 40000 جندي، وتخزين الأسلحة ونشر منظومة صواريخ في الدول الاوروبية المحيطة لروسيا، مما استدعى ردود فعل بإجراءات عسكرية روسية.

ما يتجاهل الكاتب ذكره في المقال هو ان الانخفاض الحاد الاخير في أسعار البترول العالمية الذي سبق توقيع الاتفاقية بكثير لم يكن مبنيا على القوانين الاقتصادية التي تتحكم "بالسوق الحرة" والمبنية أساسا على العرض والطلب، انما كان لأسباب سياسة محضة الهدف منه ضرب الاقتصاد الروسي بالدرجة الأولى في محاولة لتقليم أظافر الدب الروسي الذي بدأ يقف حجر عثرة في وجه الاستراتيجية الامريكية كاسرا أحادية القطب الذي تمتعت به الولايات المتحدة لأكثر من عقدين من الزمن صالت وجالت بها الإدارات الامريكية المتعاقبة في العالم دون ضابط أو رادع. وقامت بالعدوان على العراق وتدميره بالكامل وكذلك فعلت في أفغانستان وغيرها من المناطق في العالم. لم ينخفض الطلب على البترول في الأسواق العالمية نسبة 50% حتى تتماشى أسعار النفط العالمية مع هذا الانخفاض حيث هبط سعر برميل البترول من أكثر من 100 دولار الى دون الخمسون دولار في فترة زمنية بسيطة جدا ولم تتعافى الأسعار لغاية الان وما زالت تترنح ولن تعود الى سابق عهدها بحسب المحللين الاقتصاديين ولكن ليس لأسباب اقتصادية. لقد استخدم سلاح أسعار البترول في نهاية الثمانينات وكانت احدى الأسباب الرئيسية التي أدت لانهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك جمهورياته بعد ذلك. عندها أيضا استخدمت الولايات المتحدة آل سعود كما هو الان في تنفيذ سياساتها العدوانية لروسيا. الامر الطبيعي أن ترتفع أسعار البترول نتيجة الحروب والصراعات في المنطقة المسؤولة عن تصدير ما يقرب من ربع احتياجات السوق العالمي وليس العكس، وخاصة عندما ينخفض الكميات التي تنتجها بعض بلدانها نتيجة الحروب الدائرة بها وعدم وجود سلطة مركزية تتحكم في البلاد كما هو الحال في ليبيا على سبيل المثال. هذا هو المسار وردود الفعل الطبيعية وهو ما عهده العالم لسنوات طويلة سابقة. 

ما نريد أن نخلص به في هذه النقطة هو أن الانخفاض الحاد في أسعار البترول العالمية جاء نتيجة الحرب الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة باستخدام ادواتها في الخليج العربي وخاصة السعودية، وذلك في محاولة يائسة وبائسة لإخضاع روسيا أو على الأقل من تحجيم دورها الفاعل والوازن على الساحة الدولية الذي يصر على الالتزام بالمعايير والقوانين الدولية وعدم الكيل بمكيالين واحترام إرادة الشعوب وسيادة الدول ومراعاة مصالح شعوبها كأسس لحل الصراعات والأزمات الدولية بالطرق السلمية. وهذه الحرب المجنونة لن تتغير سواء بتواجد أو عدم تواجد البترول الإيراني في الأسواق العالمية.

ويستطرد الكاتب في نقطة أخرى بالقول ليس من الواضح كيف يمكن لروسيا أن تستفيد ماديا واقتصاديا من بيع السلاح الى إيران. ويتساءل الكاتب ما الذي يمكن ان تقدمه روسيا الذي لا تستطيع الولايات المتحدة أو المانيا أو فرنسا تقديمه الى إيران؟ ويشير الكاتب الى بعض الحوادث التي تدلل على نواقص تقنية وخلل في بعض الأجهزة العسكرية المصنعة في روسيا والتي من شانها أن تضع علامات استفهام حول الصناعات العسكرية الروسية ويشكك في إمكانية منافستها للأسلحة الغربية على الساحة الإيرانية.

ما لم يذكره الكاتب أو بالأحرى ما يتغاضى عنه وهو نقطة في غاية الأهمية الا وهي مدى الوثوق بالدول الغربية في تسليمها للأسلحة حتى تلك التي دفع ثمنها من قبل بعض الدول لشركات الأسلحة الغربية. فهنالك تجارب حية حول كيفية استخدام تسليم صفقات الأسلحة المبرمة كسلاح ووسيلة ضغط على حكومات الدول وابتزازها لكي تغير الحكومات من سياساتها والقبول بإملاءات الدول الغربية عليها بشأن اجراء تعديلات وزارية على سبيل المثال. والمثال الواضح الحديث في هذا المجال هو ما حصل مع حكومة السيد المالكي في العراق، حيث رفضت الإدارة الامريكية ان تسلم طائرات ف-16 وكذلك طائرات الاباتشي وغيرها من الأسلحة والذخيرة المطلوبة لمكافحة الارهاب في العراق وهو ما يدعيه "التحالف" التي تقوده الولايات المتحدة. هذا بالرغم من أن العراق قد قام بتسديد ثمن هذه الصفقة، مما استدعى الحكومة العراقية لعقد صفقة مع روسيا التي أمدت العراق بما يحتاجه من أسلحة وطائرات قاذفة لمحاربة إرهاب داعش. ولقد استخدم الضغط الذي مارسته الإدارة الامريكية والبنتاغون في موضوع تزويد العراق بالأسلحة الى تغير الحكومة العراقية وتنحي السيد المالكي عن رئاسة الوزراء. وهذا الابتزاز لم ينتهي بل مورس أيضا على رئيس الوزراء الجديد العبادي على الرغم من مجيئه الى رئاسة الوزراء بتوافق امريكي. ولم تسلم طائرات ف-16 الا قبل أيام فقط للعراق، وقد حاولت الإدارة الامريكية ابتزاز الحكومة العراقية بالنسبة لموقفها من الحشد الشعبي الذي بدأ منذ دخوله مع الجيش العراقي بتحقيق انتصارات ضد تنظيم داعش في العراق، وهو الشيء الذي لم يرق للإدارة الامريكية لان هدف الولايات المتحدة ليس القضاء على التنظيم الإرهابي لأنه ما زال من الممكن استخدام وجوده المنضبط في المنطقة  لصالح الاجندات الامريكية.

وتجربة أخرى تدلل على استخدام التزود بالأسلحة الامريكية على سبيل المثال من قبل الولايات المتحدة كسلاح سياسي هو ما حدث للجيش المصري وخاصة بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق دكتور مرسي بعد المظاهرات العارمة التي اجتاحت شوارع المدن الرئيسية في مصر وتدخل الجيش لحسم الموقف عندئذ. عندها أوقف البنتاغون المعونة العسكرية السنوية التي تقدم للجيش المصري ومقدارها 3 مليارات دولار وهي المعونة التي قدمت تباعا سنويا بعد التوقيع على معاهدة كامب ديفيد المشؤومة عام 1979 بين مصر وإسرائيل. كما رفض البنتاغون تزويد مصر بطائرات الاباتشي الى جانب طائرات ف-16 أيضا والتي كان الجيش المصري بأمس الحاجة اليها لمكافحة التنظيمات الإرهابية العاملة في سيناء التي نمت وترعرعت في زمن حكم الاخوان المسلمين في مصر بالدعم من قبل قوى عربية وإقليمية وعلى رأسها قطر وتركيا.  الولايات المتحدة لم تعر اية أهمية للأمن القومي المصري أو العراقي بل كان وما زال همها الأول مصالحها الاستراتيجية في المنطقة واستخدام كافة الروافع التي تمتلكها في سبيل ذلك ومن ضمنها تزويد وبيع السلاح لجيوش المنطقة وربطها بالمشيئة والمزاج الأمريكي.

والامر لا يقتصر على أمريكا فقط بل ينطبق على بقية الدول الغربية. وخير مثال على ذلك هو في صفقة الأسلحة الفرنسية التي كان من المفترض أن تسلم الى الجيش اللبناني وكانت السعودية على زمن الملك الراحل قد أجاز "مكرمة ملكية"  بقيمة 3 مليارات دولار لهذه الصفقة. ما قدم الى الجيش اللبناني لم يكن الا اليسير بعد أخد وعطاء على قائمة الأسلحة التي يجب على دولة الكيان الصهيوني ان توافق على نوعيتها وكمياتها. وبعد كل هذا لم تصل شحنة الأسلحة وما قدم على سبيل المثال من صواريخ لم يتجاوز 50 صاروخا هذا في الوقت الذي كانت المجموعات الإرهابية تمتلك مئات الصواريخ في منطقة عرسال اللبنانية. 

بعد كل هذا هل يعتقد الكاتب أن إيران وقيادتها السياسية بهذه السذاجة أن تفكر بأن تتخلى عن حليف استراتيجي كروسيا وتتجه الى الغرب للتسلح. هذا هراء سياسي ليس بعده هراء عدا عن أنه يعكس ضحالة وسطحية مثل هذا التحليل الذي لا يمر حتى على الطفل الذي تربى في منطقتنا لما يراه ويعاني منه يوميا من جراء البلاء الذي يجره الغرب وعملائه وادواته في المنطقة. أطفال سوريا وفلسطين والعراق واليمن على الاقل يدركون جيدا هذا البلاء ويستطيعون ان يميزوا بين العدو والصديق.

والنقطة الأخيرة التي يثيرها الكاتب تتعلق بالدبلوماسية الروسية. يشير الكاتب الى أن روسيا لغاية الان لعبت دور الشريك في المباحثات والمفاوضات حول برنامج ايران النووي. والان مع وجود حالة الانفراج بين إيران والولايات المتحدة فان هذا الدور قد انتهى ومن هنا يتساءل الكاتب لماذا قامت روسيا بتسليم الورقة الإيرانية؟ الذي يبدو ان الكاتب أراد ان تبقى المفاوضات معلقة وان لا تصل الى خواتيمها لان ذلك سيؤدي الى خروج روسيا من دورها. وهذا منطق سياسي أعوج، لان الأطراف المفاوضة لم تبدأ بعملية التفاوض بهدف ان تبقى على المفاوضات الى ما لا نهاية. 

يتحفنا الكاتب هنا بالقول بوجود احتمالين لتسليم روسيا الورقة الإيرانية (وكأن روسيا هي التي حددت مسار المفاوضات وما توصلت اليه وليس المفاوض الإيراني ومواقفه الصلبة والمنطقية) . أولهما قد يكون نابعا من الرغبة في موسكو لتلافي مزيد من العزلة بالمفهوم والتعريف الأمريكي طبعا. فأمريكا تعتبر عدم رضاها عن دولة ما أو عن رئيس هذه الدولة أو تلك وبالتالي قيامها بتحريض أدواتها وحلفاءها بان يقاطعوا هذه الدولة او الرئيس هو بمثابة عزلة دولية. فالعالم و"المجتمع الدولي" بالمفهوم الأمريكي هي الولايات المتحدة وحلفاءها وادواتها واذنابها، أما بقية العالم فانه غير موجود على الخارطة السياسية مهما كبر أو صغر.

 صحيح أن هنالك أزمة في العلاقات الروسية الامريكية وأن الإدارة الامريكية استطاعت أن تضغط على دول الاتحاد الأوروبي لكي تشارك في الحرب الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تشنها الولايات المتحدة ضد روسيا ورئيسها بوتن الا أن روسيا ما زالت قوة وازنة ومؤثرة على الساحة الدولية والأمم المتحدة ومجلس أمنها. لا بل والأكثر من هذا، فأن الإدارة الامريكية لا تستغني عن اللجوء الى طلب المساعدة الروسية في حل أزمات المنطقة.  وقد اعترف الرئيس أوباما بعظمة لسانه عن المساعدة الروسية للتوصل الى الاتفاق حول الملف النووي الايراني وذلك في المقابلة التي أجرها معه الكاتب توماس فرديمان من صحيفة نيو يورك تايمز في 14 يوليو حيث امتدح وأثنى أوباما على الرئيس بوتين والموقف الروسي بالقول " سأكون امينا معك، روسيا قد ساعدتنا في هذا. لم أكن متأكدا فيما إذا ما كانت الخلافات القوية القائمة بيننا وبين روسيا الان حول أوكرانيا ستبقى هنا. لقد قام بوتين والحكومة الروسية بالتركيز على هذا (على التوصل الى اتفاق) بطريقة ادهشتني، ولم يكن بإمكاننا أن نصل الى هذه الاتفاقية لولا الإرادة الروسية لان تقف الى جانبنا وكذلك الى جانب بقية الدول الخمسة والإصرار على التوصل الى اتفاقية قوية".

أما الاحتمال الثاني بحسب الكاتب قد يعود الى صفقة أو اتفاق من وراء الكواليس بين إدارة أوباما وروسيا على انه فيما إذا تعاونت روسيا مع الولايات المتحدة بقضية الملف النووي الإيراني للوصول الى اتفاقية، فان الإدارة الامريكية لن تقوم بإرسال السلاح الى أوكرانيا. بمعنى التعاون في الملف الإيراني مقابل عدم تسليح أوكرانيا. وكلمة "التعاون" بالمفهوم الأمريكي تعني الموافقة على الموقف الأمريكي وبالتالي على روسيا ان تقوم بالضغط على إيران خدمة للمصلحة الامريكية. ومن هنا نرى ان استخدام كلمة التعاون هنا المراد بها زرع بذور الشك لدى الطرف الإيراني بالحليف الروسي الذي أبدى ومنذ بدء المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني وربما حتى قبل ذلك تأييدا مبدئيا واضحا للموقف الإيراني وخاصة فيما يتعلق برفع العقوبات عن إيران في مجلس الامن والإصرار على أن تبني الأمم المتحدة للاتفاقية لضمان عدم الرجوع لنظام العقوبات الجائر، ومن حق إيران في أن تمتلك برنامجا نوويا للأغراض السلمية، كغيرها من الدول تحت المظلة الدولية. ولقد أوضحت القيادة الروسية انه حال رفع نظام العقوبات الدولية عن إيران فان العلاقات الإيرانية الروسية بكافة المجالات الاقتصادية والعلمية والعسكرية والسياسية ستشهد تقدما ملحوظا وسريعا.  

ومن الجدير بالذكر ان هذه المحاولات الإعلامية لدق إسفين الخلاف بين روسيا والدول المناهضة للسياسة والغطرسة الامريكية في المنطقة والتي تعتبر صديقة أو حليفة لروسيا ليس بالأمر الجديد. فعندما نشأت المشكلة بين روسيا من جهة وأوكرانيا من جهة أخرى حول عدم تسديد أوكرانيا ثمن الغاز الروسي والتي تطورت الى تهديد امن الطاقة الأوروبي الناتج عن اقفال خطوط الغاز المار عبر الأراضي الأوكرانية الذي يمد الدول الأوروبية بالغاز الروسي، الى جانب العقوبات الاقتصادية الجائرة ضد روسيا بسبب الازمة الأوكرانية التي سببتها الولايات المتحدة بالأساس، قامت بعض وسائل الاعلام الغربية بالترويج الى أن إيران ستقوم بإمداد أوروبا بالغاز الطبيعي وان هنالك مباحثات بين ايران وبعض الدول الأوروبية بهذا الخصوص، وعلى ان ذلك سيحرر أوروبا من الاعتماد على الغاز الروسي. ولقد أنكرت إيران عن طريق رئيسها السيد روحاني هذه الاخبار الملفقة جملة وتفصيلا وكان الغرض منها هو إيجاد الخلاف بين روسيا وإيران وذلك لإضعاف الموقف الايراني في المفاوضات بشأن برنامجها النووي بالإضافة الى تجريد روسيا من حليف استراتيجي في المنطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة.

وموقف مشابه أيضا حصل بعد الازمة الأوكرانية حيث ذهبت بعض الصحف وبعض مراكز الأبحاث الغربية القريبة من صنع القرار في واشنطن من ان هنالك صفقة من وراء الكواليس تجري بين روسيا والولايات المتحدة يتم فيها تخلي روسيا عن حليفتها سوريا في مقابل تنازلات أمريكية لروسيا فيما يخص الوضع في أوكرانيا. وللأسف الشديد هنالك من ذهب لتصديق هذه الشائعات التي كان من أهدافها إيجاد البلبلة في صفوف الأصدقاء والحلفاء. وبين الحين والأخر سمعنا ونسمع ان روسيا قد تخلت عن الرئيس الأسد ولم تعد تعتبره جزء من الحل وعلى ان هذا سيرى خلال الأسابيع القادمة. وذهبت هذه الأسابيع الواحدة تلو الاخرى وها نحن بعد أربعة سنوات من الازمة ما زلنا نسمعها، هذا بالرغم من أن القيادة الروسية لا تفوت اية فرصة للتأكيد بان الرئيس الأسد هو جزء من الحل، وتؤكد أيضا على الحل السياسي للازمة السورية وعلى ان الحل يجب ان يكون سوريا دون تدخل الأطراف الخارجية التي يجب ان يقتصر دورها على تسهيل المفاوضات الى جانب ان الأولوية يجب ان تعطى الى محاربة الارهاب، وهو ما تؤكد عليه القيادة السياسية في البلاد.

والان تعود الحكاية ولكن مع إيران هذه المرة. فهنالك من يغرد بأنه الان وبعد التوقيع على الاتفاقية التي ابرمت بين إيران والدول الست الكبرى حول برنامجها النووي بأن إيران ستتخلى عن الرئيس بشار الأسد وعلى انها لم تعد تصر على بقاءه على راس الهرم القيادة السياسية في سوريا. هذه الخزعبلات تقدم من قبل من يدعون انهم خبراء في الشرق الأوسط. ومرة أخرى يعزو هؤلاء الخبراء الى وجود صفقات تمت من خلف الكواليس حول هذا الموضوع بين إيران والولايات المتحدة. ولا بد لنا من القول أن هنالك فارق شاسع بين التمنيات وهذه هي حقيقة الشائعات التي تظهر بين الحين والآخر وبين الوقائع والحقائق على الأرض، ولكن البعض لا يريد الا ان يطلق العنان لخيالاته وامانيه التي لم ولن تتحقق.

في النهاية نود ان نؤكد على ان الاعلام هو جزء لا يتجزأ من المعركة المصيرية التي تخاض في منطقتنا بين محورين لا ثالث بينهما. محور المقاومة المتمثل بإيران وسوريا والعراق واليمن والعديد من الفصائل الفلسطينية التي رفضت ان تبيع نفسها بأموال البترودولار وهو محور مدعوم من قبل روسيا والصين بشكل رئيسي ومحورآخر تقوده الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر مستخدمة عملاءها وأذنابها وادواتها في المنطقة الذين لا يتورعون عن مساندة الارهاب من داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية التكفيرية التي تنهل من الفكر الوهابي والتي تخرج علينا بأسماء وحلل وأعلام جديدة هنا وهناك وعلى امتداد منطقتنا وفي العالم.

ومن هذا المنطلق لا بد لنا من أن ندقق في الخبر أو المعلومة التي تنشر هنا وهناك وخاصة تلك التي قد تكون حبكت بشكل جيد لعدم اظهار الاجندة الخفية من وراءها، وبالتالي سهولة الوقوع في فخ الدعايات المغرضة الهادفة الى تثبيط العزائم ونشر حالة من اليأس أو زرع بذور الشك والفرقة بين الأصدقاء والحلفاء.

 

1.    http://www.nationalinterest.org/print/feature/moscows-

iran-man-why-he-smiling-13350

 

 

 

 

تاريخ النشر

23.07.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

23.07.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org