<%@ Language=JavaScript %> شاكر فريد حسن ورحل (الخال) شاعر الغلابة عبد الرحمن الأبنودي

 

 

 

ورحل (الخال) شاعر الغلابة عبد الرحمن الأبنودي

 

 

شاكر فريد حسن

 

فقد الشعر العامي المصري والعربي أحد رموزه ورواده وأعلامه الساطعة ، هو الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي المعروف بـ "الخال" ، الذي توقف قلبه عن الخفقان ولفظ أنفاسه الأخيرة مودعاً الكون ، بعد حياة زاخرة بالإبداع الشعري والنضال السياسي ، الذي جعله نزيلاً في المعتقلات والسجون المصرية في بعض مراحل حياته . ومن المفارقات أن يموت ويرحل في ذكرى رحيل صديقه الشاعر الراحل صلاح جاهين .

الأبنودي هو من أبرز شعراء العامية في مصر والوطن العربي ، ومعه وعلى يديه شهدت القصيدة الشعبية العامية تحولاً واضحاً وقفزة نوعية ومرحلة انتقالية مهمة في تاريخها . وقد تحولت قصائده إلى أغان أنشدها وصدح بها كبار المطربين المصريين أمثال العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ومحمد رشدي ونجاة الصغيرة وشادية ومحمد منير وسواهم . وحملت أشعاره هموم الناس البسطاء وعبرت عن خلجات ونبضات قلوبهم ، وعكست مشاعره وعواطفه العفوية المتدفقة ، مواقفه السياسية والحياتية ، تجلياته وانكساراته .

جاء الأبنودي إلى هذا العالم سنة 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر ، وينتمي إل أسرة دينية محافظة ، أنهى دراسته الأكاديمية بكلية الآداب في جامعة القاهرة ونال شهادة البكالوريوس في اللغة العربية .

 برزت موهبته الشعرية منذ نعومة إظفاره ، وتفجرت قريحته في "قنا" التي عاش وترعرع فيها ،ولعب مع أترابه في أحيائها وأزقتها ، متأثرا بأغاني السيرة الهلالية التي كانت رائجة ومنتشرة في تلك الفترة ، وكان شغوفاً  بشعر المتنبي والمعري . أجاد وأتقن كتابة الشعر العامي القريب من الذائقة الشعبية ، وتميز بالأهازيج الشعبية والأغاني الحماسية ،التي تجسد الأصالة وحال الشعب المقهور المعذب المثخن بالجراح وواقع الأمة العربية المنكوبة .

امتاز الأبنودي بالطيبة والوداعة وخفة الدم والصراحة الشديدة ، والوفاء للمبدأ والموقف الثوري ، والإخلاص لقضايا الوطن والحرية والشعب والأمة . وكان قريباً من هموم الفقراء وبسطاء الشعب والمقهورين والمسحوقين ومن أحلام الإنسان المصري .

عاش التحولات السياسية والاجتماعية في مصر،وعايش الانتكاسات والهزائم العربية ، وانتقد بشكل لاذع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لمواقفه الانهزامية الاستسلامية الخنوعة ، وساهم في الدفاع عن القيم الجمالية والإنسانية ، وصقل شخصية المصري الثائر المتمرد الرافض للقهر والظلم والاستبداد والاضطهاد الطبقي .

صدر للأبنودي 22عملاً شعرياً ، أهمها وأبرزها : الأرض والعيال ، السيرة الهلالية ، الاستعمار العربي ، الزحمة ، جوابات حراجى القط ، أنا والناس ، وبعد التحية والسلام ، وجوه على الشط ، صمت الجرس ، المشروع والممنوع ، المد والجزر، الأحزان العادية ، الموت على الإسفلت " وغير ذلك .

 قصائد الأبنودي وأشعاره الوطنية والسياسية والعاطفية والوجدانية تعكس روحه الشعبية وإحساسه المرهف ، وتنبض بأوجاع وآلام الناس الغلابة وتصف هموم الحياة القاسية ، وشكلت متنفساً لملايين الناس الجياع والمقهورين والمضطهدين الباحثين عن وطن الحرية والشمس والفرح والسلام والوئام . وهو لا يعيش محصوراً بين جدران ذاته وهمومه الفردية الخاصة ، فالإنسان دينه وديدنه ، والوطن دائماً في قلبه حتى وهو يتحدث عن أحواله الروحية .

الأبنودي شاعر شعبي صاحب ذهن عميق وثقافة واسعة ورؤية واضحة ، انغمس والتصق بهموم الفقراء والناس البسطاء ، وعاش أحاسيسهم وأوجاعهم وأحلامهم . إنه شاعر البساطة والبعد عن التعقيد ، وصاحب التعبير الفني الجميل ، والأسلوب السهل الممتنع . وهو يمتلك ناصية الكلام ويجيد سبك الكلام ، وظل مخلصاً لفنه ولما يؤمن به من رؤية خاصة للأدب والحياة ومن التزام سياسي وانحياز طبقي .

خلاصة الكلام ، عبد الرحمن الأبنودي قامة شعرية إبداعية ، وقيمة وطنية كبيرة ، وشاعر عظيم حظي بشهرة واسعة ، وأحتل مكانة رفيعة على نطاق واسع بين الأدباء والشعراء والمثقفين وبين صفوف الشعب ، الذي أحبه وانحاز إليه وانتصر لقضاياه . وإذا  كان مات جسداً فسيبقى حياً إلى الأبد بشعره الصادق العفوي الشفاف وسيرته الحياتية الطيبة النقية الصافية .

 

 

 

 

22.04.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

22.04.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org