<%@ Language=JavaScript %> د. خيرالله سـعـيد الإصــلاح يبـــدأ بالثقـــــافـة

 

 

 

الإصــلاح يبـــدأ بالثقـــــافـة .

 

 

د. خيرالله سـعـيد

      *     *     *

إن عُـلماء الاجتماع والسياسة والتاريخ يؤكّـدون: من أن الثقافـة هي صاحبة الـدور الأبرز في نهضة الأُمم والشعـوب، بوصفها تتعـاطى مع الحياة بأسلوبها الخاص، ضمن سياقات التاريخ المتـوالية، كونها – أي الثقافة – هي حصيلة مواريث القِـيم والتقـاليد، ولكل شعب من الشعوب ثقافته الخاصة التي تميّـزه عن غيره من باقي الأجناس البشرية .

وليس اعتباطـاً أن يقول الفيلسوف الفرنسي ( كـانت ) من أن ( الثقافة هي العقـل النظري للأمّـة ) وانطلاقـاً من هـذا القول، يمكن النظر الى تطوّر ثقافة العراق في العصر العبّـاسي، حيث كان للثقـافة ورجـالها الصوت الأعلى في رفـعِ مـداميك الحضارة العربية – الإسـلامية، كـون الثقـافة لا تُحـد بأفقٍ قومي أو عرقي أو إثـني أو سياسي أو ديني. فالمحرك الأساس في هـذا المضمار هـو العقــل، وعندما يدرك العقل وجوده الحضاري في الأمة فـانه قادر على السيرِ بالشعوب والأمم نحـو الفضاءات الأرحب للحياة في كل المناحي ، وبالضرورة ستطوّر فنونها وابداعاتها الثقافية، وكلما كان رأس السلطة السياسية مُدركاً لأهمية العقـل ودوره الثقافي كان البلد هو الأنجح في ميـادين الإنتاج والتنمية والسمو الحضاري، بحيث يترك هـذا ( القـائد أو الزعيم) أو تلك السلطة، بصماته على مسـار التاريخ، عندما تكون الأولويّـة في شؤون الحُـكم والسلطة الى الجهـة المثقّـفة والشخص المثقّـف في اتخـاذ القرارات ورسم المسارات للبلد والأمة .

وتـاريخ الدولة العبّـاسية، وتحديداً في عصر المأمون ( 170 – 218 هـ /786 – 833 م ) رأينا أن الدولة كانت في طليعة الأمم والشعوب في العصر الوسيط، فقـد كان المـأمون يضع في قِـمّـة الهـرم السياسي، كالوزراء وحكّـام الولايات والقُضاة والسُفراء، من ذوي الشـأن الرفيع في الثقافة والتحصيل المعرفي، فيما كانت المؤسسات الثقافية، وعلى رأسها ( بيـت الحكمـة ) في بغـداد، كان يسـند رئاسـتها الى أبرز المبدعين في مجـال الفلسفة والطب والرياضيات وعلم الفلك والترجمة ، بغض النظر عـن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو السياسية . فقـد أسند رئاسة بيت الحكمة الى أوسع فكر ثقافي في زمـانه هـو ( رأس المترجمين وعالم الفلسفة والطب حُـنين بن اسحـاق ( 808 – 873 م ) وكان هذا الرجل عراقيٌّ من اهل الحيرة، سرياني الأصل والانتماء ومسيحي المعتقـد ، فقـد بلغت ترجماته في الطب والفلسفة والأدب ( 260 كتاباً ) ومؤلّـفاته الإبداعية نافت على ( 115 كتاباً ومقالة ) وتوظيفه في هذا المكان كان تقديراً لجهوده المعرفية وإقراراً بمكانته العلمية وانجـازه المعرفي، حتى أن المأمون كان يبالغ في تقدير عمله في الترجمة، حيث كان ( يعادل وزن ترجماته بالذهب الخالص ) . أنظر ترجمتنا الموسّعة له في كتاب ( مترجمو بغداد في العصر العباسي – ضمن موسوعة بغـداد الثقافية في العصر العباسي في 20 مجلداً ) والموسوعة قـيد الإصدار .

فلو قارنّـا ما هو قائم اليوم في العراق، من تبوّء بعض الشخصيات في ( الوزارات أو البرلمان أو المؤسسات الثقافية والعلمية المختصّة) والتي جاء توظيفها على أساس المحاصصة الطائفية، وما كان عليه العراق في عصر المأمون، لعرفنا الفارق الكبير في تسـنّـم المثقّف لمركزه الصحيح، فلقد ذكرت المصادر التاريخية أن المأمون قـد طلب من والٍ له في إحدى الولايات بأن يحضر الى بغـداد ومعه كاتبه قائلاً لـه : كيف تخـاطبني بكاتبٍ يلحـن !؟ أي يخطأ في الإعراب ، بينما أوضحت لنا وسائل الإعـلام المرئية المعاصرة ( وزيراً ) في حكومة المالكي السابقة قال في حوارٍ تليفزيوني معه في سوريا ( لقد تشرّفت في مقـابلة ضخامة السيد الرئيس ) وكرّرها مرتين في ذلك اللّقاء ، وهو لا يعرف التميّز بين ( فخامة الرئيس وضخامة الرئيس ) فإذا كان الوزير في ( هذا المستوى الثقافي ) فكيف سيكون طاقم وزارته ؟ .

كشفت لنـا مسيرة الحكومات المتعاقبة بعـد الإطاحة بنظام البعث الفاشي، خلال فترة وجودها البالغة لأكثر من 12 عاماً ، من تداول السلطة على أساسٍ طائفي توافقي، بـأن استبعاد المثقّـف يُخـلخـل البُنية السياسية والثقافية والاجتماعية في العراق، وهذا هو السبب في تراكم الأخطاء، فقـد انكشفت عورات الجميع، لأن المثقّـف العراقي الأصيل رفض أن يُـدنّـس قلمـه في محبرة الفسـاد، فعِـفّـة القـلم من عِفّـة صاحبه، وبقى هذا المثقّـف بعيـداً كل البُعـد عن فساد السلطة وتقسيم الغنـائم على أسسٍ طائفية وتكتلات حزبية وقوميّة شوفينية ضيّقة، جعلت من المثقّف العراقي أن يكون بعيداً عن عوالم الفساد المستشري في العراق اليوم، وحـسنٌ فعـل، فقـد حصّـن نفسه، لكن تـأثيره الإبـداعي ظلّ فاعلاً من خلال كتاباته المتعددة ومقالاته السياسية وآرائه النقدية في أكثر من منبر وموقع ومكان ، مما زاد في مسألة بلـوغ السيل الزُبى في نفسية المواطن العراقي ، وبـدا يدرك أن ( لصوص الطائفية ) وانتهازيي اللحظة الفالتة من التاريخ وأصحاب ( البدلات الزيتونية ) قد تحوّلوا بين ليلة وضحاها الى ( أصحاب لحىً) ويتختمـون بالعقيق اليماني أو الفص السليماني، ويعلنون انتماءاتهم الطائفية بوضوح وعلى كل المنابر الإعلامية ، ولهذا السبب أدرك هذا المواطن أن كل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 وحتى اليوم كانت مخفقـة بوضوح، ولم تستطع أن تُـقـدّم مشروعاً وطنياً قط، بل كان المشروع الطائفي هـو المشروع السائد ، الأمر الذي يتقاطع بين هذين المشروعين بشكل واضح، ولذلك كان سقوط رؤوس هذا المشروع الطائفي مدويّـاً وسريعاً وفاضحاً لكل أركان المشروع الطائفي، بكافة رموزه ومسميـاته، وكشفت زيف (الإسـلام السياسي) الذي اثبت بأن رجاله وسياسيّه ليسوا برجال سلطة وغير مؤهلين لحكم البلد ، بعـد أن أثبتوا بأنّـهم لصوص بامتياز وفاشلون، ولهذا السب انتفض عليهم الشعب بكافة شرائحه الاجتماعية ونخبه المثقّـفة ، ونزلوا الى ساحات الشرف النضالي بمظاهرات سلمية – مطلبية، ذات مدلول حضاري يُـدلّل على أن المواطن العراقي ليس سهلُ الانقياد، ولا يمكن أن تنطلي عليه أوهـام النظريات الطائفية والأيديولوجيات الدينية والمحاصصات الحزبية، بعـد أن منحها فترة طويلة في الحكم تجاوزت 12 سنة في السلطة، فأثبتت فشلها في كل شؤون الحكم السياسي وإدارة الدولة العراقية .

ومن هذا الإدراك السياسي والثقافي، بعـد هذه التجربة المريرة، وتجـاوز على صلاحيات الأمة والمواطن فخرج بشكل ثقافي واعٍ وقال: ( لا ) كبيرة ومدويّة ، لا لحكم الطوائف، لا لحكم المحاصصة ، لا لسرّاق المال العـام، وعلى هذا الأساس من الوعي استجابت الجماهير لكل هذه النداءات، الأمر الذي أصبح معه  موقف السيد حيدر العبادي في حرجٍ شديد ، بوصفه رئيساً للوزراء والحاكم التنفيذي الأول، فاستجاب لهذه المطالب مرغماً، وبـدأ بطرح اصلاحاته السياسيةـ فهو مجبر عليها بعـد أن فرضت الجموع مطالبها، وانتزعت موقفاً واضحاً من (المرجعية الدينية) والتي كانت سابقاً مضلّة الى حكم الطوائف الدينية، فأصبحت في موقفها الأخير منسجمة مع إيقـاع هـذه المظاهرات ومطالب الناس المشروعة .

وبعـد ما قام به العبـادي من حزمة إصلاحاتٍ أولية ، فإننا نلاحظ أن إصلاحاته لم تـأتِ على ذكـر إصلاحات في الجانب الثقافي في المشهد العراقي المتدهور، وهي مسـألة ندركها عند كل من له خلفية دينية مؤدلجة بإطار طائفي، ولهذا السبب بقي خطابه الإصلاحي ناقصاً من جهة الثقـافة ، فلا يمكن لأي إصلاحٍ سياسي أن يحدث دون أن تكون البداية من الشـأن الثقافي، كون هذا الميدان يخص هـويّـة البلد الوطنية، ولا يصح تجـاوز الأصول والبدء بالفروع، كما جرت العـادة في الحُكم المبني على المحاصصات والهويات الفرعية، لأن الثقافة الوطنية تعني وتشمل كافة المكونات الثقافية في العراق، دون تميّز، وهو ما قرأناه في العصر العباسي، ولمسناه في حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم .

وبغيـة الانسجام مع اصلاحات السيد العبادي السياسية، نؤشّـر بالآراء والملاحظات التالية ، كي تكون حُزمة الإصلاحات شاملة ومتكاملة في جانبها الثقافي، كونه الرديف الأرأس للإصلاح السياسي ، وأن نجعل من مسألة الإصلاح إصلاحاً لكل مؤسسات الدولة، كي نبني دولةً تصلح للتعايش المجتمعي الشامل وتكون حاضنة لكل مكونات الشعب الثقافية .

أولاً: وحـدة الثقـافة العراقيـة : وتشكل هذه النقطة مرتكزاً رئيسيّـاً للانطلاق نحو مشروع وطني للثقافة، يجعل من ثقافة العراق وارثـه الحضاري نقطة رئيسية يُـبنى عليها عِـدّة محاور محليّـة لتنصهر في بوتقـة واحدة تؤسس لمنظور حضاري، ينطلق فيه المشروع الوطني لاستيعاب كل الطاقات الإبـداعية، ومن كل الأطياف والقوميات، بحيث تكون الثقافة العراقية هي المنطلق النظري لهذا المشروع، وعلى ضوء هذا المنطلق نــرى ما يلي :

*- ضرورة السعي الجـاد من قبل كل المثقفين العراقيين في الشتات والداخل العراقي، لإيجاد مـؤتمـر وطـني عام للمثقفين العراقيين، يحـددون بموجبه أسس الثقافة الوطنية العراقية في هذه المرحلة، وإيجاد المؤسسات الفاعلة لهذه الثقافة خـارج كل الأُطـر المحاصصاتية والطائفية والحزبية، بحيث يصبح الهـم العراقي، هـو الهاجس الأرأس في المؤتمر .

ثـانياً: تـأسيس المجـلس الأعلى العراقي للثقـافــة والفـنـون والآداب . وهذه المؤسسة يجب أن تنبـثـق من   (المؤتمر الوطني العام للمثقفين العراقيين) وينتخب إليه من هُـم على حضورٍ ثقافي واضح المعـالم، وأن يكون لـديه منجزاً ثقافيّـاً متميّـزاً لا يقل عن ( 5 مؤلّـفات ) على الأقـل، في مختلف صنوف المعرفة الثقافية، وأن يُصاغ ( لهـذا المجلس ) نظاماً داخليّـاً، يُحـدّد الأُطر والوظائف لأعضاء هذا المجلس .

ثـالثـاً : السعي الحثيث لإبعاد ( الإسـلام السياسي) ومنظماته المختلفة عن الفعل الثقافي داخل مؤسسات الدولة الثقافية، لأنه كان السبب الرئيسي وراء المحاصصة والاقتتال الطائفي في الحُكم، وهو أُس الفسـاد في الدولة، الأمر الذي يجعله في حـالة تناقض دائمة مع كل منظور حداثوي للثقافة العراقية .

رابعـاً : إعـادة الاعتبار لثقافة العراق الآركيولوجية، وتخصيص باحثين اكاديميّين في التصدي لهذه المهمة التاريخية الحضارية، وعلى الأُسس المعرفية التي صاغتها مدرسـة العلاّمة الراحل طـه باقر، ومن الضروري هُـنا إعـادة إصدار مجلة ( سـومر) التراثية ، بطاقم تحرير متخصّص، يبرز إرث العراق الحضاري، الذي شكّل التراث السومري أولى معالم التاريخ الحضاري للعالم، وفق تعبيرات المستشرق الكبير نـوح كـريمر .

خامساً : إعـادة النظر، بشكل جذري، في هيكلية وزارة الثقافة العراقية، وجعـل المبدعين العراقيين هُـم الأساس في تحمّـل مسؤولية إدارتها، وابعـاد كل العناصر الطائفية في مراكز قرارها في مختلف مؤسساتها الفرعية .

سـادسـاً : السعي الجاد والملتزم لوجود ( منظومات معرفية للثقـافة العراقية ) تُـبرز أصالة الثقافة العراقية وتاريخيتها الإبـداعية من قُبيـل :

1- إيجـاد قـامـوس ثقـافي – سياسي ، يُحـــدد المنطلقات النظرية للثقافة العراقية، بوصفها وحدة متجانسة تاريخيّـاً، كي يكون الرأي العـام العراقي متوحّـداً حول محمولاتها المعرفية ومضامينها السياسية والاجتماعية في الممارسة الثقافية النقـدية .

2- الضرورة القصوى لإيجاد ( موسوعة الفولكلور العراقي) تـؤرّخ وترصد كل ظواهر الحياة العراقية من منظورها الأنثروبولوجي الثقافي، تشمل كافة المكونات الثقافية للمجتمع العراقي. إذ ان هذا الجانب الثقافي العراقي قـد أثار انتباه الدارسين وعلماء الفولكلور في العالم، فقـد أشار عالم الفولكلور الإنجليزي المشهـور السـير جيمس فريـزر في كتابه الشهير ( الغُصن الذهـبي) ما يلي: ( الشرق حاضن الفـولكلور، وحاضنه الأبعــد العـراق ) الأمر الذي يجد ضرورته المُلّحة بإيجاد ( موسوعة الفولكلور العراقي) حيث ان كل الحكومات العراقية المتعاقبة، منذ قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1921م وحتى اليوم، لم يخطر ببال أيَّ وزارة ثقافة عراقية لأن ترعى مثل هذا الجانب بعناية فائقة، على الصعيد الأنثروبولوجي والساسيولوجي والأدب الشعبي، الأمر الذي فقـد معه الكثير من أساسيّات هذا الفولكلور وحامليه. فقـد انـدثرت كثير من المعالم والعادات والتقاليد، ورحل الكثير من حاملي هذا الفولكلور من ( قُصّـاص وأصحاب نادرة، وشعراء شعبيّين وغيرهم ) ممّـن احتفظوا بالكثير من هذه الموروثات، ولكن يـدُ القـدر أخـذت منهم هذا التراث الغني ، أضف الى ذلك ( تعمُّـد) المؤسسات الثقافية الحكومية العراقية، السـالفة والحـالية، ولم تكن في مستوى المسؤولية الثقافية والأخلاقية والوطنية لأن تولي هـذا الجانب المقـام الأسمى والأولوية المعرفية، نظراً لكونها تجهـل قيمة هـذا التراث الوطني الكبير والثَـر، ومن هنا نلحظ عـدم وجود لمثل هذه المنظورات الثقافية في كل مشاريع الحكومات العراقية المتعاقبة والحالية منها، وليس بوارد ذلك في عقليتها أو خططها التنموية الثقافية، ولذلك غـاب الفولكلور العراقي وغابت قيمـه، وقـد استوجب الان من أن نفكّـر بشكل علمي واقـدام معرفي لجمع هذا الفولكلور وتـدوينه، ومن المؤسفِ حقّـاً أن لا نرى أو نشاهد في يومٍ ما أن يظهر على شاشات التلفزة والقنوات العراقية والفضائيات العربية وزيراً للثقافة العراقية يتحدث في مثلِ هذه الموضوعات، أو نشهـد إقـامة نـدواتٍ ومحاضرات في وزارة الثقافة يُـدعى لها المختصون في هذا التراث الشعبي، سوى أنّـه كانت لدينا مجلة هامة اسمها ( التراث الشعبي ) وهي الوحيدة التي كانت تنشر في اعـدادها بعض الموضوعات التراث الشعبية والفولكلورية في العالم العربي، وقـد فقدت هذه المجلة وهجها المعرفي عندما جيّرها حزب البعث الفاشي الى منطلقاته النظرية العنصرية ذات الأفق الشوفيني المسدود، ثم جاء بعـده ( نظام المحاصصة الطائفية ) ليقضي عليها بالكامل، الأمر الذي يتطلّب إعادة إصدارها تحت إشراف باحثين متخصّصين بالتراث الشعبي العراقي بأفقه الوطني العام .

3- ضرورة العمـل الجـاد والمضني لإصدار ( أطلس الفولكلور العراق ) كي يكون الوثيقة الجغرافية المصوّرة لانتشار هذا الفولكلور العراقي وفق تقسيماته الجغرافية .

4- ضرورة إحياء وإعـادة إصدار ( المجلاّت المختصة ) بموضوعات التراث والثقافة من قُبيـل : ( مجلة المورد العراقية) وإسناد تحريرها وإدارتها الى عقول ثقافية مُدركة لأهميتها الثقافية، وكوادر مختصّة في هذا الجانب، وضرورة ابعـاد كل من له منظور طائفي – محاصصاتي عن إدارة تحريرها .

5- ضرورة ان يكون هـناك ( مجلات مختصّة) في المسرح والسينما والفنون التشكيلية، يحرّرها مبدعون في هذه المجلات حصراً، بغية النهـوض الثقافي العراقي، وإعادة الروح المعنوية فيه من منظور حـداثوي يستجيب لكل المتغيرات الثقافية في العالم .

6- ضرورة ان يكون هناك ( مجلة فصلية لشؤون الفكر السياسي) بغية مواكبة العقل العراقي لكل المتغيرات السياسية في العالم وفي المحيط الإقليمي .

7- إعـادة تـرميم وفـتح كل صالات العرض المسرحية وقاعات العرض الخاصة بالفنون التشكيلية، وإعادة إحياء ( الفرقة القومية للتراث والفـنون والموسيقى ) وأن يكون هـناك مختصين يشرفون عليها وتخليصها من أيـدي الطائفيّين وأصحاب المحاصصة، وإعادة وهج الروح المبدعة في هذه المواقع والمؤسسات الثقافية.  

سـابعـاً : الحُـريّـة الفكرية في التـأليف والنشر: وهذا المنظور من الأهمية بمكان، يستوجب اطلاق العقـل فيه من وازعٍ معرفي، يخضع فقـط الى رقـابة الضمير، بغية اطـلاق العـنان لكل المواهب الفكرية لأن تـأخذ مداهـا الأبعـد في الحرية الفكرية والانطلاق نحو عـوالم الإبـداع المتعددة . وأن يصدر قانوناً برلمانيّاً بهذا الخصوص ، يثبّت هذا الحق لكل مبدع عراقي .  

ثـامناً : الإعـلام والتحريض الطـائفي : هـو الآفـة التي خرّبت عقـول أبناء العراق وغيرهم من البلدان العربية، وهـو السرطان الذي أتت بهِ حكومات المحاصصات الطائفية التي جاءت تحت حراب الاحتلال الأمريكي، ومن ينفّـذ أجندة هذا الاحتلال في الداخل العراقي ، حيث راح هذا الإعـلام ينفـخ بنار الطائفية والعـداوة والبغضـاء ، حتى اصبحت ( القنوات الفضائية ) إحدى الروافع الكُبرى والخطيرة لتأجيج هذا الإحتراب، الأمر الذي دفع بهذه الفضائيّات لأن تنزاح وتبتعـد عن خطّها التنويري الثقافي، وأصبحت أداة خطرة لتفريق الشعب العراقي وغيره من الشعوب العربية، وأصبحت فعـلاً ( أداة بلا ضمير ) الأمر الذي يذكّرنا بمقولة غـوبلز – وزير الإعلام الهـتلري النازي التي يقول فيها ( إعطني إعـلاماً بلا ضمير، أعطيك شعباً بلا عقـل ) .

وهـذا التهريج الإعلامي الطائفي أصبح هو المسيطر في كل القنوات الإعلامية وكوادرها والمشتغلين فيها، الأمر الذي جعل من (الإعـلام الوطني) في خبر كان، وراح هذا الإعلام يتناسى كل البرامج الثقافية والإخبارية في هذه الوسائل الإعلامية، وبـدأت مثل هذه النفحات الطائفية تخترق بوضوح شبكة الإعـلام العراقية، وتربّـع على مجلس أمنائها وكادرها بعض الإعلاميين الغير كفوئين وناقصي الخبرة والثقافة، وهذا الأمر ناتج كون هؤلاء جاءوا عن طريق المحاصصة الطائفية، وهو أمرٌ خطير جداً، يستوجب أن تسلّط عليه أضوية الإصلاح بشكلٍ مركّـز وكاشف، وضرورة أن يكون هناك كـوادر واعية في هذه الشبكة، ترفض بشكل واضح هذا الانجرار الطائفي في كادرها، بوصفها تمثّـل كل أطياف ومكونات الشعب العراقي الثقافية، مما يتطلّب أن تكون المسألة الوطنية في الإعلام فوق ايّ اعتبار آخر، طائفياً كان أو حزبيّاً، وأن تكون شبكة الإعلام العراقية موجّهة وفاعلة في إبراز جانب الثقافة الوطني، بكل مخرجاته وحواشيه وتفرعاته، ولذا يجب أن يكون هناك ( ميثـاق شرفٍ وطني ) للإعـلام العراقي، تسنده التشريعات القانونية الصادرة من البرلمان العراقي في الأمور التـالية :

1- تجريم الإعلام الطائفي وغلق قنواته ومصادر تمويله، وفضحها علناً .

2- تخصيص لجنة متابعة إعلامية وطنية مهنية مختصّة بهذا الشـأن، تراقب الإعـلام الطائفي والعنصري بشكل دقيق ويومي، لترفع امره الى القضاء العراقي .

3- لجم أبواق الفتنة الطائفية ومراقبة الخطاب الديني بشكل دقيق في الجوامع والمساجد وبيوت العبادة الأخرى، لأن الخطورة تكمن هُـنا، ومن خلال هذا الخطاب تم اختراق كل منظوماتنا الروحية والأخلاقية، وتناسينا قول الرسول الكريم ( إن الله يكره لكم القيل والقـال ) .

4- ضرورة أن يكون هناك معهـداً وطنياً للإعلام العراقي، تضع برامجه ومناهجه جهات أكاديمية مختصّة تؤمن بوحدة الشعب العراقي وتنمّي ثقافته الوطنية وتحافظ على أصالته وتاريخه .

5- ضرورة اهتمام شبكة الإعلام العراقية ووزارة الثقافة والتعليم العالي وغيرها من الوزارات بكل رجالات الثقافة والأدب والعلم والفلسفة، والأكاديميّين المبدعين منهم، وغيرهم ممن يعتنون ويهتمون في قضايا الثقافة العراقية، والذين مازالوا في المنفى وتسليط الضوء على نتاجهم الثقافي والإبداعي، والوقوف على منجزاتهم الثقافية، ومعرفة أسرار معاناتهم، وتهيئة الفرص والمحفّزات لهم للعودة الى أرض الوطن، وإسناد المهام الثقافية لهم .

6- إعـادة النظر بكل المدراء للمراكز الثقافية ، في الداخل والخارج ، وإبعاد الطائفيين منهم عن هذه المسؤوليات الثقافية، لأن هذه المراكز الثقافية هي الوجه الحقيقي لثقافة البلد، وعلى هؤلاء المدراء تقع مسؤولية الربط الثقافي بين الجاليات في الخارج وحضن الوطن، وضرورة أن تُسند إدارة نشاط هذه المراكز الى المبدعين حصراً، ومن المشهود لهم في مناحي الإبداع الثقافي، بحيث يكون( مدير المركز الثقافي ) يكون لديه مجموعة من كتب الإبداع وشؤون الثقافة – 5 مؤلّفات على الأقل ) في مجال اختصاصه، وأن يكون بعيداً عن كل ماله شـأن طائفي .

7- ترتبط هذه المراكز الثقافية بالمجلس العراقي الأعلى للثقافة والفنون والآداب .

8- تلتزم وزارة الثقافة وشبكة الإعـلام العراقية إلزاماً قـانونيّـاً بطبع مؤلّفات كل المثقفين العراقيّين، الذين احترفوا الكتابة الإبداعية، وكانوا أعضاءً في النقابات الثقافية العراقية كاتحاد الأدباء في العراق ونقابة الصحفيّين وغيرها من المنظمات الثقافية، وكذلك الاتحادات الدولية والإقليمية .

9- ضرورة إيجـاد ( جـائزة الدولة للإبداع العراقي ) تمنح سنويّاً للمثقّف العراقي الذي تميّز نشاطه بالفرادة والإبداع في مختلف نواحي الثقافة، وان يُشرّع بذلك ( قـانونـاً ) يقرّه البرلمان العراقي، ضمن ضوابط وشروط إبداعية معيّنة، تُـحـدّدها لجنة مختصّة من النقّاد والأكاديميّين في مختلف مجالات الثقافة ، كجائزة الدولة للبحوث والدراسات الإنسانية والإبداعية والفلسفية ومختلف فنون الأدب من رواية وقصة وشعر ونقد وغيرها من الأمور الثقافية الأخرى .

10- يشـرّع قـانون التقـاعـد الثقافي والضمان الصحّي والعيش الكريم، لكل المبدعين العراقيّين ، في الداخل والخارج، ضمن ضوابط وشروط يضعها المجلس الأعلى العراقي للثقافة والفنون بالتعاون مع اللجنة الثقافية في مجلس النواب العراقي .

11- ضرورة تفعيل التعاون الثقافي بين كل مؤسسات الدولة ذات الاختصاص الثقافي مع اتحاد الأدباء في العراق، ونقابة الصحفيين العراقية ، لإيجاد مناخ تفاعلي بين الجميع يخدم الثقافة العراقية .

12- إعادة الاعتبار لكل رموز الثقافة العراقية، ونصب التماثيل للمبدعين الكبار، وتسمية بعض القاعات الثقافية وصالات العرض بأسمائهم .

13- إيجاد ( مجمعات سكنية وبيوت ) لهؤلاء الكتّـاب والمثقفين، تتولى الدولة منحها لهم في أماكن هادئة، وخارج ضجيج وصخب المدن، على أن تتولى الدولة تسديد 50% من كلفة البناء ويتولى الكاتب بقية المبلغ وفق أقساط شهرية محددة .

14- أن يجري تخفيض بطاقات السفر على الخوط العراقية لهؤلاء الكتاب بنسبة 50% ، كما هو جارٍ في أغلب بلدان العالم .  

                                                            *     *     *

تاريخ النشر

17.08.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

17.08.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org