<%@ Language=JavaScript %> ياس خضير الشمخاوي آخر ورقات المقبور

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

آخر ورقات المقبور

 

 

ياس خضير الشمخاوي

 

 

أحدهم قال : قانون جائر خيرٌ من فوضى عارمة

أو بمعنى آخر ، قانون جائر خير من بلد بلا قانون .

إلى حد ما ، الفهم الأخلاقي والفلسفي لتلك النظرية قد يبدو متوافقا مع المنطق ، خصوصا إذا كانت البدائل المطروحة تؤدي إلى فوضى عارمة وعشوائية في غياب السلطة أو عدم أهلية الشعب على خلق نظام جديد .

الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات القمعية قد تدخل في كل جوانب الحياة ، لكنها عادة ما تغيّب الحق السياسي في الممارسات الديمقراطية لأبناء شعبها أكثر مما تغيب الحقوق المدنية الأخرى .

لأن السلطة وأن كانت قمعية لكن ليس لها مصلحة في تعطيل قانون الجنايات والجنح والمخالفات مثلا .

القتلة ينالون جزاءهم والمواطن يتجنب مخالفة قانون السير والدولة تضرب على يد السارق وتعتقل قاطع الطريق ، وعقاب السلطة الجائرة يطول الشريف والوضيع ، يخشاه السياسي المعارض واللص السارق في آن واحد .

وبالتأكيد هناك ظلم وتعسف في قرارات وإجراءات الأنظمة الأستبدادية ، لكنه يسير وفق قانون أيضا وأسلوب تدركه الرعية وتعرفه تماما وهي مروّضة على احترامه وعدم الإخلال به سواء بالقوة أو اللين .

وعندما يغيب هذا النظام بشكل مفاجئ وغير مُعد له ، قطعا سوف يحدث فراغ قانوني وفراغ سلطوي يتسبب بخلق فوضى كبيرة ،

 والنظام الأستبدادي الذي ينهار حتما هو جزء من تلك المشكلة التي تحدث وراءه ، لأنه عوّد المجتمع على تلقي الأوامر والقرارات وليس على صنع القرارات ، ولأنه يمسخ شخصية المجتمع أيضا ويصادر حريته وأرادته ومشاركته الفاعلة في بناء أجهزة الدولة ، ويعزله بشكل تام عن أي حزب أو مؤسسة مستقلة تتبنى تربيته وتنضيج أفكاره .

وغالبا ما تربط الدكتاتوريات جميع المؤسسات بمصالحها السياسية ، وتجعل منها أجهزة بوليسية وتبشيرية لخدمة هرم السلطة وليس لخدمة الناس ، وهذا الأمر حتما يؤدي إلى فقدان ثقة الجماهير بتلك المؤسسات ولا شك أنها سوف تعمل على فك هذا الأرتباط وحل تلك المؤسسات مع حل السلطة .

ولذا عندما تسقط الأنظمة الدكتاتورية ، تنهار معها معظم مؤسسات الدولة ، وهذا الأمر يشكل عبء كبير على الحكومة القادمة لأنها سوف تبدأ من الصفر لبناء نفسها كأنها الوليد الحديث .

وكم يحتاج هذا الوليد كي يقف على قدميه !؟

خصوصا إذا كان خديجا وبحاجة إلى عناية فائقة ليتعدى الأزمات ، وهذا  ما حدث بالتحديد مع العراق بعد أن سقط هبل .

لا شك أن تداول السلطة بشكل سلمي وبإرادة شعبية يعطي فرصة أكبر للنجاح والتقدم في بناء الدولة ومؤسساتها خصوصا لدى الشعوب التي سبقت غيرها وتنعمت بتجربة الديموقراطية ، إذ لا يمكن مقارنة ظروفها مع الحكومات التي تأتي عن طريق الكفاح المسلح أو الثورات الانقلابية أو الحروب .

وبما أن الشعب العراقي حديث التجربة ويمر بمخاض عسير لإنجاح تلك الممارسة فحتما يواجه كبوات في الطريق ،

وإن كان هذا لا يعفيه ولا يعفي كل الكيانات السياسية من تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والوطنية للنهوض بواقع الأمة .

الطريقة المكيافيلية التي تعامل بها البعث الفاشي مع مواطنيه ومع معارضيه كانت قاسية ودموية إلى أبعد الحدود ، والمجازر التي أرتكبها الطاغية بحق شعبه لم يرتكبها أي عُتلٌّ زنيم على وجه الأرض ، وقد تسبب هذا النهج البربري بتقويض المساحة التي تتحرك من خلالها الأحزاب المعارضة آنذاك في تعبئة الجماهير وأعدادهم وتهيئتهم لإسقاط الدكتاتور ، وهذا واحد من أهم ألأسباب التي اضطر المعارضة العراقية أن تتعامل مع أميركا لإسقاط جمهورية الرعب والخوف التي أسسها البعث المنحل .

إذ أصبحوا أمام خيارين لا ثالث لهما ،

أمّا أن يستمر صدام في طغيانه وأبادته للشعب وتستمر عنترياته وحروبه التي لا تنتهي أو يسقط بنفس الآلة التي صنعته .

وحتى لو افترضنا أن هناك خيارا ثالثا ، فلن تقبل به أميركا بل أنها سوف تقف ضده لا محال .

ثم هل ننسى أن أميركا كانت عازمة على إسقاط تلميذها المتمرد سواء اتفقت مع أقطاب المعارضة أم لم تتفق !؟

أميركا لم تكن تستجدي موافقة أحزاب المعارضة كي تجتاح العراق ولم تنتظر الضوء الأخضر منها ، وكل ما حدث أنما هو التقاء المصالح مع أختلاف الأهداف والنوايا التي فرضتها طبيعة الظروف السياسية وأحكمتها السياسة الدولية .

ولما كان الأمر بهذا الشكل من التعقيد والحساسية وهناك مشروع أمريكي وخارطة طريق لا بد من تنفيذها فما الذي يمنع المعارضة أن تجلس مع الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات لتخرج بنتيجة أفضل لصالح الشعب العراقي !؟

الشعب معزول وأعزل وقائد مجنون متفرعن على شعبه .. متنمّر على أسياده ، متغطرس يسبح بالدم طيلة أربعة عقود ، طغى وتجبر وعلا في الأرض ، وهو يعترف بعظمة لسانه في المحكمة ، أنه شقيّ جبّار ولا يقوى الشعب على إسقاطه ، إذ قال بالنص لرئيس القضاة ( لا أنت ولا أبوك يستطيع أن يأتي بي إلى مكان مثل هذا لولا أميركا ) .

وبالفعل ؛ من الذي يستطيع أن يأتي به !؟

الشعب الممزق الأعزل الجائع الذي لا يمتلك حتى سكين في بيته !! ؟؟

أم الدول العربية التي تعتبره بطلا وحاميا للبوابة الشرقية !؟

صوت واحد لم نسمع ، لا من عربي ولا من أجنبي ضد ما فعله صدام من مجزرة وإبادة جماعية في آذار 1991  !!

فكيف يتسنى للشعب أن يحرر نفسه والدنيا قد وقفت بأسرها ضده !؟

صدام كان يراهن بغطرسته وجبروته على بقاءه وبقاء أولاده وأحفاده في السلطة ألف عام ، ولا يعترف بمشروعية انتقال السلطة ولا تداولها سواء بالوسائل السلمية أو غير السلمية ، معلنا ذلك من خلال شاشات التلفاز ، قائلا  ( نحن صنعنا الثورة ونحن أولى بها ولا نعطيها لأحد وأن أجبرت على ذلك سوف أسلـّم العراق ترابا ) لذلك عندما شعر أن الأمر محتوم لا مناص منه وساعة الرحيل قد أزفت ، قام بذبح الشرفاء والمناضلين في السجون وأطلق سراح القتلة والزناة والمارقين أمثاله ، ودجج خلاياه السرطانية من التكفيريين والعفالقة بالأسلحة والأموال وأعطاهم الأوامر بإشاعة الفوضى والقتل والنهب والتخريب ، لأنه خسر كل المراهنات واحترقت لديه كل الأوراق ، لذا أراد أن يلعب ورقته الأخيرة لتأزيم الوضع على خصومه ولتقول الناس بتذمر ، حكم صدام وظلمه أفضل من الفوضى وعدم الأمان ، ونسي هذا المخرف المقبور ، أن الشعب وإن طالت لياليه فسوف يلعن تاريخه الأسود وحكمه المليء بالدماء .

 

 

ياس خضير الشمخاوي - كاتب عراقي – بغداد

elyasalshamkhawi@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا