<%@ Language=JavaScript %> د. حسين سرمك حسن لا تثقوا بالولايات المتحدة :  (7) خلّي أمريكا تڇفّينا شرها وما نريد خيرها من إيزنهاور إلى بوش : لماذا يكرهنا العالم ؟

 

 

 

لا تثقوا بالولايات المتحدة : (7)

 

(خلّي أمريكا تڇفّينا شرها وما نريد خيرها)

 

من إيزنهاور إلى بوش : لماذا يكرهنا العالم ؟

 

 

د. حسين سرمك حسن

 

بغداد المحروسة - 2015

اخترتُ هذا التعبير الذي أعلنه الشيخ العراقي الباسل المقاتل "قيس الخزعلي" للصحفيين عبر الفضائيات (26/1/2015) والمأخوذ عن مثل عراقي معروف ليكون عنواناً لهذه الحلقة ، ففي هذا التعبير خلاصة ما نريد قوله ، وهو إعلان يثلج القلب والضمير لأن قطاعا مهمّاً من القادة العراقيين يدرك طبيعة الدور الأمريكي التخريبي في العراق . لقد دمّروا وطننا . ولكن قبله دمّروا كلّ بلد امتدت إليه إيديهم .

وقد يقول قائل إنّ هذه المواقف تعبّر عن كره غير مبرّر للولايات المتحدة الأمريكية . وقول القائل هذا يشعر به الساسة الأمريكيون قبل غيرهم باستمرار . هل تعتقد سيّدي القارىء أنّ السؤال الذي طرحه الرئيس الأمريكي المدمن والمتأتىء "جورج بوش الإبن" بعد أحداث الحادي عشر من أيلول وهو :

(لماذا يكرهنا العالم مع أنّنا طيّبون ؟)

هل تعتقد أخي القارىء أنّه سؤال جديد على الساسة الأمريكيين الذين يندهشون لأن العالم يكره دولتهم وهي أعظم وأقوى وأحدث دولة في التاريخ ؟

نفس هذا السؤال طرحه الرئيس الأمريكي "دوايت إيزنهاور" وهو الرئيس الرابع والثلاثون للولايات المتحدة (1953 – 1961) طرحه في مناقشة داخلية على هيئة مستشاريه في عام 1958 حيث سألهم ، وبالحرف الواحد :

(هناك حملة كراهية ضدنا في العالم العربي ليس من قبل الحكومات فحسب ، بل من قبل الشعب . فما هو السبب ؟) .

فجرى نقاش حول ذلك ، وقدم مجلس الأمن القومي تحليله قائلا :
(هنالك إدراك في المنطقة بأن الولايات المتحدة تدعم أنظمة قاسية وحشية فاسدة ، وتحول دون قيام الديمقراطية ودون التنمية ، وتفعل ذلك كله بسبب اهتمامها بالسيطرة على مخزون النفط في المنطقة ) .

وأضافوا قائلين :

(من الصعب مواجهة هذا الإدراك لأنه صحيح ، وليس صحيحا فقط ، بل ينبغي أن يكون صحيحا . ومن الطبيعي أن ندعم الحكومات القائمة وأن نمنع ظهور الديمقراطية ، ونحول دون التنمية ، لأننا نريد الاحتفاظ بمصادر الطاقة في المنطقة ، ولهذا هناك حملة كراهية ضدنا من قبل الشعب ، وهذا هو سببها ) .

إذن شعور الأمريكان بأن الشعوب تكرههم ، ومعرفتهم بالأسباب الحقيقية معروف وليس غريباً ، ولكن الأغرب هو أنهم يصرّون على الأسباب التي تجعلهم مكروهين وهذا ما نسمّيه "البنية" ، البنية النفسية والعقلية العدوانية ، التي ترسخت مثل الإسمنت ولا ينفع معها سوى الكسر .

لكن هل هذا الكره هو بين الشعوب فقط كما يرى الرؤساء الأمريكيون ؟

سيندهش السادة القرّاء حين يعلمون أنّ هذا الكره موجود حتى بين فئة "التكنوقراط" المُعجبين بالنموذج الأمريكي والذين تُطبّل الولايات المتحدة لدورهم وتعتبرهم مفتاح الخلاص للشعوب المتخلّفة . وهذه مفارقة عجيبة كشفها المؤرّخ والمفكر "نعوم تشومسكي" حين أظهر أنه ليست الشعوب فقط هي التي تكره سياسات الولايات المتحدة بل حتى "مريدوها" !! . فقد أجرت الصحافة الأمريكية خصوصا "الوول ستريت جورنال" استقصاء في الشرق الأوسط لإيجاد جواب عن سؤال جورج بوش الإبن الهام : " لماذا يكرهوننا ، مع أننا طيبون ؟ " . لم تجره على قطاعات شعبية أو مجموعات سياسية معارضة أصلا لسياسات الولايات المتحدة ، بل على ما يسمونهم " المسلمين المتموّلين " ، أي المصرفيون والمحامون ومديرو فروع شركات وبنوك الولايات المتحدة في العالم ، وهم أناس ضمن إطار نظام الولايات المتحدة وبالتالي يحتقرون "الإرهابيين" الذين يكرهون الولايات المتحدة لأنهم يشكلون هدف هؤلاء الأساسي ويلاحقونهم ، وكان بعضهم يرتدون البذلات الامريكية ويجلسون في كطاعم "مكدونالدز" . فماذا كان رأي هذه المجموعة في الولايات المتحدة ؟ .

لقد تبين أنهم مُعادون لسياسات الولايات المتحدة – مثل السياسات الاقتصادية العالمية التي هم جزء منها !! ، ولكن اعتراضهم الأساسي يتركز على واقعة أن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض الديمقراطية والتنمية وتدعم الأنظمة الفاسدة الوحشية . وهم يعترضون بقوة على دعم الولايات المتحدة طرفا واحدا هو الاحتلال العسكري "الإسرائيلي" القاسي والوحشي الذي مازال مستمرا .

كما كان بعضهم يتساءل : إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية عدوّة للأصوليات والرجعية فلماذا يكون أفضل حلفائها هي أشدّ الدول أصولية ورجعية في المنطقة كالسعودية ؟ وإذا كانت الولايات المتحدة – أيضاً – حامية الديمقراطية في العالم فلماذا يكون أفضل أصدقائها هم الديكتاتوريون والطغاة في المنطقة والعالم ؟                                                                     

وكان جوابهم النهائي هو أنهم يكنون كرها كبيرا لسياسات الولايات المتحدة ، رغم أنهم في قلب النظام الأمريكي كله . هذا جواب على سؤال جورج بوش (من كتاب االقوة والإرهاب جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية لتشومسكي) .

لكن هذا الكره هل هو بالنسبة للعرب فقط ؟

كلاّ . إنّه كره شامل يستعر في أغلب أرجاء المعمورة ويمتد حتى إلى بعض الشعوب الغربيّة كما سنرى في حلقات مستقلة مقبلة .

وفي ختام الحلقة السابقة (السادسة) نقلنا تصريحا لـ "كارلوس ساليناس" مدير العلاقات الحكومية في منظمة العفو الدولية (آمنستي انترناشيونال) آنذاك قال فيه  :

(الأمريكيون اللاتينيون أدرى من معظم الشعوب الأخرى بأن الحكومة الأمريكية هي أحد أكبر عرّابي الإرهاب ورُعاته)

ولا يعود هذا الموقف إلى الدمار الرهيب الذي سبّبته الولايات المتحدة لدولة نيكاراغوا التي أعادت شعبها إلى العصور الوسطى ، والتي أدينت الولايات المتحدة الأمريكية من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ، بسبب عدوانها العسكري على نيكاراغوا (تدمير الأهداف المدنية وقتل وإصابة ما لا يقل عن 75 ألف (بينهم 25 ألف قتيل) بأنها دولة إرهابية وهو أول وصف لدولة إرهابية في التاريخ المعاصر فحسب ، بل إلى التدمير المُرعب الذي شمل كل دول أمريكا اللاتينية أيضاً .

فما هو الخراب الذي سبّبته الولايات المتحدة لدول أمريكا اللاتينية ؟

سنمضي مع ملسل الخراب والتدمير الدموي الذي سبّبته الولايات المتحدة لدول أمريكا اللاتينية ، وحالات الإفقار الشامل الذي سببته لدول كاملة ، وإخراج أمم كاملة من الحياة والتاريخ ونبدأ بتدمير دولة هاييتي وشعبها في الحلقة المقبلة .

 

 

24.02.2015

 

للمزيد من المقالات

صفحة الكاتب والناقد الأدبي العراقي  

د. حسين سرمك حسن

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

24.02.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org