%@ Language=JavaScript %>
حكايات فلاحية:
في الحديقة...رب ( فجلة ) نافعة !
صالح حسين
في ( مملكة السويد ) الشمس تشرق خجلا، يعني (غمزة ) محب، عيون الفتيات المحبات أكثر إشراقاً وحرارةً ودفاً، إذا إبتعدنا قليلا عن مراقبة (مساعد جميل) أي مراقبة (الذات) فلا شيء اجمل من محاكاة العيون: تلك التي تطير في فضائها، تبحر في شواطئها، تلك التي تبكيك بدموع الحزن والفرح، وتلك التي تبتسم بعتمة الليل... وما يسمى بـ( لغة العيون ) يقال: أن العيون جهاز أستقبال وأرسال...أما الذين لايخافون الله، يعتبرون ذلك ( بصبصة - من الكفر وإلألحاد) وهم غير صادقين... والخبر اليقين عند صديقي العزيز (الحاج عداي- صالح ) أطال الله بعمره...بالمناسبة غداً 11 / 5 / 2015 عندي موعد (عملية عيون) أتمنى لأصحاب النظر، عيون جميلة ونظر سليم...أحب ان أردد أغنية الفنان المبدع ( حميد منصور) حيث يقول: تشتاقهم عيني وهم في سوادها!
في الحديقة المنزلية، كثيراً من الراحة، وأكثر من الذكريات، خاصة عندما تذهب مع (دالغة - فكرة) تبتعد بك بقدر مسافات السنين...تذكرت زراعة الحنطة، الشعير... أنواع الخضروات، عملية السقي في الليل أو النهار، برد وعواصف شهر ( جويريد) أو(المربعانية ) أو ما يسمى بـ( برد العجوز ) الذي يأتي متأخراً في الشتاء، وهوأكثر الأيام برودة خلال فصل الشتاء، التي تؤثر بشكل كبير في الناس وحيواناتهم، وزراعتهم، ربما في بلدان عربية أخرى، باسم " أيام العجوز"... تذكرت الأنهر، المزارع، ريحة صوف الغم، وطعم حليب الماعز ألـ( مج )، تذكرت فرسي ( الملحة ) وبندقيتي ألـ( سيمنوف ) روسية الصنع، الذي أعطاها لي الحزب في السبعينات من القرن الماضي، قبل أعلان الجبهة الوطنية، تذكرت الأيام التي نجلس فيها في الـ( مشراكـَة ) بعدما تشعر ببردً ( قارساً- قارصاً ) يسمى (العسّيم ) مما تظطر إلى فرك كفـّي يديك ببعضها بقوة طلباً لطاقة الجسم الحرارية...تذكرت دخولي العراق، بداية عام ( 2004 ) بعد فراق دام أكثر من( 26 ) عاماً، كنت قاصداً من تلك العودة، الأتصال بمنظمات الحزب وإعادة تشكيلها، إلا إنني فوجئت عندما سمعت أن قيادة الحزب تلتقي ( بريمر) وتدخل المنطقة الخضراء بكارت الـ( باج )، فكانت صدمة لي ولغيري من الوطنيين، الذين أعتزلوا العمل السياسي فيما بعد!
ولاأدري لماذا تذكرت ( الفجل ) الذي هو من الخضر الغنية بالمكوِّنات الغذائية، حيث نصح الاطباء بتناوله مع وجبات الأكل لازالة السموم وسمن (البطن - الكرش ) والأرداف، من الجسم والحر تكفيه ( الأشارة ) وفي حديث مع أخصائيي التغذية والصحة العامة، أشاروا الى ان آخر الدراسات في بريطانيا أجريت لتحديد تأثير الخضراوات المختلفة على نسبة السكر ومشتقاته، وخلصوا إلى أن الفجل هو أكثر الخضراوات التي أدت إلى خفض نسبة السكر بالدم... وأخيراً توصل العلماء إلى أن أكله، إي ( الفجل ) قد يساعد في الوقاية من السرطان، واليوم يقولون إنه ربما يساعد في منع تساقط الأسنان، ولم يذكروا عن فوائده في تساقط الشعر، ولكن كما هو معروف فإن رائحة الفجل " الكريهة " التي تفتح الجيوب الأنفية صحياً، تمنع البعض من تناوله، وخصوصاً في المجالس... أما إذا قالوا ( العلماء ) إنه يساعد رجال السياسة على الدجل والكذب والخذلان، لاشك إنهم، سيسعون جاهدين ليستولوا عليه ( الفجل ) في المزارع والأسواق، كعملة صعبة، ومن ثم حرمان شعوبهم من تناوله !
بعد أن أنهيت عملي في حراثة الحديقة، كما في الصور أعلاه، وزراعة قليل من الفجل بأشكاله الثلاث، وأولها الفجل ( الأبيض ) النادر، في الأسواق الأوربية، وخصوصا في (السويد) وكذلك أكملت زراعة البصل والفاصوليا إضافة إلى بعض أنواع الورود... جلست قليلا تحت الخيمة التي تتوسط حديقة البيت، تذكرت بعضا من رفاق ( العتمة - لاهم وطنيون ولاهم مبدئيون) يقال عنهم اليوم في الريف العراقي ألـ( بشاته ) الذين غاب أثرهم في عيون العراقيين، حتى البعض منهم طلعت رائحته، كرائحة (الفجل ) الكريهة، بعدما أخذ يبحت عن صفة ( ولي الولي ) في ركام وحطام ما تبقى من الحزب، رغم المحاولات الكثيرة من الحريصين والمناضلين عليه ( الحزب ) في ترميمه وتضميد جراحه...وأقصد هنا الذين باعوا وطنهم ومبادئهم بسعر (الفجل ) خصوصاً بعض كوادر الحزب الذين حملوا بندقية ( جيسي ) أمريكية الصنع، ووقفوا إلى جانب الجندي الأمريكي عام 2003، كان هدفهم إسقاط مؤسسات الدولة، وبالتالي إنهيارها...فأين هم من شعاراتهم الوطنية !؟
تذكرت الفنانة الراحلة ( هيفاء حسين ) وأغنيها (الجميلة) في الستينات، من القرن الماضي، التي تقول فيها: حسبه تجيبني وحسبه توديني، وبين أحلام اليقظة... فاجأتني ( أم سارة ) كعادتها، بأستكان الشاي العراقي ( بالقوري - تخديراً ونكهة ) وقليلا من ( المعمول السوري - كليجة عراقية ) بالجوز.
تذكرت ما قاله ﺍﻻﻣﺎﻡﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ( ع ) حينما أجاب على سؤال هو: ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﺎ ﻋﻠﻲ؟. ﻗﺎﻝ : ﺛﻼﺛﺔ ﻭﺛﻼﺛﺔ: ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻜﺎﻥ الكبير، ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟم، ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ! وثلاثة : ﻮﻳﻞ ﻷﻣﺔ : ﻣﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﺨﻼﺋﻬﺎ، ﻭ ﺳﻴﻮﻓﻬﺎ ﺑﻴﺪ ﺟﺒﻨﺎﺋﻬﺎ! ﻭ ﺻﻐﺎﺭﻫﺎ ﻭﻻﺗﻬﺎ! وهذا القول تماماً ينطبق على الوضع العربي.
ويقال في عهد عمر بن الخطاب جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا...سأله عمر بن الخطاب قائلا: لماذا قتلته؟
قال الرجل : إني راعى إبل وغنم... واحد من ( جمالي ) أكل غصن شجره من أرض والدهم، فضربه بحجر فمات الجمل، فامسكت نفس الحجر وضربت به أباهم فمات...قال عمر بن الخطاب : إذن سأقيم عليك الحد. قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي، وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير، فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي... فقال عمر بن الخطاب: ومن يضمنك. فنظر الرجل في وجوه الناس فقال هذا الرجل، وأشار بأصبعه إلى أبي ذر.
فقال عمر بن الخطاب: يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل؟. فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين. فقال عمر بن الخطاب : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد. فقال أبو ذر: أنا أضمنه يا أمير المؤمنين... رحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكل الناس كانت قلقه على أبي ذر حتى لا يقام عليه الحد، وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقال : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد.
فاستغرب عمر بن الخطاب وقال: ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟. فقال الرجل: خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس...فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر لماذا ضمنته ؟. فقال أبو ذر: خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس...فتأثر أولاد القتيل، فقالوا لقد عفونا عنه، فقال عمر بن الخطاب : لماذا ؟. فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس...والسؤال هو: أين العرب من هذه الحكم والأخلاق !؟
قبل أيام قرأت مقالات روحية للبابا ( شنوده) الثالث ( بابا الأسكندرية ) أجاب فيها على سؤال هو: كيف تحب الناس!؟. حيث قال: " إن الله لا تهمه أعمال الخير التي يفعلها الناس، إنما يهمه ما يوجد في تلك الأعمال من حب للخير ومن حب لله..فهناك أشخاص يفعلون الخير ظاهرًا وليس من قلوبهم، وهناك أشخاص يفعلون الخير مجبرين من آخرين، أو بحكم القانون، أو خوفًا من الانتقام، أو خوفًا من العار، أو خجلا من الناس.. وهناك أشخاص يفعلون الخير من أجل مجد ينالونه من الناس في صورة مديح أو إعجاب.. كل هؤلاء لا ينالون أجرًا إلا إن كان الحب هو دافعهم إلى الخير."
مربط الفرس: يحكى أن الانسان قدّمَ ذاته قرباناً لمنتوجاته، وأفكاره الصناعية والزراعية وغيرهما.. أي إنه أنتجَ التقنيةََ المتنوعة فوقعَ في أسرها، وكذلك وقع في أسر ما ينتجه من أفكار ومعتقدات...مثلا: أصنامه، أوهامه، أحلامه، رغباته، عاداته، حاجاته، حتى وقع في أكاذيبه التي يريد أن يصدقها بنفسه... وأيضا يقال: إذا اردت إكتشاف ( أخلاق شخص ) فإنظر إليه حين يغضب! وربما هذا هو بيت القصيد، وإذا اردت إكتشاف ( رقي شخص) فإنظر إليه كيف يتعامل مع من أساء إليه! وإذا اردت إكتشاف (عقل شخص ) فإنظر إليه وهو يحاور من يخالفه في الرأي!. فهل هذا المنتوج ( الثقافي - المتطرف ) هو: عنوان حضارتنا الجديدة اليوم!؟
وأخيراً: نقول للأسف أصبح الدم العربي، يسيل في شوارع العواصم العربية، بسعر ( الفجل ) وبالعملة العربية، الذي هو أغلى سعراً من بعض حكامنا العرب ( ملوكا وأمراء ورؤساء ) وفي الدول الأوربية، يباع الفجل بـ(القطعة ) حيث لايقل سعر ( الرأس ) الواحد، عن دولار ونصف الدولار، لذلك نترك الأمور لأصحاب الفخامة من الفجل... وقالوا في الأمثال: رب ضارة نافعة!، ونقول رب ( فجلة ) نافعة!!
. السويد - صالح حسين - 10 / 5 / 2015
10.05.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
10.05.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |