%@ Language=JavaScript %>
القناص الامريكي و نهاية امريكا
القانص المجرم القاتل ( كرس كايل) في الفلوجة
فينيان كوننكهام *
ترجمة : د. إقبال محمد علي
American Sniper and US Doom
By Finian Cunningham
" القناص الامريكي" فيلم مقتبس من كتاب يحمل الاسم نفسه، كتبه الجندي الامريكي كرس كايل Chris Kyleعام 2012 متناولاً فيه سيرته الذاتية . استقبل الجمهور الامريكي هذاالفيلم بنشوة عالية . وصِف كاتبه من قبل الاعلام الامريكي على انه كان "من اعظم الجنود المحاربين " الامريكان . قوبِلَ الفيلم بحماس عاصف في الاسبوع الاول من عرضه و حقق ضربة ساحقة في شباك التذاكر،علاوة على ترشيح مخرجه كلنت إستوود Clint Eastwoo لأكثر من جائزة في مهرجان السينما الامريكي ( الأوسكار ) . جُل الكتابات النقدية المراوغة التي كتبت عن هذا الفيلم غطت بعض الجوانب غير المهمة كالنص و التصوير السينمائي . الانطباع السائد كان يتوخى التأكيد على الشخصية الرئيسية ، كايل : " جندي بحري امريكي و رامٍ بارع – كان بطلاً تراجيدياً . رجل خدم بلاده بشرف في حرب امريكا مع العراق .
وٌصِف الفيلم من قِبل البعض بأنه كان معادياً للحرب" لأنه حاول الكشف عما كان يمر به الجنود الامريكان من صدمات و معاناة نفسية بعد كل معركة كانوا يخوضونها في العراق .و يبدو ان المحور المركزي في النقاشات و الكتابات حول هذا الفيلم ظل مفقوداً ، ألا وهو التركيز على الطبيعة الاجرامية للجيش الامريكي و مدى تأثيرها الهدام على حياة الملايين من الابرياء . القناص الامريكي يعزو نتائج ما يمر به افراد قواتهم المسلحة من صدمات نفسية و عقلية إلى الحروب الخارجية التي تخوضها الولايات المتحدة . ان منح لقب" البطل" لشخص مثل كرس يحملُ في خفاياه مؤشرات التمجيد لصانعي - الحرب الامريكان ،و تقوية نزعة الانانية و حب الذات الامريكية معتبرين انفسهم امة ذات" خصوصية إستثنائية"، أمة حقيقية ،أمة عظيمة ، تُعطي لنفسها صلاحيات مطلقة في ان تبدأ الحرب ضد من تشاء، وقت ما تشاء "لصالح امتها" متجاوزة بذلك القوانين الدولية و الاخلاق !! . ومن هذا المنطلق : قتل ما يقارب الاكثر من مليون عراقي منذ الاحتلال العسكري الامريكي لهذا البلد بين الاعوام 2011-2003 تحت ذرائع خادعة منها : " اسلحة الدمار الشامل لصدام حسين" ، قدموا وثائق مزيفة لدعم مزاعمهم ، مما يجعل تورط الولايات المتحدة في العراق جريمة كُبرى و حرباً عدوانية . بإيجاز ، يمكن القول ان الولايات المتحدة – كانت العرابة لهذا التدمير الارهابي للعراق . قادة الحكومة الامريكية و قادة البنتاجون ، ضمنهم باراك اوباما الرئيس الحالي، يجب ان يحاكموا كمجرمي حرب وفق القوانين الدولية المتفق عليها في محاكمات نورمبرج، للرايخ النازي" . المدهش في الموضوع هو قوة الدعاية الامريكية في عمليات غسل الدماغ التي تساهم شركات اعلامهم في تمريرها ، لمحو اي وعيٍ أو إدراك أوتساؤل لمناقشة ، القضية المركزية . بدلا من ذلك يقومون بأستهلاك هموم و مشاعر المواطن الامريكي للتعاطف مع : "جنودنا النبلاء " مما يقاسونه من صدمات " اثناء ادائهم الواجب".
"آلية الحرب الامريكية ستُنهي أُمتَها"
أين هي صيحات العدالة ضد الولايات المتحدة – عرابة الجرائم و الإبادة للشعب العراقي ؟ اين هي علائم الندم اوالتكفير ؟ . القادة الامريكان يستمرون في طيرانهم في ارجاء العالم ، يحاضرون الاخرين بدعاوى التقوى الاصلاح ، لكأنهم ممثلو الفضيلة .
قد يكون قانون العدالة غائباً، إلا ان هناك عرفاً حقيقياً قائماً لعدالة الظُلم غائباً في النظام الامريكي . ألية الحرب الامريكية ، عجلة لا تقيدها القوانين الدولية : تحتل دولاً دون مشروعية ،تغتال بطائرات دون طيارعلى مدى الاسابيع ، تدمر امم اخرى وكالةً ، بحجة الارهاب كما هو الحال في سوريا و اوكرانيا . ولكن ، يبدو من الجلي الواضح ، ان هذه الآلة العسكرية تفني مجتمعها ،مادياً ، نفسياً و أخلاقياً .
يتغنون بكرس كايل و يسمونه " قناص امريكا المميت " الذي قام بمفرده بقتل اكثر من مائتي عراقي (200) في سفرات واجبه العسكري الاربع اثناء عمله في العراق . و سواء كان غالبية ضحاياه من " الارهابيين" او ايماناً منه بحماية حياة الجنود الامريكان الاخرين ، الحقيقة تقول : ان كايل كان يقوم بعمل غير مشروع ، ضمن ألية حرب إجرامية ، ساهمت في تهديم امة بأكملها . و احتفال الامريكان به " كمقاتل بطل" انما هو إشارة إلى الخراب الاخلاقي الذي ينحدر إليه المجتمع الامريكي و يبين لنا كم اصبح العنف متوطناً في عقلية المواطن الامريكي.
سقط كايل قتيلا برصاصة اطلقها عليه احد زملائه في مرمى التدريب في تكساس . القاتل المزعوم جندي سابق ، قيل انه كان يعاني من حالات نفسية و جسدية وعقلية من اصابات سابقة . كايل نفسه ، كان احد جنود سلاح المشاة البحرية ، تم اعفاؤه من الخدمة بمرتبة شرف ، عام 2009 للسبب نفسه : معاناة نفسية وعصبية إضافة إلى اصابات جسدية مزمنة سابقة. بعد تسريحه من الخدمة ،عمل فيما بعد في الادارة البحرية، كمرشد للمرضى من الجنود الذين يعانون من خللٍ عقلي . هناك شئ في علم الامراض الاجتماعية يقول:ضحايا الصدمات النفسية تُمْكنُ معالجتهم في التغلب على ما يعانون من صدمات بالسماح لهم أطلاق النار من بنادق قتالية في ساحة المرمى .
تقول الاحصائيات : ينتحر كل يوم 20 من المحاربين القدامى الامريكان بسبب الانهيارات العصبية . أي بمثابة 7000 جندي كل عام ، إضافة الى عشرات الالاف من الجنود الامريكيين الذين خدموا في افغانستان و العراق أو في دول اخرى و إلتزموا الصمت في حقول القتال حول ما كانوا يعانون منه من الاعراض النفسية والعقلية . وتبدأ المصائب بالظهور عند عودتهم : يتجه بعضهم في القيام بأعمال عنف وجرائم ضد المواطنين الاخرين و البعض الاخر يدمرون انفسهم بالخمر و المخدرات و غيرها .... . هناك ارقام اخرى مشابهة تتحدث عن أسر امريكية هدمت من قبل احبتها " قدامى المحاربين" الذين وجدوا صعوبة في التأقلم على وضعهم الجديد في المجتمع ، بسبب ما كانوا يعانونه من امراض عقلية و عصبية .
التكلفة الاقتصادية للحروب في العراق و افغانستان لوحدها بلغت 6 بلايين دولار - اي ثلث الديون المتراكمة المعلقة . هذه الحسابات الجزئية تكشف عن الضريبة المتمثلة بالخراب الاجتماعي التام ، نتيجة الحروب : أنعدام التأمين الصحي ،تصاعد الجرائم ، الانهيارات النفسية ، افراد المجتمع غير المتجين هم الرأس البارز في جبل الجليد . في حقيقة الأمر، ان المجتمع الامريكي يجلس بشكل غير ملحوظ على قمة " قنبلة موقوتة من" القاذورات" بسبب تجار حربها المجرمين. هنا تتجلى"عدالة" حروب الولايات المتحدة ذات الحصانة الذاتية المطلقة بلا منازع. إطلاق العنان لرؤساء الولايات المتحدة ان يقرروا ما يشاؤون - يعني اطلاق سراحهم على دول العالم ، الذي بدأ ينقلب بالضد على مجتمعهم الذي بدأ بالتأكل في عمق جذوره . قتل الملايين من الناس في القرى النائية و الصحارى دوافعه متماثلة تماماً في النقمة التي يحملها تجار حربها الصالحون ، إتجاه ابناء مجتمعهم الامريكي نفسه ... .
قصة كرس كايل لم تكن مجرد قصة عن قناص امريكي سئ الحظ ، بل هي رمز للوضع الذي تمر به امريكا بشكل عام . انها جزء من الخراب المميت المستعصي الذي يكمن في ان غالبية الشعب الامريكي غافل، غير واعٍ لما يتعرض له من انهيار. بمجرد النظر الى المتفرج الغبي الجالس في قاعة السينما ، منتشياً بمضغ الذرة المحمصة بصوت عال ، مهللاً بنشوة لجرائم القتل الجماعية التي يرتكبها الجنود على الشاشة ، بإعتبارها " بطولة "... يمكننا من هذا المشهد الحكم بالنهاية الحتمية لأمريكا.
..................................................................................................................
* ولد Finian Cunninghamعام1963 . كتب مقالات كثيرة عن العلاقات الخارجية ، نشرت بعدة لغات . حاصل على شهادة الماجستير في الزراعة الكيميائية .عمل كمحرر علمي للجمعية الملكية للكيمياء في مدينة كمبرج في انجلترا قبل ان يمتهن حرفة الصحافة فيما بعد .
03.02.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
03.02.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |