<%@ Language=JavaScript %> يحيا حرب السيد حسن نصرالله يرسم خطوط البدايات للمرحلة المقبلة

 

 

السيد حسن نصرالله يرسم

 

خطوط البدايات للمرحلة المقبلة

 

 

يحيا حرب

 

لسنا بحاجة الى توصيف الصدقية في ما صرح به السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان أمس، كما أننا لا نحتاج الى تأكيد اضطلاعه واطلاعه العميق على اللعبة التي تجري في المنطقة.. فهذه صارت من بديهيات مواقف وشخصية السيد نصر الله.

الا ان دراسة وتقييم هذه المواقف يأخذان أهميتهما من اللحظة التاريخية الحرجة التي تمر بها المنطقة، والزاوية التي نتعامل منها مع هذه المواقف.

وفي رأيي أن ما يميز المقابلة المطولة التي اجراها غسان بن جدو مع السيد نصر الله، أنها لم تكن عرضا لما جرى في السنة الماضية وما قبلها، ولا استعراضا للانجازات والاخفاقات في عمل المقاومة، كما أنها ليست خطابا سياسيا يستهدف الدفاع عن مواقف وادانة أخرى، في اطار الجدل السياسي الذي عاشته المنطقة في الاعوام السابقة.

فالسيد نصر الله أكد حقائق، ربما كانت خافية عن بعض المراجع المحلية والاقليمية والدولية، او انها كانت محل جدل ونقاش وغير محسومة عند بعض المحللين والمخططين للسياسات الاقليمية.

وهذه الحقائق ثابتة عند سيد المقاومة، وهي بالتالي يجب ان تكون نقطة انطلاق للمرحلة المقبلة.. فكأن السيد يقول هذه هي الخطوط التي بلغناها، ومن هنا نبدأ!! محذرا من أن تجاهل ذلك يعني اشتباها وخطيئة فد تصل الى حد الحماقة.

والسيد لا يهدد بما لا يستطيع فعله، كما أنه لا يقدم النصيحة لعدوه وخصومه هدية مجانية، بل هو تحذير لكي لا يدفع الجميع ثمن المغامرات غير المحسوبة، كما فعل البعض في اندفاعه وحماسته للحرب على سوريا والتي انتهت الى ما هي عليه من كارثة بشرية ومادية، وتعقيدات سياسية تتطلب سنوات للخروج منها.

فما هي الخطوط التي رسمها السيد نصر الله للمرحلة المقبلة؟

كان طبيعيا ان تبدأ المقابلة بملف الصراع مع العدو الاسرائيلي، وهو مناسبة لكي يلتقط السيد نصر الله الفرصة لإعادة تصويب البوصلة الى جوهر الصراع في المنطقة، والمنطلق الاساسي لإعادة الوعي وترتيب الاولويات للقوى السياسية وشعوب المنطقة.

وصحيح ان المقاومة لم تتوقف يوما عن رفع هذا الشعار والتنبيه الى خطورة ما آلت اليه الاوضاع في السنوات الماضية، الا ان سياق الأحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة بعد تسونامي الربيع العربي، ربما تسمح أكثر مما سبق بتهيئة الشارع العربي لتلقف هذه الدعوة اليوم.

وسواء عن قصد او غير قصد فإن أول وأكبر ضحايا ذاك الربيع المشؤوم كانت فلسطين والقضية القومية الاولى، التي تلقت من الضربات والتهميش ما جعلها خارج دائرة الاهتمام تقريبا، لولا التضحيات غير المسبوقة لشعب فلسطين وفصائل المقاومة الجادة، والتبني الذي لم يتزعزع والدعم المستمر لها من محور المقاومة بدءا من الجمهورية الاسلامية في ايران وانتهاء بحزب الله في لبنان.

والسيد نصرالله يعيد القول ان القضية الفلسطينية هي قضية كل المسلمين والعرب، وهي القضية الاولى في كل الظروف ورغم كل الظروف، وان القوة التي اعدها حزب الله لهذه المعركة، دفاعا عن لبنان ولكبح جموح النزعة التوسعية والعدوانية الاسرائيلية، ازدادت كما ونوعا، وهي منفصلة عن اي جهد آخر تضطلع به المقاومة لحماية ظهرها وخاصرتها وحاضنتها الاقليمية.

وبالتالي فإن على جميع القوى الفلسطينية والعربية ان تعيد ترتيب اوراقها من هذه الحقيقة في المرحلة المقبلة.

وارتباطا بهذا العنوان كان على سيد المقاومة ان يرسم الخطوط الحمراء لاسرائيل، التي لم تعد اللاعب الوحيد الذي يحدد أطر المعركة ومكانها وزمانها، كما كانت قبل مرحلة الانتصارين في العام 2000 والعام 2006.

فقد أبلغ الجهات المعنية في الكيان الاسرائيلي ان الحزب جاهز للحرب وقد تحسب لتبعاتها، وان المعركة المقبلة ستكون في داخل الاراضي المحتلة، في الجليل وما بعد الجليل، بل هي مفتوحة بحسب التطورات الى اي مكان آخر، وان المقاومة تملك كل أنواع السلاح اللازم لمواجهة العدوان، وكل ما يخطر على البال.

ومن هنا فعلى الرؤوس الحامية في كيان الاحتلال، ان لا يعتمدوا على الخدعة او المفاجأة او وهم التفوق المطلق القادر على حسم المعارك في ارض العدو، بل عليهم ان يبدأوا من هذه الخطوط العريضة الواضحة: الجهوزية، والقدرة على نقل المعركة الى الداخل، والتمكن من امتلاك القدرات العسكرية.

وفي خلفية ذلك دمر السيد نصر الله منصتين للتضليل الاعلامي الاسرائيلي، بتأكيده الذي لا يقبل الشك والجدل أن انشغالات حزب الله في الساحات والميادين الأخرى لم ولن تكون على حساب جهوزية المقاومة التي تبقي عيونها وعقلها ومتابعتها قائمة وحثيثة في مواجهة العدو الإسرائيلي، وان المقاومة لم تستنزف

في سوريا كما توهم البعض، بل اكتسبت خبرات عسكرية اضافية، وان محاولة اسرائيل اعادة ترميم هيبتها الامنية والعسكرية بأنها قادرة على منع وصول اسلحة نوعية للمقاومة، هي دعاية رخيصة ساذجة، فما تحدثت عنه اسرائيل اي الفاتح 110 موجود لدى المقاومة منذ 2006 وهو ليس قمة ما تختزنه ترسانتها.

وبعد ان أكد أن اي عدوان على المقاومة او لبنان سيقابل بالرد المباشر، أضاف السيد نصر الله خطا أحمر جديدا لجيش الاحتلال الاسرائيلي بأن الاعتداء على سوريا سيعتبر اعتداء على مجمل محور المقاومة، ملمحا الى ان استغلال انشغال الجيش السوري بمواجهة الارهاب على الارض السورية، لن يمنع هذا المحور عن الرد على تلك الاعتداءات.

وهنا يعود السيد للتأكيد على تجديد شباب محور المقاومة الذي كان المستهدف الاول من العدوان على سوريا..

واذا كان هذا المحور قد خسر حماس في غزة التي خرجت منه طوعا، ولحسابات غير دقيقة ولا تخدم القضية الفلسطينية، فإنه استعاض عن ذلك بتأكيد العلاقة الثنائية المتينة وغير المشروطة مع حماس وكافة فصائل المقاومة، مصعدا هذه العلاقة الى مستوى التنسيق لخوض حرب مشتركة او متزامنة ضد الكيان الاسرائيلي في المستقبل.

المواجهة الاقليمية

ربما لم يحن الوقت بعد ليعلن قائد المقاومة النصر الناجز في سوريا، الا ان ملامح هذا النصر واضحة في نبرات صوته، والسقوف التي وضعها للأزمة السورية.

لا حل من دون الرئيس بشار الاسد، والحديث عن اسقاطه بات اضغاث احلام وتمنيات من سالف الزمان. السيطرة على سوريا واسقاط نظامها أمر انتهى ميدانيا وسياسيا. التسوية غير جاهزة بعد، الا ان معالمها ترتسم في القاهرة وموسكو بموافقة اشنطن. وباختصار شديد: اللعبة انتهت حسب التعبير الأميركي game is over  بكل ما يترتب على ذلك بالنسبة للمعارضة السورية والدول المتدخلة في الحرب.. محذرا من لا يحسنون قراءة الخرائط العسكرية والسياسية بأن ما لم يستطيعوا أخذه في ميادين القتال لن يعطى لهم على طاولات التفاوض. وبالتالي على هؤلاء ان يبدأوا من هنا للمرحلة المقبلة.

واذ كان الصراع الاقليمي شاءه البعض ان يُحسم على الساحة السورية اساسا، وقد زجت بعض القوى الاقليمية بكامل ثقلها في هذه المعركة، وجمعت لأجلها كل شذاذ الافاق من الارهابيين والقتلة، ومنحتهم المال والدعم اللوجستي والأرض والحدود وكافة التسهيلات والخبرات العسكرية والغطاء السياسي والاعلامي، كما ان بعض هذه الدول رضي بالمقايضة بكرامته وثروته الوطنية وعلاقاته الدولية فقط لازاحة الرئيس الاسد من منصبه... اذا كان الامر كذلك فإن على المعنيين ان يعتبروا من النتائج التي آل اليها هذا الصراع: السعودية هي الطرف الاضعف، وقطر ليست في الحسبان، وعلى تركيا ان تواجه، داخليا وخارجيا، حقيقة انها الداعم الاول للارهاب التكفيري في داعش والنصرة معا.

لقد راهنت اميركا والغرب الاستعماري ومعهما بعض الدول الاقليمية على الارهاب، لانجاز مشروع الشرق الاوسط الجديد، الا ان ورقة داعش واخواتها انتهت، كما قال السيد، ولم يعد بإمكانها تغيير المعادلة وفرض حقائق سياسية وميدانية جديدة.. وبالتالي فإن هذه المجموعات باتت ارهابا محضا، او وسيلة للابتزاز في أحسن الظروف.

ولكي تكتمل الصورة فقد اكد السيد ان ايران قوة كبيرة في المنطقة بل هي الاكبر، وهي لن تسقط لا بالضغط العسكري ولا التهديد الخارجي ولا بالابتزاز عن طريق اسعار النفط.. وان السعودية رغم خسارتها العسكرية ما زالت مدعوة للعب دور سياسي وأخذ مكانها في اطار تعاون سياسي مرتقب. كما ان الباب مفتوح لعودة مصر الى دورها القيادي المطلوب في المنطقة العربية.

وكثيرا ما جرى التنظير الى تعاون ايراني سعودي مصري تركي يكون الرافعة لمرحلة نهوض اسلامي واعدة، وانجاز الاستحقاقات القومية والاسلامية المنشودة وادخال شعوبنا في اللعبة الدولية على قاعدة المشاركة والاحترام.

ان هذه المقابلة وما تضمنته رسمت الخطوط العريضة للاستراتيجية المقبلة للمنطقة، وحددت الخطوط التي لا يمكن تجاوزها، والتي يمكن من خلالها صياغة نظام إقليمي جديد، يتجاوز الفتنة التي راهن عليها البعض، ويمنع سقوط المنطقة من جديد في حضن الاستعمار الخارجي، او النفوذ الصهيوني..

وحتى الان فإن الدوائر الاسرائيلية بدأت قراءة المعطيات التي كشفها السيد نصرالله، على امل ان يعمد المعنيون في الدول العربية ودول المنطقة الى دراسة الموقف بتأن وعقلانية، كي نوفر على شعوبنا المزيد من الارواح والدماء والدمار، وهو ما كان يمكن تجنبه قبل سنوات.

 

16.01.2015 

 

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

16.01.2015  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org