<%@ Language=JavaScript %> زيد عبد الصمد نعمان في الذكرى العاشرة للغزو و الاحتلال

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

في الذكرى العاشرة للغزو و الاحتلال

 

 

زيد عبد الصمد نعمان

 

منذ بدء الحرب في افغانستان في تشرين الاول 2001 عقب الهجوم الارهابي على نيويورك في 11 ايلول صار اسم العراق يتردد في التقارير و الاخبار الخاصة بالوضع العالمي.  في حزيران 2022 كتب روبرت فيسك في جريدة الاندبندنت البريطانية ان اسم العراق تفوق في عدد المرات التي يذكر فيها على افغانستان التي تدور الحرب في ارجائها.  في آب من العام نفسه اخبرني شقيقي في امريكا ان الحديث هناك لا يدور عما اذا كانوا سيهجمون على العرق لازالة صدام و لكن متى يفعلون ذلك.  في بداية ايلول نشرت الصحف البريطانية خبرا مفاده ان صدام يملك اسلحة للدمار الشامل يستطيع نشرها و استعمالها في ظرف 45 دقيقة.  في 28 أيلول اشتركت في مسيرة أوقفوا الحرب التي طافت لندن و المدن البريطانية الكبرى.

اشتركت في جميع المسيرات للاحتجاج على الحرب وآخرها المسيرة في منتصف شباط 2003 التي شارك فيها ما يقرب من مليوني متظاهر طافت شوارع لندن و التأمت في الهايدبارك. معي كانت زوجتي ريم و هي حامل بشهرها الخامس.  كانت الاجواء آنذاك اسطورية وحّدت الكثير من الناس على السعي لمنع الحرب.  في ذلك اليوم اغلقت الكثير من المحلات ابوابها و منهم من كتب شعارات ضد الحرب على محلاتهم المغلقة. 

بعد المسيرة انتخبني اعضاء فرع النقابة يونيسن في الشركة التي اعمل فيها الى مؤتمر لممثلي الشعب البريطاني انعقد في مثوديست سنترال هول بوستمنستر قبالة البرلمان البريطاني ناقشوا سبل تفعيل نشاطاتهم لمنع اندلاع الحرب.

في شباط نفسه اتصل بي شخص من تلفزيون آي تي في بلندن بعد توصية من شقيقتي و سألني ان اردت المشاركة ببرنامج تلفزيوني لديفيد دمبلبي فوافقت.  ذهبت الى مبنى التلفزيون في الضفة الجنوبية للتيمز و على صدري شعار منظمة "اوقفوا الحرب" (ليس بأسمي) عند وصولي وجدت امرأة كردية و معها زوجها البريطاني تمثل العراقيين الذين أدّعى توني بلير انهم طلبوا منه التدخل لانقاذهم من صدام.  عند دخولنا للاستوديو كانت هناك شاشة كبيرة لشخص في امريكا علمت بعدها انه ريتشارد بيرل الذي كان احد الصقور المتعطشة للهجوم على العراق )http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%AF_%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%84(

  كان اغلب الحاضرين من البريطانيين كبار السن و يحملون بغضا للعرب ادعوا بمساهماتهم ان صدام نقل اسلحة الدمار الشامل الى السعودية و بذلك اصبحت هدفا شرعيا.  و جهت حديثي الى ريتشارد بيرل لماذا تسعون لضرب العراق و تدميره و القضاء على الطبقة الوسطى بينما ربحتم الحرب الباردة التي دامت عقود دون ان تطلقوا رصاصة واحدة؟ لم يجب على السؤال بل تحدث عن المخاطر من الغازات و ان صدام استعملها ضد المدنيين من شعبه. ايدته الكردية و وصفتني باني من المدافعين عن صدام فتجاهلتها.

تصاعد قرع طبول الحرب بلندن و واشنطن و عند طرح الموضوع على البرلمان للتصويت اتصلت بنائب منطقتي براين سدجمور و طلبت منه ان يفعل ما بوسعه لمنع الغزو و وعد الرجل ما باستطاعته. كان من المعارضين للحرب و لكنه من الجيل القديم لحزب العمال و ليس من محظيي توني بلير فلما اندلعت الحرب استقال من الحزب.  في البرلمان استقال روبن كوك الذي كان احد منافسي بلير على رئاسة الحزب ثم استقال وزير مهم هو كريس سميث الذي كان اول نائب برلماني يجهر بمثليته الجنسية.

قبل اندلاع الحرب ببضعة ايام اتصل بي زهير الجزائري و اخبرني ان راديو أل بي سي اللندني يبحث عن عراقي يعارض الحرب للالتقاء به و سألني ان كنت امانع فلم امتنع. اتصل بي بعدها شخص اسمه كريس من أل بي سي و أخبرني انه في حالة اندلاع سيتصل بي لترتيب اللقاء اخبرته ان شاء لا تحتاجني و لا تقوم الحرب. لكني كنت مخطأ اذا اتصل بي عشية الحرب مساءأ و أخبرني ان الحرب غدا لكنه لا يعرف الساعة و سألته كيف عرفت فقال ان اسرئيل اغلقت مجالها الجوي الساعة العاشرة مساءا (بتوقيت لندن) و ان جميع المطارات البريطانية اغلقت مدارجها عند منتصف الليل. اتفقنا ان يتصل بي صباحا لترتيب اللقاء. لم انم تلك الليلة و لاادري لماذا تركت الفراش و توجهت الى التلفزيون بعد منتصف الليل لأرى الصواريخ تنطلق من السفن الحربية الامريكية و الانفجارات تحيل ليل بغداد الى نهار. قبيل الساعة السادسة اتصل كريس و اخبرني ان سيارة ستأتي لتأخذني الى مكان اللقاء. أخذتني السيارة الى وايت سيتي بغرب لندن حيث انضم الي كريس و اخبرني اننا سنأخذ زهير الجزائري للقاء الحي في احد شوارع ويمبلي غرب لندن. اخذنا زهير من داره و اخبرني انه كان في برنامج تلفزيوني عن الحبشة. ثم انتقلنا للحديث عن الحرب فأخبرني انه صار يؤيد الحرب بنسبة 50% لانها كما اعتقد ستخلصنا من صدام و حكمه. في اللقاء عبرت عن رفضي للحرب لانها ستحطم العراق و ستزعزع المنطقة و الخاسر الاكبر هو الشعب العراقي.  لم التق بزهير بعد ذلك.

لم اذهب للعمل في اليوم الاول و عندما ذهبت تعاطف معي الموظفون و سألني مديري ان كان لدي اقارب او احد في العراق فأخبرته لدي بعض الاقارب و عدد من الاصدقاء و 25 مليون عراقي لم التق بهم بعد و اني اتمنى ان تنتهي الحرب باسرع ما يكون لتقليل الخسائر. 

صمدت أم قصر 3-4 أسابيع و قاومت الناصرية بضراوة لكن بغداد سقطت بعد 3 أسابيع بينما صمد الملا داود في كابل لاكثر من شهر! 

بعد 10 سنوات يحز في نفسي أمران:

الاول ان الدمار الذي لحق بالعراق كان اكثر مما كنت أخشاه.  الامريكان تعمدوا تدمير العراق دولة و ارضا و شعبا. كانوا يعلمون ان شعبا اعتاد الخدمات المستمرة (حتى و ان كانت متعثرة بسبب الحصار) لن يفكر في الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان اذا كان لايجد الماء و الكهرباء و المدارس و المستشفيات او كما قال أنجلز في تأبين رفيقه ماركس: "... اكتشف ماركس قانون تطوّر التاريخ البشريّ: الحقيقة البسيطة التي تخفيها هيمنة الأيديولوجيا وهي أنَّ الإنسان يجب أوَّلاً أنْ يأكل ويشرب ويجد المأوى والملبس قبل أنْ يصبح في استطاعته الاهتمام بالسياسة والعلم والفنّ والدين الخ..." وهذا ما فعله الامريكان بتدمير العراق: دفع العراقيين الى عقود الى الوراء لتعطيل قدراتهم في المجالات كلها.

الثاني ان امريكا اصبحت اللاعب الاقوى في الساحة العراقية السياسية حتى ان القوى التي تتفاخر بعراقتها و ماضيها النضالي صارت تستظل بالسيد الامريكي الجديد.  هذا النجاح الساحق للامبريالية الامريكية اخلى الساحة السياسية العراقية من المفاهيم و القيم الوطنية و الانسانية و صارت الجماعات السياسية العراقية تتسابق لنيل حظوة السيد الامريكي.

 

 

زيد عبد الصمد نعمان

 آذار 201317

z_nuaman@yahoo.com

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا