<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن داعش السويسرية

 

 

 

 داعش السويسرية

 

 

حمزة الحسن

 

 

هذا الشخص المعلق فوق الحطب الصنوبري في الصورة
هو الراهب ميغيل سرفتيوس،
أعدم حرقاً في ساحات جينيف في 24 تشرين اول 1553،

بأمر من القس جون كالفين الذي حكم بالحديد والنار وأسس المحارق للمختلفين
في الرأي وفرض تفسيره الديني بالقسوة الوحشية

ابعد من ذلك فرض على الناس ــــ بدافع الاصلاح الديني،"طبعاً "ــــ نوع الثياب ونوع الطعام وكميته،
وعاقب كل من لا يحضر قداس الكنيسة بالجلد،
وأسس شرطة سرية تتلصص على بيوت الناس منتصف الليل،
وتدخلها بالقوة بعد ان فرض ان تكون الأبواب مفتوحة،
لكي تتأكد من خزانات الملابس وأنواع الطعام،
كما انه حدد بقانون طول اللحية،
واشاع الرعب ولم يقف في مواجهته أحد سوى الراهب سرفتيوس لكنه طورد وسجن وحكم بالحرق، علناً، بعد اختيار الحطب الخاص،
ولم يكن الأول ولا الأخير في محارق" المصلح" كالفين العلنية لاحداث صدمة الرعب،
فليس غير الرعب من يشل الفكر والعقل وهي طريقة مجربة لكل طواغيت الارض.

لم يتراجع سرفتيوس،
وعندما اندلعت فيه النيران صرخ" السيد المسيح ارحمني"،
مما هز ضمير الجمهور المحتشد بالقوة والخوف،
لأن كالفين نفسه يحكم باسم المسيح.

في الصمت والرعب والخنوع والتفرعن لم يستطع أحد مواجهة طغيان كالفين،
سوى الراهب كاستيلو،
وفي كتابه" عنف الدكتاتورية : كاستيلو في مواجهة كالفين" يشرح الروائي الشهير ستيفان زفايغ
بطريقة موثقة ودقيقة طبيعة وشكل ووحشية تلك السلطة التي حكم بها جون كالفين،
والكالفينية اليوم مذهب شائع في دول أوروبية عدة.

كاستيلو الضمير في مواجهة كالفين السلطة.
لم يسلم الراهب الشاب هو الآخر ولكن سمعته الطيبة بين الناس،
حالت دون حرقه هو الاخر،
لكنه مات مبكراً ووحيداً من الجوع والامراض والمطاردة بعد أن جرد من كل وظيفة.

الارهاب لا دين ولا مكان ولا زمان له،
والذين لم يقرأوا التاريخ البشري جيدا،
تصدمهم مظاهر العنف الوحشي اليوم،
أليس النسيان هو هدف السلطة؟

لو كان المسيح حاضراً لحظة حرق سرفتيوس،
مع من كان سيقف؟
مع الضحية المستغيثة به؟
أم مع الحاكم الذي يحكم باسمه؟

هل كان سيقف مع الجسد المحترق؟
أم مع الـتأويل؟

كثير من هذه الأسئلة ستُطرح أيضاً في أمكنة أخرى،
وأزمنة أخرى،
أمام النار المشتعلة،
لكن الخوف، كل الخوف، هو الظن ان التاريخ الوحشي قد بدأ من الجريمة الأخيرة.
هل هو النسيان؟ تلاشيء الذاكرة؟ صخب الموسيقى؟
الكذب؟ الجهل؟ نسيان الماضي؟

عندما واجهت الشعوب الاوروبية هذا النوع من الوحشية،
حلّت مشكلة السلطة والحرية،
وأحدثت قطيعة فكرية مع الماضي والقطيعة غير النسيان،
وأسست دساتيرها التي حددت الحقوق والواجبات،
والصراعات السياسية القائمة اليوم هي صراعات التنمية والحداثة ومشاكل التطور والنمو.

لكننا عندما نواجه هذا النوع من الوحشية،
نلجأ الى المراثي وجلد الذات والشعور بالدونية من التاريخ والثقافة والدين والجذور،
والاحتقار الذاتي،
وهو هدف وغاية العنف الوحشي المنظم من الداخل والخارج.
ألم يقل المؤرخ البريطاني هوبل" إذا أردت أن تلغي شعبا، تبدأ أولا بشل ذاكرته،
ثم تلغي ثقافته وكتبه وتاريخه، ثم تفرض عليه ثقافة أخرى وتاريخا آخر،
وعندها سينسى من هو وينساه العالم".؟

ان نسيان كالفين قاد الى ظهور النازية والفاشية والمكارثية وغيرها:
نسيان من قاد الى ظهور داعش؟

 

حمزة الحسن

عن موقع الكاتب على الفيس بوك :

https://www.facebook.com/hmst.alhasn?fref=nf

 

04.02.2015

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

04.02.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org