<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان مصادرة حرية الرأي في النظم الاستبدادية

 

 

مصادرة حرية الرأي في النظم الاستبدادية

 

 

يوسف علي خان

 

 

السلطات الحكومية بشكل عام  في اية دولة لا تستطيع أن تعيش باجواء ديمقراطية حقيقية.. فهي ترغب أن تحكم حكما استبداديا ديكتاتوريا غير أن ذلك قد لا يتحقق دائما لها لما تلاقيه من قوى معارضة قوية.. فتلجأ الى المراوغة باختراع اساليب ارهاب وتخويف واسكات تدفع المواطنين الى الرضوخ والاختفاء وعدم الاحتجاج الى كل ما ترتكبه السلطات من جرائم وحماقات .... أوما تحجم عن ما يجب عليها أن تقدمه من خدمات...فترغم الشعب على ألسكوت كي تحرمه مطالبتها  بتقديم الخدمات والايفاء بالتزاماتها تجاهه وذلك إما مباشرة عن طريق القمع المباشر بواسطة اجهزتها القمعية  البوليسية أو عن طريق عملائها واعوانها من الانتهازيين  مما تبثهم وتنشرهم في صفوف الشعب كي يوقعون بهم الاذى فتحرضهم على مضايقة المواطنين المعترضين حتى ولو كان الاحتجاج بالكلام... فتثير بوجههم الشكاوي وقد  تحرك الدعاوي أمام القضاء الذي تكون قد سيطرت عليه وجاءت باعوانها من القضاة فتهيمن  على  القضاء فيحكم هؤلاء القضاة المسيسون  المواطنين باحكام جائرة  فتحكم  السلطة  بذلك قبضتها على البلاد وتحكم حكما دكتاتوريا تعسفيا مغلفا بغطاء ديمقراطي .. بل قد تتمادى  في صور اجراءاتها التعسفية الى التصفيات الجسدية بالاغتيال للتخلص من مناوئيها  وهو اسلوب اخذ ينتشر في هذه الايام ويحل محل الاساليب الديكتاتورية التقليدية القديمة التي كانت تعتمد على التسلط العنفي  المباشر ..كما كان يفعل هتلر وغيره من مجرمي التاريخ القديم والحديث.. غير ان هذه الاساليب لم يعد بالامكان تطبيقها بشكل صريح لتواجد الهيئات الدولية المختلفة التي اخذ  سلطانها يعظم خاصة بعد اعلان مباديء حقوق الانسان من قبل هيئة الامم المتحدة .. وتشكيل مجلس الامن والمحكمة الدولية التي طالت صلاحياتها نفس حكام البلدان المستبدين (((( بغض النظر عن صدق نواياهم ))))  ما دفع هؤلاء الحكام الى تغيير اساليبهم للتخلص من اعتراض تلك

 الهيئات ومحاسبتهم على افعالهم التعسفية ضد شعوبهم والتعرض بملاحقتهم كما حصل للرئيس الصربي ميلوسوفيتش وغيره من الرؤساء ..لذلك فقد عمد ت بعض القيادات الديكتاتورية الى اللجوء الى اسلوب التصفيات الجسدية  للشخصيات المعارضة او حتى المنافسة لها للتخلص منها واجتناب مسائلتها من قبل المنظمات الدولية مدعية بان ما يحدث هو مجرد اعمال اجرامية فردية يرتكبها مجرمون عاديون ضد اشخاص نتيجة عداوات شخصية فتتمكن من تجاوز تلك المنظمات الدولية وتتمكن ان تحكم قبضتها على شعوبها  دون مسائلة .. واخذت تباشر اجراءاتها التعسفية القسرية عن طريق مختلف

 الاجهزة التابعة لها خاصة السلطة القضائية التي تخضعها لا رادتها بالاتيان بقضاة لا ذمة لهم ولا ضمير وهم موجودون من دون شك... ففي كل حرفة ومهنة فاسدون وانتهازييون يمكن شراء ذممهم  .. فتمارس ابشع صور الارهاب والعنف من خلال تحقيقات مزيفة واعترافات منتزعة تحت طائلة التعذيب والاكراه والعنف ومن ثم  اصدار احكام قضائية جائرة غير حقيقية بحق مناوئيها فتزجهم بالسجون .. وتظهر أمام الرأي العام العالمي بانها لا علاقة  لها  بكل ما حدث من قتل واغتيالات أو بما تصدره المحاكم من قرارات وتدعي بانها  سلطات مستقلة عن السلطة التنفيذية  مع انها في حقيقتها  قد اضحت جزء من السلطة التنفيذية وخاضعة لها ..وهي اساليب بدأت تتكشف بارتفاع درجة الوعي لدى الشعوب وتحرك النخبة المثقفة ووقوفها الى جانب شعوبها ضد تلك السلطات المستبدة  فتعريها امام الرأي العام الشعبي والعالمي وتدفع الشعوب  للانتفاضة ضدها ...فالاستبداد والتفرد مشاعر واحاسيس نفسية داخلية متجذرة في نفوس البشر وهي عامة وشاملة في جميع دول العالم لا يكبحها سوى وعي الشعوب وثقافتها وتضامنها مع النخبة ومحاولة جذبها لصفوفها كي تنحاز لها  ولا تصبح مجرد ابواق لمديح الحاكم وتمجيده... فعليها تنظيم انفسها  بالاعتماد على النخبة المنحازة لها و

 تعظيم قدرة هذه النخبة وتشجيعها في ايصال اصواتها الى الرأي العام الدولي والتأثير فيه لجذبه هو الاخر لصفوفها وتأييد مواقفها النضالية ..وقد تلعب منظمات المجتمع المدني دورا فعالا في سير حركة الدفاع عن حقوق الشعوب .. غير انها وبنفس الوقت قد تكون سيف ذو حدين... فقد تستطيع الحكومات أن تجند العديد منها  لصالحها  بما  تمتلكه   من  اموال تدفعها  كاعانات لها فتخضعها لارادتها هي الاخرى كي تقف الى جانبها ضد شعوبها... بشراء بعض ذمم قيادات هذه المنظمات بدعمهم ماديا كي يقفوا الى جانب تلك الحكومات الظالمة لتشويه مواقف الشعوب  واحباط انتفاضاتها... وهو

 ما دفع بعض التنظيمات الشعبية بالمقابل  الى اللجوء الى عقد الصفقات مع منظمات المجتمع المدني .. فقد تكون بعض الاحزاب والتنظيمات السياسية ذات قدرات مالية واسعة تمكنها من تقديم المغريا ت  الى بعض تلك التنظيمات الانتهازية من منظمات المجتمع المدني  التي لا تعمل من اجل اهداف نبيلة معينة وانما تؤسس لمصالح ومنافع ذاتية..  فتدفعها عن طريق المال  ان تقف الى جانبها وتتخلى عن الدعم المادي المتواضع الذي تقدمه لها الحكومة مما يجعل في مقدور الاحزاب الغنية خاصة الممولة من دول اجنبية متمكنة  أو التكتلات  الكبيرة  منافسة الحكومة في جذب منظمات  المجتمع  المدني الى  ضفوفها....  أو قد  تلجأ بعض الاحزاب  التي  ليس لها  القدرة المالية الكافية لا ستجلاب منظمات المجتمع  المدني اليها  ان تلجا الى  الدول الاجنبية المتجاوبة  معها كي تدعمها  ما ديا من اجل دعم منظمات المجتمع المدني التي تجد لها شعبية مؤثرة ... فهي بالطبع لا تدعم المنظمات بشكل عشوائي إلا التي تجد في دعمها مكسب شعبي كبير ... فتقوم هذه المنظمات بدورها في إدامة زخم الاحتجاجات والاعتصامات وتوفير الوسائل المادية من خيم ومراكز صحية لمعالجة الجرحى او المصابين وتقديم الاطعمة الوفيرة التي تكفي هذه الجماهير المحتشدة وتقدم للبعض  مبالغ نقدية تعويضا عما يخسروه نتيجة  تركهم لمصادر رزقهم واعمالهم التي ستتوقف بسبب هذه الاحتجاجات والاعتصامات التي قد تمتد الى عدة ايام بل وفي بعض الاحيان لعدة اشهر  ... وبالمقابل فقد تلجأ الحكومات الى وسائل خبيثة لا حباط هذه الاحتجاجات والممارسات الشعبية من اجل ترسيخ النظام الاستبدادي....  الى المداهنة تارة والى العنف تارة اخرى باسلوب الجزرة والعصا وتكثر من المنابر الدعائية الداعمة لها والمناورات السياسية وعقد المؤتمرات الصحفية والتصريحات التسويفية لتهدئة اجيج الانتفاضة....  وقد تقدم الكثير من التنازلات الظاهرية  في باديء  الامر وتأمر بتشكيل اللجان التي تكلفها بتنفيذ المطالب والتي في حقيقة الامر لا تصل الى حلول وتستمر بالمماطلة الى اطول وقت ممكن ولمجرد ذر الرماد على العيون وكسب الوقت... حتى إذا هدأت الامور باطلاق كم هائل من الوعود الكاذبة التفت على قادة المنتفضين وزعمائهم والمحرضين من النخب المثقفة الواعية أو من الكتاب والمفكرين واصحاب الراي الحر فتلاحقهم  بإثارة الزوابع عليهم... بالتشنيع بهم والصاق العديد من التهم الخطيرة الملفقة الغير صحيحة للاساءة الى  سمعتهم وتشويه صورهم  امام الراي العام الداخلي اوحتى العالمي بعملية تسقيط قذرة ... فتبدأ  بتحريك اعوانهم بتقديم الشكاوي ضدهم واحالتهم الى الهيئات التحقيقية الخاضعة لهم بتهم اخلاقية او بالفساد المالي او السياسي أو  باتهامهم بالعمالة والتجسس لجهات اجنبية  وهم ابرياء من كل هذه التهم وغرضها الوحيد هو التشويه كي يتسنى لهم بعد ذلك اتخاذ الاجراءات الصارمة تجاههم ولكي لا يجدون من يقف دفاعا عنهم ويخسرون الناييد الشعبي بنفس الوقت وهوما يجري في الكثير من الحالات في العديد من الدول ... ولكن قد تتنبه جبهات المعارضة الوطنية  المحتجة الى اساليب المراوغة التي تتبعها الحكومات المستبدة وبعد اجراء بعض الاختبارات للتأكد من صدق  النوايا حتى إذا شعرت بمراوغتها وتسويفها عادت ونزلت الى الشارع من جديد وتمسكت ثانية بمطاليبها بل وقد ترفع  من سقف هذه  المطاليب وتكون  اكثر تصلبا بمواقفها  من ذي قبل ...ولو لا حظنا جميع الحكومات الاستبدادية لو جدنا اخشى ما تخشاه هو النخبة المثقفة من المفكرين والكتاب الى جانب وسائل الاعلام الخاصة  المخلصة... فهي تحاول ان تسلط جل جبروتها لاسكاتها واخضاعها لها... بشراء ذمم البعض من الانتهازيين الذين يقفون موقف المعارضة للحصول على منافع مادية او مكاسب سلطوية فتختفي اصوات امثال هؤلاء بمجرد تحقيق بعض ما يبتغون نتيجة صفقات سرية تعقدها  الحكومات معهم خلال التظاهرات والاعتصامات فيجدوا بما تحقق لهم من منافع يكفي للتخلي عن الاستمرار بالوقوف الى جانب الحشد الشعبي ولكن كثيرا ما يكونوا ضحية الخداع الحكومي... فهي تنقلب عليهم وتطيح بهم بعد أن تهدأ الامور وتقوم بتصفيتهم الواحد تلو الاخر حتى تنتهي من الجميع... ويبقى الشرفاء من النخبة من الكتاب والمفكرين  والصحفيين او الاعلاميين صامدين لا يخضعون لمثل هذه الاغراءات المخادعة ويستمرون في الوقوف الى جانب التيارات الشعبية....  وقد تلجأ الحكومة الى استجلاب البعض عن طريق التاثيرات العقائدية او العرقية او الطائفية ومحاولة  تصوير الخلاف مع الاطراف المعارضة بكونه خلافا عقائديا او طائفيا او عرقيا  محاولة توجيه هذه الانتفاضة بهذا الاتجاه الملفق الغير حقيقي ومع قدرتها على النجاح في بعض الاحيان ..غير انه سرعان ما نتنكشف الحقائق ويعي الشعب زيف تلك الحكومات بعدم تنفيذ طلبات الجماهير الذي من اجلها انتفضت فتسقط كل هذه الادعاءات الباطلة رغم كل المضايقات والملاحقات ضد النخب المثقفة الواعية أو ضد وسائل الاعلام الحرة ...وقد وجدنا كيف حركت احدى الحكومات العربية اعوانها لا قامة الاف الدعاوي على الكتاب والصحفيين والمفكرين لكتابتهم ونشرهم مقالات او تحليلات  للظواهر السلبية التي تتواجد بسبب السياسات الخاطئة التي تعتمدها حكومات تلك البلدان أو بسبب عرض مطاليب مشروعة او تخلف عن انجاز خدمات كان يجب ان تقوم بها وما الى غير ذلك من سلبيات كان يجب معالجتها.... أو ابداء رأي في قضية عامة فتجد الحكومة بشكل مباشر او عن طريق احد مسؤوليها او احد اعوانها مما تمسهم تلك السلبية بتحريك الدعاوي الجزائية والمدنية ضد ذلك الكاتب او الصحفي لاحراجه وإيذائه كي يكف عن الكتابة او  المطالبة او عرض مثل هذه الصور السلبية عن الحكومة واجهزتها التنفيذية الفاشلة وهي اجراءات قسرية قمعية لاسكاتهم من التحدث عن العيوب  والنواقص او التوجهات الخطيرة التي تتخذها قسم من الحكومات ضد مصلحة البلد... بل اننا قد نجد وسائل اعلام عميلة مرتبطة بالحكومات أو باحد اجهزتها تنبري هي الاخرى بتحريك الدعاوي ضد الكاتب او وسيلة اعلام اخرى منافسة لها او معارضة لها بالراي او الهدف او مغايرة لها طائفيا او عرقيا... وهي اجراءات اشد خطورة من الاجراءات المباشرة التي تتخذها الحكومات ضد الافراد وتطبيقا لتعليمات مبطنة  او لقوانين تشرعها تحصينا لها او حماية لاجهزتها  لا تنسجم والروح الديمقراطية التي تنادي بها تلك الحكومات كذبا وزورا.... مما يتطلب تكاتف جميع القوى الخيرة  للتصدي لمثل هذه الاجراءات وفضحها شعبيا وإن اقتضى الامر فدوليا ايضا ...وأن لاتقف مكتوفة الايدي تجاه الحكومات المستبدة  وتدفعها للتمادي والازدياد بالضغط على شعوبها ...فانكلترى لم تصبح ديمقراطية بمبادرة ذاتية من رؤسائها وقيا دييها... فليس هناك في العالم دولة مثالية ملائكية أو مسؤول مثالي يخضع لارادة شعبه او يرعاه بمبادرة خاصة منه وبارادته المنفردة فهو مجرد وهم وحلم جميل لا وجود له على ارض الواقع.... فالحقوق مثل الحرية لاتعطى بل تؤخذ بشكل دائم فمن يريد أن يصبح مثل انكلترى فعليه أن يطالب بحقوقه باستمرار او ينتزعها انتزاعا إذا لم  يستجاب طلبه رضاءا... وعليه أن يضع حكومته تحت المراقبة الدائمة والمحاسبة المستمرة وان لا يكون مجرد بوق لها يردد ما تصدره من قرارات حتى لو كانت جائرة ويؤيدها او يؤيد ما يامره قادة كتله او زعماء احزابه بالباطل  ...

 

يوسف علي خان

 

 

تاريخ النشر

08.06.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

08.06.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org