<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل  عباس “ومهنته” بين قادة كردستان وإسرائيل

 

 

 

عباس “ومهنته” بين قادة كردستان وإسرائيل

 

 

صائب خليل 

25 أيار 2015

صورة مسؤول كردي يصافح مسؤول إسرائيلي لم تعد تثير الإهتمام، فكردستان عبرت عن نفسها أكثر من مرة بصراحة على أنها امتداد إسرائيل في العراق وبالتالي المنفذ الأساسي لخططها فيه. لكن ما أثار أهتمامي وما سنركز عليه اليوم هو هذا الرجل الواقف بين المتصافحين ويبدو أنه قد قدمهما إلى بعضهما البعض.. "رئيس السلطة الفلسطينية" محمود عباس! (1)

 

ونحن إن كنا من الناحية الإنسانية نرى في إسرائيل نظاماً عنصرياً قبيحاً يأبى الشرفاء في العالم كله مد يد المصافحة إليه، فإنه بالنسبة للعرب إهانة إضافية وحز في القلب لأن عنصرية إسرائيل وعدوانها ولا أنسانيتها موجهة إلى صدر العرب، وبقاءها وتوسعها مرهون بتحطيم العرب واحتلال أراضيهم وقهرهم. لذلك فإننا نخجل أن يسمى عراقياً من يصافح مسؤول إسرائيلي، لما قد يمسنا من ربط ذلك الإسم بذلك العمل المشين، ولا يقتصر ذلك على الكرد بالتأكيد، ولم ندخر جهداً في فضح مثال الآلوسي أبداً.

مصافحة برزاني بتلك الحفاوة لشمعون بيريز، جاءت في لقاء على هامش لقاءات المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الاردن، بعد يومين من تصريحات بارزاني التي اكد فيها انه يطمح لعودة العلاقات بين الاقليم واسرائيل الى سابق عهدها، وهي تذكرني بمقالة كنت قد كتبتها عن مصافحة الرئيس العراقي (الكردي) السابق طالباني لمجرم آخر هو إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، قبل سبع سنوات، حيث ظهر نفس "الرجل" بين المتصافحين.

 

  

وفي حينها كتبت: " طالباني يبصق على مشاعر شعبه- هذا الرجل لايمثلني"(2)

في ذلك الوقت كانت صلافة كردستان وأذيال إسرائيل أقل، وكان الكرد بحاجة للمبررات لهذا الفعل الشائن، فجاء في بيان مكتب الطالباني "ان ما جرى لم يكن سوى سلوك اجتماعي حضاري لا ينطوي على أي معنى أو تداعيات أخرى، ولا يحمل العراق (الدولة) أي التزامات، كما أنه لا يؤسس لأي موقفٍ مغايرٍ لسياسات جمهورية العراق". وقال فؤاد معصوم الذي صار اليوم رئيسا ً للعراق وكان عضو بالبرلمان :"لقد رحب به عباس الذي قدمه الى باراك. كان من غير المنطقي أن يرفض" . وكذلك برر هوشيار زيباري يوم صافح وزير البنية التحتية الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر في الاردن ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي عام 2005، فقال بان فعلته "لاتمثل موقفا سياسيا"!.. الآن وفر ارتفاع الصلافة وانخفاض الأخلاق تلك التبريرات على مرتكبي مثل هذه المواقف القبيحة. والرئيس الجديد للعراق معصوم جاء ومعه صورة مصافحة ابنته لمسؤولة إسرائيلية ايضاً، وكأن قادة الأكراد لا يذهبون إلى بعض الأماكن إلا لمصافحة إسرائيلي يأتي إليها "بالصدفة"!

 

في تلك المقالة المذكورة تساءلت: لماذا تسمى مصافحة الجلادين العنصريين "سلوك إجتماعي حضاري"؟ لقد رفض فنان لبناني كبير قبل اسابيع إستلام جائزة كبرى لأنهم أشترطوا عليه أن يصافح إسرائيلية، وكان يرى فيها رمزاً للإضطهاد والعدوان فرفض وخسر الجائزة، فهل كان سلوك هذا الفنان "غير حضاري"؟ لو كان سلوك جلال "حضارياً" فعلاً فهل كان هناك من يحتاج إلى تبريره؟ لقد عبر كل من مانديلا وماركيز عن  احتقارهما الشديد في أكثر من مناسبة للقادة الإسرائيليين، فهل أن مانديلا وماركيز أقل حضارة من طالباني؟

 

لا أظن أن أحداً، مهما دفعته شوفينيته القومية يمكن أن يقر بهذا، وبالتالي فلا أحد يستطيع أن ينكر أن تلك المصافحات عمليات لا أخلاقية، تماماً كعمليات العهر، ولكن على المستوى الإنساني، وأنها تفرض على المتمسكين بشرفهم النظر إليها باحتقار وأيضاً بحسرة وألم لما تؤشره من هبوط انساني عام.  

وقد يحتج قارئ تخدش مشاعره عبارة "العهر" في مقالة (أكثر مما تخدشها العملية ذاتها، كما أوضح لنا مظفر النواب يوماً) فيقول أن هذه "براغماتية" وأن هذا الخيار قد فرضته على ممارسيها "ظروفهم". ولكن ألم تفرض ظروف العاهرات عليهن ذلك الخيار؟ أليست العاهرة "براغماتية" في موقفها أيضاً؟ فلماذا نسمي تلك عاهرة وهذا "قائداً"، ولماذا نسمي بعض من خان الكرد لحساب صدام "جحشاً"، ونطلق على من قام بنفس الفعل بالضبط، تسمية "الرمز"؟ هل أن أخلاقيتنا وأمانتنا في الحكم بخير حقاً؟

لكن ما لفت انتباهي وحثني للكتابة اليوم ليس هذا الهبوط الذي يتقدم مخترقاً أخلاقيتنا ليصبح "طبيعياً" فيها وجزء منها، ولا الطرفين الممارسين لذلك العهر، بل ذاك الذي يقف بين الممارسين، لينظم ذلك اللقاء بينهما – أي "القواد" بكل معاني الكلمة! والمثير للإشمزاز أكثر أن يكون هذا "الرجل" في الصورتين هو رئيس السلطة الفلسطينية  محمود عباس لا غيره! ذلك "الرجل" الذي يفترض أن يكون آخر شخص في العالم، يشجع مثل ذلك اللقاء، والذي يفترض أن يعتبر مقاطعة أية دول أو جهات لإسرائيل هي أوراق ضغط شعبه الأساسية الباقية لردع العدوانية الرهيبة لإسرائيل ضد هذا الشعب، لعلها توفر بعض دمائه التي تسيل منذ أكثر من ستين عاماً وصارت مأساة العصر!

 

في مقالتي السابقة نبهت إلى هذا الأمر وكتبت: "لابد أن أشيد بالعبقرية الهائلة التي وقفت وراء الموضوع: زج شخص محسوب على الفلسطينيين (رغم أن الشعب الفلسطيني طرده من السلطة ومن معه شر طردة في الإنتخابات الأخيرة، وكشفت مستورات حكمه بعد ذلك، لكنه صمد في مكانه بدعم إسرائيلي مسلح) ليقوم بالتقديم بينهما فلا يستطيع أحد أن يلوم الطالباني، خاصة لمن يعتبر أن قضية إسرائيل هي قضية الفلسطينيين فقط وليست موضوع اعتداء واحتقار لكل ما هو عربي ومن هو عربي، أو أنها موضوع عنصري مضاد للإنسانية قبل كل شيء"...

 

واليوم تتكرر هذه الصورة البشعة المثيرة للتقزز، ويقوم عباس بذات "الدور" فيها، فما هو شعور الفلسطينيين يا ترى....؟ .. أنا أفهم أنهم مغلوب على أمرهم، لكني اتساءل، هل يسمونه في فلسطين "قواداً".. أم أنه هو الآخر "رمز"؟ أم أن الفرق لم يعد كبيراً بين التسميتين لدينا؟ أم أننا شعوب قبلت مع الزمن، ودون أن تشعر، ما فرض عليها من القوادين والجحوش، "رموزاً" لها؟

 

(1) مسعود بارزاني يصافح بحفاوة رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريز

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=758242547608291&set=a.126532704112615.22875.100002676593951&type=1&theater

(2) صائب خليل: طالباني يبصق على مشاعر شعبه- هذا الرجل لايمثلني

http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/5ta.htm

 

 

 

تاريخ النشر

26.05.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

26.05.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org