<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن " لا شيء اسمه العراق، لا شيء اسمه الجيش العراقي"

 

 

" لا شيء اسمه العراق، لا شيء اسمه الجيش العراقي"

 

 

حمزة الحسن

 

بطاقة نعي وتصريح البارزاني قبل أقل من شهر عندما قال:
" لا وجود لشيء اسمه العراق،
ولا وجود لشيء اسمه الجيش العراقي".

لكن السيد البارزاني كشف لنا من دون أن يدري ان العراق الذي يتحدث عنه ليس العراق الحقيقي،
ليس العراق الذي انهكته المخابرات الدولية بالقتل، على الأقل ليس العراق الذي توهم البارزاني انه إنتهى.

لو كان البارزاني، مثلاً، بعمق سياسي وفكري وثقافي أعمق وابعد، كما يتطلب موقعه اليوم،
لكان عرف ان الشعوب التي تُضرب في الكبرياء الوطني حد الادماء، تصل مرحلة الشعور باللاخسارة،
وخاصة عندما تُحشر بين خيار القتل المتدرج وبين الحياة،
وتكون امام طريقين: إما تُجن،
أو تتمرد وتخلق المعجزات.

لكن هذا السيد الذي أوشكت داعش على مداهمته في سرير النوم،
لو لا وحدة خاصة ايرانية للتدخل السريع باعترافه هو،
لا لنقص في الرجال والسلاح والمخابرات والاذرع الدولية والقواعد والمصارف والشراويل والحلفاء والتتن والكرزات،
بل بسبب هذه العقلية المسطحة التي ترى في الشعوب السطح الظاهر،
لا ترى غير قمة جبل الثلج،
ولا ترى الجزء الأكبر الغاطس.

لو ان السيد البارزاني مثلا قد قرأ المفكر العسكري الكبير كارل كلاوزفيتز،
أو المفكر العبقري العسكري الصيني صن ترو،
أو في الأقل سمع أغنية حضيري ابو عزيز مصايب الله:
" وكالي اذا دشيت بطن الفله؟
كتله أشـــك بطن الأرض قنبله ــــ أنزل عليك ولا أهاب البله ـــ ولو تنجمع كل المله ــــ ماتخلصك من ايدي"،
لو قرأ أو سمع ذلك، لدقق في الكلمات وتأمل بعيداً.

اذا كان العشق العراقي يعبر عنه بهذه الصورة الكارثية،
ولو كانت هذه الاغنية قد ترجمت الى لغات العالم الحية،
لهرب سياح الشواطئ والمنتجعات ورواد الكازينوهات،
وهي تصلح كمقدمة لبيان انقلاب مسلح،
او اعلان عن مجزرة او صاروخ ليزري موجه،
أكثر مما هي اغنية غرام،
اذا كان التعبير عن الحب بهذه الطريقة كقنبلة حرارية عند نفاد الصبر،
فكيف سيكون التعبير عن القهر العام والمتراكم منذ أكثر من نصف قرن من دون أن نمضي الآن أبعد؟

هل يعرف السيد البارزاني خصائص التفكير المحلي في ساعات المنعطف عندما يتم العصف بكل الوقائع والحقائق القائمة،
والاطاحة بكل التوقعات والنبوءات ومراكز الابحاث والدراسات؟

هل قرأ شيئا، مثلاً، عن ثورة التنباك 1890 عندما منحت شركات التبغ البريطانية حق البيع والشراء،
وتركهم المرجع الأعلى المرحوم محمد حسن الشيرازي الى مرحلة التصدير،
وكان يتابع بدقة،
حتى نزول بضاعة التبغ الى الاسواق،
وعندها حلت الكارثة بأحفاد وطلاب المفكر الاقتصادي الكبير أدم سميث،
عندما أعلن المرجع " تحريم التنباك"،
ونام ليلة سعيدة تاركاً خريجي أعرق المدارس الاقتصادية في صدمة وذهول بعد أن خططوا لكل شيء، حجم البضاعة، النقل، الاسعار، التلف المحتمل،
الارباح المحتملة، سعر الكلفة، اجور الشحن، تقلبات البحر والطقس والخ،
لكن شيئا لم يسمعوا به ولم يطلعوا عليه في دراسة الاقتصاد ولا في الاحلام،
وهو الفتوى؟

كان كيسنجر الثعلب الماكر هو الأكثر خوفاً من عناصر التفكير المحلي المشرقي،
لأنها غير قابلة للحصر والتوقع وحتى التخيل،
كما حدث في الصراع مع النظم الشيوعية الواضحة التفكير والمؤسسات بحيث يمكن توقع ردود الفعل،
لكن قرارات التفكير العربي والاسلامي المرجعي
تصدر من قوى ابعد من فهم العقل الغربي،
حتى قال عام 2010 " علينا أن نفهم ان قراراً صادراً من زقاق نجفي عتيق،
سيجعلنا نرحل في اقل من اسبوع".

لكن البارزاني ابن شيخ ورجل دين وطرق صوفية،
وصاحب تجربة عريقة في السياسة العراقية،
فكيف أصدر بطاقة نعي مبكرة على وطننا العريق،
وعلينا أيضاً بهذه السرعة والخفة؟

أم انه اليوم يعيش صدمتين:
صدمة قيامة الوطن العراقي من الرماد،
وصدمة قيامة الجيش والحشد والعشائر من الرماد بعد كل الإدماء والنزف وعرقلة بناء الدولة؟

وهناك صدمة أخرى قادمة يعرفها جيداً اليوم بعد زوال أعراض ما بعد الصدمتين،
لن نبوح بها لكي يعيشها بصمت كجرح سري مفتوح،
لكن لو ينجمع كل المله ـــ الملأ،
ويدش بطن الفله ـــ الفلاة.
ما يخلص من ايديهم،
حميد يا مصايب الله.

 

حمزة الحسن

 

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10152818991347266

 

11.03.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

11.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org