<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني النكبة و "عيد الاستقلال"!!

 

 

النكبة و "عيد الاستقلال"!!

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

احتفلت "إسرائيل" بما يسمى بالأدبيات الصهيونية "عيد الاستقلال" وهو الاحتفال الذي يقيمه الكيان الصهيوني كل عام للاحتفال باغتصاب الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة العنصرية بمباركة "المجتمع الدولي" الذي شرع اغتصاب الأرض من سكانها الأصليين وتقديمها على طبق من فضة لأولئك اليهود الفارين من النازية والتي قامت بتجميعهم الحركة الصهيونية العالمية بالتعاون والتنسيق مع الامبريالية العالمية وقيادتها الفاعلة آنذاك وخاصة البريطانية والأمريكية، وحتى مع النازية في المانيا. ولم تكتفي الحركة الصهيونية بما وهب لها من أراضي فلسطين المغتصبة التي كانت تحت الانتداب البريطاني آنذاك، بل قامت قبل تأسيس الكيان العنصري وبعده بالاستيلاء على المزيد من الأراضي بالقوة والإرهاب المنظم والتهجيرالعنصري القسري بقوة السلاح لمئات الالاف من الفلسطينيين مما يقرب من أكثر من 500 قرية فلسطينية هذا عدا عن المدن الرئيسية.  

ولم تتوقف عملية قضم الأراضي الفلسطينية منذ قيام الكيان الصهيوني الى يومنا هذا وتحت ذرائع مختلفة بالإضافة الى مزيد من اقتلاع الفلسطيني من ارضه وتشريده. ومن هنا فان الحركة الصهيونية التي نشأت في كنف مرحلة الاستعمار الكولونيالي او الاستيطاني لم تكتفي بتبني هذا النوع من الاستعمار بل زادت عليه لكون الكيان الصهيوني أصبح يندرج تحت مسمى الاستعمار الاستيطاني الإحلالي والاقصائي، أذ انه بينما اكتفى الاستعمار الاستيطاني بالاستيلاء على الأرض واستغلال الايدي العاملة للسكان الأصليين في الأنشطة الاقتصادية للمستعمر وخاصة في القطاع الزراعي والخدمة في البيوت وبعض الأنشطة الصناعية، فان الكيان الصهيوني عمد على الاستيلاء على الأرض وطرد السكان الأصليين.

سبعة وستون عاما مضت على النكبة الفلسطينية ولم ولن يستطيع الكيان الصهيوني طيلة هذه الأعوام على كي الذاكرة والوجدان الفلسطيني فما زالت ذكرى النكبة حاضرة في الذاكرة والوجدان ليس هذا فحسب بل انتقلت وتجذرت من جيل الى جيل وما زال حلم العودة قائم وما زالت مفاتيح ورموز العودة حية تنبض بالحياة وعنفوان الشباب. فها هي جموع مؤلفة من فلسطيني وراء الخط الأخضر بمزيج مذهل من الاعمار والمكونات الاجتماعية والسياسية تنطلق من كافة ارجاء فلسطين لتتظاهر في زيارة للقرى فلسطينية التي دمرت وشرد أهلها منها ومنعوا من العودة اليها. هذه التظاهرات والزيارات التي يصاحبها رفع العلم الفلسطيني داخل الخط الأخضر والهتافات والاهازيج الفلسطينية التي تتردد على شفاه الصبايا والشباب من الجيل الثالث للنكبة جنبا الى جنب مع الكبار في السن الان والذين عايشوا النكبة عندئذ، هذه التظاهرات تأتي لتؤكد للكيان الصهيوني كما لكل من ساوم أو يريد ان يساوم على الحق الفلسطيني المقدس للعودة، باننا باقون وأننا منزرعين ومتجذرين في الأرض كشجر السنديان وأن حق العودة لا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن، وأن اصوات النشاز وخاصة الفلسطينية منها ستذرها الرياح.

ما نراه على الجانب العربي الرسمي هو مسار الخذلان الذي يصل الى حد الخيانة للقضية التي شكلت ولفترة عقود خلت القضية المركزية التي كانت الأنظمة العربية تلتف حولها. ولكن مع مضي الزمن تبين للكثيرين منا هشاشة هذا التكاتف والتضامن واندفاع عدد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية على حرف بوصلة الصراع مع العدو الصهيوني بالابتعاد عن القضية الفلسطينية ومركزيتها في الصراع، الى صراع في مظهره صراعا طائفيا ومذهبيا مقيتا والعمل على نشوء استقطاب سياسي حاد لم تشهده المنطقة سابقا ليزيد من حرف بوصلة الصراع في المنطقة. والدليل على ذلك ما شهدناه ونشهده في سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا الذي شاركت فيه العديد من الدول الخليجية بأموال البترودولار  في عملية ممنهجة لتدمير الجيوش العربية أو الحد من قدراتها وزجها في حروب جانبية لإنهاك قواها خدمة للمخططات الصهيو-أمريكية للمنطقة، التي تسعى من خلالها فرض هيمنتها واكمال سيطرتها وسطوتها على مقدرات المنطقة وتجزئتها الى جزر أرخبيل طائفية ومذهبية وعرقية متصارعة فيما بينها لكي لا يقوم لها قائمة. ولقد أصبحت الخيانة وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني والتآمر على الدول العربية الوطنية يندرج تحت منظومة فكرية مستسلمة وإطار ما يسمى باختلاف في وجهات النظر وتعدد الآراء أو دفاعا عن "الشرعية"، الغرض منها نشر سياسة وثقافة الهزيمة والخنوع والاستسلام للأمر الواقع (لواقع أمرهم المهزوم)، والتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية.  

وتأتي ذكرى النكبة ومخيم اليرموك في دمشق الصامدة ما زال مستباحا من قبل المجموعات التكفيرية الارهابية داعش والنصرة وغيرها، والتي ما هي الا أدوات صنيعة لمركز ومصنع الارهاب الوهابي الذي لم يكتفي بتصدير بما لديه على ارضه من عناصر إرهابية بل ذهب مع غيره من الدول الخليجية وخاصة قطر في شراء المرتزقة وعناصر إرهابية منتشرة في انحاء العالم من خريجي "المدارس" الدينية التي صرف عليها آل سعود ومن لف لفهم مليارات الدولارات لنشر الفكر الوهابي الذي يكفر ويستبيح دم كل من لا يعتنقه حتى لو كان مسلما. وضمن المخطط المرسوم يأتي القضاء على المخيمات الفلسطينية وتشريد أهلها وسكانها الذين شكلوا الحاضنة والرافعة الرئيسية والتي قدمت خيرة ابناءها وقودا للثورة الفلسطينية بكافة فصائلها دون استثناء، كجزء من تصفية القضية وتصفية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي شردوا منها عما النكبة عام 1948. تأتي ذكرى النكبة لنرى بألم تخلي أطراف فلسطينية متنفذة في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية عن الدفاع عن شعبنا في المخيم او ما تبقى منه تحت حجج وذرائع واهية لم تعد تخفى على أحد، اما لضيق الأفق السياسي للبعض الذي لا يرى او يرفض أن يرى القضية والهجمة الشرسة بتكامل صورتها على المنطقة من قبل القوى الصهيو-أمريكية وعملائها وادواتها في المنطقة، أو لان البعض قد وعد بمستقبل واعد في المنطقة مستقبلا، أو لان البعض يريد أن يملأ الجيوب بحفنة من البترودولارات.

ولا بد لنا من التذكير هنا ببعض المواقف "للمعارضة " السورية التي يتغنى بها البعض لأنه يحيى على كوكب آخر لاعتباره أن الامر في سوريا هو شأن داخلي أو حرب أهلية لا نريد ان نكون طرفا بها. ان النصرة لم تنكر علاقاتها مع الكيان الغاصب الذي قدم ويقدم لها كل أنواع الدعم اللوجيستي والاستخباراتي والناري، وفتح مستشفياته لعلاج المئات من جرحى هذه المجموعة الإرهابية والجيش الحر. أما داعش فلم ترفع مسمارا ضد الكيان الصهيوني بالرغم من تواجدها على حدود فلسطين المحتلة سواء في سوريا أو في مصر، لا بل وذهبت الى أبعد من هذا بالفتوى على انه لا يوجد نصوص في القرآن الكريم الذي يطالب بالجهاد ضده. اما ما يسمى "بالمعارضة المعتدلة" لن ننسى مقترح مقايضة الجولان السوري مقابل التدخل الإسرائيلي لصالح الجيش الحر الذي قدمه أحد قيادي الائتلاف المعارض. كما ولن ننسى الزيارة التي قام بها المعارض كمال اللبواني الى الكيان العنصري. أو آخر ما حرر وتناقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية عن برقية تهنئة وصلت الى القادة الإسرائيلية من منظمة "احرار سوريا" بمناسبة ما يسمى ب "عيد الاستقلال" والذي جاء بها بحسب صحيفة معاريف ان المنظمة أعربت عن أملها بالاحتفال بالعيد المقبل في " السفارة الاسرائيلية في دمشق" وذكرت الصحيفة بان البرقية موقعة من السيد موسى أحمد نبهان عضو المكتب السياسي والمسؤول عن العلاقات الخارجية في الحركة. هذا هو زمن قلب المفاهيم والقواميس الجدد حيث كلمة الاغتصاب تحول الى "استقلال" وكلمة العبيد والعملاء تحول الى "احرار".

ما نريد ان نؤكد عليه في النهاية هو ان حق العودة هو حق مقدس للشعب الفلسطيني وهذا الحق لا يسقط بالتقادم مهما عمل الكيان الصهيوني من تغيرات في الأرض ومعالمها. وهذا الحق تكفله قرارات الأمم المتحدة و"المجتمع الدولي" الذي شرع اغتصاب فلسطين بالأساس، ولا يحق لأي طرف فلسطيني مهما كبر أو صغر أن يتخلى عن هذا الحق تحت أي ظرف من الظروف. الكيان الصهيوني ذاته يشعر بعدم شرعيته بالرغم من مرور هذه السنوات الطويلة وخير دليل على ذلك هو الإصرار على أن تتضمن أي اتفاقية سلام في المنطقة على حق إسرائيل في الوجود.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

   

 

 

25.04.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

25.04.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org