<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل العبادي بمنصب “درع لحماية داعش”

 

 

 

العبادي بمنصب “درع لحماية داعش”

 

 

صائب خليل

7 أيار 2015

 

نحن نطلق الأسماء على الأشياء كبطاقة تعريف تختصر علينا وقت التعرف على محتواها مستقبلا فلا نحتاج إلى البحث والتفكير في تأثيراتها عند استعمالها في كل مرة. لكن عندما يختلف ويتناقض المحتوى مع الإسم، لا يعود الإسم دليلاً لنا بل عنصر تشويش يضيع العلاقة بين تصرف الشيء وبين ما ينتظر من إسمه.

وقد عرف الإستعماريون الذين درسوا الشعوب جيداً هذا السلاح، واكتشفوا أن تعيين العملاء ليحكموا البلد بدلاً منهم، أكثر اقتصادية وجدوى من حكمهم مباشرة، حين يسمى ذلك العميل "رئيساً" للدولة مثلاً. عندها سيعامله الشعب كـ "رئيس" و ليس كـ "عميل" كما يفترض من محتواه وتصرفاته، حتى لو كانت الأخيرة تكشفه تماماً.

في الديمقراطية الأمريكية (وهي من خدع التسميات أيضاً) جاءت إلى العراق بثلاثة حكام بعد الإحتلال، هم أياد علاوي الذي تم تعيينه من قبل الإحتلال مباشرة، ثم حين انتخب الجعفري سارعت أميركا بإزاحته لتأتي بالمالكي، وحين لم يعد المالكي يخدمها بشكل كاف، سارعت بإزاحته لتضع الجديد الذي اتفقت معه، حيدر العبادي، فأين رأي الشعب في حكامه في هذه الديمقراطية، ولماذا يستمر الناس بالتعامل معها كـ "ديمقراطية"؟ إنه تأثير الإسم فقط، ولو أن الأمريكان استمروا بتسميتها إحتلال، وقالوا صراحة أنهم يعينون حكام العراق (كما يفعلون بالفعل) لكان الأمر أصعب عليهم لأختفاء تأثير الإسم على الناس.

و "داعش" أو "الدولة الإسلامية..." هي أحد تلك التسميات التشويشية على الناس. فرغم أن الجميع صار يعي بأنها ليست سوى فرق اسستها إسرائيل وأميركا وعملائها في المنطقة لغرض تحطيم الدول العربية والإسلامية، فأن تأثير تسميتها لازال يلقي تشويشاً على الصورة في الذهن العربي والعالمي، ومهما وعى ذلك الذهن حقيقة تلك المنظمات، فإنه لن يراها بالوضوح التام مثلما كان سيراها لو أنها سميت بأسماء تعبر عن حقيقتها مثل "قوات الكوماندوز الإسرائيلية" أو "فرق الإرهاب الأمريكي" أو "مجندي إسرائيل لتحطيم الدول العربية".. الخ. إن الذهن لا يستطيع التخلص تماماً من تأثير الإسم، وإهماله تماماً، وهو في أحسن أحواله من الوعي، يذهب إلى منطقة وسطى بين المعنى الحقيقي وبين المعنى المزيف الذي يوحي به الإسم، فلا هو مصدق أن داعش إسلامية ولا هو يتصرف بشكل واضح على أنها فرقة إرهابية إسرائيلية أو أمريكية، حتى لو كان هذا رأيه فيها إن سألته عنها.

وبتأثير حماية الإسم أيضاً جاء العبادي المسمى "رئيس الحكومة"، بمشاريع لو جاء بها "سفير امريكي" أو "حاكم عسكري أمريكي" لقامت الدنيا عليه في العراق ولم تقعد، رغم أن التأثير ذاته في الحالتين، وأن الفارق الوحيد هو في الإسم.

جاء الرجل يحمل علانية مشروعين مدمرين لـ "بلاده". جاء لتسليم كردستان إبتزازاً أكبر بكثير من الإبتزازات التي مررها "الرئيس" السابق، وهو ليس افضل منه كثيراً، إبتزاز يثبت الإهانة ويوقع الفتنة والرغبة بالإنفصال لدى بقية المحافظات، ويضغط على البلاد اقتصادياً ليقوي تأثير حرب أسعار البترول التي تشنها أميركا على ضحاياها اليوم،  وجاء العبادي أيضاً بمشروع تجزئة العراق عسكريا بالحرس الوطني الذي صمم في واشنطن (أو تل أبيب) مع شروط في غاية الخطورة والصراحة، مثل عدم السماح لـ "الميليشيات" بدخوله، وأن يكون منفصلاً عن بغداد، وأن لا يسمح للجيش العراقي بدخول مناطق المحافظات، وأن يتم تعيين كبار ضباط البعث السابقين فيه برتب أعلى لقيادته! وقد أتم العميل المسمى "رئيس الحكومة" الفصل الأول من اتفاق المؤامرة المتعلق بالنفط وكردستان بنجاح وسرعة وهو الآن بصدد تنفيذ الفصل الثاني الأكثر خطورة.

 القيامة لم تقم كما يفترض بشعب يرى بلده ومستقبل أجياله يتمزق أمام عينيه، وكل ذلك بفعل سحر الإسم (اللقب) الذي يحمله العبادي ويشوش على الناظرين رؤية دوره كأداة في مؤامرة تخريب هذا البلد. إن الإسم المناسب لهذا الدور يتضح ليس فقط من المشاريع التي جاء محملا بها فقط، ولكن أيضاً من أفعال ومواقف العبادي. فهو من تستر على فضيحة أميركا في دعمها لداعش بالإمدادات من الطائرات ودافع عنها وكأنه "السفير الأمريكي"، بل أنه كان ينفعل في الرد بشكل لا يفعله السفير حين تتهم بلاده، فالعبادي كان يتصرف وكأن التهمة موجهة له حين توجه لأميركا. ثم قام بإغلاق ملف فضائح قصف الأمريكان للقوات العراقية الذي تكرر أكثر من مرة. كذلك لم يفتح فمه على قصف الأمريكان لبيوت الناس في الموصل بحجة قصف داعش كما بينا في مقالة سابقة. أفليس لقب "سفير أميركا" أو "عميل أميركا" أكثر تعبيراً عن مثل هذا الشخص، ويتيح للشعب العراقي أن يتعامل معه بوضوح أكبر؟

علماً أن زملاء العبادي من الحكومات العميلة في باكستان وافغانستان مثلاً، كانت تحتج على مثل ذلك القصف رغم عمالتها، ورغم ان ارتباطها بأميركا قد يكون أشد من ارتباط العراق وحاجته لأميركا.

وطبيعي أن تأثير الإسم على الشعب لا يبقى إلى الأبد، بل يهترئ في النهاية كما يعلم من يديرون الأمر، وهم لا ينتظرون من عملائهم أن يستمروا بخدمتهم بنجاح إلى الأبد تحت حماية إسم "الرئيس"، بل ينتظر منه أن يستخدم لفترة تأثير الإسم ثم يلقون به بعيداً وياتون بعميل جديد يعلقون عليه ذات الإسم وهكذا. إنهم يأملون فقط أن يكون اهتراء تأثير الإسم بطيئاً يعطي عميلهم الفرصة اللازمة لتنفيذ بعض المشاريع قبل انتهاء مدة صلاحية استخدامه. وهذا هو السؤال الخطير أيضاً بالنسبة للشعب الضحية، لكنه يوضع بشكل معكوس، فيكون: هل يعي الشعب حقيقة تأثير الإسم المزيف قبل أن يتحقق الضرر؟

ما دفعني بشكل مباشر لكتابة هذا الموضوع هو فلمين شاهدتهما على اليوتيوب، الأول للشيخ حميد الهايس(1) والفلم الثاني للسيد هادي العامري(2)،الذي قاد الحشد الشعبي لتحرير تكريت وكسر أسطورة داعش لأول مرة في العراق.

ومن الواضح من ما تحدثا به عن مسألة تحرير الأنبار من داعش، أن العبادي يلعب دور المصدة الأمريكية الوحيدة التي تمنع الحشد من تحرير الأنبار ودحر فرقتهم المسماة "داعش".

الهايس يقول أن لا تحرير للأنبار بغير الحشد الشعبي، (وهو رأي كثير آخرين) وهو يريد ويؤيد دخول الحشد إلى الأنبار بكل قوة، وقد شاهدنا أيضاً جماهير الأنبار المهجرة تدعوا الحشد وترجوه المساعدة وتلقي باللائمة بل بالإتهامات بالخيانة على ساستها لأنهم خدعوها وأخافوها من الحشد.

واكد العامري بدوره مطالبات جماهير الأنبار والعديد من شيوخ العشائر ايضاً في هذه المناسبة وفي مناسبات سابقة إذ قال ان الكثيرين توسلوا به أن يأتيهم بالحشد، لكنه يقف امام حاجز احترامه للبطاقة المعلقة على صدر العبادي، كـ "قائد عام للقوات المسلحة العراقية" فيأتمر بأمره.

العامري تحدث بصراحة عن إيقاف العبادي للحشد في مسيرته نحو تكريت، وتحدث عن الخطط التي منع الحشد من إتمامها، وتحدث عن موقف العبادي بمنع الحشد، ليشرك قوات التحالف التي يعلم العراقيون جميعاً أنها في خندق داعش ولا تضربه بل تدعمه، ولولا ذلك لما رفض الحشد الإشتراك معها في المعركة، بل لرحب بوجودها سنداً له.

العبادي لا يقدم أي سبب مقنع لتصرفه في تفضيل التحالف على الحشد في المعركة، سوى ان بعض القادة العسكريين طلبوا ذلك منه، ولا ندري اولاً إن كان هذا قد حدث بالفعل، وحتى إن حدث بالفعل، فأن هؤلاء القادة وتحالفهم الدولي لم يقدم العراق خطوة واحدة في دفاعه عن أرضه أمام داعش! ومن حقنا أن نشك بكذب العبادي في هذا الأمر لصالح الأمريكان كما فعل في قضيتي إنزال الطائرات الأمريكية للدعم، وقصفها للقوات العراقية من قبل، وكذلك استمرار تسميته لأميركا بـ "ألصديق" رغم أنها أمتنعت بشكل عدواني عن تسليم العراق اسلحة دفع ثمنها!! فعلى خدمة من يقوم العبادي حقيقة الأمر؟

لو اتيح لنا أن نعطي العبادي تسمية حقيقية تعبر عن دوره بشكل أكثر صدقاً، وتتيح للشعب أن يتعامل معه بشكل سليم، لأطلقنا عليه بدلا من "القائد العام للقوات المسلحة" العراقية، لقب "درع داعش" ومانع الحشد عنها! وبهذا الإسم المناسب لوصف محتوى العبادي يستطيع الشعب أن يرى طريقه وما ينتظر من هذا الرجل. لكن الإعتراف الأعمى بالبطاقات التي تعلق على الأشياء يمنع ذلك.

هذا الإستسلام التام من قبل العامري لتأثير اللقب عليه، شل فعالية هذا الرجل الذي وضع حياته على راحته للدفاع عن بلده في وقت الشدة هذا، وسمح لهذا اللقب المزيف المفروض عنوة على الشعب وبمؤامرة أمريكية كردستانية واضحة كشفت الدكتورة حنان الفتلاوي تفاصيلها، ان يحول بينه وبين واجبه الشرعي والوطني، دون حتى أن يعترض على ذلك، أو يحاول أن يفضحه.

وهكذا يتمكن العبادي وبحماية لقبه كرئيس لحكومة البلاد، إن يلعب دوراً معاكساً لما ينتظر من اللقب، ليخدم أعداء البلاد في اشد ظروفها حرجاً، ويقوم بدور "الدرع" السياسي لحماية داعش بما لم تستطع أميركا حمايته بنفسها عسكرياً بوجه الحشد!

من الطبيعي أن إزالة الإعتراف بالتسميات والألقاب الوظيفية في عالمنا ليس أمراً سهلاً حتى حين نكون متأكدين من زيفها وضررها، خوفاً من الفوضى. لكن ذلك يجب أن يتم بإيقاظ الشعب من تأثير التنويم المغناطيسي لتلك الألقاب ودعوته إلى أن يعيد النظر في المحتوى الذي تخفيه، وبذلك نسرع التهرؤ وانتهاء صلاحية ما هو فاسد أصلاً لتغييره، قبل ان يصيب سمه مقتلا في جسم البلاد.

"قادة السنة" بطاقة علقتها اميركا ايضاً على صدور بعض من عصابة عملائها ودفع بهم إعلامها للإنتخابات، ولإقناع السنة بالسير وراء عديمي الضمير والحياء الذين رأينا بعضهم اليوم، يستدعيهم ملك الأردن الدنيء فيهرولون إليه ليستلموا تعليمات دورهم!... ولا يفتح "رئيس الحكومة" العبادي فمه بكلمة!

يحدث كل هذا في الوقت الذي تتكشف فيه خيوط مؤامرة كبيرة جداً لا تشمل العراق وحده بل المنطقة كلها، من استعدادات إردنية(3) وتركية(4) غير مسبوقة واشتداد الضغط على سوريا(5)، ويصبح من الواضح أن هناك طبخة كبيرة وأن هؤلاء العملاء المحميون ببطاقات أسماء مزيفة، قد تم استدعاءهم جميعاً للنفير لمعركة فاصلة خططها أسيادهم، تبدأ بالعراق ولا تنتهي به، كما قال نصر الله قبل أيام حين نادى في هذا الفيديو(6) وقال:"يا شعوب منطقتنا ايتها الأجيال الحاضرة التي تواكب هذه التحديات عليكم أن تعرفوا أن هذه الخطوة تؤسس  لمرحلة خطيرة جدا جدا جداً"

وإن كان دور الثلاثي السني هو تهيئة مناطقهم للإنفصال، فأن إحدى مهمات العبادي الآنية كما يبدو هي حماية داعش من الحشد الشعبي، وقد قام بالخطوة الأولى بإلحاق الحشد بالمؤسسة العسكرية العراقية تحت أمرته، وهو يمنعه الآن من التحرك لتحرير الأنبار.

إننا بحاجة إلى هذا الوعي وبالتفريق بين الإسم الذي يطلق على المنصب، وبين حقيقة صاحب المنصب ودوره. يجب التخلص بسرعة من تشويش أسماء المناصب على رؤيتنا، ويجب الضغط لفرض قبول تحرير الحشد للأنبار ثم الموصل، رضي العملاء وأسيادهم أم لم يرضوا، ومهما كانت البطاقات التي يحملونها. العبادي وقادة السنة والمجلس الأعلى وامثالهم في عصابة المؤامرة، هم كما يقول المثل المصري: "ناس تخاف ما تختشيش". لذلك فعلى الشعب أن يسارع بالإستعداد للأيام الصعبة القادمة بإزاحة ما يغشي بصره، وأن لا يسمح بابتزازه من خلال القاب مزيفة إلى النهاية وأن يسير وراءها مشلولاً حتى خراب بلاده..

 

(1)  الشيخ حميد الهايس في الانبار 30 الف شرطي لو نوزعهم على تيول الكهرباء يحمون الانبار - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=DRHx7Z0TB6w

(2) ‫اكثر من حوار مع الدكتور نبيل جاسم 30 4 2015 قناة دجلة الفضائية - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=zidDEzVtqN0

(3) كشف النقاب “فجأة” عن “قوة رد فعل اردنية” في تمرينات الاسد المتأهب

http://www.raialyoum.com/?p=253411

(4) نائب رئيس حزب الشعب التركي:“والمنطقة العازلة مع سورية في اليومين المقبلين”

http://www.raialyoum.com/?p=254245

(5) مترافقاً مع “انباء عن الإعداد لتعاون عسكري أمريكي ـ خليجي غير مسبوق”

http://www.raialyoum.com/?p=254088

(6) ‫كلمة السيد حسن نصر الله | كاملة 5-5-2015 - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=bc4J1wt__UY

 

09.05.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

09.05.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org