<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر كي لا نحفر قبورنا بأيدينا

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

كي لا نحفر قبورنا بأيدينا

 

 

صباح علي الشاهر

 

الصراع في العراق بوجهيّه الداخلي والخارجي، لا يخرج عن أمرين، وإن تعددت الأوجه والرايات، هل يظل العراق وحدة إدارية وجغرافية، أم ينقسم إلى كيانات مرشحة أن تكون ثلاث ؟

بقاء العراق وحدة جغرافية وإدارية يتعارض مع مصالح العديد من دول المنطقة، تلك التي وجدت في غياب العراق عن لعب أي دور، وضعفه، وإعتماده حتى على أضعفها، فائدة لم تكن متوقعة، لولا دخول العراق في مغامرات أدت إلى فقدانه كل شيء، بما في ذلك سيادته وإستقلاله، ويشترك في هذا الموقف جميع الدول المستفيدة حالياً من الوضع العراقي، أكانت تحسب صديقة، أم عدوة، أو محايدة، لذا فإن كل هذه الدول ترغب في بقاء الحالة العراقية على ما هي عليه، يتساوى في هذا الصديق والعدو، ولهذا فإن الصراع في العراق ليس صراعاً داخلياً، وإن إعتمد أدوات داخلية، إنه صراع إقليمي ودولي بأمتياز، ولأنه كذلك، فإن لا إمكانية لتفاهم رموزه التي هي صدى لما تريده القوى الإقليمية أو الدولية، خصوصاً إذا ظلت فكرة حكومة الشراكة العرجاء  هي الفكرة المعمول بها .

إن الإنتقال بالبلد من حكم ما يُسمى بالشراكة، وهي عملياً مشاركة جميع القوى الإقليمية الفاعلة في الشأن العراقي، رغم تباين أهدافها وأغراضها، والتي هي مختلفة ومتصارعة طالما لم يتم على نحو مؤكد حسم مصالحها، أو إستمرار منافعها، إلى حكومة الأغلبية، كائنة من كانت هذه الأغلبية، سواء أكانت الأغلبية الحاكمة حالياً، أو أغلبية جديدة ستنشأ بفعل تطور الأحداث، شريطة أن تكون أغلبية سياسية، لا طائفية أو أثنية، هو أنفع للعراق، وإن كان يعني غلبة محور أو محاور على محور أو محاور أخرى، فهذا هو منطق العمل السياسي، وهذه هي الديمقراطية المعمول بها في كل العالم، وليس العراق إستتثناءاً، إلا أن حكومة الأغلبية السياسية لا تعني بأي شكل من الأشكال حكومة الطيف الواحد، فالعراق وطن للعرب والأكراد والتركمان، وللمسلمين والمسيحيين وباقي الأقليات، لذا فإن أي حكومة ينبغي أن تمثل كل هذه الأطياف، ولكن ببرنامج يتحدد من قبل الأغلبية السياسية الحاكمة، وأي توجه يتجاهل هذا الأمر لأي سبب سيؤدي بقصد أو من دونما قصد إلى تمزيق النسيج الإجتماعي الوطني،  الكفيل بديمومة العراق كوحدة واحدة، إدارياً وجغرافياً وإقتصادياً، مع الإخذ بعين الإعتبار إن أي طيف من أطياف الشعب العراقي هو أكبر من أي تنظيم أو تكتل سياسي يدعي تمثيله، ويظل هذا التمثيل مهما إتسع ظله، وإمتد عميقاً في الزمان والمكان، جزئياً، لا يمثل سوى جماعة سياسية، هي أقلية لا تذكر بالنسبة لكلية الطيف بتنوعها.

إن محاولة بعض التنظيمات خلق تطابق بينها وبين الطيف الذي تنتمي إليه ما هو إلا محاولة للتزوير الفاضح، وأخذ الطيف رهينة بإدعاء كلية تمثيله، قصد إحتكار المناصب والمكاسب، ولذا فإن إستبعاد أي حزب أو تنظيم سياسي عن المشاركة في الحكم، يجب أن لا تفهم على أنها إستبعاد لطيف معين، إذا تم ضمان التوازن اللازم والضروري.

قد يكون رجل السياسة سياسياً بارعاً، ولكن ليس بالضرورة أن يكون إدارياً بارعاً، أو تربوياً بارعاً، أو مخططا بارعاً،  أو مثقفاً مُبرزاً، أو وزيراً مبدعاً، أو إقتصادياً لوذعياً، وإدارة الدولة مثلما تحتاج إلى السياسي المبدع تحتاج أيضاً إلى المُبدعين، والمُجيدين في كل الميادين، وهؤلاء يمكن أن يقدمهم الشعب الحي المُعطاء، ويعجز عن تقديمهم أي تنظيم لوحده مهما إدعى ونفخ ريشه.

تسعى الأحزاب والتنظيمات السياسية إلى الوصول إلى كراسي الحكم لتنفيذ برامجها، الموضوعة اصلاً لخدمة الشعب، لا من أجل الإستحواذ على الدولة والمناصب والمنافع، فالدولة المدنية الحديثة هي دولة الشعب، لا دولة الحاكم أو الحكام، والمسؤليات الإدارية تكليف من الشعب بتنفيذ المهام التي عاهد الحزب أو التنظيم الشعب على تنفيذها، وتشترك في تنفيذ هذه المهام كل فعاليات الشعب، وقواه الحيّة، وكفاءاته التي هي ثروة الشعب الحقيقية، ولذا فإن إهمال الإستفادة من أي كفاءة يعني فيما يعني هدراً للطاقات القادرة على النهوض بمهام الرقي والتطور.

ما ذكر أعلاه يتعارض كلياً مع التقاسم أي كان شكله، وأخطره وأرذله التقاسم الطائفي، حيث يتقاسم اللصوص الغنمية، ويتجاهلون من يدعون تمثيلهم.

تبقى وحدة العراق مهددة، وعلى كفوف عفاريت الطائفية، إذا ظلت نظرة الغنمية والتقاسم هي السائدة بين السياسين، وإذا ظلت الحال على ما هي عليه، فإن العراق سوف لن يكسب الرهان الإقتصادي والتنموي، وسوف لن يصبح رقماً صعباً، وبدل أن يكون عزيزاً ، ومنيعاً، ومهاباً، سيكون ملطشة لكل من هبَّ ودب.

سنترك الحديث عن النفط والغاز، وأنابيب توصليهما، وكذلك إحياء طريق الحرير الرابط للشرق كله بالبحر الأبيض المتوسط، ومن ثم أوربا، إلى معالجة لاحقة، وسنعرّج بعجالة على موضوعين مُترابطين ، ألا وهما ميناء الفاو الكبير، والقناة الجافة .

لم يعد خافياً على أحد الأهمية القصوى لمشروع ميناء الفاو الكبير، الذي عُمل ، وما زال يُعمل على عرقلة تنفيذه، بأساليب عُرف أقلها، وجُهل أكثرها، ولعل تدهور الوضع السياسي والأمني في العراق مؤخراً واحداً من تلك العراقيل، التي أُلبست لبوسات مختلفة، قوميّة وطائفية، وحقوقيّة، في حين أنها لا تخرج عن نطاق صراعات دول المنطقة، وسعيها المشترك لعرقلة إنبثاق العراق كرقم صعب في المنطقة، العراق الموحد الذي يتحكم بتجارة المنطقة، وربما العالم.  

عندما رُسمت خارطة العراق وفق خرائط  سايكس بيكو، أريد خنق العراق، وحصره بين بحر لا يملك إمكانية إستثماره، وجبل عاص غالباً، ومثير للحروب، وجوار إذا ما هادن شرقه، خاصم غربه، وإذا ما هادن غربه، خاصم شرقه..

وإذ ترك له منفذاً بحرياً ضيقاً، فإنه حيل بينه وبين إستثماره بالشكل الأمثل عبر إدخاله في صراعات لم يجن من ورائها سوى الدمار الشامل، وتم وعلى نحو متتابع  قضم أراضيه وسواحله البحرية، ومشاركة الآخرين له في شواطئه النهرية التي لم يعرف له شريك فيها عبر كل العصور، وبالترافق مع إشغال العراق بإزمات متعاقبة، تم وعلى نحو متسارع بناء وتشيد موانيء لم تحلم في يوم من الأيام أن تنافس البصرة أو الفاو، أو أن تكون ضرّة لهما، وأضحى العراق معتمداً حتى في إستيراد قوته على هذه الموانيء، وأضحى صيادو بلد السندباد البحري يتعرضون للإذلال والإهانة، والقتل، إذ تجرأوا على طلب الرزق من عمق الخليج.

إزدهرت مدن بُنيت على عجل على حساب العراق، ونمت حواضر مُستحدثة على حساب مدن العراق ذات العبق التأريخي الفذ، و العطاء المتميز في كل جانب.. الخليج يمنحهم المحار واللؤلؤ ويمنحنا الردى.

وكان لابد من إصلاح الخطأ، خطأ الإستعمار وسايكس بيكو، ليس عبر غزو الآخرين، وتمددنا بالقوّة، وإنما عبر تشيد منفذ بحري لنا يتناسب مع حجم إحتياجاتنا، وإحتياجات العالم لتجارتنا وموقعنا، ومد ما يُعرف بالقناة الجافة من فم الخليج حتى أقصى نقطة في أوربا، وبهذا الإنجاز سيعود للبصرة سندبادها سالماً غانماً، وتعود بلاد الرافدين محور التجارة العالمية، وسيجعل  ميناء الفاو العميق بقية الموانيء في شرق الخليج وغربه ، موانيء داخلية ليس إلا. 

السؤال الذي يطرح نفسه تلقائياً هو : ما موقف المدن المبنية على عجل من هكذا خطوة، وما ردها؟

أظن، وليس بعض الظن إثم، أن الرد سيكون، بجعل ميناء الفاو الكبير، ميناءا داخلياً ليس إلا ، وهذا سوف يتحقق بداهة عندما يفتقد العراق وحدته الجغرافية والإدارية والإقتصادية، ويتشظى إلى دويلات متصارعة، فهل نحن مدركون لمآلات الأمور ، أم أننا سنمضي في غينا، ونحفر قبرنا بأيدينا.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا