<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان الحقد الاسود وتأثيره في النفوس

 

 

الحقد الاسود وتأثيره في النفوس

 

 

يوسف علي خان

 

هي المشاعر الغاضبة المنبعثة عن الكراهية المتناهية  التي تنتاب الفرد أو الجماعة فتفقدهم انسانيتهم وتحيلهم الى وحوش كاسرة إذ تسيطر على الارادة  البشرية فتدفعهم رغم ارادتهم بل وفي حالة غياب وعي  تام لارتكاب افضع الممارسات بحق الاخرين.... مع ما قد يرفض مثل هذه الممارسات العقل الواعي في حالة الصحوة والهدوء غير انهم يندفعون مسيرون بمشاعرهم الدفينة بقوة خفية قد يجهلون حقيقتها في احيان معينة خاصة إذا كان الحقد داخل العائلة الواحدة ..وهو كثير ما يحدث بين الزوجة وزوجها أو بالعكس أو بين احد الابناء وابائهم أو بعض او جميع اشقائهم قد يصل في  غلوه حد القتل أو التخريب والتدمير في مكونات البيت الذي يعيشون فيه عن طريق ثورات عصبية ظاهرة أو افعال خبيثة صامتة...  و قد ينطلق الحاقد الى خارج  بيته وعائلته الى محيطه ومجتمعه الذي يعيش فيه او أي رقعة جغرافية يمكن أي يمارس فيها نشاطه الفعلي وبما يصل حد الاجرام .. والامثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى ودوافعها متنوعة بعدد ممارساتها إن كان ذلك بين الافراد او داخل مجتمع باكمله ..فالحقد الذي يتولد داخل العائلة الواحدة الذي  ينطلق من احد افرادها فهو قد يتحرك بشكل خفي وبصورة لا تعطي انطباعا عن ذلك الحقد باحداث الايذاء أو الضرر... مع كونه نابع  فعلا عن ذلك الحقد الدفين الذي تولد بفعل حادثة معينة أو حالة اجتماعية يعيشها الفرد أو تصرف معاكس او موقف مضاد تسبب او أثار الامتعاض وولد الضغط النفسي الذي يتراكم شيئا فشيئا حتى ينقلب الى حقد وكراهية لا ارادية تتجسد في من يصيبه ضررها من افراد العائلة الواحدة فينتصب مشاكسا تدفعه رغبة الانتقام نتيجة الضغط  لايذاء من يعتقد بانه تسبب له هذا الالم الدفين ..فقد تقف الزوجة  موقفا مضادا من زوجها بسبب كراهيتها له مع اضطرارها لاعتبارات اجتماعية استمرارها في عصمته وداخل بيته فتتصرف بتصرفات قد لا تكون مقصودة ظاهريا ضده ولكنها تسبب له الالم  والاذى النفسي وتحيل حياته الى جحيم دون ان يستطيع مواجهتها او اتهامها بالتعمد بهذا السلوك العدائي... إذ قد تعمد الى كسر حاجياته التي يعتز بها دون ان تترك الدليل او تطبخ الطعام الذي لا يستسيغه أو تسرق ماله بتبريرات تقنع بها نفسها او غير ذلك من الاساليب التي تثير غضبه وتسبب له الانزعاج والانفعال وعدم الراحة وكثيرا ما تثير في وجهه المزعجات والمنغصات وتتحدث بما يثير غضبه وقد تصل الكراهية حد القتل أو الخيانة الزوجية وقد لا تكون الخيانة  لغرض جنسي محض بل من أجل الانتقام تعبيرا عن الكراهية لهذا الرجل  ..ومثل هذا الامر قد لا يتوقف عند

 الزوجة بل قد يتعداه الى جميع افراد العائلة مع بعضهم البعض وقد يلاحظ ذلك بشكل بارز لدى الفتيات العوا نس داخل العائلة  اللواتي لم يجدن فرصة زواج لهن حتى استغرقن سنين من اعمارهن ودخلن الخطوط الحمراء التي تضمحل عندها الفرص وطرقنا   ابواب العنوسة مما تعدينا  الثلاثين من أعمارهن دون ان يجدن من يطرق الباب او ان ابويهن يرفضن مما لايجدنه مناسبا لهن... فقد تصاب بحالة من الهلع والضغط النفسي والجنسي  ما قد يجعلهن يضعن اللوم على الوالدين او افراد عائلتهن من الاخوان وحتى الاخوات فيتولد في داخلهن حقد دفين لا ارادي يدفعها الى المشاكسة والتمرد قد

 يتطور ويتصاعد تدريجيا كلما تقدم بهن العمر حتى تنقلب مواقفهن تصرفات  عدائية خفية فينعكس على افراد عائلتهن بايذائهن من خلال تلك  التصرفات التي تثير غضب افراد العائلة وتسبب لهم الازعاج بكل ما يؤلمهم ويضرهم ماديا ومعنويا كي يشفين غليلهن فيهم ...فتؤجج هذه المشاعر  حقدا اسود لا ارادي  تمارسه مع احد افراد عائلتها او مع جميعهم ....ومثل هذه المشاعر الحاقدة قد تنشأ ايضا في نفوس القادة والزعماء فتكون اكثر خطورة فتغدو كاسلحة دمار شامل  لكونها تمس مصالح شعب باكمله وتسبب له اضرارا فادحة مادية أو معنوية أو كلاهما فتظهر من خلال ادارتهم لبلدانهم  بطريقة استبدادية قهرية ظالمة تنعكس على مختلف مناحي الحياة وهذه هي الاخطر لانها لاتمس افراد عائلة واحدة بل افراد الاف العوائل من ابناء الشعب...  وقد يصل الامر بهؤلاء الزعماء الى زج شعوبهم في حروب شعواء دون مبرر منطقي أو معقول  وتودي الى تدمير بلدان باكملها وتخلق عداء مستفحل بين شعبين أو اكثر أو بين طوائف مختلفة داخل الوطن الواحد  التي قد تنتقل جيل بعد جيل وكثيرا ما يؤدي الحقد الى احتلال الدول ويسبب  كراهية متجذرة في النفوس بدوافع مصلحية ذاتية  معينة يروم الزعيم أو مجموعة الافراد تحقيقها قد تكون ضد  مصالح بلدانهم.... سببها مشاعر  مرضية دفينة حاقدة  تدفع اؤلائك الحاقدون للاعتداء والقتل والتدمير  وهو ما اكتشفت تأثيره الفادح  الدراسات العلمية التي استغلتها المؤسسات الاوربية والغربية فاعتمدتها كسلاح فعال في تحريض فئات مضطهدة داخل الدول لاثارة القلاقل والفوضى مستنهضة  هذه المشاعر الحاقدة في نفوس المضطهدين  ودفعهم كسلاح فتاك ضد خصومهم فضاع الدين بين الاثنين وتحول الى نفاق سياسي ومصالح ذاتية وكل منهم اخذ اتجاه واستغلت الدول العظمى هذه المشاعر وهذا الخلاف فدعمت  الاطراف لتأجيج الصراع....  إذ استغلت انقسام العالم الاسلامي الى قسمين حيث  تزعمت  احدى الجهات  طائفة معينة  وتزعمت جهة اخرى  الطائفة الاخرى  مع ان الجميع يدعون بانهم مسلمين يعبدون الله ويؤمنون بكون محمد رسول الله ..... ولم يكن في ايام الرسول وفي بداية الدعوة طوائف متعددة  ولكنه الحقد الاسود المنطلق من المصالح المختلفة ليس له حدود او ملامح... وانما ينبع من تلك المصالح والاهداف الدفينة في النفوس... فتنهار امامها كل القيم والاخلاق او تعاليم الدين الحنيف... فمهما كانت الاحاسيس فردية أو جماعية فهي حقد اسود مترسخ في النفوس لا تحكمه ضوابط ولا تردعه قوانين ولا يذيبه زمن.... فالاحقاد سبب كل هذه المصائب التي تحدث في المجتمعات ان كانت على  نطاق العائلة الواحدة او بين الدول والشعوب..... فداخل العائلة الواحدة قد يثورالخلاف بين الاشقاء والاقارب وهو ما يحدث في العوائل الميسورة ... حول الاملاك التي يرثونها عن الاباء والاجداد فتجد احد الورثة من الاشقاء او الاقرباء يسيطر على هذه الاملاك ويستحوذ على حصة الاسد منها ويستغلها لمصلحته ويدير شؤونها لوحده مع انها ملك  مشاع بين جميع الورثة بحسب حصصهم الشرعية غير انهم لا يستطيعون مجابهة الشقيق الاكبر او القريب المتنفذ الذي يستحوذ على هذه الاملاك ولا ينصف بقية الشركاء فيعطي كل ذي حق حقه... فتشتعل الاحقاد بينه وبين باقي الشركاء في

 هذه الاملاك أي كانت درجة القرابة وتحتدم الخلافات وقد يحاول الورثة  الايقاع بهذا المتنفذ مستغلين أي فرصة سانحة للانتقام منه كي يشفون غليلهم منه وقد يصل هذا الحقد الى حد القتل ....(((((.أما  على النطاق العام الدولي فقد ادى الاعتداء على عرب فلسطين  رغم مرور اكثر من ستة عقود.. الى تكوين التنظيمات المقاومة التي تحولت شيئا فشيئا الى العنف المفرط وتكونت من داخلها خلال تلك الفترات  تنظيمات المقاومة التي أنشأها الفلسطيني عبدالله عزام والتي   غدت فيما بعد تدعى بالقاعدة التي تزعمها ابن لادن لمحاربة الشيوعية في افغانستان... وهذا هو نتاج الحقد

 الدفين الذي تطور الى ما نراه اليوم من توسع وانتشار منتحلا صور واشكال واهداف مختلفة ومتنوعة كان دافعها الاول هو الحقد على الدول الكبرى  لانشاءها  دولة اسرائيل شرقية كانت ام غربية  واعتبروها دول عدوة يجب محاربتها والانتقام منها... وهو نفس ما جرى في العراق نتيجة حل وتصفية الجيش العراقي بعد الاحتلال في  2003  فتحولت عناصره المسرحة الى اعداء ومقاومين فتسبب بكل ما يحدث اليوم من كوارث ومصائب  وكذلك ما تفعله الامبريالية من توسيع الشقة بين الشيعة والسنة لفصل الشيعة في الجنوب وجمع السنة في الغرب وترسيخ وجود كردستان بما هي عليه اليوم وتأجيج  الحقد بينهم... بتحريض الجانب القوي المتحكم الان وهو الطرف الشيعي للايغال بالاعتداء على السنة اينما وجدوا حتى يشتد العداء ويصل الى الحد الذي يستحيل معه استمرار  التعايش بين جميع الاطراف داخل وطن واحد متألفين  فيسهل الانفصال عن بعضهم  ثم يحدث  التفتيت ....)))) 

 

كما  ان دوافع الحقد متعددة لاتنحصر بدافع واحد  ثابت بل قد تكون دوافعه مختلفة  ومتغيرة بحسب الضروف والاحداث ..و قد يكون المال احد دوافعه المهمة غير ان هناك العشرات من الدوافع الاخرى  التي تثير الاحقاد في النفوس ..... فقد تكون مجرد اطماع في منصب او جاه فما هذه الانقلابات والثورات التي تحدث بين شرائح المجتمع بعضها ضد بعض او بين الشعوب وقادتهم سوى نموذج لهذا الحقد الاسود.... فقد يتذرع البعض بحقده على الرئيس (أي  رئيس كان) متذرعا بشدة ظلمه واستبداده في الحكم غير انه في الحقيقة  قد يكون نتيجة غيرة وحسد بما هو عليه الرؤساء من عز وجاه... فتجد في  معظم الاحيان ان رفاق هذا الزعيم واعوانه ومرؤوسيه هم اول المنقلبون عليه والثا ئرون ضده للاطاحة به فهي كراهية بشرية متجذرة في النفوس دون استثناء... وهي سبب كل هذه الصراعات المستمرة التي لا تتوقف داخل المجتمعات وبين الدول.... فالدول الغنية والتي تمتلك الموارد تكون عرضة لاطماع الدول المحرومة التي لا تمتلك مثل هذه الموارد وهكذا فالحقد الاسود مستشري في كل مكان يوجد فيه الانسان ...

وقد يستغرب البعض كيف يمكن ان يصل الحقد الى درجة الايذاء والايغال في التعذيب والاندفاع للتخريب ولم يدرك هؤلاء بان من يمارس مثل هذه الافعال الشنيعة قد يكون تحت ضغط نفسي شديد تشل ارادته وتفقده الوعي فيصبح مثل المخدر والمخمور الذي قد لا يعي ما يفعله أو ما يرتكبه من ممارسات قد تصل حد الجريمة غير انه ينطلق بتلك الممارسات كردود افعال لمشاعر واحاسيس متاججة داخل عقله المشوش المضطرب ..

فقد يصحو في بعض الاحيان فيدرك عظم الاساءة التي ارتكبها بحق الاخرين من افراد عائلته او من ابناء عشيرته او من ابناء وطنه أو لربما حتى مع الغرباء وقد يندم على  افعاله هذه في ضروف يكون فيها غير قادر على اصلاح الخطا ..ومثل هذه المشاعر تتوالى على العديد من الزعماء الذين تنقلب عليهم الامور وتتغير بهم المواقف أو تمر بهم السنون ويشيخوا ويصبحوا في ارذل العمر...ولكن بشكل عام فمشاعر الحقد تتولد من معاناة مفرطة في الالم وضروف غاية في التعذيب الجسدي او النفسي وكما قال الفيلسوف الفرنسي روجيه (( إذا اردت ان تخلق سفاحا فاحرمه وجوعه أو عذبه اعنف تعذيب أو اجرحه في كرامته جرحا بليغا ))  فحالما يجد الفرصة مواتية انقلب هذا الانسان الى وحش كاسر يحاول الانتقام فيقتل ويفتك ويدمر كل ما يجده امامه من بشر او  عمران او ينجر لارتكاب أفضع الجرائم  والموبقات تعبيرا عن مشاعر الحقد الدفين ومع كل الناس ولمجرد الانتقام...

 

وكذا الحال داخل العائلة الواحدة ... فالفتاة التي تنشأ في بيئة منغلقة تضيِّق عليها الخناق وتقيد حريتها الى درجة الحرمان والحصر الشديد نجد مردود ذلك عكس الاتجاه فتتولد لدى هذه الفتاة خاصة  المراهقة  مشاعر الانطلاق والانفلات مستغلة كل اساليب التحايل والمراوغة للنفاذ من هذه القيود والانغمار في مهاوي الرذيلة والعربدة والفساد ..

وعند عدم قدرتها على الانفلات من  القيود انقلبت الى متمردة مؤذية  داخل دارها وبين افراد عائلتها بالاندفاع نحو التخريب والتحطيم والايذاء الى كل ما تراه يثير الالم في نفوس بقية الافراد المتشددين او غيرهم داخل  عائلتها أو خارجها في حياتها العامة مع المجتمع الذين ترى فيهم سبب كل هذا الالم الذي تشعر به ..وهو نفس الحقد الذي يسيطرعلى بعض  الشرائح الاجتماعية التي ترى في مواقف شرائح اخرى سبب ما هي فيه من قيود كما يحدث للمعتقلين مثلا داخل السجون والمعتقلات عندما يخرج هؤلاء بالافراج عنهم عن طريق الرشاوى أو الهروب أو بتخطيط مبيت وهدف معين بعد فترة تعذيب مفرط قد تدوم لعدة سنوات فيكونوا باعلى درجات الحقد ليس فقط تجاه من عذبوهم فقد يكون هؤلاء اناس مجهولين لديهم في معظم الاحيان ملثمين لا تكشف وجوههم ولا تعرف هوياتهم يبقون مجهولين لدى المعذبين  والغالبية العظمى منهم يكونوا قد غادروا البلاد الى اوطانهم المختلفة كما حدث مع الجنود الامريكان والدول المتحالفة معها ...لكن الحقد الاسود يتكون في نفوس المعتقلين يحملونه في طياتهم خارج معتقلاتهم مع المجتمع الذي يتواجدون فيه بل ومع البشر بشكل عام فنجدهم يتجهون الى اية منظمة ترحب بهم وتقبلهم اعضاء فيها وتتبناهم وتدربهم على استعمال العنف والسلاح بشكل مسبق ومقصود ومبرمج أو عفوي يحدث آني... لحاجتها الى تجنيد المزيد من المقاتلين... منطلقين من حب الانتقام الذي تولد نتيجة تعذيبهم داخل المعتقلات خلال الفترات السابقة ..فيمارسوا ابشع صور  القتل والتعذيب واشد مما عانوه في كثير من الاحيان...

 

وقد تتعرض شرائح اجتماعية داخل الدولة الواحدة الى الاضطهاد والتعذيب والملاحقة من قبل فئات حاكمة او شريحة اجتماعية اخرى متعايشين في نفس المكان فيتولد الحقد الاسود لدى الشريحة المضطهدة تجاه الفئات المعتدية والضاغطة فإذا سنحت الفرصة وتغير الوضع وتحررت الشريحة المضطهدة من سطوة الشريحة الاخرى فاجئت تلك الشريحة الظالمة بانتقام كاسح لامثيل له واشد عنفا اشفاءا لغليلها وكما يذكره التاريخ عن الكثير من الشواهد التي تؤيد هذا الرأي  كما جرى للشيوعيين سنة 1963 بعد انقلاب 8 شباط وأخيرا بما جرى في معتقلات ابي غريب او سجن بوكا إذ خرَّجت هذه

 المعتقلات وحوشا بشرية راحت     تنتقم  لنفسها  من الناس اجمعين... واستغلتها بعض المنظمات الاجنبية أو الغربية أوالصهيونية كي تجعلها ادواتها التي تنفذ بواسطتها كل المارب ...فكل فعل يولد ردة فعل مساوي له في القوة وفي الاتجاه المعاكس ..فمن يريد أن ينتهي العنف ويعود السلام.... عليه ان يتخلى عن الشدة والظلم والاستبداد ويرضى أن يقاسم الاخرين في موجودات الحياة ويرفع شعار التسامح بحذر وبشكل تدريجي حتى تعود المياه صافية الى مجاريها  مع ما قد  يستغرق ذلك من وقت حتى يذوب الجليد ويتفكك الحقد الدفين.... فنموذج جنوب افريقيا لا يمكن تطبيقه على غيره من

 المجتمعات فصحيح بأنه قد  انتصر المتخلفون على المتحضرين وليس العكس غير أن الافريقيين كانوا يؤمنون بنلسن مانديلا ويعتبرونه مرجعية له قدسية كبرى في نفوس الافريقيين  تجب طاعته ((((( وكان وطني مخلص للجميع )))))  فتوقف الشعب هناك عن الانتقام... كما كان السود متعايشين مع البيض ولم يكن كلهم في السجون والمعتقلات وتحت التعذيب بالادوات (( المعلن عنها والخفية )) إضافة للاغتصاب...  لذا فلكل وضع وحالة تصرفها الملائم فقد عاش العراق في عهد النظام السابق  وهو يدفن الاحياء ويشم الجباه ويقطع الايدي و الاذان وانتقل الوضع فجأة الى عكسه من عصر التعذيب  الوحشي بالادوات المبتكرة الرهيبة الاخرى  فولد حقد وحشي لا يحتمل وغير منطقي او مقبول حتى مع الحيوان والحجر فكيف إن كان  بشر ؟؟؟؟؟ ..لذا فيجب ان يكون التغيير والتسامح جدِّي خطوة خطوة وتحت نظام بلجام.... وهو ما افتقده العراق فجرى ما جرى من روح الانتقام.... فعليه يجب أن  يكون التعامل بحسن نية ورغبة صادقة بالتصافي لاذابة الجليد لا بالخداع والمراوغة والمماطلة والاكاذيب كما يجري في معظم الاحيان... ومثل هذا الاسلوب يجب أن  يتبع من داخل العائلة الواحدة  حتى اوسع المجتمعات بل وهو ما يجب ان يجري  بين الدول على حد سواء....وبعكسه سوف يستمر الصراع  وتنتفض العداوات ..وهو ما تبتغيه الامبريالية وبعض الدول المستفيدة  للاسف الشديد من اجل تدمير الشعوب فهي تعتقد بان مصالحها لا تتحقق في حالة الاستقرار ...فقد مارست شتى انواع التعذيب المفرط والاغتصاب  مع المعتقلين  لغاية في نفس يعقوب حتى افقد اؤلائك المعتقلين انسانيتهم واحالتهم الى وحوش بشرية كاسرة خالية من قلوبها الرحمة  تتأجج في نفوسهم نيران الحقد الدفين وهو ما نراه اليوم من شتى انواع الفصائل المسلحة التي كان قد وقع عليها الاعتداء بشتى الحجج والاتهامات وتركوا دون مورد رزق وهو نفس ما جرى للعديد من الشرائح الشعبية التي مورس ضدها  الاضطهاد.... فتطالب اليوم بالانفصال وفك الاشتباك  وغاص البعض منها في حروب دامية داخل البلاد ..فالشعوب دائما تتحمل جرائر حكامها المستبدين فانغرست في نفوس جميع الشرائح روح الانتقام.... وهكذا فقد غدت سلسلة لاهوادة فيها ولا نهاية منظورة لها في الزمن القريب ...فقد صنع النظام السابق  قسم منها... وانتجت الامبريالية  وعملائها قسم اخر... فاصبح جميع ابناء البلد الواحد  اعداء حاقدين واستطاعت الطائفية والشوفينية ان تلعب دورها من خلال هذا العداء والحقد الدفين ان تنفخ في نار الحريقة فتزيدها اشتعال وقد يستمر هذا العداء المستفحل وهو ما لا نرجوه جيل  بعد جيل ولم نجد عاقل او رشيد (((  مخلص ))) يمكنه ان يمسك ببيضة القبان  ويعدل الميزان ويكف عن الزوغان ...فكيف نأمل من مسؤول مثلا يقول (( لقد خصصنا رواتب ضخمة للمسؤولين كي لا تمتد ايديهم للمال العام )) فبدلا من ان يحاسبهم ويعاقبهم..... يبرر اطماعهم وفساد سريرتهم وانعدام نزاهتهم بعبارته التي اطلقها من شاشة احدى القنوات ويكافئهم باضعاف ما يستحقونه من مال حرام (( فأي اجراء عبقري هذا يا مسؤول ؟؟؟؟؟؟))...

والوضع في الشرق الاوسط تعمه المتناقضات ....فتركيا التي انشق عنها العرب واستقلوا في دول بعد حكم اربعة قرون تحاول احتلال هذه البلدان مجددا عن طريق الدين  وايران تعتقد بأن العراق ملك لها وجزء من امبراطورتها التي سلبها منها العرب بعد حكم جاوز التسعة قرون وهي تصرح برغبتها بالهيمنة على العراق كما كان  وباسم الدين ... والسعودية تريد ان تحكم المسلمين لوجود الكعبة المشرفة تحت سلطتها فلا بد ان تكون  هي سيدة العالم الاسلامي  وبأسم الدين ايضا... فأي دين هذا الذي تدعونه يا مسلمين ؟؟؟؟؟... ومصر تدعم السعودية في محاولة لجمع شتات العرب من جديد بعد أن  انفرط عقدهم بسبب الاهواء والمصالح  ولحاجتها الى الاموال...  وهي بنفس الوقت عدوة لتركيا الطامعة في الدول العربية... بينما السعودية بنفس الوقت حليفة لتركيا.... اللتان يقفان بمواجهة التيار الشيعي المتمثل بايران وبعض الانظمة العربية ..ومن هذا المنطلق فهما يدعمان الفصائل المسلحة السنية المتشددة التي تقف في الضد منها مصر وبعض الدول العربية الاخرى التي تجد الاتجاه المتشدد لا يتلائم والعصر الحديث.... والتيارات الاسلامية منقسمة الى عشرات الاقسام متنافسة بل ومتصارعة في بعض الاحيان طائفيا او ايديولوجيا او تنظيميا فهل هو دين واحد أم الف دين  ؟؟؟؟...  وهكذا فالشعوب العربية بل وشعوب المنطقة برمتها بكل الالوان والاطياف  في صراع واشتباك واكثريتهم متشبث بالاديان في المظهر بالطبع وليس بالايمان ... وكما يقول المثل (( شليلة وضايع رأسها )) ولكن في النهاية  ((الذي ياكله العنز يقشطه الدباغ )) فالى متى هذا الدمار الى متى ...ماتت ضما ئرهم... يقول لهم كاظم الساهر ؟؟؟؟؟ وبامكاننا ان نقسم الحقد الاسود الى ثلاثة اصناف

1-            الحقد السياسي  -2-  الحقد الاجتماعي – 3- الحقد الاقتصادي 

 

1- فبالنسبة للبند الاول السياسي ----- فهناك دول تحقد على شعب كان قد اطاح بامبراطوريتها او دمر دولها وقضى على عروشها وأزال  حضارتها في الماضي السحيق فهي تحمل الحقد الدفين في احاسيس شعوبها جيل بعد جيل تتحين الفرص للانتقام والانقضاض  لاخذ الثأر من ابناء او احفاد تلك الشعوب التي كانت سبب في دمار امبراطوريتها....  او يتأتى الحقد داخليا في الدول نفسها  من استبداد الحكام بشعوبهم واغتصاب حقوقهم او حجب حرياتهم وسرقة اموالهم ..واستعمال كل وسائل القمع ضدهم ما يخلق الحقد الدفين في نفوسهم مترقبين الفرص للانقضاض عليهم والاطاحة بهم....أو هو صراع  ايديولوجي ديني او طائفي او عرقي أو ماشاء من التوجهات ....

 

2-  أما الحقد الاجتماعي ----- فهو الذي يتكون داخل طبقة من الشعب تجاه طبقة اخرى من نفس الشعب بدافع طبقي كما كان حاصلا بين طبقة رؤساء الشركات واصحاب رؤس الاموال أو الفلاحين وطبقة الشيوخ الاقطاعيين والسراكيل فقد استمروا في صراع مرير لاقى به الفلاح والعامل شتى انواع الاضطهاد وألتعذيب من قبل الطبقات المتنفذة انذاك والتي كانت متثلة في تلك الطبقات التي استغلت ابناء عشائرها أو عمالها ابشع استغلال – 3–  أما الحقد الاقتصادي – فهو ما يبدو واضحا وجليا في التطور التقني الذي وصلت اليه الدول الاوربية وحرمانها شعوب العالم الثالث ...إذ تحاول الدول الاوربية بكل الوسائل المتاحة واهمها منع الاستقرار واشاعة الفوضى واثارة الفتن الداخلية لمنع تلك الشعوب من ايجاد الفرص لانشاء المشاريع الصناعية وتحقيق على الاقل الاكتفاء الذاتي واستغنائها عن الاستيراد الاجنبي فالفوضى وعدم الاستقرار هما  الادوات الفعالة في تعثر الشعوب وعدم قدرتها على التطور والتقدم في مجال الصناعة وألتكنلوجيا بشكل عام وهو ما يؤدي بالنتيجة على إبقاء شعوب هذه البلدان في  تخلف مستمر  معتمدة على الدول الاوربية في توفير حاجياتها وجعل شعوبها مستهلكة غير قادرة على الانتاج....

 

 4 -  اسباب وعوامل اخرى متعددة كما اوضحناها بشكل مسهب نوع ما فيما سبق واهم هذه الاسباب التباين الاقتصادي بين الفقر والغنى وابتزازالبعض  لغيره فينهب ماله  ويحيله الى  فقير… فهي على اية حال احقاد تصبح بتعاقب الايام او لربما السنين والدهور متوارثة وجزء من حياة الافراد أو الشعوب غير قابلة للاذابة والزوال مهما تعاقبت الايام والسنين إلا اللهم إذا تغير التكوين الاجتماعي او يزول الدافع النفسي المتسبب لبقاء الحقد وهي حالات قد تكون قليلة ..مثلا كأن تحضى الفتاة العانس أو الارملة أو المطلقة  على فرصة زواج ذهبية وهو نادر ما يحصل ..او ان تندمج الشعوب المتنازعة في دولة واحدة كما حصل للولايات المتحدة او العكس ان يتم الانفصال فتتحقق امنيات احد الاطراف ..ومع ذلك فلا اظن بان (( الحقد الاسود )) سوف يُمحى نهائيا مهما  تغيرت الاحوال  بشكل بغسل القلوب ويعيدها الى بياض دون أي شوائب...!!

 

11/6/2015

 

 

تاريخ النشر

11.06.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

11.06.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org