%@ Language=JavaScript %>
لو كان المالكي سنياً، لو كان النجيفي كردياً...لكنا انتبهنا!
صائب خليل
2 تموز 2015
النفاق ممتع واقتصادي! إنه يعطينا شعور لذيذ بأننا الأفضل دون أن نتكلف ثمن ذلك، ويمكننا أن نثبت قناعتنا بأن تلك الأفضلية في جيناتنا وتعاليمنا وتربيتنا، ولا نحتاج إلى أن بذل شيئاً من أجلها. والنفاق فوق ذلك، يساعدنا على التمتع بثمار سرقاتنا دون إزعاج الضمير الذي ينشر عليها طعماً مراً، إن لم نكن منافقين جيدين.... لكن للنفاق ثمنه! ثمنه الغالي...
نلاحظ علامات النفاق في الغضب من الحقائق التي لا تناسبنا، ونبقى غاضبين منها حتى بعد عجزنا عن الرد عليها، وكذلك الفرح بالأكاذيب التي تسعدنا، وبقاء استخدامنا لها حتى بعد أن نكتشف أنها أكاذيب!
نكتشف العلامات فينا أيضاً في تركيز اهتمامنا على لصوص الآخرين، والتساهل مع لصوصنا، بل والدفاع عنهم أيضاً بحجج مختلفة كأن نقول ان الآخرين يسرقون أيضاً، أو أنهم سرقوا في الماضي. وكأن اللصوصية حق من الحقوق يجب أن توزع بالتساوي، وليس كارثة يجب ان يردعها المرء عن أهله قبل غيرهم!
وخير طريقة أن نكتشف نفاق شخص ما، هي أن نقارن مع تصرفه لو أن حكمه على المقابل يعتمد على هوية ذلك المقابل. فنكتشف أنه يتخذ من نفس العمل موقفين مختلفين عندما يصدر من شخصين مختلفين، فتعالوا بمساعدة بعض الخيال، نكتشف أنفسنا...
لو كان المالكي سنياً،
وقدم الدعم النفطي إلى الأردن، ذلك البلد الذي يبلغ فيه معدل دخل الفرد أكثر مما يبلغ في العراق بشكل واضح،
ذلك البلد الذي يمتلك بينة تحتية لا يحلم بها العراق لسسنين عديدة قادمة،
ذلك البلد الذي يعيش الناس فيه بأفضل مما يعيش فيه مواطنوا المالكي الذين يتبرع بأموالهم لحكومة الأردن، ويستقطعها من مدن الجنوب البائسة التي ينتمي معظم سكانها إلى مذهبه الشيعي
لو كان المالكي سنياً وقدم الدعم، لذلك البلد الذي يقود المؤامرات الطائفية وينظم المؤتمرات المضادة للحكومة ذاتها وللشيعة بشكل خاص،
لوكان الرجل سنياً وقدم ذلك الدعم للأردن السني الذي تكاد خطب مساجده تتفرغ للهجوم على الشيعة والتحذير منهم،
لو كان المالكي سنياً ودعم دون أي مقابل ذلك البلد الذي يسأل المواطن العراقي عند حدوده إن كان شيعياً ليميز ضده حتى لو كان عضو مجلس نواب ...
ذلك البلد الذي ياخذ الدعم وكأنه يأخذ جزية مفروضة بلا شكر أو أمتنان أو كلمة طيبة...
ذلك البلد الذي كان لعشرات السنين الملجأ المفضل للصوص العراق ليهنأوا بما نهبت أيديهم...
ذلك البلد الذي امتص دم العراق وابتزه عشرات السنين وفرض عليه الدعم حتى في سنوات الحصار الإقتصادي الخانقة..
وأخيراً ذلك البلد الذي يحتضن كل مؤتمرات التآمر على العراق،
لو أن المالكي كان سنياً، ودعم ذلك البلد السني، رغم كل تلك الحقائق المفجعة، اما كان الشيعة منا سيرون في ذلك مؤامرة سنية عابرة للحدود على حقوقهم؟ أما كانوا سيثورون بوجهه بكل عنف؟
لكن المالكي كان "شيعيا" ، فاستعان بطائفيتنا كشيعة ليمرر نهب ثرواتنا بلا ضجيج .. ودفعنا ثمن نفاقنا!
هذا ينطبق على بقية الساسة كما سنرى، حيث تغطي طائفيتنا على الجرائم ضياع المصالح، ويأمن اللص أو المعتدي أنه لن يصيبه ضرر، لأن جهة من الشعب ستهب كالمجنونة إن تمت محاسبته. إنه محمي بطائفيتنا!
قبل أن نستمر دعونا نلاحظ أولاً أن الأمر ليس عشوائياً وأن الطائفية ككل لا تحمي السياسيين ككل، بل أن كل سياسي يحتمي بطائفية معينة تخدمه لتغطية جريمة معينة. فلو ارادت جهة ما أن تسلب العراق بعض ثروته لتقديمها إلى الأردن، دون أثارة احتجاج شديد بين الشيعة، لتوجب اختيار من يتصدى لهذه المهمة من يستطيع أن يحتمي بطائفية شيعية! أي أن يكون شيعياً! وهكذا كان بالفعل...
ومن هنا نستنتج استنتاجنا الثاني أن كل شخص يحتمي بالطائفية، فإنما يكلف للإضرار بطائفته بالذات! تلك الطائفة التي تحميه ذاتها! لأنه يستطيع أن ينزل بها الضرر دون أن تشعر بقوته. وهكذا يتمكن المالكي من تبديد ثروة الشيعة (بفرض هذا المفهوم) وإهدائها للأردن بأفضل مما يستطيع سياسي سني أن يفعل ذلك، ولذا فأن تلك المهمة تسلم إلى شخص شيعي! وتسلم مهمة أخرى لسني أو كردي!
الآن وقد وضحت الفكرة العامة دعونا نكمل بالأمثلة...
لو كان المالكي سنياً حين مرر أجهزة كشف المتفجرات المزورة واستمر باستعمالها حتى بعد افتضاحها عالمياً، أما كان الشيعة منا سيقولون أنه عضو في داعش والقاعدة وأنه متآمر للقضاء على نسل رسول الله؟
لو كان المالكي سنياً، لانتبهنا، لكنه كان "شيعيا" ، فاستعان بطائفيتنا كشيعة ذاتهم ، ليمرر دورا خطيراً في الإرهاب دون أن يلحظ احد ..وهو التغاضي عن افعال الإرهاب حين تقودها قوة يخشى منها على منصبه...كان المالكي شيعياً فتغاضينا، ودفعنا ثمن نفاقنا غالياً!
لو كان المالكي سنياً، عندما حمى الضباط الخونة الذين سلموا الموصل إلى داعش، على التقاعد... أما كنا سنقول أنها مؤامرة طائفية بين داعش والحكومة السنية لاحتلال أجزاء العراق الواحدة تلو الأخرى وتسليمها لحكم السنة؟
ألم نكن سنفسر ذلك بأن السنة لا يتحملون أن يكونوا خارج الحكم وأنهم مستعدين للخيانة من أجل حكم سني حتى لو كان تحت راية داعش؟
لكن المالكي كان شيعياً، اعتمد على مكانته الطائفية بيننا كشيعة ، فتغاضينا ومرت الخيانة علينا بلا ضجيج... ودفعنا ثمن نفاقنا!
لو كان المالكي كردياً حين هرول لإلغاء الدعوى التي اقامها وزير الدفاع السابق على كردستان لسرقتها أسلحة الجيش العراقي، اما كنا سنقول انه يسهم في تثبيت السرقة لصالح قوميته؟
ألم نكن سنرفع احتجاجاتنا بأنه يتدخل في شؤون القضاء لحماية سرقات قوميته؟
ولو كان كردياً وتغاضى سنة بعد سنة عن مليارات الدولارات التي تصل كردستان من الخزينة بغير وجه حق حتى وصلت اليوم 42 مليار دولار..
عندها ألم نكن سنقول: أنظروا! الكرد يتآمرون علينا وعلى ثروتنا!
لكن المالكي كان عربياً، واعتمد على طائفيتنا القومية ليختبئ خلفها فلم نعترض وتركناه يسلب بلادنا ثرواتها ليعطيها للأردن وكردستان تنفيذا لأوامر سيده الأعلى..كان المالكي عربياً فتمكن من سلب العرب حقوقهم...لو كان كردياً لانتبهنا، لكنه كان عربياً فتغاضينا، ودفعنا ثمن نفاقنا غالياً!
لو كان العبادي أمريكيا،
وأتى إلى الحكم بالطريقة الغامضة المدسترة في الغرف الخلفية رغم أنه لم يكن لديه سوى 4000 صوت...
لو انه أمريكي وحظى بالدعم الأمريكي الذي حظي به،
ولو هدد الأمريكان العراقيين بتركهم لداعش إن لم يرضوا بالعبادي الأمريكي،
أما كنا سنراه كمحتل استغل وضع البلاد ليعيد احتلالها؟
ألم نكن سنخرج التظاهرات المليونية ضد من تآمر وانتهك الدستور ليصبح حاكماً على البلاد؟
لو كان العبادي أمريكيا، وجاء بمشروع الحرس الوطني الذي يقسم البلد إلى محافظات لكل محافظة جيشها، ولا يدخل الجيش العراقي إلى أية محافظة دون إذنها... أما كنا سندق أجراس الإنذار عن مشروع بايدن ثان ومؤامرة أمريكية ثانية لتحطيم الوطن؟
لكننا رأينا العبادي عربياً، فتغاضينا ومازلنا ندفع الثمن وندخل بلادنا في أشد الأخطار دون انتباه!
لو كان العبادي سنياً،
واستمر بدعم الأردن بنفس المستوى السابق وزاده رغم انخفاض أسعار النفط إلى أقل من النصف، ومرور البلاد بأزمة اقتصادية تعصف بها...
لو كان العبادي السني قد ذهب ليقدم المزيد من النفط المجاني ويوقع العقود غير المعلنة التفاصيل مع الأردن وغيره، ودون العودة للبرلمان،
أما كنا سنراه جزء من مؤامرة سنية، ونهتف أنها تهدف لسرقة "ثروات الوسط والجنوب"؟
لو كان العبادي سنياً وفعل كل ذلك، اما كنا سنتهم السنة عموماً بعدم الإحساس بالمواطنة، وتقديم ثروات البلد إلى السنة حتى لو كانوا غير عراقيين وأن مصلحة الوطن لا تهمهم بشيء؟
العبادي فعل كل ذلك، لكننا لم ننتبه!
العبادي كان عربياً فاستطاع أن يحتمي بطائفية العرب القومية لابتزازهم لصالح مصالحه في إرضاء من جاء به، وكان شيعياً فاستطاع ابتزاز الشيعة مستغلا طائفيتهم لتبديد ثروتهم، وكان عراقياً فاحتمى بذلك لإعادة إدخال الأمريكان ومشاريعهم التمزيقية للبلد.... وبتركيزنا على مقالقنا الطائفية دون غيرها، لم يثر كل ذلك حفيظتنا وقلقنا ولم ينبه شعورنا بالخطر... العبادي احتمى بطائفيتنا...ودفعنا ثمن نفاقنا!
لو كان العبادي بعثياً قديماً
وجاء بمشروع الحرس الوطني مع فقرة تؤكد إعفاء كل ضباط الجيش من المجتثين البعثيين من التهم الموجهة لهم وتعيينهم في قيادة الحرس الوطني برتب أعلى من رتبهم، أما كنا سنقلب الدنيا على راسها احتجاجاً وقلقاً مما يريده للبلاد هذا المتآمر؟
لكن العبادي لم يكن بعثياً، بل من المعارضة الشيعية، فاحتمى بتلك الهوية وتآمر لإعادة البعث إلى السلطة إرضاءاً لأسياده، دون أن يلفت الإنتباه ويثير ما يفترض من حذر. وسندفع غداً ثمن نفاقنا غالياً!
لو كان عادل عبد المهدي كردياً، وذهب ليوقع بلا اية مناقشة على كل مطالب كردستان النفطية، في مرحلة جديدة متطورة من الإبتزاز، أما كنا سنشعر أنها مؤامرة كردية على نفطنا ونحتج؟
لو كان عبد لامهدي كردياً، هل كنا أصلاً سنقبل أن يعين مثل هذا الرجل سيء السمعة والذي لا يعرف أي شيء عن النفط، ليتحكم في شريان العراق ونقطة صراعه الرئيسية مع كردستان، دون أن نعترض ونشكك بالحكومة التي وضعته في هذا المنصب؟
لكن عبد المهدي كان يحمل هوية عربية، فاعتمد من جاء به على ذلك لإخماد انتباهنا لما يحدث،
لو كان عبد المهدي كردياً لانتبهنا، لكنه كان عربياً فصمتنا،...ودفعنا غالياً ثمن نفاقنا!
لو كان أشتي هورامي عربيا حين كان يوقع العقود النفطية غير الشفافة والمجحفة لكردستان قبل غيرها وبسرعة قياسية لم يعرفها أي بلد في العالم، أما كان الكرد منا سيهتفون أنها مؤامرة عربية على نفطهم تستهدف استنزافه قبل نفط الجنوب ولطالبوا أن يحدد استخراج النفط من ارضهم ويتوازن مع استخراجه من الجنوب وأن تكون العقود شفافة؟
لكن اشتي هورامي كان كردياً، أعتمد على المشاعر القومية الشديدة ومشاعر الشوق الشديد للسيادة عند الشعب الكردي، لإخفاء النهب والتدمير وسرية العقود.. كان يهتف: كلما قالت بغداد "غير قانوني" وقعنا عقدين إضافيين!"....دون أن يخشى قلقاً كردياً، بل فرح الكرد بهذا "البطل" الذي يتحدى بغداد....
لو كان أشتي هورامي عربياً لانتبه الكرد، لكنه كان كردياً فتغاضوا، فدفع الكرد منا ثمن نفاقهم.
لو كان أياد علاوي أمريكياً، وذهب مع كولن باول إلى الأمم المتحدة ليطلب منها عدم التدخل في العلاقة بين الأمريكان والحكومة العراقية وأن تلغي المشروع الفرنسي الألماني بمنح العراق صلاحيات أوسع في التعامل مع قوات التحالف.. اما كنا سنراه ينفذ مؤامرة أمريكية فاضحة على سيادة العراق؟
لكن أياد علاوي لم يكن امريكياَ، بل "عربي" .. فاستغل ما يمنحه الإسم الفارغ من حماية طائفية منافقة ، و.. دفعنا ثمن نفاقنا غالياً..
ولو كان أياد علاوي كردياً حين وقع على اتفاق "إعتبار" نسبة نفوس كردستان 17% ، بزيادة أكثر 50% على أكبر نسبة تقدمها الإحصاءات المتوفرة، أما كنا سنرى ذلك مؤامرة كردية مفضوحة لسرقة العراق بثروته ونسبة تمثيل سيادته؟
لكن أياد علاوي كان عربياً، فابتز العرب بهدوء .. ودفع العرب غالياً ثمن نفاقهم!
اثيل النجيفي ذهب ليوقع عقوداً للنفط مع كردستان وأكسون موبيل على حقول الموصل سراً، وتنازل عن أراض كثيرة لكردستان ووقع عقد مصفى يبنى في منطقة خارج محافظته وسكت عن تهجير العرب من قراهم وتفاوض مع داعش واعلن ذلك صراحة لمجلس محافظته،
لو كان أثيل كردياً أو أمريكيا اما كان العرب منا سيحكمون على هذه التصرفات بأن الكرد و الأمريكان يتآمرون لفصل الموصل عن العراق ونهب ثرواتها؟
لكن اثيل النجيفي كان عربياً، فلم ننتبه .. ودفعنا ثمن نفاقنا القومي غالياً!
هكذا تمكن كل هؤلاء المجرمين الكبار واللصوص الكبار والعملاء الكبار، أن يقوموا بجرائمهم وسرقاتهم أمام أعين الشعب المشوش على بصيرتها بنفاقنا الطائفي والقومي والديني وحتى العلماني، مثلما تحمي أجهزة التشويش الطائرات المهاجمة حتى إكمال طلعاتها.
لنلاحظ أنه في كل مرة تحدث مثل هذه الجرائم فأن القائم بها يحتمي خلف هوية فارغة المعنى رغم شكلها. فعندما لا يتصرف العبادي كعراقي، فهل هناك قيمة لهويته العراقية؟ وعندما لا يبدي المالكي أي اهتمام لمصالح الشيعة ويصرف نفطهم ليبقى على الكرسي، هل من معنى لهويته الشيعية؟ أو النجيفي الذي يبيع الأراضي لكردستان، لهويته العربية؟ أو أشتي هورامي لهويته الكردية؟ إن كل من هذه الهويات لا تلعب إلا كستار لتغطية لص أو عميل، يقوم بابتزاز قوميته او طائفته أو بلده، ويتيح له ذلك تركيز الشعب على قلقه الطائفي دون غيره.
العلمانيون، رغم أنهم بشكل عام الأكثر ثقافة وتعليماً، والأبعد بطبيعة اعتقاداتهم عن الطائفية، ليسوا بعيدين عن هذا الخلل، فتركيزهم على القلق من الدين أعمى بصيرتهم لفحص حقيقة أي شخص يرفع ذات الشعار، وإلا كيف نتخيل أن يصطفوا خلف عملاء السي آي أي والموساد (أياد علاوي، مثال الآلوسي) ولا يروا منهم سوى هويتهم "العلمانية"؟
وهذا التأثير للهوية لا يقتصر على من نسميهم عادة "طائفيين" أو "قوميين متطرفين" (شوفينيين) بل تلعب دورها (وإن كان بشكل أخف) حتى في الناس الإعتيادية التي ترى نفسها بعيدة عن الطائفية، فكونك تعتبر الشخص "من جماعتك" سيؤثر في حكمك على افعاله أو على الأقل شدة قسوتك في تقييمها او التساهل فيها. فما اصعب أن يضع المرء نفسه في مكان الآخر لينظر من هناك!
من أين جاءت تلك الهويات بقوتها للتستر على اللصوص والعملاء والمبتزين؟ أجزم أن ذلك الشعور "الطائفي" يعود إلى ايام القبائل القديمة، حيث يعمل كل أفراد القبيلة لصالح قبيلتهم، ولا يحتاج الناس إلا أن يعرفوا أن فلان من قبيلتهم ليطمئنوا إنه يراعي مصالحهم في كل أمر وقرار. لكن الحال تغير منذ مئات السنين، واختلطت القبائل، وصار تفضيل ابن القبيلة او الطائفة وتمييزه أمراً معيباً و "نفاقاً". وبفضل قدرات الإتصال والإغراء الجديدة وتفكك مجتمع القبيلة، صارت إمكانية رشوة ممثل القبيلة من أسهل الأمور. لكن الشعب بقي عند غرائزه القديمة بالإطمئنان إلى من هو من قومه ومن طائفته. وهذا ما يعرفه جيداً من يريد سرقة الشعوب واستغلالها وأذيتها.
ففي الجو الطائفي المشحون، تشوش رؤيتنا، فنرى اللص كشخص "سني" أو "كردي" أو "شيعي" وليس كـ "لص"! وبذلك نتيح للص أن يتخفى عن عيوننا وأن ينجو بفعلته.
لنلاحظ أيضاً، أننا حتى اليوم، حين نحارب الطائفية فإننا نفعل ذلك على اساس أنها تحيز لطائفة الطائفي، وانها ظلم وأذى للطائفة الأخرى. لكننا نلاحظ هنا أن الطائفية تدمر طائفتها قبل أن تدمر الطائفة الأخرى والمجتمع، لأن الشعور الطائفي هو الذي يتيح لأعداء البلد والطائفة إخفاء لصهم خلف طائفيته ليبتز تلك الطائفة بالذات!
إن كل طائفة تتميز بـ "العمى المؤقت" عن لصوصها، فإذا ارادت جهة ان تسلب ثرواتها فعليها أن تكلف وسيطاً من ذات الطائفة المراد نهبها، ليقوم لها بالسرقة لحسابها والتخريب نيابة عنها. ولو كان المالكي والعبادي والنجيفي وغيرهم، ينتمون لطوائف او قوميات اخرى لكنا انتبهنا لأفعالهم ولما نجحوا بمهمتهم بهذا الشكل في خدمة من لا يريد الخير للبلد.
أن صار واضحاً كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه من دمار، فما هو الحل؟ إننا لم نعد نسيطر على "قبيلتنا"، ولن نستطيع أن نضمن أن لا يكون فيها من أمثال علاوي والعبادي وعادل عبد المهدي، لذلك فالحل هو أولاً أن نفهم ونؤمن بعمق بحقيقة أن الفترة القبلية قد مضت وأن اخلاقها وقياساتها وانتماءاتها لم تعد تعمل، ولم تعد تضمن التحيز لها، ولذلك (ثانياً) علينا أن نعامل الجميع بنفس القسوة ونفس الشك، بل أن نعامل افراد طائفتنا بشك أكبر وأن نتذكر أن قدرتهم أكبر على استغفالنا.. وسننتبه فوراً لأي ابتزاز حتى لو لم يكن المالكي سنيا والعبادي امريكيا وهورامي عربياً.
تاريخ النشر
03.07.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
03.07.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |