<%@ Language=JavaScript %> فاروق يوسف – استعادة الفن العربي

 

 

 

استعادة الفن العربي

 

 

فاروق يوسف

10.01.2015

ضاع الجزء الأكبر من إرث العراق الفني، بسبب الحصار الدولي الذي فُرض عليه بدءاً من منتصف العام 1990 وما تلاه من مآسٍ إنسانية تعرض لها وسلّمته للغزو الاميركي في العام 2003. لقد اضطرت الكثير من العائلات البغدادية العريقة بسبب ما تعرضت إليه من عوز وفاقة بعد الانهيار الاقتصادي الذي عاشه العراق، إلى أن تبيع ما كانت تمتلكه من أعمال فنية تعود إلى روّاد الفن في العراق بأبخس الأثمان. في الوقت نفسه كان فنانون عراقيون مكرّسون قد هُزموا يوم عُرضت أعمالهم في البازار العربي، في عمان على وجه الخصوص، وهم كانوا أكثر الناس جهلاً بأسرار ذلك البازار وتقلبات مزاجه ودسائس كهنته. كان مؤلماً مشهد البراءة العراقية وهي تسعى إلى استعراض تفوقها المتوهم في سوق غلب عليها الطابع الذئبي المبيت. كان زمناً صعباً امتزجت فيه المأساة بالسخرية السوداء. في حديث تلفزيوني رأيت أحد أصدقائي من الفنانين العراقيين الكبار (تجاوز عمره السبعين عاماً) وهو يتغنى بإنجاز حياته حين باع إحدى لوحاته بعشرة آلاف دولار. لم تكن الكارثة قد وصلت إلى سمعه بعد. فعمله المشار إليه تقدَّر قيمته الآن بأكثر من ربع مليون دولار. لقد أسقطت الظروف التاريخية القاسية الجميع في هاوية اقتصادية لم يكن الخروج منها سهلاً، وكان الأمل يومذاك فكرة صبيانية، يعرف العراقيون أنها لن تقود إلاّ إلى كارثة أكبر.

وإذا كان العراقيون قد مرّوا بظروف اقتصادية صعبة بسبب تراكم الحروب التي شهدتها بلادهم، فإن سواهم من الفنانين العرب لم يكونوا في حال أفضل. هذا ما هيّأ بيئة مناسبة لتسرب الأعمال الفنية إلى مناطق ذات نفوذ مالي مستقر. كانت الدوحة يومذاك أكثر تلك الأماكن بعثاً للشعور بالاطمئنان والأمل، بسبب ما انطوت عليه رغبة الاقتناء من وعود تأسيس متحف للفن العربي الحديث. وكانت تلك الوعود في الجانب الأكبر منها شخصية لم تتخذ يومها طابعاً مؤسساتياً، وهذا ما يمكن فهمه واستيعاب أسبابه من خلال العودة الى البيئة الثقافية الخليجية التي يظل مركزها الأفراد فلا تخضع لمفاهيم العمل الجماعي. كانت الأعمال الفنية التي اقتنتها الدوحة تمثل ركائز مهمة في مسيرة الفن التشكيلي العربي.

من الخاص إلى العام
غير أن الواقع أثبت أن تلك الوعود شيء وما كان قد جرى التخطيط له هو شيء آخر. لقد انتهت تلك المجموعة النادرة من الأعمال الفنية إلى أن تكون جزءاً من ممتلكات "مؤسسة قطر للمتاحف" وهي مؤسسة يشرف عليها القطريون ويديرها الأوروبيون بحرية مطلقة، كما لو أنها جزء من ماكينتهم الدعائية الموجهة بطريقة خاصة، لن تكون خدمة الفن العربي من مسلّماتها.
لم يبدأ الأمر بالفرنسي الجزائري الأصل عادل عبد الصمد، لينتهي بالإيرانية شيرين نشأت. كلاهما يمتلك وجهة نظر غير ودّية حيال الإسلام والعرب. كانت إدارة البحوث التي أنشأها المتحف عن الفن العربي، وهو ما نحن في أمس الحاجة إليه، كذبة أرشيفية سمجة، وهذا ما سأتطرق إليه لاحقاً، وكان المتحف كله عبارة عن محاولة لتبرير فكرة الالتحاق بالركب العالمي في سياق رغبة استعراضية لا تمت إلى فكرة تقديم الفن العربي إلى العالم بصلة. صارت الدوحة من خلال متحفها العربي تستقبل بكرم ورخاء أسطوريين، معارض فنانين من العالم مثل داميان هيرست أو منى حاطوم أو ساي جوو تشانغ، غير أنها لم تضع في أجندتها أن تعرض لفنان عربي، لا على أرضها ولا في الغرب، كما لو أن مفهوم التبادل الثقافي لم يتسلل إلى أجندة القائمين على متحف الفن العربي الحديث. كان المتحف عبارة عن جدران تُعرَض عليها أعمال ميتة، أما الحياة فكانت موجهة لعروض غريبة عن محتواه وعن الهدف المعلن له. سلوك مستغرب يجعلني أشك في أن هدف إقامة ذلك المتحف كان واضحاً بالنسبة إلى القيّمين عليه.
لدينا ما نخاف عليه إذاً.

 

موسوعة الفن العربي الفرنجية
قبل نحو عشرين عاماً، اقترح ناقد فن لبناني فكرة إنشاء موسوعة للفن العربي يموّلها متحف الفن العربي الحديث في الدوحة الذي كان قيد التأسيس. غير أن الفكرة التي تحمس لها العديد من النقاد العرب وساهموا في إغنائها، ذهبت وصاحبها إلى الغياب. لقد ذهبت مئات الصفحات التي كتبتها شخصياً وكتبها معي نقاد عراقيون إلى العدم. بعد سنوات اتصل بي الأكاديمي التونسي نزار شقرون ليعرض عليّ المساهمة في كتابة موسوعة للفن العربي تموّلها "مؤسسة قطر"، بعدما صار المتحف تابعا لها. المشروع لم ير النور لأن المبالغ التي خصصتها المؤسسة مكافآت للكتّاب لم تكن تكفي لشراء الحاسوب الذي يعمل عليه الكاتب. وحين اختفى شقرون ومشروعه، تكفلت إدارة البحوث في المتحف البدء في إنشاء تلك الموسوعة، وهذا ما كنا نهلل له بغض النظر عن الجهة التي تقوم به لولا أنه جاء منسجماً مع رؤية المتحف المستخفة بالثقافة العربية. لقد تولت كتابة مفردات تلك الموسوعة، حتى الآن، كاتبات أجنبيات وعربيات لا يكتبن بالعربية. المشكلة ليست هنا، بل تكمن في أنني وقد أمضيت أربعين سنة في متابعة أحوال الفن العربي، لم أقرأ يوماً ما، حرفاً واحداً عن الفن العربي خطّته أقلام تلكم السيدات اللواتي أناط بهن المتحف مهمة كتابة سير الفنانين العرب، التي جاءت مبتسرة على هيئة "ولد ودرس وعاش وعمل وعرض وتوفي". فهل يعقل أن لا يوجد في العراق ناقد فن لا يبز تيفاني فلويد في براعتها في الكتابة عن الفنانين العراقيين؟ ولكن، من هي فلويد هذه؟ لا أحد من المهتمين بالفن في العالم العربي، من الخليج إلى المحيط، كان قد سمع بها. كذلك الامر بالنسبة إلى الآخريات: الدكتورة ناديا صوان، هوليداي باورز، سارة روجرز، الدكتورة سامية تواني. أما فيفيان حمزة فقد ورد اسمها مترجمة للنصوص الفذة التي يمكن أن يكتبها كاتب من الدرجة العاشرة.
هل كنا في حاجة إلى كذبة من هذا النوع لنتأكد من أن الزيف هو المعيار الذي صارت تتبناه المؤسسة الفنية العربية لكي نتعرف من خلاله إلى حقائقنا؟
موسوعة الفن العربي كما هي معروضة على موقع المتحف، مشروع للنصب والاحتيال ليس إلاّ. فهل وقع المتحف ضحية لصفقات سرية، كانت تجرى في الخفاء من أجل تبديد الأموال التي خُصصت لتلك الموسوعة، وتسريبها لغايات شخصية، أم أن ادارة المتحف كانت قد خططت مسبقاً للسخرية من الثقافة العربية، حيث نقاد الفن العرب من وجهة نظرها غير مؤهلين للكتابة عن أشقائهم في العذاب والالم والكدح اليومي؟
لا شيء يشفع للمتحف بخطأ شنيع من هذا النوع. فالأمر سواء، أكان المتحف قد وقع ضحية لمكيدة من إحداهن أم أنه كان قد أوحى بالقطيعة مع الكتّاب العرب، الذين لا تساهم أسماؤهم في تلميع صورته عالمياً. وهي كذبة أخرى صدّقها القطريون. فلا تيفاني، ولا روجرز، ولا صوان، ولا تواني، ولا باورز، ستتقدم بهم خطوة إلى العالمية. ولمَ لا أكون صريحاً، فأقول إن النصوص الساذجة التي كتبتها السيدات المشار إلى أسمائهن أعلاه ما كان لها أن تُكتب وهي عبارة عن مستنسخات لولا المبالغ الخيالية التي دفعت إلى كاتباتها. وهو الدرس الذي ينبغي أن يتعلم منه شقرون وسواه ممن يراهنون على المؤسسة الفنية العربية الشيء الكثير الذي يجنّبهم هدر كراماتهم.

 

صمت لجمال مئة عام
هنالك إرث فني عربي هائل وثمين صار في عهدة القطريين، فهل سيكونون أمناء عليه وبأي معنى؟ أعتقد أن اقتناء الأعمال الفنية وتكديسها في مكان بعينه ليسا سوى الوسيلة لإقامة متحف، أما المتحف فهو شيء آخر تماماً. المتحف ليس معروضاته بل فكرته الكونية التي تتجاوز مكانه، هدفه في الوصول إلى معناه ومسعاه في التماهي مع ألغاز ما يضمّه من آثار، ضرورته وما يمكن أن يقدمه للأعمال الفنية التي تؤلف بنيته من خيال المستقبل. المتحف هو صيغة تفاعلية بين ما يعرضه من أعمال فنية والأفكار المستقبلية التي تهب تلك المعروضات حياة جديدة. لن يكون العرض الجامد غاية في حد ذاته. غير أن مَن لا يتقن الكلام أو الكتابة بالعربية (وهي حال من يعملون في ذلك المتحف) لا يمكنه استيعاب فكرة أن العرب كانوا قد أنتجوا فناً معاصراً في القرن العشرين، يستحق أن يُرى باعتباره جزءاً من الجهد العالمي الخلاق. إنه لا يرى في ذلك الفن سوى تجارب فولكلورية جُمعت لتكون رصيداً معنوياً مشجعاً لسكان المكان، وهي لذلك لا تستحق أن تُنقَل إلى مكان آخر في العالم أو تُقدَّم إلى العالم باعتبارها رصيداً جمالياً زاخراً بقوة تأثيره الجمالي والفكري. ما يخلص من متحف الدوحة من معارض، إنما يؤكد النظرة الدونية إلى ما أنتجه الفنان العربي عبر قرن من المحاولة. لم يقل أحد إن "عليكم أن تتعلموا من هيرست ونشأت وعبد الصمد"، غير أن الواقع الذي أنتجته عروض متحف الدوحة كان قد أكد تلك الموعظة الجافة بغطرستها. صار علينا أن نعيد محمود سعيد وشاكر حسن والياس الزيات وبلكاهية والمدرّس وبن بله ونذير نبعه وضياء العزاوي ومحمود مختار وابرهيم الصلحي وعبدلكي إلى المدرسة، لكي يتعلموا من جديد أسرار اللعبة التي صارت تدرّ ملايين الدولارات على أصحابها.

مكسب الغرباء الذي يخذلنا
يلعب متحف الدوحة اللعبة بالمقلوب. فبدلاً من أن يقدمنا إلى العالم من خلال الأعمال التي هي جزء من وديعته باعتبارنا دعاة تغيير حالمين أغنى رؤاهم المسعى العالمي في اتجاه خلق فن معاصر، صار يقدّم خدماته الكريمة إلى الآخر الغريب بهدف تلقيننا دروساً في الفن، هي في حقيقتها محاولات تضليلية، كان المتحف يخطط من خلالها للإفلات من وظيفته الأصلية، كمن يلقي حصى في نهر عريض، شاء أن لا يراه وأن لا يراه الآخرون. لا ينفع أن نقول "نحن هنا"، كما لو أننها نهذي في الصحراء.
لمن نقول "نحن هنا"؟ لـ"متحف" من غير ألف ولام وهي صيغة غير عربية اعتمدها المتحف لكي يقدّم نفسه إلى الآخر.
هناك قدر عظيم من سوء الفهم في ما يفعله أشقاؤنا في قطر، عن حسن نية، على ما افترض. لن ننال احترام الآخر باهتمامنا به وبفنّه، ولن يكون كرمنا في حالٍ من هذا النوع إلاّ نوعاً من البلاهة التي لا يمكن علاجها. فالآخر لن يكون معنياً بنا إلا إذا قدّمنا أنفسنا بطريقة لائقة، نحترم من خلالها ما نفعله وما فعله آباؤنا وأجدادنا. لا أعتقد أن هدر الأموال من أجل اقامة معارض عالمية لفنانين، هم موضع التباس، هو تلك الطريقة اللائقة. لقد كسب داميان هيرست أكثر من عشرين مليون دولار من عرضه في الدوحة، فما الذي كسبه الفن العربي في المقابل؟ لا شيء. حتى عرض الفنان الأميركي الكبير ريتشارد سيرا، كان كذبة استعراضية لن نجني منها شيئاً. لقد نُصبت منحوتته في الصحراء بمسافة ستين كيلومتراً عن الدوحة. علينا أن نحصي كم بعيراً سيمرّ بها.

لهاث ورار الاستهلاك
لست في صدد تأليف أجندة أخلاقية لمؤسسة فنية، يُفترض أنها تمثل الفن العربي. وهو افتراض يستند إلى حقيقة أن متحف الدوحة يضم بين مقتنياته الكثير من الأعمال الفنية التي تمثل مسيرة الفن العربي خلال القرن العشرين بكل تحولاته، بكل أحلام فنانيه في التغيير، وبكل فكرته عن العالم. هي مسيرة تدعو إلى الفخر، لا شيء يُخجَل فيها.
من المغربي أحمد الشرقاوي إلى العراقي شاكر حسن آل سعيد، مروراً بالمصري محمود سعيد واللبناني أمين الباشا والسوري الياس الزيات، كان الرسم في العالم العربي قد أسس لأسطورة خلق جمالي سنقف أمامها دائماً بإجلال واحترام.
فهل صار علينا ان نذكّر متحف الدوحة بمقتنياته لكي نذكّر القائمين عليه بوظيفته؟
سأعود إلى سوء الفهم مرة أخرى.
تؤلمني شخصياً تجربة العرض لداميان هيرست في متحف عربي. فالرجل فنان تجاري لن تتقدم محاولاته بالذائقة الجمالية لدى سكّان المنطقة خطوةً إلى الأمام، بل ستزيد من أسرهم الاستهلاكي تحت مظلة سمعته في بريطانيا، وهي سمعة صارت شركات في عينها تستفيد منها لتسويق منتجاتها. أما تجربتا عبد الصمد ونشأت، فستشعلان نار حرب عقائدية، ذلك لأنهما لا تنظران إلى الإسلام بطريقة منصفة. ثم ما علاقة متحف أنشئ من أجل الفن العربي المعاصر، بهذا كله؟ ما ينبغي أن تتخصص به صالات العرض المتحرك في المتحف، إنما هو جزء من وظيفته: الفن العربي باعتباره مساحة تفكير ونظر وتمرد واضافة وتمرين للذائقة.

حلم المهزومين
ألا تزال هناك فرصة لتصحيح المسار؟ سؤال يدعو إلى الابتسام بسبب ضيق الحيلة. فالنقد لم يعد ممكناً بعدما استُبعد من المشهد الفني برمته. لم يعد النقد يخيف أحداً. ما أنبّه هنا إليه سيكون بالنسبة إلى المعنيين بالأمر، مجرد هرطقات. هناك من يفكر في أنه ربح الحرب كلها ولم يعد معنياً بالإنصات إلى ما يقوله المهزومون. أنا واحد من أولئك المهزومين. يحررني من هزيمتي حلم أن هناك إرث جمال عربي صار في عهدة الدوحة، ولم يعد في إمكانها أن تتبرأ منه. هو جزء من ضميرها الذي لا ينفع معه النسيان. سيكون علينا دائماً الحديث عن ذاكرة استثنائية، يكون الفن مصدرها. فهل تورطت قطر بما لم تكن مستعدة للقيام به؟ وهل صار على الفنانين العرب أن يندموا لأنهم وضعوا أعمالهم عهدة في مكان غير مناسب؟
أعتقد أن استعادة الفن العربي لن تكون مستحيلة. لم يعد اقتناء الأعمال الفنية العربية وقفاً على الخليجيين. هناك رجال أعمال عرب وسعت يدهم للقيام بعمل نبيل من هذا النوع. في بيروت مثلاً، هناك اليوم مشروع متحف للفن العربي سيكون في إمكانه أن ينافس متحف الدوحة من حيث تمثيله لتاريخ الفن في العالم العربي. ليت صاحب ذلك المشروع سمح لي بالتصريح باسمه. ولكن متحفه سيكون تعويضاً حقيقيا عما خسرناه

 

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org