<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل الضغط الأمريكي لإعادة البعث إلى السلطة

 

 

 

الضغط الأمريكي لإعادة البعث إلى السلطة

 

 

صائب خليل 

5 شباط 2015

 

بمناسبة إقرار حكومة العبادي، في سياق تنفيذ المؤامرة الأمريكية الكردستانية لتمزيق العراق، لكل من مشروعي قرار تعديل قانون المساءلة والعدالة، ومشروع اقانون "الحرس الوطني"، واللذان يهدفان إلى تسليم السلطة الأمنية والعسكرية في بغداد بشكل مباشر إلى عملائها من بقايا البعث الأكثر إجراماً، والأكثر استعداداً لتنفيذ مخططها في تحطيم البلاد نهائياً، أنشر هنا مقدمة الفصل الرابع من كتابي "الجهود الأمريكية لتفكيك الدولة العراقية"(1)
وهو الفصل المخصص لمقالات كشف المحاولات الأمريكية المستميتة منذ دخولها العراق عام 2003، لإعادة البعث إلى السلطة، إنسجاماً مع تاريخها في أماكن عديدة سبق أن كررت ذات السيناريو العراقي فيها، عملاً بأحد مبادئ ميكافللي.

وتشير المقدمة في نهايتها إلى دلائل على احتمال أن الإدارة الأمريكية كانت تفكر في القيام بانقلاب للإطاحة بحكم المالكي وتنصيب بديل أكثر مرونة في تنفيذ اجنداتها الأكثر قسوة ومباشرة. ويبدو أن ذلك الهدف قد تم تنفيذه بالفعل، ولكن بفرض حكومة العبادي وليس علاوي كما منتظراً، حيث تمكن الأمريكان من تأمين الإنقلاب باستغلال الحكومة العميلة في كردستان، تماماً كما حدث عندما قامت أميركا بجلب البعث لأول مرة إلى العراق بالإنقلاب على عبد الكريم قاسم - رغم أن المالكي كان مستجيباً إلى حد بعيد لأجندتها التدميرية،- ومع فارق تكتيكي حيث تم الإنقلاب الجديد وبدون حركة عسكرية، بل بالإلتفاف على الدستور وتزوير تواريخ الوثائق الضرورية واستغلال الكره للمالكي والخوف منه داخل حزبه ذاته من أجل غض النظر عن ذلك التزوير والإنقلاب وقبول البديل الأمريكي الإسرائيلي، لتمضي خطة إعادة البعث و "الحرس الوطني" وتمزيق البلاد قدماً. ومن المفارقات أنه في ذلك الحين أيضاً، تم استحداث "الحرس القومي"، كما حدث تماماً مع العميل الأمريكي الدكتاتور "سوموزا" الذي فرضته على نيكاراغوا إنقلاباً على الحكومة المنتخبة، وأنشأ ما أسماه "الحرس القومي" ايضاً.

ويبدو أن أميركا وجدت في تكتيك إنشاء "الحرس" حلاً سريعاً لتجاوز مؤسسة الجيش التي تحتاج بسبب تركيبتها إلى جهد ووقت أطول لإخضاعها التام إلى سلطتها، وتوجيهها لتنفيذ اجندتها المدمرة.

(1) الجهود الأمريكية لتفكيك الدولة العراقية - صائب خليل
http://saieb.blogspot.nl/p/blog-page_53.html

 

***

تبحث أميركا في أي بلد وجدت نفسها فيه، عن أشد الناس حثالة وانحطاطاً، ممن يتوفر فيه ما يكفي من الذكاء والتعليم ليقوم بحكمه لحسابها. ومن أجل تحقيق وضع ذلك الشخص على رأس السلطة وحمايته ليقوم بمهمته، فإنها تلجأ إلى أساليب مختلفة لابتزاز الشعب الذي سيرفض ما اختارته له أميركا، ومنها تزوير الإنتخابات الذي برهنته الأحداث التي سترد في بعض مقالاتي التالية، وكذلك عملاؤها الموثوقون الذين يسيطرون على قيادة كردستان. وقد تضطر أميركا إلى خيارات وسطية حين لا تجد الفرصة الكافية للسافل الذي تفضله، لكنها تبقى تسعى من أجل إيصاله أو أمثاله إلى الحكم، ولن تقبل الحلول الوسطية بشكل نهائي ابداً.
ومن الأدوات التي تجدها أميركا في يديها اليوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في وضع دولي تم ابتزازه بشكل غير مسبوق ليتبع إرادتها خاضعاً أو مرشواً، فلم يسبق أن وصل بين كل المتخاذلين الذين شغلوا منصب الأمين العالم للأمم المتحدة من يتصرف وكأنه يعمل في الخارجية الأمريكية مثل بان كي مون، إلا في حالات نادرة ربما وضعت لبعض التشويش على الصورة المخجلة. وتحول ميثاق الأمم المتحدة من ورقة عمل من أجل حماية السلم العالمي وحقوق الإنسان، إلى أداة للضغط على الشعوب من أجل إخضاعها للشركات الكبرى وعملائها.
وجدت أميركا نفسها في سلطة تامة على المؤسسة الأمنية والعسكرية في العراق المحتل، الذي حلت أجهزته السابقة، وصار القرار خاضعاً لها تماماً، فهي التي تقبل وهي التي تدرب وهي التي تقتل إن افلت الأمر من يدها ودخل شريف على الخط، كما حدث للواء مبدر الدليمي الذي قتل بطريقة لا يمكن أن تكون إلا من قبل القوات الأمريكية كما أوضحت في مقالة لي.
ووجدت أميركا أيضاً جيشاً من الفاسدين ومن المدربين على الخضوع وحتى على الوحشية والتعذيب، والمتمثلين في نسبة عالية من بقايا البعث، الذين هرب لها ملفاتهم حلفاؤها وعملاؤها في قيادة كردستان وهي ملفات كافية غالباً لإبتزاز حتى من قد يرفض منهم العمل مع القوات الأميكية في مهمات غير شريفة. وقد أوكل إلى عميل إسرائيل العلني مثال الآلوسي مهمة "إعادة تأهيل البعث" ولا يصعب أن نقرأها : تجنيد البعث لحساب إسرائيل. لذلك كله رأت أميركا أن إعادة بقايا البعث، من أمثال أياد علاوي الملطخة يده بالقتل وربما التعذيب حسب بعض الشهود، إلى السلطة في العراق مع من تجده من أخلاق البعث في الفترة الصدامية خاصة، من أهم استراتيجاتها، ووجدت في الإرهاب وسيلتها المفضلة المجربة من قبلها في العديد من الدول التي وقعت تحت تأثيرها المدمر، خاصة في أميركا الجنوبية والوسطى، والتي أحرقها الإرهاب المدعوم والمنظم أمريكيا في عقد الثمانينات الأسود.

في مقالتي "أميركا تريد إعادة البعث للعراق بواسطة الفصل السابع!" (2012) شرحت كيف استخدمت اميركا ورقة الفصل السابع للضغط على العراق من أجل إعادة البعث إليه عنوة، ومن أجل الضغط عليه لإقرار القوانين الإقتصادية التي تلائمها.

وفي مقالي الآخر شرحت "السيناريو المتوقع لإعادة الأمريكان للبعث إلى السلطة في العراق" (2009) حيث ربطت الموضوع بتجارب أخرى للشعوب في التعامل مع ضغوطات أميركا مثل الشعب الهولندي الذي أجبر على خيارات يرفضها تماماً ومنها تجهيز الناتو بقوات لأفغانستان. وبينت أن الأمريكان طالما أرادوا إعادة الفاشست إلى السلطة في البلدان التي حرروها، حسب ادعائهم، من نفس الفاشست، وأنهم إن لم يجدوا ما يكفي من رجال العصابات لحكم البلاد لصالحهم فأنهم يسعون إلى تدريب البعض للإنقلابات.

وفي الجزء الثاني (بعنوان "كيف سيحاول الأمريكان إعادة البعث إلى السلطة 2\3" ) أشير إلى اجتماع الأمريكان بالقادة البعثيين في تركيا رغم توسلات رئيس الحكومة المالكي بالكف عن ذلك، ثم تراجعت جميع الأطراف بعد فشل المحاولة. وأكد كل من علي الأديب وأحمد الجلبي السعي الأمريكي لإعادة البعث للسلطة، كما يؤكده إصرارها على البعثي الأمني السابق أياد علاوي.

في الجزء الأخير من السلسلة ("أميركا تريد إعادة البعث؟ من يقول هذا الكلام؟") بحثنا الوسائل المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية لتهيئة الجو لإعادة البعث، من بث الرعب في المجتمع العراقي، وتصوير البعث بشكل كاذب كشيء كبير ومخيف، والعمل على دفع السلطة إلى الإنحدار الشديد من أجل تشجيع الناس على قبول البديل الكريه، بل وحتى الضغط على البعثيين بالتعاون مع بعض الجهات البرلمانية لدفعهم إلى الإنظمام الى البرنامج الأمريكي.

وفي مقالة من جزئين (2007) حول نفس الموضوع، كان الجزء الأول ("الجزء 1 - قصة مدينتين مع "الحرس القومي": سوابق امريكية في إعادة الجلادين الى السلطة") شرحت العلاقة بين الضغوط التي مارستها أميركا على الحكومة العراقية لقبول إعادة ضباط الأمن والمخابرات ليحكموا الشعب، حسب تعبير حوزة النجف. وقد جئت بأمثلة مفصلة عن ممارسات أمريكية سابقة في إيران (الإنقلاب على مصدق) وفي أميركا الجنوبية، والمقارنة بينها وبين العراق.

وفي "الجزء الثاني - قصة مدينتين و"الحرس القومي": سوابق امريكية في إعادة الجلادين الى السلطة"، تستمر المقارنة:
فبينما كان العراقيون عند سقوط الدكتاتور يرقصون سعداء بممارسة حريتهم في الكلام وتشكيل الإحزاب وشراء مستقبلات الفضائيات وايضاً النهب، كانت الإدارة الأمريكية تعين الإرهابي الأكثر شهرة لديها في اميركا الوسطى كأول سفير لها في العراق ليأخذ وقته في الإتصال ببقايا الأمن الصدامي وترتيب المكان للمستقبل الذي رآه العراق خلال السنوات التالية ويرى تتويج نتائجه اليوم ....هذا الضغط للمصالحة والعفو العام لهما نظيريهما في الثمانينات التي جعلتها ادارة ريكان رهيبة لأميركا الوسطى كما للعراق. ونجد مثالاً على هذا الضغط في مقابلة لـ "آرياس" رئيس الهندوراس، بؤرة انطلاق إرهاب سفارة نيكروبونتي، لنيويورك تايمز حين قال:"لايمكن ان نتوقع من هندوراس ان تغلق معسكرات كونترا وتمنع التموين الجوي السري إذا لم يتفاوض ثوار ساندينستا على وقف لإطلاق النار مع رجال الكونترا ولم يصدروا عفواً عاماً".
مثلها نقرأ من عمان - إن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر قرروا ، خلال مباحثات منتجع (شرم الشيخ) المصري قبل يومين، رفض التعاون مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. تضامناً مع جبهة التوافق!

وفي مقالتي "المستحيلات الأمريكية الغريبة ومؤامرات فرض حكومة تمدد المعاهدة على الشعب العراقي (2010) تجد ملخصاً للمحاولات الأمريكية لتزوير الإنتخابات التي جرت عام 2010 بحماس غير معتاد لأهمية الحكومة القادمة بالنسبة للإتفاقية المنتظرة لتمديد بقاء القوات الأمريكية والعلاقة بين البلدين.
لم يكن الأمر سهلاً لأنه كان يصطدم مباشرة مع مصالح كتل سياسية كبيرة ولم يكن سهلاً هنا تقاسم الكعكة والتضحية بالعراق كما في الحالات الأخرى.
كتبت في تلك المقالة: "السفارة تتصرف بهستيرية غير معتادة في محاولة السيطرة على السلطة في البلاد...الإتفاق المباشر مع بقايا حزب البعث، وأجرت معهم أتصالات ومفاوضات عديدة، كان الأكثر افتضاحاً منها ما جرى في اسطنبول. وحين اعترض المالكي واحتج بأن هذا الموقف غير سليم وتدخل في شؤون البلاد، وتوسل قائلاً أن الأمريكان يجب أن لا يتعاملوا مع من تلطخت يده بدم جنودهم، قالوا له بصراحة، بأنهم مسؤولون، وتحت بنود الإتفاقية التي وقعها، عن الأمن في العراق وعن إنجاح العملية السياسية!!

ومن المحتمل تماماً أن الإدارة الأمريكية فكرت في حينها جدياً في إحداث انقلاب عسكري لإسقاط المالكي كحل أخير، فقد امتلأ الإعلام العراقي الموجه أمريكياً، بأخبار "عن مصادر مجهولة" تنسب إلى رئيس الوزراء تصريحات لم يقلها، وتثير الإحساس بأن الرجل يريد أن يقوم بانقلاب عسكري إن لم يكن الفائز في الإنتخابات. ومن الواضح أن تلك التصريحات المزورة تصلح حجة للإنقلاب عليه وتدبير قصة على أنه قام بانقلاب وأن القوات الأمريكية القت القبض على المتآمرين وأعادت الديمقراطية إلى البلاد، وسلمت علاوي إدارة الحكومة المؤقتة.

وفي المقالتين الأخيرتين من هذا الفصل نشرح السعي الأمريكي لحقن العملاء في "حكومات الإنقاذ" من الناحية التاريخية في دول العالم الأخرى، وتشابهها الشديد مع حالة العراق، ثم عن علاقة تلك الخطة بالأجندة الإسرائيلية في العراق. وقد كتبت تلك المقالتين بعد إحتلال فرق الإرهاب الإسرائيلية المسماة "داعش" لمدينة الموصل.

 

05.02.2015

 

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

05.02.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org