%@ Language=JavaScript %>
نواب منْ سيصوتون على قانون الحرس الوطني؟
صائب خليل
11 أيار 2015
في مسعاه لتنفيذ الإتفاقات التي جاءت به إلى السلطة، يتعرض العبادي إلى الضغط الشديد والإستهجان، وصار المزيد من الناس يرونه كعميل يسعى لتحطيم العراق لحساب أميركا. وفي الوقت الذي يتسبب فيه كشف مشاريع الكونغرس بالإحراج الشديد للعبادي، تحاول الإدارة الأمريكية من خلال الإعلام الذي اسسته في البلاد ليعمل لحسابها، التخفيف من الضغط عليه وتجميل صورته أمام الناس بتصويره كوطني، وتشويه صورة منتقديه. ولعل أكثر ما يثير الضحك محاولة جريدة "الصباح الجديد" التي نشرت اليوم خبراً ملفقاً تحت عنوان "العبادي يضع استقالته تحت تصرف المرجع السيستاني".(1) وهي محاولة مستميته لإظهار العبادي بمظهر الوطني الضحية من جهة ولإيهام الناس أن الضغط الذي يتعرض له يأتي من الحشد الشعبي وإيران وليس من أميركا، وأن من يتحكم بتعيين وإقالة رئيس الوزراء هو السيستاني وليس أميركا، دون أن تنسى التأكيد على "النجاحات العسكرية والانجازات التي حققتها الاجهزة الامنية تحت قيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي".
مجلس النواب يحس بالضغط نفسه ويتعرض لنفس النظرات الشكاكة، وهو يستعد للتصويت على مشروع الحرس الوطني المشبوه. فهل حقاً ان الضغط يأتي من إيران وأن الحرس في صالح العراق؟
لنفترض للحظة أن مجلس النواب العراقي تغير بقدرة قادر وصار النواب الذين يشغلون مقاعده يمثلون مصالح ناخبيهم بالفعل. ولننظر كيف يفترض أن يصوت كل من هؤلاء بعد أيام على مشروع قرار الحرس الوطني.
لنسأل أولاً، ما هو تأثير "الحرس الوطني" على المواطن في المناطق السنية؟ وهل سيكون في خدمة ذلك المواطن؟ ولنسأل: ما هي مشكلة المواطن في المناطق السنية؟ هناك مشكلتان أساسيتان حالياً هما داعش والبطالة، فما تأثير هذا الحرس على أي من هاتين المشكلتين؟
المواطن في المناطق السنية أكثر من أي مواطن آخر في العراق معدوم الثقة بقادته وساسته، من التجربة المريرة التي خاضها معهم ودفع ثمنها غالياً. وهؤلاء يأتمرون بالأوامر الأمريكية كما تكشف حركتهم النشطة الأخيرة، وكما يكشف الطلب من أميركا الإسراع بتسليحهم بعيداً عن الحكومة التي هم جزء منها! المواطن يعلم جيداً أن تحركاتهم المكوكية بين السعودية والأردن وواشنطن تستهدف إرضاء هذه الدول وليس خدمة المناطق السنية التي يدعون الإهتمام بها. وأميركا كما تشير مئات الدلائل، ليست معنية بإزالة داعش بل خدمتها وإبقائها. إذن فالحرس الوطني الذي اخترعته أميركا سيكون معنياً بدعم داعش لا إزالتها.
إن الحرس الوطني قد جاء على يد حكومة العبادي يشترط أن يقوده بقايا ضباط البعث الكبار بعد تعيينهم برتب أعلى. ومن هؤلاء سيتم انتقاء ما ينفع الأمريكان لمشروعهم، مثل عبود كنبر والغراوي وبقية الخونة الذين سلموا الموصل لداعش. الأمريكان لن يسمحوا أبداً لضابط وطني كبير أن يستلم منصباً مؤثراً، وإن حدث فسيتم اغتياله كما حدث لمبدر الدليمي والكثيرين من بعده.
أما مشكلة الفقر وقلة المشاريع والبطالة فأن هذا الحرس سيزيد الطين بلة. فالمعروف أن الجيش من اكثر المؤسسات كلفة وإجهاداً للإقتصاد. وقد حرص الامريكان على ترهل الجيش العراقي بشكل كبير جداً، باعداد مهولة وبدون أسلحة، ليخدم في تحطيم الإقتصاد العراقي دون أن يكون فعالاً لا لصد داعش ولا لصد عمليات الإحتلال المتتالية التي قامت بها كردستان في مناطق مختلفة من العراق. وخير مثال ما أجاب به الشيخ حميد الهايس في مقابلة تلفزيونية له حين قال بأن ليس في الأنبار إمكانية للمزيد من التطوع لهذا "الحرس الوطني" حيث يوجد في الأنبار 20 الف من منتسبي الجيش و28 الف شرطي وعشرة آلاف متطوع و12 الف طوارئ تحت الإنشاء، ثم أضاف: "منين..تمطر علينا بشر حتى نطوعهم؟". ولا نتصور ان حال بقية المحافظات يختلف كثيراً. وهذا يبرهن بشكل قاطع أن فكرة الحرس الوطني فكرة مفتعلة، وليست نابعة من الحاجة، ولغاية لا علاقة لها بالغايات التي اعلن عنها، وتخصص لها موارد ثمينة تحرم منها القطاعات الإقتصادية. وبفعل حرب الأسعار التي تشنها أميركا على روسيا والعراق في أسعار النفط، فأن الحالة الإقتصادية في أسوأ وضع لها منذ الإحتلال.
ومن المتوقع أن يكون "الحرس الوطني" تحت تحكم لصوص المناطق الذين عجز المواطن عن منعهم من التحكم بمقدراته أو يكون تحت أمرة العبادي فستكون قيادته العسكرية من عملاء الأمريكان الذين سيوجهونهم لخدمة داعش ومنع أية جهة أخرى من التعرض لها، سواء كان تلك الجهة هي الجيش النظامي أو الحشد الشعبي.
كذلك فأن هذا المشروع سيخدم كنواة لفصل مناطق السنة عن العراق نهائياً، وإعادتها أكثر إلى مرحلة البداوة والتخلف وتحويلها إلى مناطق تفريخ "دواعش" لتضرب بهم إسرائيل من تريد أن تضرب، كما تتجه دول الخليج إلى ذلك المصير.
إذن من يريد من مواطني المناطق السنية ان تبقى داعش وأن تصبح مناطقه مراكزا لتفريخها، فسيكون من مصلحته إقرار "الحرس الوطني"، فما هي نسبة هؤلاء؟ لو نظرنا إلى ما حدث في الأنبار، وحتى لو اعتبرنا أن كل من بقي في الأنبار هم من مؤيدي داعش، فأن نسبة هؤلاء ضيئلة جداً كما تبينها أعداد المهاجرين نسبةً إلى السكان.
إذن لو عدنا إلى مجلس نوابنا المثالي الممثل لمصالح ناخبيه، لوجدنا أن نواب المناطق السنية يفترض أن يصوتوا بالضد من مشروع القانون!
وإن أتينا على نواب المناطق الشيعية فسنجد الأمر مثل ذلك وأكثر! فالمشروع جيء به اساساً لضرب "الميليشيات الشيعية" كما يسميها ثورنبري، صاحب قرار الكونغرس سيء الصيت. وهو مشروع تأسيس جيش لمنع الحشد من الوصول إلى داعش، بعد أن عجز طيران الجيش الأمريكي عن حمايتها من الحشد، ولا يستطيع أن يبقي العبادي درعاً لداعش إلى الأبد. لقد كشفت تقرير للإستخبارات الروسية أن ضباط البعث هم من يقود داعش اليوم، وما يراد للحرس الوطني هو ذات الأمر لأنهما جزءان من منظومة واحدة.
وإن كان هناك سنة موهومين بأمل علاقتهم مع أميركا فليس المفروض أن يكون هناك مثل هؤلاء على الجانب الشيعي، لم يروا مواقف أميركا من الحشد والميليشيات وإيران والأقليات الشيعية في اي بلد.
بعض الشيعة يأملون أن الفصل الذي يؤسس له الحرس الوطني، قد يساعدهم على للتخلص من مضايقة داعش و "السنة الذين لا يحبونهم"، لكن هذه مجرد أوهام لأن أي تفتت سيجعل من كل الطوائف ضحايا أسهل. ووجود الحرس الوطني وقياداته البعثية العاملة بأمرة إسرائيل وأميركا لن يزيد مناطق الشيعة المجاورة إلا خطراً. وسيحظى هؤلاء الإرهابيون الجدد بكل الدعم الأمريكي اللازم لجعلهم قوة صعبة.
البعض الآخر يأمل أن إرضاء أميركا بقبول شكل من الحرس الوطني قد يهدئها تجاه بلادهم، وهؤلاء الأكثر وهماً، فأميركا لا تعرف الأصدقاء والمجاملات ولن تستخدم أية تنازلات إلا من اجل الضغط للحصول على المزيد، لذا فـ "إرضاء أميركا" لا تعني أي شيء.
ومن الناحية الإقتصادية لا يوجد من يرى أن في مصلحة المواطن في المناطق الشيعية خلق جيش جديد مسلح ضده بالدرجة الأولى وتحمل الحكومة تكاليفه فوق الوضع الإقتصادي المتدهور الذي سيجعل الناس يعيشون أكثر وأكثر على المزابل!
ولدهشتنا نجد أن "الحرس الوطني" هو في غير صالح المواطن الكردي بأي شكل أيضاً. فحتى لو افترضنا ان هذا الجيش لن يتعرض لكردستان بأي شكل من الأشكال فلا توجد اية مصلحة لكردستان به. وإن كان نواب الكرد مخلصين لناخبيهم فسيرفضون المشروع ويقولوا للحكومة العراقية: إدفعي لنا أولا ما عليك من التزامات قبل ان تنشيئ جيوشاً جديدة لا مصلحة لنا فيها!
هكذا لا توجد مصلحة لأي مواطنين في العراق من الحرس الوطني، لكننا نعلم أن عدداً من نواب المناطق الشيعية سيصوت لصالح القانون ومعظم نواب المناطق السنية وجميع نواب كردستان! لماذا؟
في الوقت الذي يؤكد فيه النائب عن دولة القانون (ويبدو أنها المعارضة الرئيسية للمشروع)، عدنان الأسدي إن "مشروع قانون الحرس الوطني سيتسبب بترهل كبير في المؤسسات العسكرية وبتداخل مع المؤسسات الأمنية"، وحتى حامد المطلك يعترف بأن "حصر المؤسسات العسكرية بالمؤسسات الموجودة في الاصل وهي الجيش والشرطة المحلية والامن هو الافضل، لان تعدد مراكز القرار والسلاح يربك القانون والاداء الامني"، فإن نواباً آخرين يتلاعبون ويراوغون ليبرروا هذه الجريمة التي ستضع ما قد يكون القشة التي ستقصم ظهر الجمل العراقي. ونلاحظ حماس نواب "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية" للمشروع فيؤكد ماجد الغراوي ان "اقرار قانون الحرس الوطني لن يتسبب بترهل المؤسسة العسكرية"، أما السبب المضحك الذي يقدمه فهو "الهروب والغيابات" في المؤسسة العسكرية!!
أما رئيس اللجنة حاكم الزاملي فيبرر القانون بأن "عرقلة تشريعه ستتسبب بالكثير من المشكلات السياسية"!(2) وهذا هو السبب الحقيقي إذن للتصويت عليه، تجنب "المشكلات السياسية"، اي الضغوط السياسية، وليس الحاجة العسكرية له!
لا يوجد إذن أي مبرر لهذا القانون الكارثي سوى إنه الضغط الأمريكي الإسرائيلي على نواب جميع الكتل ليخضعوا وليتجاوزوا مصالح شعوبهم وناخبيهم وبلادهم وليوجهوا ميزانية بلادهم لتدميرها وتفتيتها، والتسبب بالمزيد من الترهل في الأجهزة العسكرية وضياع السلطة والمسؤولية، وكل ذلك لحساب الأجندة الإسرائيلية الأمريكية للمنطقة. وتشعر الحكومة أيضاً بهذا الضغط فصارت حالها كحال النواب، بين مطرقة أميركا وسندان الشعب الخائف على بلاده، والناظر بعين الغضب إلى حكومته الخائنة لمصالحه.
لاشك أن من سيقف من النواب بوجه هذا القانون المدمر سيتهم ايضاً من قبل جريدة "الصباح الجديد" وأمثالها، بأنه يفعل ذلك "تحت ضغوط إقليمية"، وبأوامر السيستاني وإيران ألخ، وهي نفس التهم التي كالتها تلك الأجهزة، بوجه من اعترض على اتفاقية "الصداقة" مع أميركا.
لكننا نقول ختاماً وبعد ان بينا أن ليس لاية جهة عراقية مصلحة في "الحرس الوطني"، وليس هناك من يقدم أي تبرير جدي له، فإن من سيصوت على هذا القرار هم ليسوا نواب المناطق السنية وليسوا نواب المناطق الشيعية ولا حتى نواب كردستان، إن كان تعريف النائب بأنه يمثل مصالح ناخبيه، بل هم "نواب أميركا وإسرائيل" بغض النظر عن مذهبهم أو قوميتهم! وكما كتبنا في مقالتنا السابقة(3)، إننا نريد أن نعرف من سيكون هؤلاء، لنسجلها في تاريخهم وللحساب أيضاً مستقبلاً حين تنقلب الموازين. إننا نأمل من معارضي القانون أن يتيحوا للشعب أن يرى هؤلاء بالإصرار على أن تكون جلسة التصويت علنية. نريد أن نعرف من من النواب والنائبات سينام في الفراش الأمريكي ليلد لنا هذا المشروع النغل الذي ليس لأية جهة عراقية مصلحة به!
(1) العبادي يضع استقالته تحت تصرف المرجع السيستاني | جريدة الصباح الجديد
http://www.newsabah.com/wp/newspaper/48296
(2)الزاملي: تسليح الحرس الوطني اكبر من قوة الشرطة واقل من تجهيزات الجيش
http://alghad-iq.com/ar/news/25492/
(3) صائب خليل - نريد جلسة الحرس الوطني علنية ... نريد أن نعرف أمهات هذا النغل!
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/885461804844223
13.05.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
13.05.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |