<%@ Language=JavaScript %> د. حسين سرمك حسن التحذير من مفاجآت الولايات المتحدة المقبلة :

 

 

التحذير من مفاجآت الولايات المتحدة المقبلة :

 

- نظرية "الصبر الإستراتيجي" ومخاطر نقل التجربة السورية .

 

- الحرب العراقية الحقيقية في المنظور الأمريكي لم تبدأ بعد.

 

 

د. حسين سرمك حسن

بغداد المحروسة – 2015

 

قلتُ في مناسبات سابقة - ومنذ سنوات - أنّ الحرب العراقية الفعلية التي تلائم التصوّر اللاواعي لمعنى الحرب في عقول قادة الولايات المتحدة لم تحصل بعد ؛ لا حرب عام 1991 التي تحوّلت من حرب تحرير الكويت إلى حرب تدمير العراق ، ولا حرب الإحتلال القذرة في عام 2003 ، ولا الحرب الطائفية الطاحنة التي اشعلتها الولايات المتحدة في عام 2006 ، تمثّل التصوّر الحقيقي المرسوم للحرب العراقية الفعلية كما يمور في اللاوعي العدواني الدموي لقادة الولايات المتحدة الأمريكية . فكل هذه الحروب لم تحمل السمة المركزية لفعل الولايات المتحدة في جميع الحروب التي خاضتها عبر تأريخها ، هذه السمة هي التدمير الشامل ، واستلام البلد المعني كتراب يبدأ البنك الدولي خنقه بالقروض كي "يبني" من جديد نفسه التي دمّرتها راعية البنك الولايات المتحدة نفسها .

ولتبسيط الأمر أمام السادة القرّاء عبر مثال دقيق أقول إنّ النموذج الراهن الذي يمثّل التصوّر الأمريكي للحرب العراقية (التي لم تحصل بعد) هو أنموذج الحرب السورية حيث - وبملاحظة شاشات التفاز - تشاهد مُدناً سورية كاملة وقد أصبحت تراباً وأنقاضاً على يد الدواعش والفصائل المسلحة المختلفة . ثم جاء قصف التحالف الدولي الآن ليكمل تصفية باقي البنى الأساسية كآبار النفط وحقول الغاز والجسور والمؤسسات المدنية الأخرى على اختلاف أنواعها . وقد تناقلت الوكالات قبل ذلك أن معامل ومنشآت صناعية سورية كاملة تمّ تفكيكها ونقلها إلى تركيا . ناهيك – وهذا هو الأهم – عن نهر الدم المستمر جريانه منذ سنوات وحتى اليوم ، بما يمثله من مخاطر كثيرة في مقدمتها خسارة الثروة البشرية العربية الشابّة مهما كان المعسكر الذي تقاتل تحت لوائه .

هذا هو أنموذج الحرب الذي أرادت الولايات المتحدة رسمه للعراق ، ولم تستطع نقله إلى أرض الواقع لأسباب كثيرة في مقدمتها يقظة القيادات العراقية المقاومة وإدراكها لأبعاد المخطط المُستتر للولايات المتحدة . هذا الأنموذج عبّر عنه المقاتل الباسل المجاهد الحاج "هادي العامري" قائد الحشد الشعبي البطل حين قال لوكالات الأنباء :

(لو تركنا تحرير المدن للتحالف الدولي فسوف يسلمها لنا تراباً) .

ويمكننا أن نراجع الصور والأفلام عن – على سبيل المثال لا الحصر – مدينة كوباني السورية قبل بدء التحالف الدولي قصفه ثم بعده – مترافقاً طبعاً مع فعل كلاب داعش – لنتأكّد من ذلك .

إنّ الحرب العراقية التي تريدها الولايات المتحدة للعراق هي التي تمتد من الموصل إلى البصرة لتدمر كل بيت وكل بناية وكل جسر ومعمل ومحطة كهرباء ومستشفى وجامعة وكلية ومدرسة ووزارة وجامع وكنيسة وضريح مقدّس .. كل شيء كلّ شيء . حرب تكون ببداية ، ولكن بنهاية مفتوحة على الجحيم والخراب الذي لا تعرف خطّه الأخير سوى الولايات المتحدة . هذا الأنموذج أوشك الجنرال الأمريكي الذي أشرف على صنع القنبلة الذرية الأمريكية خلال الحرب العالمية (الغربية) الثانية على الإنهيار حينما عرف أنّه سيفلت من بين يديه عندما سمع الرئيس الأمريكي يبلغه بأن اليابان سوف تستسلم وأن الحرب سوف تنتهي ، وأصرّ على "تجربة" القنبلة فكانت محرقة هيروشيما وناغازاكي التي لم يكن لها مبرّر باعتراف كل المؤرخين سوى تعطّش القادة الأمريكيين لجحيم الحرب الشاملة والتي راح ضحيتها 300 ألف مواطن ياباني مدني (أليس المفروض أن يضربوا تجمعات العسكريين ؟؟) ومسح المدينتين . وقد اختار الجنرالات الأمريكان هاتين المدينتين لأنهما محاطتان بسلاسل جبلية تمنع تسرّب حرارة الإنشطار فيصبح المكان فرناً كونيا ويكون (شوي) البشر المساكين كاملاً .

هذه هي صورة الحرب التي يريدونها للعراق . ولا يمكن أن تحقق كلاب داعش – ومن ورائهم الأعراب - لهم هذا الهدف إلّا إذا حصلت على الوقت اللازم لالتقاط الأنفاس ووصول التجهيزات والمؤن والمقاتلين وترسيخ الوجود في المدن العراقية المحتلة ، وهذا ما يحقّقه المُقترح أو النظرية الجديدة للجنرال "دمبسي" رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي زار بغداد مؤخرا وأعلن أنّ مواجهة داعش تتطلّب عنصرا جديداً هو (الصبر الإستراتيجي) . هذا الصبر يعني تعطيل عمليات الحشد الشعبي العراقي الباسل المباركة من ناحية ، واسترداد داعش التي أنهكها عظماء الحشد شباب العراق لأنفاسها وقواها من ناحية أخرى ، للبدء بسلسلة "مفاجآت" يصممها العمل السرّي الأمريكي لتوسيع الحرب لتشمل مدنا عراقية أخرى وبأسلحة وتكتيكات جديدة بعضها قد يكون محرّماً – وأنبّه على ذلك بقوّة – يرافقه محاولات إغتيال قادة الحشد الأبطال – أو رموزاً مرجعيّة - الذين صاروا عبءاً على مخطط الولايات المتحدة خصوصا إذا أخذنا التصريح الجسور الأخير لقائد الحشد الشعبي البطل لقناة السي أن أن – CNN :

(لا نحتاج لقوات التحالف .. ولا نريدها) (الأحد – 15/3/2015 – سي أن أن) .

إنّ الصبر الإستراتيجي الذي تبشّر به القيادة الأمريكية على لسان الجنرال "عبسي" والذي لا توافق عليه قيادة الحشد البطلة بالتأكيد ، لا يعني أن الولايات المتحدة لم تضعه في إطار مخطط مُقبل سيتضمن بالتأكيد "مفاجآت" أمريكية قد تكون شديدة الأذى ، وعلينا أن نكون شديدي اليقظة والحذر تجاهها ، ونستشرفها قبل وقوعها .. والله من وراء القصد ..

و (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) .

 

 

 

صفحة الكاتب والناقد الأدبي العراقي  

د. حسين سرمك حسن

 

 

 

 

16.03.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

16.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org