<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني قلق السيد أردوغان السلطان العثماني المنتهية ولايته

 

 

 

قلق السيد أردوغان السلطان العثماني المنتهية ولايته

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

تناولت وسائل الاعلام قبل أيام معدودة التصريح الذي ادلى به السيد أردوغان حول قلقه من التقدم الذي تحققه القوات الكردية في الشمال السوري في محاربتها لمقاتلي داعش، حيث بدأت القوات الكردية في أخذ زمام المبادرة في الهجوم على المواقع التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي في المناطق الحدودية مع تركيا. ولقد قامت القوات الكردية باستعادة الكثير من القرى الحدودية وباتت تحاصر تل أبيض احدى المعاقل الرئيسية لداعش في المنطقة والتي تعتبر ساقطة بالحكم العسكري.

لم يعد خافيا على أحد الدعم الذي قدمته وتقدمه تركيا أردوغان للمجموعات الإرهابية على مدى السنوات الماضية من الجيش الحر الى تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الأسماء والفئات التي تظهر وتختفي لتعود تحت يافطات أخرى مثل جيش الفتح هذه الحثالة الجديدة والمسخ الذي جمعته المخابرات التركية والسعودية والقطرية على عجل والذي تسيطر عليه جبهة النصرة في محاولة لتغيير موازين القوى على الأرض السورية وتجميل الوجه القبيح لجبهة النصرة القاعدية الإرهابية وطرحها على أنها تمثل المعارضة السورية "المعتدلة". ولقد تم افتضاح تورط المخابرات التركية في تقديم الدعم للإرهابيين في سوريا عندما كان اردوغان رئيسا للوزراء بالشهادات التي قدمها سائقين تركيين في محاكمة جرت في أنقرة مؤخرا، حيث ادلى كل منهم انه قام بتهريب أسلحة ومعدات عسكرية الى الداخل السوري في شاحناتهم بالتنسيق مع السلطات التركية.

السلطان العثماني انتهت ولايته قبل أن تبدأ لأنه لم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات الأخيرة التي كان يصبو اليها لتؤهله وتفتح له طريق السلطنة والاستمتاع في القصر الكبير الفسيح الذي بناه لنفسه على حساب الدولة أسوة بالسلاطين العثمانيين السابقين. هذا المتعجرف لم يقلق عندما وصلت جحافل داعش الى الأراضي الحدودية التركية، ولم يبدي أي قلق عندما وصلت جحافل داعش على أبواب مدينة عين العرب، بل على العكس من ذلك فانه رفض تقديم أي دعم للمدافعين الاكراد عندما حوصرت المدينة وكانت على قاب قوسين من السقوط. كما ورفض عودة أهاليها الذين نزحوا عنها للعودة اليها للدفاع عن المدينة المحاصرة. أردوغان لم يرى تهديدا للأمن الداخلي التركي من هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية لأنه ببساطة كان وما زال يقدم لها ولغيرها من المجموعات الإرهابية الدعم اللوجيستي والاستخباراتي والعسكري ويسمح لها باستخدام الأراضي التركية للعبور الى الأراضي السورية وبأعداد ضخمة كما حدث في جسر الشغور مؤخرا. وكيف للسيد أردوغان أن يقلق وهو الذي سمح لما يقارب من 70% من المقاتلين الإرهابيين الأجانب بالدخول الى الأراضي السورية بحسب تقارير أجهزة الاستخبارات الغربية، وهو ما صرحت به المستشارة الألمانية السيدة ميريكل.

السيد أردوغان قام بإغلاق الحدود التركية امام السوريين الاكراد الذين تركوا تل أبيض هربا من الاشتباكات العنيفة بين قوات الحماية الكردية ومقاتلي تنظيم داعش، لما قد يشكله هذا "تهديدا" لتركيا. السلطان العثماني على ما يبدو أصابته عدوى الزهايمر لاختلاطه بحلفائه الجدد من آل سعود في الرياض، ولذلك لا بد من تذكيره بأنه قام بتجهيز معسكرات للاجئين السوريين داخل الأراضي التركية عندما بدأت الازمة في سوريا وقبل أن تبدأ عملية نزوح بعض السوريين الى الأراضي التركية. وتناقلت بعض وسائل الاعلام حينها أن أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك قام بحملة تشجيع السوريين للقدوم الى تركيا وتقديم الدعم اللازم لهم وايوائهم في المعسكرات المجهزة خير تجهيز. اللاجئون السوريون عندها لم يشكلوا خطرا على الداخل التركي لان أردوغان في حينها أراد ان يوظفهم لخدمة المخطط الذي كان يرمي اليه، الا وهو إقامة حزام أمني ومنطقة عازلة داخل الأراضي السورية وقضم جزء من الأراضي السورية ضمن المخطط العام التي ترمي اليه الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى في إعادة رسم الخرائط السياسية والجغرافية في المنطقة بإعادة تقسيمها الى دويلات وجزر أرخبيل على أسس طائفية ومذهبية وعرقية متنازعة فيما بينها.

السيد أردوغان أعرب عن قلقه من تقدم القوات الكردية والسيطرة على تل أبيض التي باتت ساقطة عسكريا يأتي من ادراكه بان سقوط تل ابيض، لأنها شكلت ومنذ سيطرة داعش عليها منذ عام 2014 منفذا رئيسيا ومحطة اساسية لتمرير الأسلحة والمواد التموينية والمقاتلين الأجانب الذين تم تجنيدهم من قبل المخابرات التركية والسعودية والقطرية للالتحاق بالداخل السوري. كما أن سقوط تل ابيض الواقعة بين عين العرب ذات الأغلبية الكردية ومدينة الحسكة المحاصرة من قبل تنظيم داعش وحيث تدور معارك عنيفة مع القوى الكردية، يعني التواصل الجغرافي للمناطق الكردية في الشمال السوري وحرمان داعش من مناطق استراتيجية لها وقطع الامداد عنها من الجانب التركي وبالتالي خسارة تركية كبيرة لورقة رئيسية في الازمة السورية التي شكلت جزءا رئيسيا من الأوراق الإقليمية والدولية لتركيا أردوغان.

السيد اردوغان قلق على التقدم الكردي في الشمال السوري لأنه يأتي متزامنا مع نتائج الانتخابات البرلمانية التركية في الآونة الأخيرة والتي فقد فيها حزبه حزب العدالة والتنمية اغلبيته المطلقة في البرلمان وبالتالي تهاوي الحلم الاردوغاني في إقامة المشروع الاستراتيجي للإخوان المسلمين في المنطقة بعدما ان بدأت بوادر احياءه مرة أخرى بمجيء السلطة السياسية الجديدة لآل سعود الوهابيون ممثلة بالملك سليمان بعد موت الملك عبدالله. كما ويأتي تقدم القوات الكردية على خلفية النتائج التي حققها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات البرلمانية التركية وحصوله على ما يقارب 80 مقعدا الذي أتاح لأكراد تركيا الدخول تحت القبة البرلمانية التركية لأول مرة في تأريخ تركيا، الى جانب تمنع الاحزاب التركية الرئيسية مثل حزب الحركة القومية اليميني (80 مقعدا) وحزب الشعب الجمهوري (132 مقعدا) من الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب العدالة والتنمية مما يفتح المجال لإعادة الانتخابات البرلمانية والدخول في المجهول.

السيد أردوغان قلق على ما تحققه القوى الكردية في الشمال السوري لان ذلك قد يفتح شهية الاكراد أو بالحري يدعم التوجه لدى بعض الأحزاب الكردية في العراق وتركيا خاصة في اقامة الدولة الكردية وبالتالي دخول تركيا في مخطط  التقسيم الجيوسياسي للمنطقة. وعلى الرغم من أن هذه التوجهات ما زالت تصطدم بالكثير من المعوقات الإقليمية والدولية الا أنه يجدر أخذها بعين الاعتبار وعدم اغفالها. وربما تجدر الإشارة هنا الى احدى النقاط التي ذكرها الجنرال السعودي عشقي والمقرب من دوائر القرار في آل سعود في اجتماعه الأخير في واشنطن مع السفير الإسرائيلي والكلمة التي القاها بندوة اديرت من قبل مؤسسة أمريكية معنية بالسياسة الخارجية، حيث جاء في ملخص كلمته التي أوردها في سبعة نقاط حول الشرق الأوسط "...الدعوة الى إقامة دولة كردستان المستقلة تضم أكراد العراق وتركيا وإيران في المرحلة الحالية"  (ذي اميركان انتريست 9 يونيو 2015).

يحق للسيد اردوغان أن يقلق ولكن هذا غير مقرون الى حد كبير بما حققته القوى الكردية في الشمال السوري بل لان سوريا العصية الابية بقيادتها الحكيمة والتضحيات الجسام التي قدمها جيشها وشعبها على مذبح الحرية والعزة والكرامة ستطيح باردوغان الذي سيلحق بركب أمير الارهاب السعودي بندر بن سلطان ورفقيه الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق للتذكير لمن نسي التاريخ.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

تاريخ النشر

16.06.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

16.06.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org