<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي مهزلة الكونغرس

 

 

 

مهزلة الكونغرس

 

 

د. كاظم الموسوي

 

جسد بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي، دور الممثل الرئيسي في مهزلة الكونغرس الامريكي اكثر من مرة. وحقق في اغلبها اهتماما اوسع من نصه، وقوف وتصفيق من المشرعين الامريكيين، الذين يعدون انفسهم امثلة عن التمثيل النيابي الديمقراطي في بلد يضع تمثال الحرية في بوابة حدوده، واهتمام واسع من وسائل الاعلام الدولية وبكل اللغات، (وقد يكون هذا جزءا من المسرحية)، فضلا عن السيطرة الصهيونية على الاغلب من هذه المؤسسات، وتأثيرها على غيرها معروف. في المرة الاخيرة، يوم 3/3/2015، اثارت المهزلة سجالا بين الاطراف المعنية حول القضية التي شكلت لب المهزلة في الكونغرس. ولكن ما هي هذه القضية، محور المهزلة؟. نتنياهو اراد نصح الادارة الامريكية، خصوصا الرئيس الامريكي باراك اوباما، حول ما اعلن عن التوصل الى اتفاق بين واشنطن والدول الاوروبية وروسيا حول الطاقة النووية مع طهران، ونقل المخاوف الى اعضاء الكونغرس والرأي العام الامريكي من خطورة الاتفاق والمسالة النووية الايرانية الان، حفاظا على الامن الصهيوني والكيان المغتصب، القاعدة الستراتيجية للامبريالية العالمية في المنطقة العربية والمصالح الملتبسة الموزعة بين ادارتها ووحداتها العسكرية والبشرية المقاتلة والوظيفية على المعمورة وخارجها. لقد حضر الممثل الى المسرح دون دعوة رسمية بروتوكوليا، وأثار زوبعة في مجلس درعه الامريكي، الايباك، بقفازات دبلوماسية، دون ان يلبي مطالبه الرئيسية في كل المهزلة. هو وغيره يعرفون طبيعة الصراعات بن الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة، وخططهما في السياسة الخارجية وتعبيرهما عن اساليب تحقيقها ومصالح الامبريالية الستراتيجية، لاسيما بعد هيمنة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس، ولكن الديمقراطيين امامهم اكثر من عام في الرئاسة، وما زال الرئيس الامريكي اوباما قادرا على ادارة دفة السياسة الامريكية، ضمن الاهداف والسياسات المرسومة. ويعرف الممثل ان امامه انتخابات مصيرية في 17 من الشهر الجاري، وان منافسيه يتربصون به ولديهم ما يكفي من الاسباب والحجج.

لم يستطع الممثل اقناع الجمهور بكل اهدافه، رغم كثرة التصفيق والوقوف المسرحي لاستكمال صورة المهزلة، حيث لا جديد في النص وتكررت الصورة والمشهد والتعليقات من كل الاطراف عليها. هذه خلاصة المهزلة ولكن تداعياتها، كما يبدو، باقية عند ابطالها، الرئيس الامريكي وإدارته الامريكية من جهة، ورئيس القاعدة الستراتيجية واللوبي الصهيوني المؤيد له من جهة اخرى. وكلاهما يعرف ان السياسة الامريكية لا تختلف في الاهداف والغايات الرئيسية بما قامت وتقوم به، سواء في المفاوضات والاتفاقيات، عن حماية امن قاعدتها الستراتيجية وتدفق الطاقة من المنطقة اليها والى العالم تحت نفوذها ورغباتها. رغم انه في مهزلته حاول التغطية على ما ارتكبه، هو وعصاباته، بحق الشعب الفلسطيني من جرائم حرب، وأراد ايضا تمرير نفسه بين الاحتفاء به في الكونغرس الامريكي والاستقبال الاعلامي والجدال السياسي الرسمي، امريكيا وصهيونيا، في واشنطن وتل ابيب وخارجهما بالتأكيد. فقد حظي بتصريحات مباشرة ومتنوعة من الرئيس باراك أوباما إلى وزير الخارجية جون كيري إلى مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، الى مقاطعة مشرعين ديمقراطيين، ومنهم يهود ايضا. وتركت انطباعات وتعليقات رسمية وشعبية، في العاصمتين وخارجهما. وفي كل ما عرضه من كلام عام وشعارات فضفاضة واتهامات مكررة، لا تغير شيئا في العقل السياسي الامريكي ومصالح البيت الابيض الاساسية. كما علقت الصحف الصهيونية معبرة عن "تخوفات شديدة من احتمال أن يخلق الخطاب هوّة، تتسع مع الوقت لتنال ليس فقط من العلاقات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، وإنما أيضا العلاقات بين واشنطن وقاعدتها الستراتيجية العسكرية، وما حملته تصريحات اوساط رسمية امريكية، ولاسيما في صفوف الديموقراطيين، الذين كانوا السند الرئيس للكيان إلاسرائيلي على مرّ السنين"، وهو ما يعكس المخاوف الاساسية وليست المهزلة.

في نوع من الرد على الرئيس الامريكي أوباما، الذي أعلن "أن الخطاب أمام الكونغرس لم يعرض أي بديل"، صرح نتنياهو رغم كل ما ارتكبه وما اعترضه، "في خطابي في الكونغرس اقترحت بدائل عملية، كتلك التي من ناحية تطيل لسنوات المدى الزمني الذي تحتاجه إيران لامتلاك سلاح نووي إذا قررت انتهاك الاتفاق، عبر قيود أشد". وأضاف ان "البديل العملي ذاته الذي عرضته على الكونغرس يقترح أيضا عدم الإزالة التلقائية للعقوبات عن إيران، إلى أن تكف عن نشر الإرهاب في أرجاء العالم، وعن الأعمال العدوانية ضد جاراتها وعن تهديداتها بإبادة "إسرائيل"..

في كل حال، ورغم كل ما حصل، وجد كثر من السياسيين والمعلقين في المهزلة التي عرضت في الكونغرس، بانها في الغالب "كلام في كلام". وفي التحليل، ذكرت مثلا كلمات: إيران 107 مرات، ونووي 46 مرة، والاتفاق 40 مرة، في حين أن كلمة السلام مرت فقط خمس مرات. واصبحت كلمات مثل "إيران" و"نووي" مضجرة جدا للإسرائيليين، قبل غيرهم، لكثرة ترديدها على لسان نتنياهو منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي.

لكن المثير في الامر وما يهمنا عربيا هو ما ظهر من تطابق بين بعض المواقف العربية ومهزلة نتنياهو في الوقت نفسه، فمثلا أشار معلق الشؤون العربية في القناة "العاشرة العبرية"، تسفي يحزقيلي، الى الموقف العربي "المعتدل" كما سماه من "خطاب نتنياهو"!، وذكر "أن دول الخليج المعتدلة تدعو الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الإصغاء لخطاب نتنياهو في المسألة الإيرانية، لأن هناك أصواتا في دول الخليج، وفي السعودية تحديدا، تثني على الخطاب، وتؤكد أنه يتحدث بلسان العرب وكل ما لا يستطيعون قوله حول إيران". وتطابقت معه ايضا تعليقات وسائل اعلام خليجية.. وتشابهت حتى بالنص مع ما أضاف يحزقيلي: "هم مهددون تماما كما هي إسرائيل مهددة، وإيران لدى العرب والعالم العربي أكثر تهديدا حتى من تنظيم داعش". وهنا المهزلة الاخرى، ربما الحقيقية، التي اخذت تروّج كثيرا في اعلام الامراء العرب، وهي تؤشر الى المدى الذي وصلت اليه الاوضاع العربية، والى اين ستنتهي نتائجها؟!.

 

 

 

 

10.03.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

10.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org