مقتطفات من كتاب «تاريخ آل سعود» لناصر السعيد
عن محو آثار النبي: آل سعود «يفتحون» مكة *
[5]
كان الوهابيون قبل أن يحتلوا مكة، قد دخلوا إلى مدينة الطائف، في سبتمبر/ أيلول 1924، ففعلوا فيها الأفاعيل... وإليكم ما ورد في الجزء الثاني من
كتاب «صقر
الجزيرة - عبد العزيز آل سعود» (وهو كتاب
تمجيدي، طبع على نفقة الملك السعودي) للكاتب
الباكستاني أحمد عبد الغفور عطار الذي يسجل
لنا وقائع ما حصل في الطائف، قائلاً:
«وتدفق «الإخوان» (القوة الوهابية الضاربة
في جيش عبد العزيز آل سعود، وقد اشتهر أفرادها
باسم «إخوان من طاع الله») الغزاة إلى داخل
الطائف، كما تدفق إليها الأعراب الطفيليون
معهم، وهم يهتفون هتافات عالية قوية يشقها
أزيز الرصاص المنطلق من البنادق والرشاشات
في الفضاء. وقتلوا كل من وجدوه بها، واحتلوا
المراكز الحكومية والأبراج والقلعة ونهبوا
ما بها.
وكان في البلدة
كثير من قبائل الطويرق، وعتيبة، والبقوم،
والنمور المتخلفون عن الجيش الهاشمي، فانضموا
إلى المهاجمين المحتلين واختلط القاتل بالفاجر،
وانتهز الذئاب الآدميون فرصة فقدان السلطة
من البلدة، وانتشار الاضطراب فيها، فراحوا
يقضون الليل في السلب والنهب والقتل وهتك
الأعراض بلا رادع من دين أو ضمير أو سلطان،
وهاجموا البيوت وحطموا الأبواب ودخلوا على
الأبرياء ومزقوهم بالسيوف، وأطلقوا عليهم
الرصاص، واستلبوا كل ما وجدوا من غال ورخيص...
وقد وجد البدو ممن لهم ثارات عند الأهالي
فرصة نادرة للانتقام، فزحفوا إلى بيوتهم،
واقتحموها عليهم، وقتلوهم شر قتلة تشفياً
منهم، وهتكوا أعراضهم. ولم يكلفوا أنفسهم
عناء استلام الأساور الذهبية من أيدي النساء
الممدة، بل قطعوا أيديهن
وأرجلهن.
ولبس «الإخوان» الحلي والأساور بأيديهم ووضعوا
القلائد الخرزية والذهبية في رقابهم كي لا
تعيقهم عن بقية النهب والقتل…» ويتابع أحمد
عبد الغفور عطار شهادته عن موقف عبد العزيز
مما ارتكبه جيشه في الطائف، فيقول:
«يقول لي عبد العزيز آل سعود: «لقد وصلني،
وأنا في الرياض، خبر المذبحة في الطائف فبكيت
حتى تبللت لحيتي، واعترتني الكآبة، وغامت
على وجهي سحابة من الحزن البالغ العميق، وتمنيت
لو لم ينتصر سلطان بن بجاد (القائد العام
لجيش ابن سعود الذي احتل الحجاز) بهذا الثمن،
وتمنيت أنني حاضر. وبعثت رسولي إلى سلطان
بن بجاد، وخالد (بن منصور بن لؤي أمير الحملة
السعودية لغزو الحجاز) مهدداً. وطلبت منهما
الكف عن القتال. ولما قدمت مكة عَزَمتُ أولياء
القتلى وأهاليهم على وليمة، وألّفت لجنة للتعويضات
على منكوبي الطائف، وأعطيت كل واحد عشرة ريالات
فرنسية وصاعاً من القمح».
يا سلام!.. صاع من القمح!.. والصاع عبارة
عن 3 كيلو قمح... والعشرة ريالات تساوي جنيه
استرليني!
(...) وحينما أراد عبد العزيز إلصاق هذه الجرائم
بقائد جيشه ابن بجاد، ردّ عليه (ابن بجاد)
في مجلسه في مكة، أمام الحاضرين من أهل الحجاز،
بقوله: «أنت الذي أوصيتني يا عبد العزيز أن
أقتل البريء ليرضخ العاصي، وأن أفتك بلا رحمة
حتى تكل السيوف من رقاب أهل الحجاز الكفار!»...
فخرس عبد العزيز.
(...) ثمّ يسرد الكاتب عطار أحوال مكة قبيل
دخول الجيش السعودي لها، يوم 16 أكتوبر 1924،
فيقول:
«... وجدنا مكة كالمقبرة في الصمت الرهيب،
والسكون الشامل، والدكاكين المغلقة، والمناحات
والمآتم. فمكة لم تطمئن بعد مجازر الحوية
والطائف والهدي، بل كانت قلقة تطحنها الآلام.
فهي تنتظر البلاء والفاجعة بين الفينة والفينة
مستسلمة للقضاء والقدر. ولقد تسللت مجموعات
كبيرة من الإخوان بطرق خفية… وساد القلق والاضطراب
والإشاعات المركزة التي يلهبها أتباع السعوديين.
ووجد الفرصة كل طامع ومجرم وأثيم من الإخوان
وأتباعهم، ونهبوا بعض مراكز الحكومة، ولكنهم
لم يقربوا الأهالي بسوء كما في الطائف، بل
كانوا ينهبون دور الحكومة فقط، وشاركهم بعض
فقراء مكة وأخذوا نصيبهم... حتى إذا بدأ القمر
في ليلة السابع عشر من ربيع الأول (16 اكتوبر
سنة 1924 م) بدت معه طلائع الإخوان الرسميين.
وفي الصباح دخل ابن لؤي وابن بجاد ببقية الجيش
مشاة وركبانا، عراة ومحرمين، وطافوا وسعوا،
ثم ارتدوا ملابسهم، وجاسوا خلال مكة وفي شوارعها
الرئيسية، وتدفقوا إلى مراكز الحكومة يحتلونها.
ونزل القائدان قصر الشريف حسين، واستقبلا
كبار أهل مكة، وأخذا منهم الطاعة لابن سعود».
ويتابع العطار قوله: «وكان بعض الأعراب من
الغطغط (لواء من ألوية جيش الإخوان) في الأسواق
يسألون أهل مكة: «أين بيت خيشة؟». ولكن المكيّين
لا يعرفون أحداً يكنى هذه الكنية! فكانوا
يجيبون: «لا نعرف». وأخيراً عرفوا صاحب هذه
الكنية. فهؤلاء سموا الشريف حسين «أبا خيشة»!...
ونهبوا ما وجدوا في بيت الشريف حسين من علب
المربيات، والساعات، والمفروشات، وكل غال
ورخيص، وباعوها بثمن بخس. وكان البدو يبيعون
العلبة من عصير المانجة بما يوافق مليمين،
ويبيعون بهذا علبة الكريز والخوخ والاناناس.
كما يبيعون الساعة الجديدة بعشرة قروش، ويبيعون
البساط العجمي الكبير بعشرين ريالا وهكذا…
بل إنهم رأوا المرايا الكبيرة فظنوها، لأول
مرة، ما يشبه البيت أو الغرفة بها أناس، وحينما
رأوا صورهم بها حطموها، وظنوها سحراً. كما
خيّل إليهم أن في الساعة شيطاناً يهمس، وذلك
حينما يسمعون دقاتها. ولقد أطلقوا الرصاص
على صورهم حينما رأوا البنادق التي يحملونها
منعكسة في المرايا!...».
هدم الأماكن الخالدة والإسلامية والتاريخية
1- هدم آل سعود
البيت الذي ولد فيه النبي محمد بن عبد الله
(ص) بشعب الهواشم بمكة.
2- هدم آل سعود بيت السيدة خديجة بنت خويلد،
زوجة النبي وأول امرأة آمنت برسالته الإنسانية.
3- هدم آل سعود بيت أبي بكر الصديق ويقع بمحلة
المسفلة بمكة.
4- هدم آل سعود البيت الذي ولدت فيه فاطمة
بنت محمد، وهو في زقاق الحجر بمكة.
5- هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم
النبي، ويقع بيته في المسفلة بمكة.
6- هدم آل سعود بيت الأرقم أول بيت كان يجتمع
فيه الرسول سراً مع أصحابه حين قامت الدعوة.
ويقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة. أما الآن
فقد شيد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى
السعودية عبد الملك بن إبراهيم.
7- هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى
بمكة، وبعثروا رفاتهم.
8- هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر، وكذلك
هدموا مكان العريش التاريخي الذي نصب للنبي
حين أشرف على قيادة معركة بدر.
9- هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن
أبي طالب، أبو الحسن والحسين.
10- سرق آل سعود الذهب الموجود في القبة الخضراء
بالمسجد النبوي بالمدينة.
11- دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة
حيث يرقد المهاجرون والأنصار من صحابة محمد
(ص)، وبعثروا رفاتهم. ولقد همّ آل سعود بتدمير
القبة التي تظلل قبر صاحب الرسالة محمد بن
عبد الله، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب وبعض
العلماء الصالحين من شعبنا، ومن كافة البلاد
الإسلامية، فحدثت ضجة كبرى ضدهم، وارتدوا
على أعقابهم خاسئين.
كل ذلك الهدم كان بقصد أن لا يبقى أثر واحد
من آثار أولئك المؤمنين الأبطال أجدادنا.
لقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى أي ذكر
لتاريخنا، وأن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا
الاسم السعودي.
(...) كما دمّر آل سعود في مكة والمدينة بعضاً
من أثمن المكتبات في العالم، وأحرقوها بهمجية.
فحالما دخل الجند السعودي مكة شاهرين السيوف
والبنادق، اتجهوا لتدمير كل ما هو كتب، ووثائق،
وصور، وتاريخ. ومن ذلك على سبيل المثال ما
ارتكبوه بالمكتبة العربية التاريخية العلمية
التي أحرقوها، وكانت تعد من أثمن المكتبات
في العالم قيمة تاريخية، فهي لا تقدر بالمال
أبدا. لقد كان بهذه المكتبة كتب نادرة جامعة
لمختلف المناهل العلمية والتاريخية، وفيها
مخطوطات نادرة يعود بعضها إلى عهد الجاهلية
والبعثة المحمدية. ومن تلك المخطوطات ما كتب
على جلود الغزلان، وعلى الحجارة والألواح
الخشبية والفخارية… والمكتبة العربية التاريخية
في مكة، بالإضافة إلى كونها مكتبة نادرة،
فهي متحف أيضاً يحتوي على مجموعة من آثار
ما قبل الإسلام وبعده، وأنواع من أسلحة النبي
محمد.
بعض أسماء الشهداء في الحجاز
وحتى يتضح أنه
ليس لآل سعود وأتباعهم من هدف ديني أو اجتماعي
أو إصلاحي. فإننا نورد بعض أسماء رجال الدين
المسلمين الذين قتلوهم:
1- الشيخ عبد الله مرداد قاضي مكة المكرمة
وعالمها الكبير. وكان سنه حين قتلوه 70 سنة.
2- الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية
بمكة.
3- الشيخ يوسف زواوي شقيق المفتي.
4- الشيخ عمر أحمد كمال من قضاة الحجاز وعلمائها
الأعلام.
5- الشيخ عبد القادر الشيبي سادن الحرم المكي،
وشقيقه.
6- الشيخ علي صقر من علماء الحجاز الكبار.
7- الشيخ عبد الله فريد من وجهاء مكة.
8- الشيخ عبد الله عطار، وشقيقه أحمد عطار.
9- الشيخ عبد القادر بن إبراهيم رمل عمدة
محلة الشامية بمكة.
ومثّل السعوديون بستة شبان من أسرة قطب بمكة،
كما مثّلوا بطفلين وامرأة وثلاثة رجال من
أسرة آل الطيب، وشخصين من أسرة الشالي، وبالشيخ
حسن مكاوي، وبقاضي الطائف الشيخ سليمان مراد،
وبالشيخ عبد اللطيف السكوتي، وسراج زمزمي،
والشيخ عبد الرحمن قاضي جدة، وعثمان قاضي
مدير البريد والبرق، وأبو حمامة، وعبد الله
محمد فريد... وهذه عينة فقط من أسماء الشهداء.
وفي ما يلي عينة أخرى من أسماء الذين زج بهم
آل سعود في السجن واستشهدوا في سجنهم جميعاً،
ومنهم: الشيخ حسين الدباغ، ومسعود الدباغ،
والشريف حسن بن زيد، والشيخ عبد الله بن النفيس...
وفي ما يلي عينة أخرى من أسماء الآلاف الذين
شرّدهم آل سعود ومنهم: العالم الكبير الشيخ
حبيب الله الشنقيطي الذي مات منفياً في مصر،
والعالم زيدان الشنقيطي ومات منفياً في اليمن،
والعالم الشيخ خضر الشنقيطي، وقاضي قضاة الحجاز
وهذان الأخيران ماتا في الأردن، وشيخ العلويين
السيد أحمد سقاف الذي مات في جاوه، والطيار
عبد الله المنديل الذي مات في مصر، والزعيم
أحمد الداغستاني، والشيخ محمد الشرقاوي، والشيخ
حسين صبيان وهؤلاء من كبار أدباء الحجاز،
وجميعهم ماتوا منفيين في مصر، وكذلك الطيار
حسن شيبه والشيخ مرزوق قراره ومات هو الآخر
في مصر، والشيخ عبد العزيز يماني... وغيرهم
الكثير ممن شردوا إلى أنحاء آسيا وأفريقيا،
والذين لا تعرف أماكن لإقامتهم.
* (مقتطفات من كتاب «تاريخ آل سعود» لناصر
السعيد)