<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن " أسعار الزعماء العرب"

 

 

 

" أسعار الزعماء العرب"

 

 

حمزة الحسن

 

 

كما لو كانوا معروضين في سوق التحف او الغنم،
أو أوراق اليانصيب،
تحول بعض الزعماء العرب الى سلعة مطلوبة ومطاردة،
الى حفنة من الفارين توضع صورهم في الشوارع والمحلات والقطارات وكل الامكنة الأخرى التي كانت صورهم فيها تملأ الجدران،
وتملأ القلب بالرعب وتشوه الأمكنة.

وصل سعر الدكتاتور العراقي الهارب صدام حسين الى 25 مليون دولار،
مكافأة من يدل أو يقبض عليه،
في حين وصل سعر العقيد القذافي أو ملك ملوك افريقيا الى مليون يورو،
وهو سعر زهيد مقارنة بالأموال المهربة والمخبأة التي صارت، اليوم، غنيمة وحوش المصارف وغسل الاموال،
أما سعر علي عبد الله صالح،
فتراوح بين 20 كيلو ذهب،
وبين عشرة ملايين دولار،
والطريف ان تنظيم القاعدة هو من وضع سعر علي صالح،
مع ان الرجل، خارج السلطة، لا يساوي سعره كيلو بعرور أو تبن أو رأس خس.

الناجون من الأسعار هم زين العبادين بن علي،
فلقد صمم على أخذ المال وصناديق الذهب مع زوجته ليلى الطرابلسي،
حتى انهم لم يعثور على مال لتخصيص جائزة للقبض عليه،
ومن يقبص على لص في عرين اللصوص،
وهو والذهب في ضيافة مملكة الشر؟

حسني مبارك الذي كان يرعبه مصير القذافي،
وأصيب بنوبة ذعر عندما رآه مخوزقاً في قبضة جمهور غاضب،
قرر التنازل عن العرش،
لكن بعد أن خبأ المليارات في مصارف متخصصة في غسيل الأموال،
بحيث لا يستطيع أذكى الخبراء،
وأدهى السحرة،
وأكثر العفاريت دهاءً من العثور عليها،
لا في هذا القرن ولا في القرون القادمة.

أما مكافأة القبض على الرئيس السوداني البشير من قبل الولايات المتحدة بعد قرار محكمة الجنايات الدولية في القبض عليه،
فهو عشرة ملايين دولار،
وهو مبلغ لا يساوى قيمة التأمين على مؤخرة المغنية والممثلة جنيفر لوبيز البالغة 27 مليون دولار،
وهو المبلغ الذي يساوي قيمة مكافأة القبض على القذافي وعلي صالح والبشير،
أي ثلاثة جنرالات مقابل وثيقة تأمين مؤخرة،
علماً ان قيمة التأمين على مؤخرة مقدمة البرامج كيم كادراشيان هو 21 مليون دولار،
اي سعر مكافأة القبض على البشير وصالح والقذافي.

المهزلة أو الملهاة التي تفتقد الى العمق والرصانة،
ان هؤلاء عرضوا انفسهم كقادة كبار،
وحاولوا تغيير التاريخ،
بل غيروه،
واقترحوا انفسهم كمنقذين وملهمين ومفكرين،
في مجتمع مؤسس على المراجل والشكل والحجم والقوة وليس الكفاءة،
من قبيل جلسته صدر مضيف وصدره عرض حصان وشواربه تربط الثيران وقلمه يذبح الطير...الخ.

في النهاية صحروا الغابات والمدن والنفوس والثقافة والأمكنة،
وتركوا خلفهم شعوباً غارقة في الدم والمحنة.

على الجانب الآخر من هذه المهازل الباهتة، مهازل النهايات،
الشعوب التي حكمها هؤلاء لعقود من الزمن،
ثم انقضت عليهم، أو دُفعت لذلك،
لكن قطاعات منها اليوم تشعر بالحنين الى ذلك" الزمن الجميل"،
دون وعي ان ذلك الزمن الجميل كان يختزن في داخله كل خراب اليوم،
وان الأمن السابق والطمأنينة المشوهة كانت قائمة على الرعب وليس العدل،
وانهيار مؤسسات الرعب فتح الطريق الى فوضى اليوم.

كان الهدوء السابق لا يختلف عن هدوء زنازين المحكومين بالموت،
والطمأنينة السائدة هي تسليم بقدر بشري من صنع أشرار تركوا خلفهم مدناً تحترق،
وشعوباً تبحث، بين الانقاض والحرائق والسلاح. عن الماء والضوء والخبز والأمل.

اسعار الزعماء العرب هؤلاء، ومن سيأتي بعدهم، ليست فضيحة تخص هؤلاء فحسب،
بل هناك الجانب المتعلق بنا،
جانب من تلك الأسعار الزهيدة هو سعرنا أيضاً،
نحن الذين لم نعرف، حتى اليوم، رغم تراكم الجثث والتجارب والمعارف،
أن نبحث عن قطيعة مع العقل المنتج لهذا الصنف من الوحوش،
الذين لم يغيروا تاريخ الأمس فحسب،
بل غيروا صورة المستقبل،
مع ان سعر بولصة التأمين على الجزء الخلفي من جنيفر لوبيز أكبر من قيمة مكافأة القبض على أي واحد منهم،
وأكبر من قيمة القبض على ثلاثة،
من صناع" الزمن الجميل".

 

حمزة الحسن

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10152884457167266

 

 

10.04.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

10.04.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org