<%@ Language=JavaScript %> سعدي يوسف ســـينِمــا !

 

 

 

ســـينِمــا !

 

 

سعدي يوسف

 

 

   (1)

عدن 1986

كان المطارُ بعيداً ...

كان أقربَ من خنجرٍ سيحزُّ الرقابَ التي عرفَتْ

كيفَ ترفعُ ، حتى المدى ، عدَناً ، كيف ترفعُ أسماءَنا

في سماءٍ شتائيّةٍ ، نحو ما كان أبعدَ حتى من البُعْدِ :

كيفَ تكونُ اشتراكيّةٌ ، في جزيرتِنا العربيّةِ ...

كيف تكونُ السماءُ جنوبيّةَ .

كيفَ يستقبلُ البحرُ دفءَ النســاءِ  وأجسادَهُنّ...

المطارُ بعيدٌ

ومِن مُرتبىً عند ساحلِ أبْيَنَ

جاءتْ ، تُقَعِقعُ ، خمسون دبّابةً  .

قالوا  : همُ الروسُ .

قالوا : همُ المسلمون الأُلى هبطوا من جبال الشمالِ ،

وقالوا : هم الجِنُّ ...

كان المطارُ بعيداً ...

لقد ذبحوا كلَّ مَن قادَ  طائرةً في سماءٍ جنوبيّةٍ .

ذبَحوا أن تكون اشتراكيّةٌ في جزيرتِنا العربيّةِ

حتى الأبدْ !

 

(2)

نُزْلُ إفريقيا

نُزْلُ إفريقيا التونسيُّ ، الـمُـطِلُّ على ما أريدَ لها أن تكونَ البُحيرةَ ،

يُشْبِهُ خارطةً من سِمَنْتٍ لإفريقيا .

ولكنّه  ليس يُشْبِهُ إفريقيا :

الغرُفاتُ تدورُ مع المتوسِّطِ

والشرُفاتُ فرنسيّةُ

والمآكلُ من صحنِه التونسيّ ...

ولكنّ لي غرفةً فيه ، أوسَعَ من نُزْلِ إفريقيا

غرفةً للعجائبِ

أو للمَثالِبِ

أحببْتُ فيها التي أدخلَتْني إلى كهفِها في مساءٍ نَدِيٍّ ،

( مَصعَدٌ نحوَ غرفتِها كان يبدو بطيئاً )

كنتُ منتظِراً أن يطولَ حديثُ الوسادةِ،

لكنها لم تُطِلْ في حديثِ الوسادةِ :

 أدخلَتْني إلى الكهفِ هادئةً ،

أدخلَتْني متاهتَهُ ...

كنتُ مسترخياً

قائماً

ناعماً بالرطوبةِ

والضِّيقِ

في كهفِها ...

وهي هادئةٌ  ، تتقلّبُ في نُزْلِ إفريقيا ...

.................

.................

.................

منزلَ الغُرُفاتِ الـمَتاهاتِ

يا منزلَ اللاتِ

يا نُزْلَ إفريقيا !

 

        (3)

بافوس   Paphos

عند مرفأِ بافوس

كان أغارِقةٌ في الرصيفِ الـمُنَدّى

يُغَنّونَ  في لَهفةٍ :

بَجَعٌ ! Pelican

بَجعٌ !Pelican

بَجَعٌ !Pelican

وعلى صخرةٍ  قربَ قاربِ صيدٍ

تَكَوَّمَ ضيفٌ ثقيلٌ

سيبقى هنا أبدَ الآبدين ...

بَجعٌ مضحِكٌ

وثقيلٌ .

لكَ الحمدُ ، مرفأَ بافوس ...

حمداً

وشكراً

لِما يهَبُ البحرُ والطيرُ

من أغنياتٍ وأجنحةٍ

للبشَر !

 

(4)

نانتاكِت  Nantucket

قال هِرمان مَلْفِلْ :

أراكَ تداعبُني ...

تعبرُ البحرَ من " كَيبْ كود " لتأتي إلى نانتاكِت !

هل ظننتَ مُقامي هناكَ ؟

أتحسَبُ تلك السفينةَ "إيْسَّكْس " كانت ؟

وهل " موبِي دِكْ " كان حوتاً ؟

مَطاعمُ هذي الجزيرةِ ، أسماؤها ، وسماواتُها  ، منهُ

مني ...

ولكننا ، أنا والحوتَ ، من كوكبٍ آخرَ .

الآنَ

أرجوكَ ، عُدْ  نحو " كَيبْ كود " من حيثُ جئتَ .

السفينةُ تأخذُ آخرِ رُكّابِها ...

اسْرِع الآن !

اسْرِعْ ...

 

                     (5)

حَيُّ السُّـلّم    في آب 1982

قد كان " حَيُّ السُّلّمِ " المهجورُ ، أقصى ما سنبْلغُهُ .

لقد بدتْ بالقربِ دبّاباتُ شارونَ القبيحةُ .

هكذا أبصرتُ واحدةً تَرَنَّحُ فوقَها أشجارُ رُمّانٍ .

لقد كانت هناكَ . وثَمَّ مدْرسةٌ لهندسةٍ.

 أنعرفُ  مقصداً ؟

خطواتُنا محدودةٌ  ، و الأفْقُ دربٌ ضيِّقٌ .

قد غادرَ الناسُ المنازلَ .

نحنُ بين عِضادَتَينِ ، ننوءُ من طينٍ وشوكٍ .

أين نمضي ؟ قال عبدُ الله : نمضي نحو مَوقِعِنا ...

ونمضي ؛

قال عبدُ الله : فلْنَهبِطْ ...

هبطْنا .

كان موقعُنا يواجِهُ شِبْهَ عارٍ  ، دِرْعَ شارونَ القريبَ .

يقولُ عبدُ الناصرِ الآتي من السودانِ :

لن أُخفي عليكُم  حالَنا في الموقعِ

الأحوالُ قاسيةٌ .

ونحنُ هنا ، لمجرَّدِ التعويقِ ...

لا تتطلّعوا !

إن العدوَّ أمامكم  ...

بالقُرْبِ ،

تحت شُجَيرةِ الرمّانِ  ...

 

لندن 19.01.2015

 

 

 

تاريخ النشر

17.03.2015

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

17.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org