<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان الاهرامات لا تُشيّد من ورق

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الاهرامات لا تُشيّد من ورق

 

 

يوسف علي خان

 

في جميع دول العالم هناك شريحة من ابناء الشعب تعمل في الحقل السياسي وهو حقل كبقية حقول الحياة المتنوعة التي يمارسها الانسان فهناك الحقل الاقتصادي الذي يمارس من خلاله المرء في التجارة والصناعة او الصيرفة وغيرها من التعاملات المتعلقة في نطاق  هذا الباب .. وهناك الوسط الفني الذي ينضوي في عالمه العديد من الممارسات كالادب ونظم الشعر والكتابة بمختلف اشكالها البحثية والقصصية وهناك الفنون الجميلة كالرسم والنحت والغناء والموسيقى والرقص  والتمثيل وما استجد ويستجد من ابداعات تتفتق عنها اذهان العباقرة من المشعوذين .. ومع ان العديد يمارسها الانسان كهوايات ورغبات ذاتية تتحكم فيها العديد من النزعات الموروثة والمكتسبة لكنها على اية حال ففي معظم الحالات يهدف المرء منها الربح ووسيلة رزق له ولعائلته  وقد لا يجد في غيرها وسيلة  للرزق لانعدام فرص العمل  في مجالات اخرى  او لجهله في سواها من الاعمال ولايجادته في هذه الهواية وتمتعه  بالموهبة فيها .... اويندفع لها من اجل الوجاهة والشهرة والانتشار اشباعا للنرجسيه الراسخة بنفوس البشرية بشكل عام في حب الظهور والبروز والتميز عن اقرانهم في نفس المجال او في غيره  داخل مجتمعهم وهو حق مشروع لا غضاضة فيه.... وقد يكون لهذا العامل الاثر الفعال في اندفاعه نحو عمله والتفوق فيه كي يحصل على اعلى المراتب والشعور بالزهو والانتعاش او قد يطمح من وراء هذا الاندفاع مأرب اخرى قد تكون معلنة او خفية في الكثير من الاحايين وهو المال او السلطة او قد يطمح في كليهما وقد يسعى من خلال عوامل متجذرة يتحرك من خلالها للوصول الى هذين الهدفين فينطلق من الاحساس القومي او الطائفي او الحزبي او غيرها من الشعارات الجماهيرية فهو يؤمن بانه لايستطيع من خلال مجهوده الفردي ان يحقق ما يصبو اليه فيتذرع باحد الاهداف الجماهيرية دون ان يعلن عن غاياته الشخصية النرجسية كي يكسب التأييد الجمعي الجماهيري او قد يجعل من توفر احد هذين العاملين عامل فعال لتحقيق العامل الاخر اذ قد يسخر المال من اجل الحصول على السلطة وقد يسخر السلطة من اجل الحصول على المال ولذلك فهو يلهث للحصول على الاثين معا الجاه المتحقق بالسلطة والمال الذي يحقق له السعادة والرفاه ولكن لا بد ان يحصل عليهما من خلال العمل الجماهيري الوطني او العرقي او الطائفي ...فاساس أي نشاط ان كان فرديا او جماعيا ينبع من الدوافع النرجسية الذاتية بشكل مطلق لا لبس فيه وقد ينطلق في افاق الشهرة والانتشار من خلال ذلك النشاط ويصل الى القمم فيه باندفاع وهمة عالية ومثابرة دؤوبة فلو اخذنا مجال الفن مثلا فقد نجد المطربة او المطرب وهو يؤدي وصلته الغنائية يفجر فيها كل طاقاته ويعرض منتهى قدراته كي ينتزع التصفيق والاعجاب من المشاهدين والمستمعين فينطلق بابداعاته في الغناء وهو في اعلى درجة الانتشاء والزهو... يفعل كل ذلك اشباعا لنرجسيته ولا يفكر في تلك اللحظة كم سيتقاضى من اجر قليل كان ام كثير .. وهي نفس الحالة التي تسيطر على السياسيين الذين يختارون سبيل السياسة والحكم والقفز على السلطة .. فانهم ينطلقون من خلال التكتلات الجماهيرية متذرعين بشتى الذرائع الوطنية او العرقية فيندفعون غارقين في لجج السياسة ردحا من الزمن قد يطول او يقصر وقد يتعرضون خلاله لشتى الصعوبات والعراقيل ويتحملون مختلف العذابات فتصبح السياسة جزء لا يتجزأ من حياتهم مندفعين في داخلها من احد الغايات الخفية المتجذرة داخل كيانهم... فقد يكون الفقر والحاجة او الظلم والتسلط.هوالحافز... او قد يكون الدافع عرقي او طائفي غير انه يبقى مستترا يعمل وفق منهجية التنظيم الذي ينتمي اليه متغافلا عن الدوافع التي الجأته للعمل السياسي وهو ما يقتضيه العمل الجمعي الذي تذوب من خلاله جميع الدوافع الذاتية لكنها تبقى كامنة طيلة فترة الكفاح الجمعي حتى اذا انتصر المجهود الجماهيري انطلقت الدوافع الذاتية كل تعبر عن نفسها لتحقيق نرجسيتها فقد يتكشف له بان الانتماء الجمعي الذي عمل معه طيلة فترة نضاله السايق لم يحقق له الطموح الذاتي الذي يتفاعل في داخله فقد يلتجيء الى التكتل العرقي او الطائفي في محاولة جديدة لتحقيق نرجسيته الشخصية كي يكون الابرز والاعلى المتفوق على الجميع ويصبح صاحب القرار فيما يرغب فيه من مال وجاه كي يحضى على الشهرة وتصفق له الجماهير شانه شأن المطرب والفنان المبدع الذي ينتشي امام الحشود الغفيرة وهي ترفعه الى عنان السماء كما يجد نفسه غارق في اكوام من الاموال والارصدة يأمر وينهي فيستجاب .. وهو مستعد ان يسحق كل من يقف في طريقه ومهما كان قريب منه.... فالنرجسية ليس فيها وفاء ... فقد انتهت فترة الكفاح المشترك التي عملوا فيها يد بيد عندما كان امامهم عدو مشترك فتوحدوا  انذاك تجاه ذلك الهدف وتخلوا موقتا عن اهدافهم الدفينة اما وقد زال ذلك الهدف الذي جمعهم فقد انطلق كل منهم لتحقيق هدفه الدفين المتعارض مع اهداف الاخرين من رفاق الامس ..فبدأت مرحلة كفاح جديد بتجمعات مختلفة الايديولوجيات وقد يصبح رفاق الامس اعداء اليوم فيما اذا تعارضت الاهداف والغايات وتعارضت الايديولوجيات واختفت كل تلك الشعارات ورفعت شعارات اخرى ليبدأ الصراع من جديد .....كل يريد ان يصعد الى القمة ويجد في رفيقه حجر عثرة عليه ان يزيحها ويتخلى الجميع عن تلك الجماهير التي عملو ا باسمها ومن خلالها ودفاعا عن مصالحها فالنرجسية لا ترى سوى نفسها ولكن ايضا لا بد لها ان تبحث عن جماهير جديدة فهي لا تستطيع ابدا ان تتخلى عن الجماهير ويبدأ عصر خداع جديد فالجماهير دائما وابدا مخدوعة مثل الازواج.... والفرق ان الزوج تخدعه زوجته الخائنة والجماهير يخدعه السياسييون فهم دائما وابدا يتحدثون باسم الشعب ويرفعون شعاراتهم باسم الشعب ويحققون نرجسيتهم باسم الشعب ويرشحون انفسهم باسم الشعب.... والشعب لايتلقى سوى الهوان فهو دائما حجر الهرم الذي يبنيه  (( خوفو وخفرع لحاشبسوت )) كي يضعوا عروشهم في القمم اما  الاف  الجماهيرالتي بنيت على اكتافها الاهرامات فقد دفنت تحت التراب وسحقت جوعا وعطشا فهنيئا لكي يا حاشب سوت ...وهكذا في كل زمان يوجد خوفو وخفرع يحاول ان يبني الهرم من جديد في العديد من البلدان ولكن على شكل ناطحات سحاب من العمارات الشاهقة او مليارات الدولارات ..التي يبنيها من كانوا بالامس القريب يناضلون داخل جماهيرهم المسحوقة واليوم يتقمصون نفس شخصيات مستبديهم السابقين الذين وقفوا ضدهم يتصدون لظلمهم فاذا بهم يصبحون اشد ظلما وانكى تعسفا ما دفع هذه الجماهير تترحم على اولائك الفراعين الذين خلدوا ذكراهم بهذه الاهرامات التي نشاهدها شامخة الى جوار ابي الهول فماذا سيخلف لنا الفراعنة الجدد بعد ان تخلت عنهم الجماهير ولم يبقوا اموالا كي يبنوا بها ولو هرم واحد يخلد ذكراهم إلآ اللهم الاهرامات التي كونتها جثامين الشهداء الذين ناضلوا معهم وكانوا سبب وصولهم الى مراكز القرار....  فقتلوا جماهيرهم   فكونت اجسادهم اكداسا  لو جمعت فوق بعضها لبنت اجسادهم اهرامات  اكبر من اهرامات الجيزة واخذوا دور المستبدين السابقين واستانفوا يلاعبون الجماهير من جديد في عملية خداع كي يكسبوا رضاهم ليمنحوهم اصواتهم دون ان  يقدموا لهم  خدمة  واحدة وتركوهم يلعقون جراحهم بعد ان ثبتوا اقدامهم في سدة الحكم .. فلو راجعنا احداث الثورات التي قامت عبر القرون الماضية لرايناها متشابهة في مسيراتها.... فبعد ان يطاح بالمستبدين تسيطر فئة مما قادوا تلك الثوراتاو شاركوا فيها  او ربما يقفزون عليها بعد نجاحها دون أن يكونوا قد شاركوا فيها... فيحكموا بلدانهم بالنار والحديد وكما حدث في الثورة الفرنسية عام 1789 فقد سيطرت على الحكم القيادات الشعبية التي كانت قبل الثورة من اكبر المناصرين والمدافعين عن مصالح الشعب الغرنسى   والذين قادوا الثورة ضد لويس السادس عشر   واسقطوه واودعوه السجن كي يحاكموه ثم اعدموه بالمقصلة هو وزوجته ماري انطوانيت  ... وإذا بهم يتركون الشعب الفرنسي ويلتفتوا الى صراعاتهم حول السلطة فاعدم بعضهم بعضا بنفس المقصلة التي اعدموا بها لويس السادس عشر واستمر الحال اكثر من عشرة سنوات حتى سيطر نابليون حيث انفرد بالحكم واستولى على السلطة  وانهى جميع مظاهر الثورة وبدأ بحروبه شرقا وغربا لاحتلال البلدان حتى احتل مصر فتصدت له الدول الاوربية واغرق جيشه في اوحال الاتحاد السوفييتي وتألفت ضده الجيوش الاوربية حتى اسقطته اسيرا ونفته الى جزيرة  سانت هيلانة ...ثم بدأت نهضة فرنسا بعد كل تلك المراحل التي مرت بها الثورة واضحت فرنسا اليوم احدى الدول الكبرى الدائمية في مجلس الامن .. فالذي مرت به فرنسا تمر به جميع الثورات في جميع البلدان من مخاضات عسيرة وهو نفس ما نراه اليوم يجري فلا بد أن تمر الدول التي تجري فيها التغييرات بنفس الفوضى التي مرت بها الثورة الفرنسية وكذلك الصراعات الامريكية خلال الحرب الاهلية او البريطانية على يد كرامويل بل وحتى البولشفية في الاتحاد السوفييتي فعلى هذه الدول اليوم أن تتحمل نفس ما عانته تلك الثورات والانتفاضات وما قدمته من تضحيات ولربما لسنوات طويلة مقبلة قبل ان تستقر الامور فيها إن لم تواجهها الزلازل المتوقعة فيما اذا واجهتها حرب كونية ماحقة فهو احتمال لا زال قائما فثورات اوربا اوردت الحرب الكونية الاولى والثورة البولشفية اوردت الحرب الكونية الثانية ومن يدري لربما شرارة الحرب الكونية الثالثة ستبدأ من منطقة الشرق الاوسط فالحروب لا تعلن عن نفسها ولا تتطرق الابوب بل تقتحمها دون استئذان او سابق انذار ... فإن لم يحدث شيء ... فعندها سوف تبدا فيها النهضة الحقيقية وتطبق فيها الديمقراطية العملية وليست هذه الديمقراطيات المزيفة ...و يسود فيها العدل والانصاف  ...فالمصائب التي تقع على رؤوس الشعوب وهم الضحايا في كل وقت يفتعلها القادة والسياسييون ويزجون شعوبهم في اتونها والجرائم التي ترتكب يكون معظمها هم خلفها وهم السبب لانهم اصحاب المصلحة فيها من اجل السلطة والمنافع ... أما بقية ابناء الشعب فكل منشغل في همه والبحث عن وسيلة عيشه من خلال عمله اليومي في حرفته ومهنته فهو ينشد الاستقرار والهدوء والانتعاش الاقتصادي فبغيرها لا يتحقق له الرفاه غير أن الباحث عن السلطة هو دائما في صراع مع منافسيه من طلاب الجاه .. فالسلطة واحدة مثل العرش فهو واحد فلابد ان يجلس  عليه شخص واحد تدعمه مجموعة انتهازية يلتفون حوله بمختلف الذرائع .. ولكن حتى هذا الفرد فحالما يصل القمة ويجلس على الكرسي يحسده فيها جماعته ومن ناصروه وينقلبوا عليه فيصبح لهم خصما عتيد ويصبح هو دكتاتورا جديد وهكذا تستمر دورة الحياة ...فالسلطة ليست كبقية المهن والحرف فلا تتسع لاكثر من واحد .. فهناك الاف المحامين والاف الاطباء والاف النجارين والحدادين وكلهم يعملون ويشتغلون ويربحون ويعيشون بسلام ويتفوق بعضهم على بعض بالمهارة والعمل وهي متنوعة وكثيرة الاختصاصات  تتسع للجميع  إلا السلطة فهي قمة الهرم  وهي واحدة  فلن يصلها صاحبها إلا بالدماء وتصفية الاخرين على الاقل في اجوائنا المتخلفة كما انها قلقة سرعان ما يتدحرج من يصلها الى الهاوية  ...ا فهي منطقة الصفر قلقة تحتاج الى توازن صعب وشاق .. وسوف يبقى المغامرون يتسابقون للصعود الى قمة الهرم كي يجلسوا عليه .. وينسون بان قمة الهرم مرتكزة على قاعدته فلولا القاعدة ما ارتفعت القمة فلو تحركت القاعدة  وانهار ت  تهاوت  قمة الهرم.... فالهرم يبنى على ملايين الصخور التي تكون هي قاعدته فبوجودها وصلابتها تستمر القمة مرتفعة ما بقيت القاعدة ثابتة .. فمن يرنو الى القمة عليه ان يبني قاعدة صلبة له فالاهرامات لا تُبنى من ورق ....!!!! .....!!!!  

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا