<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر  كوريا الشمالية وسليل السماء

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

كوريا الشمالية وسليل السماء

 

 

 

صباح علي الشاهر

 

في نعيها لكيم جونغ أيل، قالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية : ( في حوالي الساعة 17،30، يوم 19 ديسمبر عام 1911، ظهرت مئات الطيور العقعق من حيث لا ندري، وحلقت فوق تمثال الرئيس كيم أيل سونغ في مدرسة (تشاتفدوك) بمنطقة  (مانغيو نفدالي) وهي تصدر أصواتاً، كما لو كانت تبلغه بالخبر الحزين ).

وقالت أيضاً : ( إن عائلة الدببة التي كانت عادة ما تدخل في سبات خلال فصل الشتاء، شوهدت وهي تبكي وفاة الزعيم الكوري الشمالي ) .

ونقلت الوكالة عن مسؤولين قولهم: ( حتى طائر الكركي بدا حزيناً على وفاة الراحل كيم تشونغ أيل، سليل السماء، بعد أن هبط هناك في ليلة شتوية شديدة البرودة، وهو غير قادر على نسيانه).

كان هذا جزءاً من النعي الرسمي لكيم الإبن، ترى كيف كان نعي كيم الأب، الذي كانت أوصافه وألقابه التي تسبق إسمه تستغرق صفحة كاملة إبتداءاً بالشمس الساطعة التي لن تغيب، وإنتهاءاً بالزعيم الأبدي ؟.

لسنا بصدد الحديث عن خلق الأسطورة، وإشاعتها، وتغييب العقل. نحن لا نتحدث عما جرى قبل ألف عام أو إلفي عام. لسنا بصدد الحديث عن ( ظل الله في الأرض ) ، ولا الحكام الآلهة أو أنصاف الآلهة، وإنما ننقل مجريات ما يحدث في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، وكي لا نضع اللوم على الوكالة الرسمية الكورية، نقول أن العالم برمته شاهد أكثر من خمسة ملايين باكي وهم يشيعون أو يلقون نظرة الوداع على الراحل( كيم تشونغ أيل) سليل السماء الذي حزنت لغيابه طيور العقعق، وبكته الدببة التي إستفاقت مذعورة من سباتها الشتوي .

في ما كان يُسمى جمهوريات الديمقراطيات الشعبية في آسيا، تجلت عبادة الفرد في أجلى صورها، وليس فيما كان يُسمى الإتحاد السوفيتي، زمن ستالين، فستالين، الذي كان الباني الحقيقي للإتحاد السوفيتي،  لم يكن أكثر من زعيم صلب ومُستبد برأيه.

حل (كيم جونغ وان)، خلفاً لأبيه (كيم جونغ أيل)، وهذا خلفاً لأبيه (كيم أيل سونغ). لا غرابة في هذا ، إذ ما الفرق بين (جمهورية وراثية مطلقة ) و( ملكية وراثية مطلقة) ؟، ولعل المفاضلة تكون لصالح الجمهوريات الوراثية، التي يبنيها ويؤسسها قادة يجترحون المعجزات ، ويسهمون في تطوير بلدانهم، ونقلها من أسفل السلم إلى أعلاه، وليس لصالح ملوك عاجزين يرثون الحكم، من دونما مسوغ من ملوك عاجزين أو مُنصبين. .

لا يمكن الحديث عن كوريا الشمالية المعاصرة من دون الحديث عن بانيها ( كيم إيل سونغ) .

بدأ (كيم إيل سونغ ) نشاطه السياسي خارج كوريا ، حيث إنضم إلى الحزب الشيوعي الصيني عام 1931، بعدها إنخرط في العمل الفدائي لمقاومة الغزو الياباني في عام 1935، وكان القائد الميداني الوحيد الذي ظل على قيد الحياة ، إذ لم يبق من أولئك القادة المقاومين سواه. . إنتقل إلى الإتحاد السوفيتي سراً ، ربما للإنخراط في مدرسة إعداد الكادر، ثم عاد إلى كوريا عام 1945، أثناء قيام السلطة السوفيتية في كوريا الشمالية، بعد تقسيمها إلى كوريتين، إحداهما تحت الإدارة السوفيتية والأخرى تحت الإدارة الأمريكية . في عام 1948 إنسحب السوفييت من كوريا وتم إعلان جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية ، بقيادة كيم إيل سونغ.

خليفته (كيم جونغ أيل) لم يكن له مثل هذا الماضي الكفاحي ، لكنه كان يُعد سراً وعلانية لخلافة والده، عبر إشراكة في الحكم في وقت مبكر، وتنصيبه في مواقع قيادية في الحزب. أما الحفيد الشاب( كيم جونغ وان ) فلا أحد يعرف عنه شيئاً . ولعل أبأس معلومات هي المعلومات الأمريكية التي إنشغلت بولع الزعيم الشاب بكرة السلة الأمريكية ، لو كانت غير أمريكية لما إنتبهوا!، وحبه لإقتناء الأحذية الرياضية الغربية ماركة ( نايكه) !  هل لهذا الجهل علاقة بالتحرش الذي قامت به أمريكا؟ عبر قيامها بإستفزاز القيادة الشابة ، وإستفزاز الكوريين كلهم عبر قيامها بطلعات جوية بالقاذفة النووية " الشبح ب2" في الأجواء الكورية الشمالية يوم 28-03-2013.

هل كان الأمريكان ينوون جس النبض، ومعرفة ردود القيادة الجديدة، أم أنهم كانوا يريدون التهديد والتخويف؟ إذ من المؤكد أن قيادة مولعة بكرة السلة الأمريكية، وإقتناء أحذية ( نايكة) ليس من الصعب إستفزازها وتخويفها.

ماذا كان رد الشاب المولع بكرة السلة الأمريكية وإقتناء أحذية ( نايكة )؟

كان الرد من نمط غير إعتيادي، واجه العنجهية الأمريكية بما تستحقه، حيث ألغت معاهدة السلام مع الشطر الجنوبي، وأنهت الخط الساخن، ولم يكتف الكوريون بهذا بل وجهوا صواريخهم بإتجاه المصالح الأمريكية، وصوب كوريا الجنوبية، وكان أخطر التصريحات تلك التي أطلقت  يوم 30-03-2013 ، حيث أعلنت كوريا أنها سوف لن تفوّت الفرصة الذهبيّة، وأن حربها ستكون خاطفة، وستوّحد كوريا حتى جزيرة ( جيجو) الواقعة جنوب شبه الجزيرة الكورية، وسموا حربهم هذه ( حرب توحيد كوريا) .

لسنا ممن يعتقد أن كوريا تمتلك رابع أكبر أو أقوى جيش في العالم، إذ مازلنا نتذكر نفس الجملة عن الجيش العراقي السابق، فقوّة الجيوش في هذا الزمن لا تعتمد على العدد، وإنما على العدة والتدريب، والإمكانات اللوجستية، والإمدادات المتواصلة، لكننا ممن يعتقد أن كوريا بإمكاناتها المتواضعة قياساً لإمكانات أمريكا قادرة على توجيه صفعات مؤلمة للصلف الأمريكي، وبالأخص فيما يتعلق بنفوذها وتواجد قواعدها، وبالأخص وجود كوريا الجنوبية ذاتها، التي لا تستطيع مواجهة القوة العسكرية الشمالية من دونما دعم ومشاركة أمريكا، ولا ندري كم هو الدعم الأمريكي المتوقع في حالة نشوب حرب، في مثل هذه البقعة، وفي هذا الزمن الذي سوف لن يكون بصالح أمريكا؟  

الوجه الآخر للصورة

ليس إختلال موازيين القوة العسكرية وحده هو العامل الحاسم في الوصول إلى النتائج المرجوّة ، النتائج المرجوّة في حالة نشوب الحرب بالنسبة لأمريكا، هي تدمير وإسقاط كوريا الشمالية، أما النتائج المرجوة بالنسبة لكوريا الشمالية، فهي إيذاء أمريكا في المنطقة، وهذا أمر ممكن، وتوحيد كوريا، وهو حلم أغلبية الكوريين، في الشمال والجنوب .

يمكن ملاحظة أن الكوريين هم من بين أكثر دول العالم تجانساً عرقياً، وهم أسسوا إمبراطورية في العهد القريب( 1897-1910) ، صحيح أنها لم تدم سوى 13 عاماً، أعقبها الإحتلال الياباني، ثم التقسيم بعد الحرب العالمية الثانية، لكن حلم توحيدهم ظل هاجساً مُلحاً في الذاكرة الكورية، ومثال فيتنام الموحدة يظل مُلهماً بالنسبة لهم سواء كانو شماليين أو جنوبيين .

ولا يمكن تجاهل أن الحرب الشعواء التي دارت رحاها بين الشمال والجنوب، والتي دامت ثلاث سنوات، من 25 حزيران- يونيو 1950 ولغاية الهدنة في 27 تموز- يوليو 1953 ، كانت بسبب محاولة كلا الطرفين ضم الطرف الآخر، وتوحيد كوريا .  

الكوريتان  تقدمان نموذجان مختلفان تماماً، فالجنوبية بنت إقتصاداً مزدهراً وقوياً، لكنه تابعاً، والشمالية بنت قوّة عسكرية جبارة، وإقتصاداً أقل تطوراً لكنه مستقل، ولتوضيح هذا الإختلاف الجوهري سنتطرق إلى العقيدة التي أسهم الراحل( كيم ايل سونغ) في تكريسها في النموذج الكوري الشمالي ، ألا وهي ( الزوتشيه جاكي ) ، وهي سياسة الإعتماد على النفس، أو الذات ، والمبدأ الأساس فيها هو ( الإنسان هو سيد كل شيء، ومقرر كل شيء، وأن جماهير الشعب هم سادة الثورة ، التي هي ثورة مستمرة ) ، يلاحظ البعض أن مسببات هذا التوجه هو الموقف المستقل ، بين الجمود العقائدي الصيني ، والإصلاح السوفيتي  في حينها.

لقد لخص كيم أيل سونغ المباديء الثلاث التالية :

1-    إستقلال في السياسة ( شاجو)

2-    إكتفاء ذاتي في الإقتصاد( شارب)

3-    دفاع ذاتي وطني ( شاوي)

ومن جملة ما تضمنتمه هذه العقيدة، أن السياسة يجب أن تعكس إرادة، وتطلعات الناس، وإنها يجب أن تكون متناسبة مع واقع البلد، وأنه ينبغي الولاء المطلق للحزب والزعيم، وربما الولاء للزعيم قبل الحزب .

منذ عام 1972 حلت الزوتشية محل الماركسية اللينيية في البلاد ، حيث نص الدستور على أنها الأيدلوجية الرسمية في البلاد، لكنهم ظلوا يعتبرون هذه العقيدة التطبيق الخلاق للماركسية ، حتى عام 1991 حيث أسقطت كل الإشارات للماركسية اللينينية  من دستور 1998.

ورغم أن الكوريين الشماليين ظلوا حتى الآن يتحدثون عن التطبيق الخلاق للإشتراكية والشيوعية ، إلا أنهم تعهدوا بالدفاع عن الملكية الخاصة ، والمشاريع المشتركة مع الدول الرأسمالية ، ولعل الأكثر مفارقة مع إدعائهم بالماركسية هو نظرة الكوريين إلى ( القومية ) ، حيث يرون أن اساس القومية الكورية هو الدم، وأن القومية الكورية خالدة ، ومؤبدة .  

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا