<%@ Language=JavaScript %> سعود قبيلات المغربيّ الذي غيَّر العالم

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المغربيّ الذي غيَّر العالم

 

 

سعود قبيلات

 

مرَّتْ يوم الخميس الماضي 14 أذار 2013، الذكرى المئة والثلاثون لوفاة كارل ماركس. كان أصدقاؤه الأقربون يسمّونه "المغربيّ"، تحبُّباً، لميل بشرته إلى السمار. وقد أُضطُرَّ لتمضية معظم حياته خارج وطنه (ألمانيا)؛ حيث تنقَّل ما بين بلجيكا وفرنسا واستقرَّ في بريطانيا ومات (ودُفِن) فيها. وعاش في بريطانيا في جوٍّ من الفاقة الشديدة، التي لم يكن يخفِّف منها سوى مساعدات رفيقه فريدريك أنجلز.

ومع ذلك، تمكَّن "المغربيّ" مِنْ إنجاز ثروة فكريَّة هائلة تركتْ بصماتها العميقة على الفكر البشريّ بمجمله؛ حيث اعتبرها العديد من المفكِّرين فلسفة القرن العشرين؛ بل إنَّ جاك دريدا، الذي أمضى معظم عمره في العداء للماركسيَّة، اعتبرها، بعد انهيار الاتِّحاد السوفييتيّ، فلسفة القرن الواحد والعشرين، أيضاً.

وأهمّ التحوّلات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والفكريَّة والفنيَّة التي حدثتْ في القرن العشرين تأثَّرتْ، بصورة أو أخرى، بالماركسيَّة. وحتَّى هذه اللحظة، لا يستطيع أحد، بغضّ النظر عن منطلقاته الفكريَّة وآرائه السياسيَّة، أنْ يتحدَّث، بجدِّيَّة وعمق، في السياسة أو الاقتصاد أو علم الاجتماع أو الفنون والآداب، مِنْ دون أنْ يستعين بمفاهيم الماركسيَّة وأدواتها العلميَّة.


لقد حقَّق العديد مِنْ الشعوب استقلاله، وأرسى دعائم تحرّره الوطنيّ، وبنى تنميته وتقدّمه، بالاستناد إلى الماركسيَّة، أو بفضل التفاعلات التاريخيَّة العظيمة التي ارتبطت بها، أو بتأثير أفكارها. حدث ذلك في روسيا، على سبيل المثال؛ حيث أطاح الشعب الروسيّ في ثورة تشرين أوَّل (أُكتوبر) 1917 بالنظام القيصريّ المتهالك، وأقام دولةً جديدة (الاتِّحاد السوفييتيّ)، رغم كلّ ما تعرَّضتْ له مِنْ حصار ومِنْ حروب ومؤامرات، وما شاب تجربتها مِنْ أخطاء وعثرات، إلا أنَّها جعلتْ مِنْ روسيا قوَّة عظمى تناطح القوى الإمبرياليَّة مجتمعة.

وليست عودة روسيا الآن إلى واجهة المجتمع الدوليّ بمعزولة عن إنجازات الدولة السوفييتيَّة ونجاحاتها. وحدث الأمر، نفسه، أيضاً، مع الصين، التي يشكِّل شعبها سُدس سُكَّان العالم؛ لكنَّها كانت مستعمرة ومستعبدة ومستغلّة ومتخلِّفة، إلى أنْ تمَّ تحريرها، على يد الحزب الشيوعيّ الصينيّ بقيادة ماوتسيتونغ، وبعدئذٍ، تمَّ إرساء دعائم استقلالها، وإنجاز تنميتها وتقدّمها، وبناء اقتصادها المتمحور على الذات، وها هي الآن توشك أنْ تُصبح الدولة صاحبة الاقتصاد الأوَّل في العالم.

ومع ذلك، يجري طمس حقيقة أنَّ ذلك، كلّه، تمَّ بقيادة الحزب الشيوعيّ الصينيّ وإشرافه، وأنَّ هذا الحزب لا يزال هو مَنْ يضع خطط تطوّر الصين الاقتصاديّ والاجتماعيّ ويرسم سياساتها؛ بغضّ النظر عن الآراء التي قد تُقال بشأن طبيعة نظامها الاقتصاديّ الاجتماعيّ. لكن يكفي، في كلّ الأحوال، أنَّها دولة قادرة على تأمين الاحتياجات المعيشيَّة لمليار ونصف مليار إنسان؛ كالغذاء، والعلاج، والتعليم، والمسكن، والعمل.. مع أنَّه ليس لديها بترول أو ثروات معدنيَّة مشابهة؛ في حين لا تستطيع دول أخرى متقدِّمة صناعيّاً وأقلّ منها سكّاناً بكثير أنْ توفِّر الاحتياجات الأساسيَّة للكثير مِنْ مواطنيها. وحدث هذا، كذلك، في فيتنام والعديد مِنْ دول جنوب شرق آسيا.

في الهند، أيضاً، يحكم الشيوعيّون، عدّة ولايات، منذ عقود، وقد تحقَّقتْ فيها إنجازات مهمّة. وفي السنوات الأخيرة، تسلَّم الشيوعيّون السلطة، في نيبال، بواسطة صندوق الاقتراع.. الخ. والأمر، نفسه، يمكن أنْ يُقال، أيضاً، عن التغييرات اليساريَّة الواسعة في بلدان أمريكا اللاتينيَّة، ابتداء مِنْ أواخر تسعينيَّات القرن الماضي. وهذا، في حين أنَّ المراكز الرأسماليَّة الدوليَّة وصلتْ في أزمتها المستحكمة إلى طريقٍ مسدود.


قال أنجلز في تأبين رفيقة ماركس: "... اكتشف ماركس قانون تطوّر التاريخ البشريّ: الحقيقة البسيطة التي تخفيها هيمنة الأيديولوجيا وهي أنَّ الإنسان يجب أوَّلاً أنْ يأكل ويشرب ويجد المأوى والملبس قبل أنْ يصبح في استطاعته الاهتمام بالسياسة والعلم والفنّ والدين الخ..." وقال، أيضاً: "كان ماركس قبل كلّ شيء ثوريّاً. وكانت مهمّته الأولى في الحياة المساهمة بطريقة أو بأخرى في الإطاحة بالمجتمع الرأسماليّ وبمؤسَّسات الدولة التي جلبها معه وكذلك المساهمة في تحرير البروليتاريا الحديثة التي كان هو أوَّل مَنْ جعلها تعي موقعها وحاجاتها وتعي شروط تحرّرها. لقد كان الكفاح أمراً أساسيّاً بالنسبة له فكافح بحبّ وعزم ونجاح لا ينافسه فيه إلا قليلون". وأضاف قائلاً: "وكنتيجة لذلك كان ماركس أفضل المكروهين وأكثر المشهَّر بهم في عصره فقامت حكومات مطلقة وجمهوريَّة على حدٍّ سواء بترحيله عن أراضيها وتنافس البرجوازيّون من المحافظين أو مِنْ أقصى الديمقراطيّين بالتشهير به والثلب لشخصه".


يحاول البعض، الآن، بسوء نيَّة أو جهل، اختزال الماركسيَّة بالتجربة السوفييتيَّة؛ للقول إنَّ هذه انهارتْ مع تلك؛ لكن، مع تقديرنا العالي لعظمة تلك التجربة، بكلَّ ما شابها مِنْ أخطاء وعثرات، إلا أنَّه يجب التذكير بأنَّ الاتَّحاد السوفييتيّ ليس هو الذي أنتج الماركسيَّة؛ بل هي التي أنتجته في واقع معيَّن وضمن ظروف تاريخيَّة محدَّدة.


نعم؛ ماركس، بخلاف الفلاسفة الآخرين الذين سبقوه، لم يكتفِ بتفسير العالم؛ بل عمل، أيضاً، مِنْ أجل تغييره.

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا