%@ Language=JavaScript %>
استراتيجية بوتين في أوكرانيا يوضحها سياسي روسي
ترجمة : سعد السعيدي
15 حزيران \ يونيو 2015 "انفورميشن كليرينغ هاوس"
يقدم نيكولاي ستاريكوف السياسي الصاعد وزعيم حزب "الوطن الكبير" الروسي شرحاً مثيراً للاهتمام جوهره هو ان ضم جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين او الاعتراف بهما لا يصب في المصلحة القومية والسياسية لروسيا ولماذا يفضل بقائهما ضمن أوكرانيا.
نيكولاي ستاريكوف هو من الضيوف الدائمين في التلفزيون الروسي. وهو كاتب وخطيب يتمتع بشعبية كبيرة.
قبل أن نتحدث عن ما سيحدث علينا ان نتفق اولاً بأن لا محل للعواطف هنا. لأننا سوف نتحدث عن مواضيع جادة , والعواطف سوف لن تكون إلا عائقا.
اسمحوا لي أن أمسك قلماً لتوضيح بعض الأشياء... ما الذي كان يقوم به خصومنا الدوليون على مدى قرون ؟ كانوا يتبعون خطة محددة ، انظروا هنا :
الهند العام 1949. بالنظر لانتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية ، كان "حلفاؤنا" البريطانيون يتعرضون للطرد منها.
نعم ، فالشعب الهندي كان يطالب بالاستقلال. لكنه كان سيبقى يطالب به لقرن آخر ايضاً لو لم تكن الدبابات السوفيتية في برلين. والأهم من ذلك ، لو لم تتواجد ايضاً في كوريا المجاورة.
في هذه الحالة ولكي تظهر إنجلترا والقوى الاستعمارية الأخرى نفسها بأنهم هم ايضاً يقفون الى جانب الحرية والمساواة ، اضطروا إلى منح الهند حريتها.
لكن ماذا فعلوا ايضاً ؟ قسموا الهند إلى جزئين وخلقوا الباكستان. ولمن لا يعرف ، فالباكستان لم يكن لها وجود من قبل كونها دولة مصطنعة. واسم "باكستان" ابتكره الطلبة الهنود في جامعات لندن ، بطبيعة الحال. وقد جرى تمزيق البلاد الى نصفين وفقا للانتماء الديني. فانتقل الهندوس إلى "الهند" والمسلمون إلى "باكستان". وهكذا اجبر الناس على النزوح ، وكانت مأساة وطنية ...
ما الذي جرى القيام به في الواقع ؟ لقد قاموا ب "تجزئة" الهند - فأنشأوا منطقة مواجهة للهند اطلق عليه اسم الباكستان. وهكذا فعندما فقدوا السيطرة على البلاد ، خلقوا جوارها منطقة او كيان مقابل معاد لها.
وبعد ذلك، يقومون بكل بساطة بتحريض كل منهما على الآخر , وبدعم المنظمات الإرهابية ، وهلم جرا. فاصبحت الباكستان مرتع [للإرهاب الإسلامي] وما زالت. ويوجد في الهند ايضاً إرهابيون وانفصاليون...
أشير إلى هذه النقطة مرة أخرى : عندما يفلت بلد ما من سيطرتهم ، يخلقون جواره منطقة او كيان معاد له. هنا الهند – ومنطقتها المعادية لها.
في نفس العام 1949 ، خاضت الصين حرب أهلية استمرت ثلاث سنوات. في العام 1945 تم طرد اليابانيون من البلد. ثم تفاوضوا فيما بينهم لمدة عام ، بعدها عاودوا القتال.
دعم الاتحاد السوفياتي الرئيس ماو ، والولايات المتحدة الأمريكية تشيانغ كاي تشك. انتصر ماو. ما الذي فعله الأمريكان ؟ لقد خلقوا منطقة مقابلة للصين ومعادية لها. إذ قاموا بإخلاء فلول تشيانغ كاي تشك بحماية اسطولهم البحري ، وخلقوا تايوان... في جزيرة فورموزا : هنا الصين - والمنطقة المعادية المقابلة لها.
هناك الكثير من الأمثلة الأخرى المشابهة بشكل كبير ، لن ادخل فيها الآن ... انتخابات 2011 في روسيا. ماذا فعلوا ؟ احتجاجات بولوتنايا ونافالني , "شرائط بيضاء" في كل مكان ، خلافات لدى جميع الأحزاب السياسية - روسيا على حافة انقلاب ...
لكن انتهى كل شيء بشكل إيجابي - انتخب بوتين ديمقراطيا كرئيس وفقدوا التأثير على روسيا. ماذا فعلوا ؟ خلقوا منطقة معادية مقابلة لروسيا. أين ؟ في أوكرانيا. إذ حالما أصبح بوتين رئيسا وأدركوا بأنهم لن يستطيعوا زعزعة استقرار البلاد من الداخل ، بدأوا بخلق المنطقة المعادية لروسيا في أوكرانيا.
ولكن كما تعلمون ، فهم يستخدمون مبادئ "السوق الحرة" التي يسيطرون عليها ، إلا انها مع ذلك ما زالت "حرة". حتى أنهم كانوا يخططون لاستخدام الانتخابات الأوكرانية في عام 2015 وجعلها "حرة".
ولكننا قد سبقناهم كما تعلمون. إذ رفض يانوكوفيتش التوقيع على اتفاقية الشراكة الاوروبية. فاضطروا لسلوك طريق الانقلاب الدموي غير الشرعي بدلا من ذلك لإلقاء اللوم على روسيا ، ولخلق المنطقة المعادية لها.
ماذا كانت التوقعات ؟ نفس ما جرى في كل مكان. يخلقون منطقة مقابلة معادية ، يضخون لها المال والأسلحة. وفي نهاية المطاف يجبرونها على القيام بهجوم.
وهكذا فبعد الانقلاب بدأوا بإعداد أوكرانيا للحرب مع روسيا. هل هي أضعف من الاخيرة ؟ بالطبع. ولكنها ليست دولة صغيرة ، إذ ان تعدادها أكثر من 40 مليون نسمة !
إذا قام الاميركيون بتسليحهم وبغسل عقولهم بشكل كاف ، يمكن أن تعمل الخطة بشكل جيد جدا. ومن الضروري أن نفهم بأنهم ليسوا بوارد ان تنتصر أوكرانيا ، أنهم فقط بحاجة لقيام حرب. فكلما قضى الروس والأوكرانيين على بعضهما البعض , كلما كان ذلك أفضل للأميركيين. فهذا هو كل ما يريدونه.
ما الذي يمكن لروسيا أن تفعله ؟ في أوكرانيا ظهرت قوى لا تريد لهذا السيناريو أن يحدث – جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان.
هكذا جعل من أوكرانيا منطقة معادية لروسيا. ومن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك مناطق معادية لاوكرانيا المعادية لروسيا. لكنهما ظهرتا من تلقاء نفسيهما – وهذا مهم. ونحن ندعمهما مع ذلك لأنه طالما هنّ موجودتان فإنهما تمنعان أوكرانيا من مهاجمة روسيا. وطالما يبقى سكان الدونباس يقاتلون من أجل تغيير مسار أوكرانيا ، لا يمكن للاخيرة أن تتحول لمهاجمة روسيا.
وهذا هو بالضبط ما يحدث. فالنظام في كييف يصرخ بأن روسيا هي المعتدية ، وان القوات الروسية تقوم بالغزو. إلا انه – اي نظام كييف - لم يعلن الحرب أو الأحكام العرفية ، ولم يقطع العلاقات الدبلوماسية. أنه حتى وفقا لبعض المنطق الغرائبي , يقوم بشراء الفحم والكهرباء باسعار تفضيلية من "الغزاة". هل يمكن تخيل قيام الاتحاد السوفياتي بشراء الفحم من هتلر خلال الحرب ؟ بالطبع لا.
لذلك فلنوجز هذا الأمر - من دون عواطف. إن لم نقم بمواجهة الخطط الأمريكية لإنشاء منطقة معادية لروسيا في أوكرانيا ، فإنهم بالتأكيد سيقومون بدفعها للهجوم على روسيا.
بالتزامن مع تقدم إرهابيو داعش عبر آسيا الوسطى ، كان سيفرض علينا الانشغال بجبهتين بنفس الطريقة التي جرى ترتيبها في الثلاثينات من القرن الماضي : اليابان تتقدم عبر منغوليا ، وهتلر من بولندا.
بالمناسبة ، لفترة طويلة كان المعول ان تصبح بولندا حليفة هتلر في الطريق إلى موسكو. لكن تغيرت الخطط بعد ذلك ، إن جاز التعبير. لذلك إن تخلينا عن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وقضي عليهما عسكرياً , فسوف تدخل الخطة الأمريكية حيز التطبيق.
سقوط دونيتسك ولوغانسك يعني انه سيأتي الدور على روسيا في غضون 5 سنوات أو نحو ذلك. سيكون هجوم مباشر أو صراع حدود. ولديهم ذريعة مثالية , "اعيدوا القرم [رغماً عن رغبة سكانها] !" , وسيدعم الغرب هذه الذريعة. لذلك فمصالح روسيا السياسية حتى من دون النظر في التزاماتنا الأخلاقية مثل دعم إخوتنا ، والمظلومين... الخ , من دون اللجوء للعواطف , اي بشكل عملي بحت لا يمكن لروسيا ان تتخلى عن دونيتسك ولوغانسك للذئاب.
الآن , سؤال آخر مهم جدا : هل يمكن لروسيا ان تعترف رسميا بهذه المناطق ؟
إذا فعلنا ذلك فسيدخل سيناريو المنطقة المعادية لروسيا حيز التطبيق : ستقول أوكرانيا - انها الآن مناطق منفصلة , وسنتعامل معها في وقت لاحق. لكن علينا أولا التعامل مع أسيادهم في روسيا واستعادة شبه جزيرة القرم ! لذلك فعندما تكون دونيتسك ولوغانسك منفصلتان عن أوكرانيا يكون هذا السيناريو الأمريكي قابل للتطبيق مرة أخرى بالكامل.
كذلك فحتى لو لم يحظى هذا الرأي بشعبية فإن المصلحة المشتركة للعالَم الروسي [اي جميع البلدان السلافية] هو أن تبقى دونيتسك ولوغانسك من ضمن أوكرانيا. لإنهما تمنعان اوكرانيا من الانجرار إلى حرب مع روسيا.
هذا هو اساس تصريحات وزير خارجيتنا حول وحدة الأراضي الأوكرانية ، وهذا هو سبب محاولاتنا لحملهم على تسوية الأمور عن طريق التفاوض ... وايضاً لأن الأميركيين لا يمرون بوضع مالي جيد. لذلك فعلينا أن نقوم بدعم دونيتسك ولوغانسك – فهم 2 الى 3 ملايين نسمة ، وعليهم دعم بقية أوكرانيا – الذين هم 40 مليون نسمة.
لذلك، فاولئك الذين يفهمون قواعد هذه اللعبة يعرفون ما الذي يتوجب عمله ، لا ذوي الرؤوس الحارة من مواطنينا.
وهذا هو الفرق بين القائد على الأرض الذي عليه أن يركز على هدف محدد , والجنرال المسؤول الذي عليه كسب الحرب ككل ، لا التركيز على بقعة واحدة فقط.
حاليا لا تقاتل جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك فقط من أجل مصالحهما , بل تقاتلان لأجل 40 مليون أوكراني الذين إذا خسرتا , سيتم إرسالهم للقتال ضد روسيا حيث سيموت منهم مئات الآلاف ، بل الملايين.
لذلك تقوم دونيتسك ولوغانسك بحماية العالم الروسي ككل - كلاً من أوكرانيا وروسيا. ولذلك فنحن لا يمكن أبدا ان نتخلى عنهما ونتركهما تنهزمان – وإلا سيكون هذا وكأنه خيانة أنفسنا.
لذلك فعندما تحاول فهم الإجراءات السياسية , لا تحكم على أساس العواطف.
إن ذهب رئيس بيلاروسيا في رحلة الى كييف – إحسب لماذا بعيداً عن العواطف. يقول شيئا عن الدولار – نفس الطريقة. وإن حاولت فهم ما يجري في دونيتسك ولوغانسك على أساس العواطف ، فلن تنجح.
تاريخ النشر
28.06.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
28.06.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |