<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن الخوف من الحسين

 

الخوف من الحسين

 

حمزة الحسن

 

 

هل صحيح ان الغرب والولايات المتحدة ومشايخ الطرب في الخليج
تصدق ان رفع شعار الحسين
من قبل الحشد الشعبي، هو سلوك طائفي؟

هذه اكذوبة ، من كثير، يراد لنا بلعها وتصديقها والدخول في دوامة طويلة من الرد والرد المقابل،
ومن وضع الذات في حالة دفاعية،
ونجحوا، مع الأسف، في ذلك كما في كل حملة اعلامية منظمة،
وهؤلاء لا يهمهم تحت أي شعار تخاض الحروب،
لأن الأهم في مصلحة من.

الخوف من الحسين ، عند هذه القوى، ليس طائفياً على الاطلاق،
فهذا طلاء لخوف أعمق وابعد، لأن الحسين لم يكن طائفياً،
بل رفض السلالة في الحكم وهو لغز كراهية الانظمة السلالية له اليوم.

مشروع داعش مشروع اقتلاع لكل مقومات الحياة من الهوية الى الذاكرة،
ومن التاريخ الى الارض، ومن الدين والمذاهب الى السيادة والثروة والمستقبل،
أي ترسيخ صورة نمطية عن اسلام مشوه.
والصورة المشوهة تحارب بصورة نقية مضادة:
الحرب ليست رصاصاً فحسب بل هي صراع صور ورموز وهويات والخ،
اي حشد رموز الماضي لمواجهة عنف الحاضر ورموزه.

مشروع الاقتلاع علاجه الوحيد هو " مشروع تمسك" وتشبث بالجذور،
وهو أمر يعرفه كل ما عاش عاصفة طبيعية،
أو عانى من غرق مركب،
أو تعرضت هويته الفردية أو العامة الى الاقتلاع والتحدي .

العودة للرموز المشرقة والمشرّفة، في زمن العواصف الحربية والدينية، ومنعطفات التاريخ والهزات الكبرى، هو مشروع منطقي مضاد للاقتلاع والسيطرة وتخريب الهوية والتاريخ والذاكرة،
مضاد للصورة الجديدة المشوهة عن الاسلام،
بكل ما يحمل الحسين من رمزية نظيفة ومحاولة اعادة المسار الى الطريق الصحيح،
والتضحية بالذات في معركة خاسرة عسكرياً،
لكنها شكلت انتصاراً اخلاقياً خالداً،
لأن رمزية تلك المعركة لم تكن في النتيجة بل في الغاية،
ومفهوم الربح والخسارة في معارك الحرية ومعارك التاريخ الكبرى لا تحدده نتائح ساحة المعركة،
بل تحدده الأهداف المتحققة وحكم التاريخ.

قادت الهيمنة الامريكية على أمريكا الجنوبية الى إحياء الرموز المحلية المكافحة مثل سيمون بوليفار وخوزي مارتي، كما أحيت في الادب والفن الحضارة القديمة كالمايا والأنكار والأزتيك وهو رد فعل منطقي على الاقتلاع،
ومن قرأ آداب هذه الشعوب يجد إفراطاً في العودة الى الرمزية والطقسية والاساطير بصرف النظر عن ثنائيات الصواب والخطأ،
فليس هناك أكثر خطراً من الواقع المفروض بالقوة،
ما دامت هذه الرموز قادرة على أن تتحول الى قوة في الوجدان العام في معركتها مع التوحش الرأسمالي.

كانت كلمة السر في عملية" الصدمة والترويع" عام 2003 هي كلمة" يا مريم" وهو شعار الحروب الصليبية،
أي ان الرمزية في الحملات الحربية العدوانية للامبراطوريات الاستعمارية أمر مشروع ،
وليس من المشروع مواجهة خطاب الطقوس الدينية والرمزية الاصولية بخطاب مضاد يغرف من تاريخ الشعوب المستهدفة من اجل حشد الطاقة.

مشروع احتلال العراق في الجوهر لم يكن الغرض منه اسقاط دكتاتور أهوج،
هذه كانت الذريعة بل الهدف هو محو عراق وتركيب آخر،
وهذا المحو لا يشمل تغيير الحاضر،
لأن هذا مستحيل بدون الغاء الذاكرة والتاريخ،
لذلك تم حرق السجلات وسرقة وتدمير الاثار وحرق المكتبات والوثائق بل حتى شرعوا في البداية تغيير اسماء الشوارع،
لكي يجد المواطن نفسه غريباً في بلد غريب،
وأمام ثقافة جديدة مضادة لثقافته،
ويمشي فوق أرض لا يعرفها وشعارات وصور واعلانات وبرامج طارئة عليه،
ولا تتم اعادة محو الهوية والذاكرة والتاريخ بدون الشروع من" البياض"،
أي نسف الجذور التي تأسست عليها الشخصية،
وكما تقول الباحثة نعومي كلاين في كتابها الشهير" عقيدة الصدمة" :
"إن الغرض من اغراق بغداد بالظلام والقنابل وقطع الاتصالات في عملية الصدمة والترويع،
كان الهدف منه ان يعود العراقي الى حالة بدائية من الرعب والغاء الذاكرة،
لكي تتم فرض هوية جديدة تبدأ من البياض"

كيف، اذن، يعود هذا المواطن الى الجذور الحية من تاريخه؟
كيف يمكن تحقيق الاقتلاع وهو متثبت بالهوية والرموز الكبرى والتاريخ المشرق؟

مشروع اقتلاع العراق هو مشروع سياسي واقتصادي وثقافي،
لكنه مشروع اصولي أيضاً تقف خلفه دوافع دينية قديمة،
وفي أي مشروع من هذا النوع ستكون النتيجة المنطقية هو ان تقوم الشعوب الخاضعة للسيطرة بالعودة الى الرمزية التاريخية وقاية من عاصفة الاقتلاع،
وكرد فعل متوقع تتواجه اصوليات في حرب علنية أو ثقافية،
وتتم مواجهة الرمزية الاستعمارية برمزية مضادة،
سواء في ساحات الحرب او في السجال السياسي والديني والثقافي.

قلنا في عام الاحتلال الأول وفي مقال موجود حتى اليوم ان" مسيح البنتاغون عجّل بظهور المهدي" وهو عنوان المقال، أيضاً،
اي ان الرمزية الاستعمارية أنتجت، بلا توقع، رمزية مضادة،
واليوم نقول ان ظهور داعش عجّل بظهور الحشد الشعبي،
ونكرر القول ان ظهور الوحش الغربي الامريكي المدلل داعش،
جعل من الحسين رمزاً عالمياً في معركة الحرية.

 

حمزة الحسن

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10153019199387266

 

تاريخ النشر

08.06.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

08.06.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org