<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني هولاند...المتسول على أبواب ملوك ومشايخ وأمراء دول الخليج ....حسنة لله....أم هنالك المزيد؟

 

 

هولاند...المتسول على أبواب ملوك ومشايخ وأمراء دول الخليج

 

....حسنة لله....أم هنالك المزيد؟

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

في خطوة غير مسبوقة والأولى من نوعها دعا مجلس التعاون الخليجي الرئيس الفرنسي هولاند لحضور القمة الخليجية التشاورية الي عقد في الرياض قبل بضعة أيام. وأتت هذه الدعوة في ظل استمرار الهجمة الهمجية لما سمي "بالتحالف العربي" الذي تقوده السعودية على اليمن العزيز دون هوادة منذ 26 مارس الماضي، والذي أدى الى وقوع ما يقرب من 1500 شهيد جلهم من الأطفال والنساء واكثر من 5000 جريح. هذا الى جانب تدمير كافة البنى التحتية للدولة اليمنية مما أدى الى الشلل الكامل لمقومات الحياة الطبيعية حتى بأدنى متطلباتها. كما وأتت هذه الدعوة والاجتماع التشاوري ضمن العجز الكامل عن تحقيق أي من الأهداف العسكرية او السياسية التي أعلنت منذ بداية العدوان الى الان. كما واتت الدعوة والاجتماع التشاوري في الوقت الذي بدأت تتصاعد فيه الأصوات الدولية وخاصة من المنظمات الغير حكومية الاغاثية والعاملة في مجال حقوق الانسان المنددة بهمجية العدوان وخاصة فيما يختص بارتفاع اعداد الضحايا من المدنيين الأطفال والنساء ومنع السعودية أو قوات "التحالف" من إيصال المساعدات الانسانية الى أكثر من 8 ملايين يمني اللذين أصبحوا بأمس الحاجة الى الغذاء والدواء. فالقصف المتعمد للمطارات والجسور والطرقات التي تصل أجزاء اليمن ببعضها ما زال مستمرا برغم النداءات المستمرة من هذه المنظمات الإنسانية. كما واتت الدعوة والاجتماع في الوقت الذي يتم فيه محاولة مجلس التعاون الخليجي وضع صورة مشتركة لما يجب ان يطرح في الاجتماع المقبل في الولايات المتحدة مع الرئيس أوباما والذي سيتم فيه أغلب الظن طرح الرؤيا الامريكية لمستقبل المنطقة وخاصة بعد توقيع الاتفاق المتوقع قريبا مع إيران حول برنامجها النووي، وما هو الدور الذي تراه أمريكا للدول الخليجية ففي نهاية المطاف مهما عربدت بعض دوله بشأن البرنامج النووي الإيراني والاتفاقية القادمة بهذا الخصوص، فإنها لا تستطيع في النهاية الا الخضوع لضامن عروشها واماراتها ومشيخاتها.

ولم يعد سرا في أن فرنسا ومن خلال وزير خارجيتها السيد فابيوس ورئيسها هولاند قد لعبت دورا قذرا في مباحثات  الدول الست الكبرى وايران حول برنامجها النووي، حيث كانت تمثل وتتبنى وجهة نظر الكيان الصهيوني بالإضافة الى الموقف الخليجي وخاصة موقف السعودية، التي استخدمت أموال البترودولار لشراء المواقف كما عودنا آل سعود فيما يختص بالسياسة الخارجية للمملكة منذ أن تأسست. فلقد عمدت فرنسا على تعطيل التفاهم والاتفاق مع إيران وقامت في اللحظات الأخيرة بنسف المسار التوافقي الذي تم التوصل اليه في المرات السابقة. ولكن الذي يبدو ان هذه المرة فان الولايات المتحدة مصممة على المضي قدما في توقيع الاتفاق الا إذا ما حصلت تطورات خطيرة في المنطقة، وخاصة مع الإصرار السعودي على الاستمرار في العدوان على اليمن دون ابداء أي تراجع بالرغم من الضغوطات الدولية التي بدأت بالتصاعد عليها. ربما ما يريدونه آل سعود من حربهم على اليمن استدراج تدخل إيراني مباشر، أو توسيع رقعة الحرب واستدراج أطراف أخرى عربية او غير عربية في حربها العدوانية على اليمن، مما قد يطيح بالاتفاق النووي او على الأقل سيؤجله الى اجل غير مسمى وسيجعل الاتفاق مستقبلا أصعب مما هو عليه الان بعد رحيل الإدارة الامريكية الحالية.

ما تريده فرنسا هو العودة الى المنطقة وخاصة الى منطقة الخليج وتحقيق مكاسب اقتصادية خاصة ضمن الاوضاع الاقتصادية المتردية في منطقة اليورو، والضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها أغلب الدول الأوروبية ومن ضمنها فرنسا. فمنطقة اليورو لم تتعافى من الازمة الحادة والركود الاقتصادي التي ضربها عام 2008 التي ما زالت آثاره تعصف بدوله مثل اليونان وإيطاليا واسبانيا. هذه الازمة التي تفاقمت بسبب العقوبات التي فرضتها الدول الأوروبية تمشيا مع رغبات البيت الأبيض على الرغم من الاضرار التي الحقتها هذه العقوبات على العديد من الشركات الأوروبية ومصالحها الاقتصادية.

فرنسا ومن خلال رئيسها الانتهازي يرى ان التقرب من الدول الخليجية وتبني اطروحاتهم السياسية فيما يختص بالأزمة السورية والملف الإيراني النووي والموقف من العراق والحرب العدوانية على اليمن، يعتبر وسيلة ناجعة بكل المقاييس للتسول وارتزاق للشركات الفرنسية من خلال عقد الصفقات لشراء الأسلحة الفرنسية الى جانب ابرام عقود تجارية مع دولها وخاصة السعودية والامارات وقطر كما يتضح من حجم هذه الصفقات الت تصل الى عشرات المليارات من الدولارات.

الكلمة التي القاها الرئيس الفرنسي تمحورت حول دغدغت المشاعر الخليجية فهو قد أكد "ان بلاده ستظل حليفا قويا لدول مجلس التعاون الخليجي استنادا الى ما يجمع الطرفين من علاقات تاريخية قوية ومصالح مشتركة". وعلى ان "التهديدات التي تواجه الخليج تواجه فرنسا أيضا". وأضاف "ان مجلس التعاون أنشىء في عام 1981 لمواجهة المخاطر الإقليمية التي تهدد أمه واستقراره". وهذا طبعا الإشارة بشكل غير مباشر الى إيران فالجميع يعلم ان المجلس قد تكون ردا على الثورة الإسلامية في إيران والتي أطاحت بنظام الشاه الديكتاتوري التعسفي عام 1979 الذي لم ترى فيه الدول الخليجية عدوا بالرغم من أنه كان "شيعيا" بالمناسبة. كما ان مجلس التعاون الخليجي لم يقام للتصدي لدولة الكيان الصهيوني الذي اجتاح واحتل بيروت اول دولة عربية عام 1982.  وفي قضية ايران فقد أكد المتسول هولاند  على " ضرورة التوصل الى اتفاق نهائي وملزم في هذا الشأن بين طهران ومجموعة "5+1" يضمن عدم امتلاك ايران السلاح النووي" مشددا " على ضرورة ان يضمن أي اتفاق مع ايران عدم زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة". وأكد ان بلاده " لن تتردد في مساعدة دول مجلس التعاون الخليجي حتى لو تطلب ذلك عملا عسكريا". يقال هذا الكلام في الرياض التي تشن حربا شعواء على اليمن هذا بالإضافة الى حربها مع سوريا وتخلها في العراق ولكن هذا لا يزعزع الامن والاستقرار في المنطقة تبعا للسيد هولاند الذي كغيره من المتسولين على أبواب السلطان اللذين ينتظرون مكرمة من ولي الامر السعودي والمشايخ والامراء. والذي يبدو ان يريد ان يؤكد للسعودية على الأخص ان فرنسا لن "تخذلكم" كما "خذلتكم" الباكستان وغيرها من الدول التي قمتم بدفع المليارات لها دون ان تحصلوا على خدماتهم عند الحاجة. والذي يبدو أن هذا ما المح به وزير الخارجية السعودي الجديد عادل الجبير عندما صرح " ان فرنسا هي حليف تاريخي وشريك تجاري أثبت للخليج أن بالإمكان الاعتماد عليه".أما  السيد  أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي فقد أثنى على الدور الفرنسي بقوله «تحية تقدير للموقف الإيجابي والمستقل في الرياض للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، كلمة تعزز الدور الفرنسي، الحليف التقليدي في السراء والضراء". اما ماذا يعني بالمستقل وعن من هذا الاستقلال لا ندري. وللتذكير فان وزير الخارجية الاماراتي هاجم الحكومة الباكستانية والبرلمان لاتخاذه موقفا مشرفا من اليمن وذلك برفض طلب سعودي بإرسال جنود باكستانيين لتنفيذ الغزو البري الذي كان آل سعود يريدونه.

وطبعا الامر لم يقف عند إيران فلم ينسى هولاند الاطراء على الموقف السعودي ومجلس التعاون الخليجي من سوريا حيث ثمن للمجلس ودوله " اطلاقها المبادرات في هذا الشأن، ولا سيما بدعم الشعب السوري وكذلك وقوفها الى جانب المعارضة السورية".  والجميع يعلم ان فرنسا كانت وما زالت منغمسة في الوقوف ضد الدولة السورية وقامت بتسليح "المعارضة المعتدلة" ممولة بالأموال الخليجية.

أما بالنسبة للموقف من اليمن فقد جدد السيد هولاند تأكيد الدعم الفرنسي لعملية "عاصفة الحزم" و "إعادة الامل"، ومؤكدا "انه يمكنكم الاتكال على فرنسا لإرساء الامن والاستقرار في اليمن". فهو خليفة نابليون ساركوزي الذي كان من أكثر المتحمسين لإرساء الامن والاستقرار في ليبيا. "ولله الحمد"، ها هي ليبيا تنعم بالأمن والاستقرار وها هو الشعب الليبي يقدم آيات والشكر والعرفان للنعمة التي يتنعم بها بفضل فرنسا. ولم يغب عن الرئيس هولاند ان يجتمع بالرئيس الهارب هادي في مكتبه المكيف في الرياض الذي يتخذه مقرا لإدارة شؤون البلاد، وتم مناقشة سبل تطوير العلاقات بين يمن "الرياض" وفرنسا وإعادة الاعمار. ففرنسا تنتظر عودة هادي وتوقيع صفقات لإعادة الاعمار لكافة البنى التحتية التي تصل الى عشرات المليارات، كما حدث في ليبيا هذا إذا ما تم عودة الرئيس هادي أو خليفته المرشحة الى حضرموت للان فيما إذا ما تم اقناع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش بهذا.

الواضح ان هولاند قد حقق نجاحا كبيرا في الرياض ولعل الصفحة الرئيسية لصحيفة البيان الإماراتية (6 مايو) التي جاء في احدى عناوينها الرئيسية "هولاند يغادر الرياض بصفقات مليارية" يلخص هذا النجاح في التسول. فلقد ذكر وزير الخارجية الفرنسي فابيوس ان بالده تجري محادثات لابرام 20 مشروعا اقتصاديا 10 مليارات يورو يمكن استكمالها سريعا وتتضمن مجلات عديدة من بينها الدفاع والطيران المدني والنقل والطاقة. أما قطر فقد وقعت على عقد بحضور هولاند في الدوحة لشراء 24 طائرة مقاتلة رافايل الفرنسية بقيمة 6.3 مليار يورو. ولن تكون هذه نهاية الصفقات فهنالك مباحثات ما زالت جارة مع الامارات والسعودية على بناء محطات ومفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية.

العلاقة الطفيلية التي تحققت ذات المنافع المتبادلة تخدم أيضا الدول الخليجية التي تسعى الى شراء مدافع عن امنها ومصالحها في المنطقة وذلك بالارتكاز على حليف استراتيجي آخر فيما إذا تعرضت الدول الخليجية الى ضغوطات أمريكية لإحداث تغيرات في البنى السياسية الداخلية لكل دولة واجراء بعض الإصلاحات على جميع الأصعدة وخاصة الاجتماعية والسياسية والثقافية والبرامج التعليمية. يأتي هذا لاعتقاد الولايات المتحدة كما يبدو من خلاصة العديد من الدراسات التي قامت بها مراكز أبحاث قريبة من صنع القرار الأمريكي بأن الخطر الرئيسي القادم والذي يمكن ان يعصف بدول الخليج عاجلا ام آجلا لن يأتي من الخارج بل من داخلها، وهو ما صرح به الرئيس أوباما مؤخرا.  وما التقرب من فرنسا الا احدى الوسائل التي تحاول بها هذه الدول الهروب الى الامام وعدم دفع الاستحقاقات الداخلية المترتبة على هذه الدول والمشايخ والامارات.

الذي يبدو أن آل سعود يتطلعون الى فرنسا كحليف وداعم لتوجهاتهم الجديدة في المنطقة بعد ان قررت الحاشية السعودية الجديدة الدخول المباشر في الصراعات في المنطقة وعدم الاكتفاء بالسياسة الناعمة والاعتماد على ادواتها في التدخلات حيث فشلت هذه الأدوات في تحقيق الأغراض والاهداف السعودية. ولا نظن ان الامر سيقتصر على اليمن فهنالك بوادر ومؤشرات واضحة على أن تسخين الجبهات في سوريا والعراق قد بدأ وأن السعودية قد عملت على تجميع اللاعبين الإقليميين وخاصة تركيا لجانبها، اما أمريكا فستكتفي بالقيادة من الخلف على الأقل في الفترة الحالية. ولا نظن ان محور المقاومة والممانعة لا يدرك ذلك ولعل التصدي للإرهابيين في القلمون لتنظيف المنطقة من هؤلاء ما هو الا أول الغيث يأتي ليؤسس مرحلة جديدة ربما تكون آخر جولة ومن المتوقع ان تكون جولة قاسية وطويلة ولكننا على ثقة ان النصر حليف هذا المحور وان تكالبت عليه قوى البغي والعدوان.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

08.05.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

08.05.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org