<%@ Language=JavaScript %> علي الربيعي   الريحان والعناب

 

 

 

الريحان والعناب

 

 

علي الربيعي

 

 

وصف الشاعر العربي صاحبته وهي تعض أصابعها جزعاً أو ندماً بقوله ( وعضَّت على العناب بالبرد). واعتقد ان عدد غير قليل من شباب كربلاء اليوم يتسائلون إبتداءاً ما العناب وما البرد؟.

ولست الومهم إطلاقاً على تساؤلاتهم فتلك الألفاظ هجرها العراقييون المعاصرون وبالذات في لغة الشعر وبالطبع في لغة الإعلام. والبرد كرات صغيرة متفاوتة الحجم من الماء المتجمد تتلف الزرع، يسميها الناس ( الحالوب). أمّا العنّاب فهو فاكهة حلوة من فصيلة النبقيات، صغيرة الحجم والنواة، ذات لون أحمر وردي. والشاعر يعني بالعنّاب أضافر أنامل صاحبته، حيث يستحسن الناس من قديم أن يكون لونها مشوباً بالحمرة. واستعانت النساء عبر التأريخ بوسائل مختلفة لإضفاء اللون على الأظافر، ثم ظهر الطلاء الحديث، المركَّب كيميائياً. يعني بالبرد أسنانها الرقيقة المنتظمة، ناصحة البياض .

وليس سبب هذا الحديث الخوض في أمور اللغة أو قضايا الشعر، وانما تذكرته بمناسبة زيارتي الأخيرة الى كربلاء. وخلالها كنت أمرُّ بجانب ( مدرسة المخيم)، حيث درست مرحلة الإبتدائية في ستينات القرن الماضي، وانا متجه الى حي النقيب، كنت أسير على ضفاف نهر الحسينية. وكان هذا الفرع الصغير يزهو ببساتينه، وكنا آنذاك صغارا في السن، نراجع الدروس قرب جسر الحسينية والمسمى ( البوري الأحمر). كان هواء الصيف في حزيران مثل جو السويد في الصيف. على ضفاف نهر الحسينية كانت تنبت نباتات برية كثيرة، مثل الريحان والنعناع والخبيزة والعناب.

أمّا اليوم فلم يبقى شيئا من معالم المنطقة، كإنك تمشي في صحراء أو في منطقة مهملة، حتى أنَّ أشجار النبق إختفت من المدينة، عدا عن أشجار البرتقال. كذلك إختفت شجرة السفرجل وأصبحنا نستورد جميع أنواع الفواكه والخضروات من الجارة اللدودة ايران، أمّا المحسوبين عليها فقد أثبتوا عجزاً كاملاً عن خدمة أبناء شعبهم ومدينتهم على وجه التحديد، بينما تقوم هذه الطبقة الفاسدة ذاتها بنقل أموالها الى ايران وتشغيلها بالكيفية التي تحلو لها، بالرغم من انَّ الطواقم الوزارية التي تشكلت بعيد الإحتلال قد ضمَّت بين صفوفها سبعة وزراء من أبناء المدينة وفي حكومتي المالكي المتعاقبتين، إضافة الى رئيسها.

وبالعودة الى موضوع المدرسة ( مدرسة المخيم) فقد أصبحت في خبر كان، فمن جاء مع الإحتلال ومن خلال سياساته التي انتهجها بدت كمن حمل هدفاً يقوم على محو الذاكرة وبناء ذاكرة مشوهة، حتى أصبحت مدينة كربلاء، مدينة اخرى. أمّا نهر الحسينيه فقد تحول الى مكبا للنفايات بأشكالها المختلفة والتي غزتنا من الخارج.

 

علي الربيعي

السويد- مالمو

 

 

 

تاريخ النشر

13.12.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

13.12.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org