<%@ Language=JavaScript %> ياس الشمخاوي ثقافة التوت والنبوت

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

ثقافة التوت والنبوت

 

 

ياس الشمخاوي

 

بعد أن أسدلت الشعوب المتحررة في العالم الأوربي والغربي الستار تماما على إنهاء حقبة طويلة من الجهل والظلم والاستبداد والإنفراد بالسلطة ، حرص المفكرون من قادة الأحزاب والحركات السياسية المتصدية للحكم على عدم تصدير الأفكار الديمقراطية والنظريات التنويرية إلى شعوب العالم الثالث وذلك لفرض سيطرتها الكاملة على أقتصاد وسياسة الدول المستعمرة .

وقد استطاعت دول الأستعمار الحديث أن تحقق نجاحا كبيرا في عزل تلك الشعوب ثقافيا وعلميا عن الواقع الحداثوي الذي يعيشه العالم المتقدم ليتسنى لهم السيطرة عليه واستعباده والتحكم به عن بعد من خلال حكومات دكتاتورية عميلة تدين بالطاعة والولاء لأسيادها .

وهذا ما يميز الأستعمار الحديث عن الأستعمار الأستيطاني القديم خصوصا في العالم العربي والإسلامي ، أي أن صورة المستعمر المستغل موجودة لكنها بزي عربي إسلامي .. طربوش الحاكم والعمدة طربوش محليّ لكن الرأس والعقل الذي تحته مستورد .

فمتى تتواءم الثورات والحركات التحررية وتصدير الديمقراطيات ورعاية حقوق الإنسان مع ثوابت السياسة الانتهازية التي تتحرك من خلالها الدول الأستكبارية المتمثلة بشرطي العالم أميركا وربيبتها إسرائيل !؟

لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخدمها إرساء قواعد الحكم الديموقراطي والأنتخاب الحر في العالم العربي والإسلامي .

لأن أميركا وإسرائيل وقوى الأستعمار ممكن أن تضمن حكومة مستبدة متحكمة بإرادة شعوبها لكن من غير المنطق أن تضمن موالاة شعب بكامل تياراته السياسية  .

وهذا ما دعى المفكر الصهيوني البروفيسور ( يحزقيل درور ) أن يعلن في صحيفة ( هارتس ) للحكومة الإسرائيلية عن مخاوفه من خطر التحولات الديمقراطية والحراك السياسي في الشارع العربي على مستقبل إسرائيل ،

 إذ قال بالحرف الواحد : أن النخب الحاكمة تفهم ما نحتاج إليه في عملية السلام  بخلاف ما يفهمه المواطن العربي في الشارع ، الذي لا يؤيد ولا يؤمن بالسلام مع إسرائيل ، فما بالك إذا كان واعيا ممتلكا لأرادته ، سيدا على قراراته !؟

أذن باختصار يريد جناب البروفيسور أن تبقى ثقافة ( التوت والنبوت ) والفتونة والطاعة للأمير هي السائدة لا ثقافة التحول الديمقراطي والمدني التي تجلب عليه الويلات والمشاكل .

وعليه فأن تطلعات الجماهير العربية نحو البناء الديموقراطي في الحياة السياسية والمدنية تعرقل المشروع الإمبريالي ، لذا هو خط أحمر لن يسمحوا بتجاوزه ولن يرحبوا به .

وبعبارة أخرى ، أن تعامل إسرائيل والإدارة الأميركية مع الحكومات القمعية الموالية يسهّل عليها تنفيذ أهدافها وتمرير مخططاتها ، لأن تلك الحكومات على أقل تقدير سوف تبعدهم عن الصدام المباشر مع الشعب ومع حركاته الوطنية ، فهي كفيلة بإخماد أي صوت معارض لسياسة أميركا وإسرائيل ،

 في المقابل أن أميركا سوف تمنح تلك الحكومات الغطاء الشرعي والدعم السياسي والعسكري لبقائهم في سدة الحكم ، اطمئنانا على مصالحهم وليس خوفا عليهم ولا رغبة منهم بتوفير الهدوء والراحة للشعوب ،

وهذا ما أعلن عنه مؤخرا وزيــــر الدفاع الأميركي ( غيتس ) في معرض لقاءه مع بنيامين نتنياهو في واشنطن ، قائلا : لا شك أن انعدام السلام في الشرق الأوسط يؤثر على المصالح الوطنية والأمنية للولايات المتحدة الأميركية .

أما ما تتعرض له الشعوب من ذبح على أيدي جلاديهم قبل ما يسمى بالربيع العربي ، ومن اقتتال بين مكونات وأطياف الشعب بعد سقوط أصنامهم فلا يشكل أي مشكلة عند الضمير الأمريكي ولا عند حلفاءها ، لأن الاستنزاف في الموارد وأضعاف القوى حتما يصب في مصلحتهم ويخدم طموحاتهم التي يضعونها في صدارة مخططاتهم العدوانية تجاه الشعوب العربية والإسلامية .

وهم لا يخفون تلك النوايا السيئة أبدا ، فما تكنه صدورهم تنطق به ألسنتهم علنا وبكل وقاحة ، وما نشرته صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) عن الصحفي الإسرائيلي ( أيتيان هابر ) ، خير دليل على ذلك ، حيث علق ساخرا : لو أفاق ( شارون ) من غيبوبته ونظر حال الشعوب العربية وهي تذبح بعضها البعض ، لقال متهكما ها هم الآن يقتلون بعضهم البعض ولا أحد يتهمنا بقتلهم هذه المرّة .

ثم يعلق نفس الكاتب على الشأن السوري وما يجري فيه من نزيف دم ، قائلا : خيرا لنا أن يستمر الحال هكذا دون أن يسقط بشار أو تنتصر المعارضة ليضعف كلا الطرفين .

وبعد كل هذا ؛ هل يصدق عاقل ، أن أميركا وإسرائيل وحلفاءها يحبون الخير ويصدرون الديمقراطية والسلام للشعوب !؟

لا يمكن لأميركا أن تقف متفرجة على ثورة يصنعها الشعب ، ولا يمكن لأميركا أن تبارك لدكتاتور بقاءه في السلطة دون أن يدفع لها الجزية ، ولا يمكن أن تركل صنم دون أن تأتي بصنم آخر .

 وإذا ما سُحب من تحتها البساط فهناك خيارات وسيناريوهات كثيرة معدّة وجاهزة تلائم المرحلة .

وأقل ما تفعله أميركا والدوائر الأستعمارية إزاء الثورات الشعبية والنهضات التقدمية أن تدفع بالتيارات الدينية الراديكالية والحركات المتطرفة لإجهاض الثورة وسرقتها من أيدي الشعب .

أما التطبيل للديمقراطية وحقوق الإنسان والحرب على الإرهاب فتلك أوهام وأضغاث أحلام وأكاذيب ما عادت تنطلي على أي مغفل .

 

ياس الشمخاوي – بغداد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا