على ارض اليمن السعيد تتوحد أشلاء الأطفال الفلسطينية واليمنية

 

 كما يتوحد العربان والصهاينة

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة أفادت بإحدى تقاريرها فبل أيام "بمقتل 62 طفلا يمنيا وجرح ما لا يقل عن 35 آخرين وذلك منذ بدء العدوان الذي تقوده السعودية وغيرها من العربان المتصهينين على اليمن بتوجيه وتشجيع من الولايات المتحدة خدمة للمخططات الصهيو-أمريكية في المنطقة بأكملها. والذي يبدو ان القلق الذي يساور منظمة اليونيسف على أطفال اليمن وما قد يؤول اليه القصف العشوائي لطائرات حلف الناتو العربي على المناطق والتجمعات السكنية قد دعاها الى اطلاق نداء اممي لحماية أطفال اليمن. وما تناقلته الشاشات الصغيرة من أجساد متفحمة او أجساد محروقة  لأطفال ونساء ومدنيين في المستشفيات اليمنية لاستخدام السعودية قنابل النابالم المحرمة دوليا بحسب تقرير هيومن رايتس، هي صور طبق الأصل لما تناقلته وسائل الاعلام بالصورة لحال أطفال ونساء ومدنيين في مستشفيات غزة في العدوان الصهيوني البربري الأخير على قطاع غزة. ومن هنا الا يحق لنا المقارنة بيع الصهاينة وما يفعله العربان المتصهينون؟ ومن هنا نقول ان على ارض اليمن الطاهرة تتوحد أشلاء الأطفال الفلسطينية واليمنية كما يتوحد العربان والصهاينة.

طائرات حلف الناتو العربي والذي تمثل السعودية رأس الحربة فيه ومموله الرئيسي ان لم يكن الوحيد قصفت خلال الأيام القليلة الماضية مخيما للنازحين اليمنيين الذي استشهد على أثره ما يقرب من 40 يمنيا بالإضافة الى ما يقرب من المئة جريح. كما قامت بقصف المستشفيات التي تعاني من نقص شديد وحاد في الادوية والمعدات، ولا يجد آل سعود أي حرج في منع طائرة للصليب الأحمر الدولي للنزول في مطار صنعاء لتوزيع بعض المستلزمات الطبية ولو بحدودها الدنيا للمستشفيات اليمنية. الا يذكرنا هذا بالحرب العدوانية على غزة عندما كانت إسرائيل تمنع أي من المساعدات الطبية الى غزة وكذلك النظام الرسمي المصري يمنع عبور القوافل الطبية والمساعدات الى غزة. الا يحق لنا ان نقارن بين الموقفين ونقول عربانا وصهاينة يتآمرون على شعب مدني أعزل؟

القصف العشوائي لطائرات حلف الناتو العربي يقوم بقصف المستشفيات والاماكن السكنية والبنى التحتية وكل المؤسسات الحكومية والخاصة الضرورية لمقومات الحياة في اليمن. فالمطارات والموانىء البحرية قد قصفت وضرب حصارا جويا وبحريا وبريا على اليمن لفصله عن العالم الخارجي ليس هذا فقط بل ان الطائرات المغيرة تعمل على تدمير الطرق التي تصل بين المحافظات في سبيل تقطيع أوصال اليمن جغرافيا وتقوم في قصف أي تجمع أو ركب من النازحين اليمنيين الهاربين من المناطق الساخنة. ألم تضرب إسرائيل وما زالت طوقا "امنيا" بحريا وبريا وجويا لخنق أهالي القطاع ويشاركها في ذلك النظام الرسمي المصري؟ الا يحق لنا المقارنة إذا؟

الطائرات المغيرة دمرت مصنعا للإسمنت ومصنعا للألبان ذهب ضحيته أكثر من 45 شهيدا ومئة جريح جروح بعضهم خطيرة للغاية. كما دمرت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في محافظة صعدة والعديد من المولدات الكهربائية الصغيرة هنا وهناك كما دمرت محطات للوقود. ألم تعمل إسرائيل بعدوانها على غزة بتدمير المحطة الوحيدة لتوليد الكهرباء في غزة ومنعت تمرير الوقود الى القطاع. ومرة أخرى الا يحق لنا المقارنة والمقاربة بين ما فعلته إسرائيل بالقطاع وما يفعله العربان في اليمن؟

الطائرات المغيرة قصفت سوقا شعبيا يمنيا في صنعاء ذهب ضحيته عشرات الشهداء كما قصفت أماكن سكنية ودمرت المباني على رؤوس ساكنيها من مدنيين عزل، وقصفت أماكن زراعية لتدمير المحاصيل، ودمرت مزارع للدجاج ومدارس وإحدى الجوامع، ومنشآت حيوية حكومية ومدنية ومحلات تجارية، ومخازن المؤسسة الاقتصادية اليمنية. كل هذا كان جزءا وما زال من بنك الأهداف للعدوان الهمجي البربري على اليمن وشعبه بكافة اطيافه الاجتماعية والسياسية. فالقصف العشوائي لا يوفر أحدا على الاطلاق. وماذا كان بنك الأهداف العدوان الهمجي الصهيوني على غزة غير هذا بمجمله على وجه الخصوص؟ الا يحق لنا المقارنة؟

ماذا كانت تهدف اليه إسرائيل بقصفها العشوائي والذي دمرت به البنى التحتية في قطاع غزة الى جانب تدمير المباني السكنية والمنشآت الحكومية والمدنية وقتل أكثر من 2000 مدنيا جلهم من الأطفال النساء؟ الهدف الرئيسي كان هو ارسال رسلة الى الشعب الفلسطيني الغزي بأن هذا هو الثمن الذي عليكم ان تدفعوه طالما بقيتم تقفون الى جانب المقاومة وهو بالتأكيد ثمن باهظ بكل المقاييس ولكنه لم يردع الشعب الفلسطيني من البقاء وفيا وداعما للمقاومة الفلسطينية. والهدف هنا في اليمن من القصف العشوائي لطائرات تحالف الناتو العربي لا يختلف عن هذا على الاطلاق فالرسالة هنا للشعب اليمني ان عليكم القبول بالعيش تحت رحمة ال سعود والقبول بالإملاءات السعودية والخليجية والتخلي عن مبادئ العيش بكرامة وحرية، والابقاء على الوضع على ما هو الى ابد الابدين. وبالتالي عليكم التخلي عن القوى الوطنية اليمنية التي تدعو الى تحقيق هذه الشعارات على ارض الواقع. وفي هذا تطابق واضح بين العدوان الصهيوني والعدوان على اليمن، أفلا يحق لنا المقارنة؟

الهزاز السيد سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يقول بأن الحملة العسكرية على اليمن ستستمر الى ان يعود الاستقرار الى اليمن. أي استقرار يريده ال سعود في اليمن؟ الاستقرار في مفهوم ال سعود هو إبقاء اليمن فقيرا مسلوب الإرادة السياسية. يمنيا تسلب أراضيه وتضم الى مملكة ال سعود الذين يقومون بنهب الثروات اليمنية أيضا. يمنيا يتقبل الهيمنة والسلطوية الخليجية وعلى راسها السعودية. يمنيا تستطيع الولايات المتحدة ان تقيم على أراضيه قواعد عسكرية لقوات خاصة ويمنيا يفتح أراضيه واجواءه للجيش الأمريكي متى يشاء واينما يشاء في مقابل حفنة من الدولارات توزع على طبقة المافيا السياسية اليمنية وتبقي على حالة التخلف في اليمن على الرغم من غناه الثقافي والحضاري والانساني والبشري. يمنيا لا يهدد بوجوده كدولة وطنية ذات مؤسسات أنظمة الممالك والعائلات الحاكمة في دول وامارات ومشيخات الخليج. فهذه الدويلات والكيانات المصطنعة لا تتعامل مع مواطنين بل تتعامل مع رعاياها من منطلق قبلي فشيخ القبيلة هو صاحب الامر والنهي بها ومن ثم فإنها تجد مفهوم الدولة الوطنية مفهوما غريبا عليها وتهديدا لوجودها.

أما قول السيد سعود الفيصل الى ان الحملة العسكرية ستستمر حتى إعادة الشرعية الى اليمن والمقصود به إعادة من نصبته السعودية في اليمن أي الرئيس هادي. أي شرعية لرئيس يدعو الى التدخل العسكري في بلاده وقتل شعبه وتدمير مقدرات اليمن للعودة الى سدة الحكم. أي شرعية لنظام يدعو وزير خارجيته (اليمني) الذي افتتح مكتبا في الرياض لوزارته بالإسراع لتنفيذ الحرب البرية لإنقاذ المحاصرين والبنى التحتية اليمنية؟ من يحاصر اليمن والشعب اليمني برا وجوا وبحرا يا سيادة الوزير؟ ومن يقوم يوميا بتدمير البنى التحتية لليمن غير مملكة ال سعود التي تقيم وزارتك بها "لتدير" شؤون اليمن؟ الا تخجل على نفسك من الادلاء بهذا؟ أتعتقد ان الشعب اليمني سيغفر لك يوما من الأيام دعوة الأجنبي لتدمير الوطن اليمني وقتل ابناءه؟ التاريخ لفظ كل متآمر على وطنه على ممر العصور ولكن الذي يبدو ان هنالك البعض لم يتعظ من التاريخ الإنساني وحركة الشعوب.

السيد سعود الفيصل يتحدث على ان " اليمن جزء لا يتجزأ من امن المملكة والخليج والامن العربي" ونحن لا نخالف هذا كمفهوم فكل بقعة في الوطن العربي هي جزء لا يتجزأ من الامن القومي العربي. ولكن السؤال الذي يجب ان يطرح على  حلف الناتو العربي اليس فلسطين هي جزء من الامن القومي العربي؟ أين هو الامن القومي العربي من فلسطين والعدو الصهيوني؟ اين هو الامن القومي العربي من الاساطيل الامريكية والقوات الامريكية الجاثمة على الأرض العربية في الخليج الذي تحول عبر السنوات الى بحيرة أمريكية؟ أين هو الامن القومي العربي مما حدث ويحدث في سوريا وليبيا والعراق ولبنان؟ أم ان الامن القومي العربي أصبح يتطلب الاعتداء على كل دولة وطنية عربية لا تتوافق مع الطرح السعودي المذهبي والطائفي المقيت والمقرف الذي يتلخص في محاربة ما يسمى "بالتمدد الإيراني الشيعي في المنطقة" وتأجيل كل الأمور الأخرى بمعنى أن لا صوت يعلو على الصوت المذهبي الطائفي المقيت شاء من شاء وابى من أبى كما أطلقها احد الجهابذة لدى السلطان السعودي. وبالتالي قامت الملك السعودي الجديد بتجنيد كل الدول ذات الثقل في الشارع "السني" مع كرهنا لاستخدام هذه الالفاظ لأنه في نهاية المطاف فالصراع هو صراع سياسي بامتياز وان حاولت أسرة الزهايمر الحاكمة في السعودية الباسه اللباس المذهبي والطائفي.

والسيد سعود الفيصل أحد مهندسي السياسة الخارجية العدوانية السعودية لكل ما هو وطني في المنطقة، وحتى خارجها حيث يتم اغداق الملايين خدمة لهذا الحزب او ذاك في الانتخابات الأوروبية وتعداها الى ما هو ابعد من ذلك، نقول ان تصريحاته الأخيرة تضمنت اننا (أي السعودية) "مستعدون للحرب إذا ما قرعت طبولها" هذا في الوقت الذي تقصف فيه الطائرات المعتدية الأراضي اليمنية. بمعنى ان ما يدور من اعتداء فاضح وصارخ على الأرضي اليمنية وقتل أطفاله ونساءه وتدمير بناه التحتية وحصاره برا وجوا وبحرا لا يدخل ضمن تعريف العدوان. ان العدوان بمفهوم اسرة الزهايمر هو إذا ما أخذ الشعب اليمني وقواه الفاعلة البدء بالرد على العدوان الغاشم السعودي على اليمن. فلغاية الان ما زال الجيش اليمني وأنصار الله ومن معهم من قوى يمنية لم تأخذ القرار في التصدي للعدوان ونقل المعركة الى داخل الأراضي السعودية. والذي يبدو ان المظاهرات الحاشدة في صنعاء والحديدة وبقية المدن اليمنية التي خرجت اليوم تدلل ان الشعب اليمني بدأ يطالب بالرد على هذا العدوان فلقد طفح الكيل.

المؤسف والمعيب والمخزي ان نرى بعض القادات الفلسطينية في السلطة وهرمها طالبت في القمة العربية أن يكون هناك  "عاصفة الحزم" لاستعادة غزة الى السلطة طبعا بدلا من طلب "عاصفة الحزم" لاستعادة فلسطين المحتلة من العدو الصهيوني الغاصب. ولكن الامر غير مقتصر على السلطة فيما يخص العدوان على اليمن فان قيادة حماس بحسب الاخبار نؤيد عودة الشرعية الى اليمن، بمعنى انها مؤيدة للعدوان على اليمن بشكل مباشر او غير مباشر وهذا ما يسجل على الحركة تاريخيا الذي على ما يبدو لا تريد قيادتها السياسية الا أن تكون جزءا من حركة الاخوان المسلمين الإقليمية والعالمية وترى انها بتأييدها للعدوان على اليمن استرضاء لمملكة ال سعود على امل ان تعود الى الساحة عن هذا الطريق.  ولكن هذا موضوع آخر أردنا الإشارة اليه فقط هنا.

في مقال سابق عن اليمن أشرنا الى التركيز على مضيق باب المندب وعلى ان وسائل الاعلام العربية خاصة الخليجية منها  وبعض الصحافة الغربية باتت تركز على أهمية المضيق للتجارة العالمية وانه ممر استراتيجي يشكل جزء حيويا من امن الطاقة العالمي. وها هي تعود وتركز وتدعي دخول وسيطرة  قوات لأنصار الله الى معسكر بالقرب من مضيق باب المندب وعلى ان ايران أصبحت تسيطر على المضيق لتثير الدعوات بضرورة احتلال باب المندب وتوسيع الاعتداء المباشر على اليمن بحيث يشتمل على قوات أمريكية وغربية. ولا بد من الإشارة هنا ان المعسكر الذي تروج له الصحف الصفراء بانه تحت سيطرة الحوثيين انما هو تحت سيطرة المؤسسة العسكرية اليمنية الرسمية. بالإضافة الى ذلك فان هناك قوات أمريكية وفرنسية في جيبوتي على الجانب الاخر من باب المندب لحراسة المضيق وضمان ابقاءه مفتوحا امام الحركة التجارية العالمية، ولكن هذا على ما يبدو لا يهدد "الامن القومي العربي". أضف الى ذلك هل يعقل لدولة ان تغلق مضيقا او بوابة تساهم في دعم اقتصادها وخاصة في هذه المرحلة. ما يريده تحالف الناتو العربي هو التدمير الكامل لليمن بكل ما تعنيه الكلمة كوسيلة لاستسلام الشعب اليمني. الم يذكر ان الحرب ستستمر الى ان يسلم الحوثيين اسلحتهم ويقبلوا بالهزيمة؟ ان تصوير الصراع في اليمن على انه مذهبي أو أنه مع الحوثيين هو ما تريد اسرة الزهايمر تسويقه وهو بالتأكيد ليس واقع الحال. وهذا ما اثبتته المظاهرات الحاشدة التي قامت بها الجماهير اليمنية على اختلاف مشاربها السياسية والاجتماعية والقبلية في اليمن لتؤكد وحدة الشعب اليمني لمواجهة العدوان وهم ينتظرون ويتمنون ان يقوم حلف الناتو العربي بالحرب البرية ليذيق المعتدين المر. نقول الحرب البرية لان الدولة اليمنية لا تملك الطائرات ولا البوارج الحربية للدفاع عن شعبها بالجو والبحر الذي يستخدمها الجبناء في دك الأراضي اليمنية يوميا كما فعلت الطائرات الإسرائيلية وبوارجها الحربية في قطاع غزة وهذا أيضا وجه تشابه آخر لمن فقد الذاكرة.

اليمن كانت على ممر العصور والتاريخ مقبرة للغزاة بتضاريسها الجغرافية العصية وشعبها الذي لا يرضى بالذل والهوان. وكما تحطمت جحافل الغزاة سابقا ستتحطم جحافل الغزاة الجدد، وكلنا أمل ان تصحى شعوب الدول العربية على الأخص تلك المشاركة بالعدوان وتضغط على حكوماتها بالتراجع عن هذه الهجمة البربرية وأن ترى ان هذا لا يخدم الامن القومي العربي ومن ان المستفيد الأول هو العدو الصهيوني الذي يهلل تمزيق دولنا العربية وجيوشها الوطنية. أن تصحوا هذه الشعوب فبل ان تبدأ أبناؤها بالعودة جثثا في الأكياس السوداء والأكفان كما كان الحال مع الجنود الأمريكيين في فيتنام وأفغانستان والعراق، خدمة لأسرة ال سعود وبقائهم على عروشهم. فهل تصحى شعوبنا العربية وتتظاهر نصرة لأطفال اليمن ونساءه وشيوخه وعزة الشعب اليمني وتوقه للعيش بحرية والانعتاق من العبودية السعودية؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة القادمة.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

01.04.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي