<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل الفتلاوي وناخبيها يهبّون لدعم حديثة

 

 

 

الفتلاوي وناخبيها يهبّون لدعم حديثة

 

 

صائب خليل 

17 شباط 2015

 

تحدثت إلى النائب حنان الفتلاوي تلفونياً، ولفت نظرها إلى استغاثة أهالي حديثة الصامدين بوجه قصف داعش والجوع ونقص المواد الأساسية وضرورة أن تقدم الحكومة أو الحشد الشعبي الدعم لهم قبل سقوط المدينة ويصبح الأمر أصعب كثيراً وأكبر كلفة، فوعدت خيراً، وسرعان ما وجدت الوعد على صفحتها في الفيسبوك:

ماذا تنتظر الحكومة لاغاثة حديثة الصامدة منذ اشهر...هل تنتظرها تسقط لتبكي عليها....ام تنتظر تحصل فيها مجزرة كما حصلت مع البونمر والبوفهد .....على الحكومة ان تقوم بخطوات جدية لايصال المساعدات والدعم لاهالي حديثة ...(1)

 

وقد أكد موقف الفتلاوي الوطني هذا أن الإتهامات الموجهة إليها بالطائفية لا تستند إلى فهم حقيقي لموقفها، مثلما أكدت ذلك حين تحدثت في مؤتمر ضحايا سبايكر عن ضحايا السنة من البونمر وغيرهم. وقد يقول قائل بأن هذا مجرد كلام قد لا يعبر عن شعور صاحبه وأنه محاولة لكسب الأصوات. وهنا يجب أن أنبه أن الطائفية لا تعمل بالسر والكتمان. فالطائفي الذي يستند إلى المشاعر الطائفية لا يمكنه أن يتوقع أن يسامحه ناخبيه الطائفيين على مثل هذا الموقف! وبالتالي فقد كان في موقف الدكتورة حنان مخاطرة بخسارة بعض شعبيتها بين الطائفيين من مؤيديها، لكنها لم تتردد وسارعت إلى اتخاذ الموقف الذي تمليه عليها مبادئها ووطنيتها. وإن كانت هناك مشاعر طائفية ما، ولا مفر من وجودها بدرجة ما في أي إنسان، فإن تلك المشاعر لم تستطع أن تعرقل القرار الأخلاقي والمبادرة التي يفترض أنها يجب أن تخجل جميع نواب تلك المناطق الذين يقفون متفرجين على ما يحدث، ويشغلون أنفسهم بمتابعة المشاريع الأمريكية من "حرس وطني" والحج إلى واشنطن وانقره ومجاملة كردستان على حساب ناخبيهم وأراضي ناخبيهم.

 

لقد اسعدني موقف حنان الفتلاوي، وحين اتصلت بوالدي، وهو رجل في التسعين من العمر، وأخبرته بالأمر، ضحك سعيداً وقال: "والله هاي بنية سبّاعية"! لكن ربما ما اسعدني أكثر هو موقف ناخبيها ومؤيدوها على الفيسبوك. لقد توقعت أن تكون ردود الفعل على هذا الموقف مشككة ومحتجة ومتهمة، وبالفعل كان هناك البعض من هذه المواقف، بل أن بضعة منها شككت أن في الأمر خدعة عسكرية! لكن الرائع أن الغالبية الساحقة من المعلقين على موقع الفتلاوي في الفيسبوك كان إيجابياً بشكل مدهش! وحتى هؤلاء الذين احتجوا من منطلق طائفي، قام آخرون بالرد عليهم وبهدوء، اما معظم ردود الأفعال فكانت المزيد من التقدير والإحترام للنائب الفتلاوي لأنها أثبتت أنها وطنية وأن التهم بطائفيتها كاذبة! ومن التعليقات التي لفتت انتباهي تعليق شخص كان معروفاً بقسوته في التهجم عليها في الموقع، حيث قدم ذلك الرجل أعتذاره عما سبق له كتابته وأبدى احترامه الشديد وتقديره لموقف الدكتورة الفتلاوي، وهو ما أسعدها بشكل خاص!

 

وقد جذب الموضوع أصواتاً سنية كانت سعيدة بما حدث، وأكدت للمشككين أن السنة والشيعة واحد، فعلق أحدهم يقول: “اخ محمد موكل المناطق السنيه هم داعش ولا كل اهل الانبار ميريدون الحشد بل عكس احنه نرحب بكل واحد شريف من اخوانا ليشيعه يجي ويقاتل ويانه بل انبار وذولي ال كاعدين بعمان واربيل ميمثلون اهل الانبار”

ويهتف آخر " اين نواب الغريبه لماذا اصواتهم ﻻتسمع وخلت الفضائيات منهم..كما حدث عندما سقطت الموصل..اين ثوار الفنادق!!!؟؟"

 وحين أشار أحدهم محتجاً إلى تعاون عشائر سنية مع داعش في سبايكر، رد عليه أحدهم أن ذلك في تكريت وليس الأنبار و " مدينة حديثة المدينة مساقطة ليحد الان بيد داعش شنو معناة انة اهل حديثة ضد داعش كل منطقة على حدة مو الكل سوة" (وينال الرد عددا اكبر من "اللايكات"). وهذه تعليقات أخرى:

" بارك الله بالمخلصين النصر لاهلنا بالأنبار والخزي لداعش والحواضن"

"الشرفاء في المنطقه الغربيه اللي بدوا ايعرفون حقيقه هؤلاء"

وتكتب معلقة حول الحكومة وبقية النواب قائلة: "ياريت لو يقدرون ويحسون الي دنعيشة احنة وديعيشة اهل حديثة بس مع الاسف ميحسون ومن انتي تحجين يطلعوج غلطانة وموخوش"

"ينعتونكي بل الطائفيه والكل يعرف حديثه اين تقع استمري يا امرئه بالف رجل"

“الدكتورة تقاتل لوحدها بخندق وفي الخطوط الأمامية ... السياسيين المتخاذلين الجبناء الذين دسوا رؤوسهم في الرمال وكأن الأمر لايعنيهم ”

"ايكلك طاءفيه... والله العراق بالف خير مادام الشيعه يطالب لأهل السنه وبالعكس وأناشد الحكومه بإرسال المساعدات لاهلنه الصامدين في حديثه وَبَارِكْ الله ببنت العراق الدكتوره حنان البطله"

“حديثه تستغيث وغيرها تستغيث ولارجال تلبي ,,,الا صوت ومامعتصماه الذي تصدحين به ”

“لماذا الحكومه او وزير الدفاع لا يقومون باسقاط المؤنه بواسطه الطائرات الا يمتلك العراق الطائرات ولماذا وجدت الحكومه اليس للدفاع عن الشعب هذا ولشخصك كل التقدير والاحترام لما تقومين به”

“والله انتي بقلبي لان تحجين بالحق بس مع الاسف على الكل واكثرهم للحق كارهون واني سني ومن الموصل بس اتمنا تشوفين التعليق شخصياً مو المكتب وربي يوفقج ماطول ادافعياًعن ابناء عمومتج بالحق”

“والله بس انت عينچ عالعراق و ين الباقين اشو لا حس ولا نفس”

  “انت دافعين عن امرلي ودافعين عن حديثة لان العراق بالنسبة لحضرتج واحد مو مثل البقية”

وحين يكتب أحد الخبثاء: "الهم العن عمر وطلحه وزبير"، يرد عليه آخر بكل هدوء: "علينا توحيد العراقيين سنه وشيعه لامجال للطائفيه عمر طلحه الى اخره اذا كانوا اخطأوا او أصابوا فان الله هو الحاكم لانحن والله يهدي الجميع"..

ولم يخل المكان طبعاً من الأصوات الغاضبة: " سقطت الجلب الأسود انعل ابو حديثة كل قطرة دم شيعيه تسوه ابو حديثه مايستاهلون كل تضحيه هم سكانها دواعش واتحدى اي طفل شيعي لومره شيعيه تمر بشوارعهم اذا ما ذبحت"

"دكتورة اروحلج فدوة اشتحجين ياحديثة يابطيخ دعوفيهم ايطبهم مرض فوك الف مرض // عسة نارهم تاكل حطبهم كفيلج العباس لو بيدي صلطة احركهم بتيزاب كلهم دواعش شلع بدون استثناء وترجاكم لحد ايصير ابراسي وطني هي الطائفية صارت علني"

"احسنتي دكتورة بس والله يا دكتوره البعض من اهالي الغربية هسه في الوقت الحالي يشترون اجنود مشتره من الدواعش"..

"دكتوره بعد لتنقهرين على المناطق الغربية تره ايطلعونة احنة الغلط وهمة صح ( دكتوره ) انقهري على الذين عافوا اهلهم واطفالهم ونساءهم وبقوا بدون اكل وهسه همة لاحول ولا قوة / نسيلكم الدعاء لهم"

 

لكن تلك كانت اصوات قليلة طغى عليها صوت المشاعر العراقية والإنسانية، الغاضبة منها والهادئة، نختار القليل منها:

"هذا الكلب العبادي ما نسمع صوته بس للأردن والسعوديه وتركيا يهرول والله جريمه يصير رئيس وزراء"

 “دكتورة حنان الفتلاوي عراقية وليس شيعية”

 “كلام منطقي وصحيح وواقعي فهي الوحيده التي نسمع صوتها مدويا في كل المواقف والاحداث اما البقيه فمعظمهم في بلدان اخرى لايحضرون حتى جلسات البرلمان ونحن نشد على يد كل الذين يقفوا موقف كموقف الدكتوره حنان ونسنده وندعمه”

“هذا الذي يجرح القلوب في كل مرة من المرات التي سقطت فيها المدن ولاحرمة للمواطن الذي يناشد الدولة هل هي صماء لهذه الدرجة أم هي تريد المشاركة في القتل وبعدها تبكي عليهم وتبعث الجيش والحشد”

“يعني والله راح أتخبل يعني شنو مسميه نفسهه حكومة اذا لا أهالي يعرفون مصير ابنائهم وين ولا معوضين الضحايا ولا يغيثون شعبهم بمحنته بحصار داعش الهم ولا الحشد ماخذين رواتب ولا الارامل واليتامى واحد بحالهم ولا تعيينات والكساد الي دنشوفه بالشارع لو بس حكومة رضوخ للغير وعودة البعثية وإعطاء النفط وتشكيل الحرس الوطني يعني هذا البلد ابو الحضارات مابي واحد وطني شريف مابي مثقفين ما بي أدباء او سياسيين مابي علماء واقتصادين علمود يقودونه كافي بعد والله متنه”

“والله يا دكتوره الحكومه هي من سببت المجازر في الانبار لعد انتي شايفه الدعم مال العدو اسرع من الدعم الحكومي لانبار”

“بارك الله بهذا النفس”

“يا جماعة والله اهل حديثة كتلهم الجوع والمساعدات التي يدعون بها لاتصل الاهالي ...”

 

ويبحث احدهم عن الحجج للتلاحم والمسامحة: "اخوتي نحن والسنه اخوه تصاهرنا وتعايشنا معا منذ سنين ليس كل السنه داعش وداعش لاتمثل السنه خليكم بدل منهم من منا كان يتكلم بكلمه ضد صدام كنا نخاف نتكلم بالبيت عن صدام والان داعش تحكمهم بالحديد والنار كثيرين من اهل السنه مغلوبين على امرهم وبعضهم انا اذكر عندما كانوا ياخذونا لمسيرات نخاف نهرب وشحده الي ميصفك نسينه داعش مو البعث اكثر اجراما من البعث او هو صوره جديده له بلباس ديني ونص شعبنا بسيط نص عمامه تضحك عليه".

 

ذكرني هذا التعليق الأخير بأحد الكتاب المعروفين الذين كلما قرأت له مقالة وجدته يجهد نفسه باحثاً ومنقباً في كتب التاريخ الحديث والقديم ليجد قصة يؤكد فيها للشيعة أن عداء السنة لهم قديم وثابت وأنه لا جدوى من العيش معهم, وقد علقت على إحدى مقالاته بالقول: "يعني هسه أنت فرحان بنفسك أنك اقنعت بعض العراقيين أنهم لا يمكن أن يعيشوا معاً؟" ، فشتان بين هذا الرجل الطيب وذلك "المثقف"!

 

موقف الدكتورة حنان ومواقف مؤيدوها تثبت بشكل لا شك فيه أن القوة الوطنية العراقية الكامنة أكبر وأقوى بكثير من أية قوى مفرقة، وأنها إن كانت قد هزمت أحياناً فلأنها قد تعرضت لسموم الإعلام الإسرائيلي الأمريكي في العراق ومؤامرات الإرهاب التي نظمتها ذات الجهة الدافعة إلى الطائفية كما برهنت ذلك كثرة من الدلائل. هذه الروح العراقية العميقة ذات العبق الإنساني الرائع متأصلة في الإنسان العراقي، وهي في انتظار اللحظة المناسبة لتبزغ محطمة القشور الطائفية القذرة، كما بزغت عندما القى عثمان نفسه في الماء لينقذ الساقطين في النهر، واحتضن آخر انتحارياً لينقذ الناس في موكبها وكما وهب الكثير من شباب الشيعة دماءهم دفاعاً عن مدن سنية، لم يكونوا يرون فيها سوى أنها مدن عراقية يسكنها عراقيون. بل دعوني أقول أنه الشعور الإنساني الأكثر سعة وكرامة حتى من الوطني، ذلك الذي تقمص هؤلاء الأبطال فأنبت فيهم كرامة لا تسمح لهم أن يرون إنساناً يغرق فلا يقفزون إلى نجدته فوراً، أو وحشاً يعرض حياة بشر أمامهم للخطر فيترددون في تقديم حياتهم بدلاً منها في لحظة الحسم.

 

وقبل أن نختتم في "سماء" الأبطال، دعونا نعود إلى الأرض ونسأل أنفسنا سؤالاً واقعياً: هل أن هؤلاء نوع آخر من البشر؟ هل من المستحيل أن يكون عثمان مثلاً قد تحدث يوماً بشكل طائفي مع صديق له؟ أنا لا أعرفه ولا اعرف هؤلاء شخصياً، لكني لا استبعد ابداً أن يكون قد فعل وفعلوا. فكيف يمكن ان يضحي شخص طائفي الكلام بحياته من اجل أناس من الطائفة الأخرى؟ ما الذي يعنيه ذلك؟

 

إنه يعني أن التصرفات والكلام اليومي لا يمثل الحقيقة العميقة للإنسان، بل قد يعطي صورة مشوهة، سطحية وهزيلة، مصبوغة بالطائفية أو القومية أو القبلية، تحددها مخاوف ذلك الإنسان وقلقه وما سمع من هنا أو هناك. لكن ما أن تزال تلك القشرة اليابسة بفعل حدث إنساني جلل أو حاجة إنسانية أو مشهد موقف كريم، حتى تبرز أعماق الإنسان الإنسانية وتعيده إلى أصله وأعماقه. الحدث الجلل هو ما دفع بالشباب الشيعة ليضحوا بحياتهم ليحموا السنة من داعش، كما وقف سنة يحمون الشيعة من الوهابيون قبل عقود طويلة وما دفع عثمان ليغرق في النهر، أو من احتضن الإرهابي فانفجر معه. والحاجة الإنسانية هي ما دفعت الفتلاوي لموقفها الوطني ، وذلك الموقف الكريم هو ما دفع من قرأه من مؤيديها إلى الوقوف معها في موقفها اللاطائفي. إن انتصار الإنسانية عند فرد يغري الآخرين للإنتصار لإنسانيتهم، والإرتفاع فوق مخاوفهم ومقالقهم الطائفية. وهذا ما نحن بحاجة أليه. فإنساننا رائع ومضح في أعماقه، فلا تخدعنا وتخيفنا تلك القشور الطائفية اليابسة على سطح جلده. وما أن نتمكن من تقديم المثال بموقف سليم، كما فعلت الفتلاوي في موقفها الأخير، حتى تنتشر "العدوى" التي توحد الشعب بكرامة إنسانية رائعة، ليقف كتلة واحدة بوجه داعش ومن نظمها وكل أعدائه وأعداء بلده، سنة كانوا أو شيعة أو أجانب.

 

"أيكللك طائفية!.. والله العراق بالف خير مادام الشيعه يطالب لأهل السنه وبالعكس".. هذه لم أقلها أنا ولم يكتبها أحد من أجل مقالة صممها  ليحارب بها الطائفية، بل خرجت عفوية من فم أحد المعلقين اعلاه، وهي لذلك جميلة وصادقة وقادرة على أقناعنا بحقيقة ما ورائها من مشاعر! وأنا أكتب آخر سطور هذه المقالة علمت أن معارك طاحنة تدور في منطقة "البغدادي" بين هيت وحديثة بين قوات العشائر من جهة وداعش المدعومة بقوات أمريكية تتواجد هناك! نعم المؤامرة كبيرة .. كبيرة جداً، لكن سيبقى “العراق بألف خير” إن بقيت في أبنائه تلك المشاعر الإنسانية الكريمة قوية، ولها القول الأخير.

  

(1) مناشدة وصلتني من اهالي حديثة لاغاثتهم ....... - د. حنان الفتلاوي
https://www.facebook.com/hanan.alfatlawey/posts/772833982785691 

 

 

 

 

 

18.02.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

18.02.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org