<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني خلاف الإدارة الامريكية مع نتنياهو .....زوبعة في فنجان

 

 

خلاف الإدارة الامريكية مع نتنياهو .....

 

 زوبعة في فنجان

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

انشغلت وسائل الاعلام الإقليمية والدولية في زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو والخطاب الذي القاه في الكونغرس الأمريكي بناء على الدعوة التي وجهت اليه من قبل زعامة الحزب الجمهوري متجاوزا البيت الأبيض وبالتالي متجاوزة الأعراف والتقاليد الامريكية التي تستدعي ان تكون مثل هذه الزيارات تحت مظلة وزارة الخارجية الامريكية. ولا شك ان الجمهوريون كانوا يتوخون بتوجيه هذه الدعوة إهانة الرئيس أوباما علانية وتوجيه صفعة الى ادارته، بالإضافة الى إعطاء زخم لسياسة العداء المفضوح الذي ينتهجها الحزب الجمهوري تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران، والذي ما زال يطالب إدارة أوباما بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران على الرغم من ان العديد من المواقع تتوقع ان تنتهي المباحثات بين الدول الكبرى وإيران في موعدها والتوقيع على معاهدة تضمن مصالح الأطراف المفاوضة. اما نتنياهو المعروف بحركاته المسرحية والانتهازي البارع فقد رأى فيها فرصة لتحسين وضعه الانتخابي امام منافسيه في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وهو ما اتفق عليه العديد من المحللين الإسرائيليين.

نقول انشغلت وسائل الاعلام على اختلاف مشاربها وتوجهاتها بالزيارة والخطاب محاولة في بعض الأحيان فرض تحليل مفاده ان هنالك خلافات أساسية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الذي من شأنه ان يوجد شرخ في العلاقات بينهما. وأصبح الحديث عن الزيارة والعلاقات الشخصية المتوترة بين نتنياهو واوباما شغلنا الشاغل واعطي الموضوع اكثر مما يستحق. ليس هذه فحسب بل ان الاعلام وخاصة الغربي منه أطال في هذا السجال ليجر الراي العام عن الحقيقة الساطعة من ان "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك الأسلحة الذرية والتي تقدر بحوالي 80 قنبلة ذرية وهي بالتالي ترقى الى مستوى الباكستان والهند في هذا المجال. وهي الدولة التي لم تعترف منذ الخمسينات وللأن بوجود برنامج نووي لديها في ديمونة وترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وتمنع من فتح منشأتها النووية امام مفتشي الطاقة الذرية الدولية، او تقديم اية معلومات عن برنامجها النووي. وعلى الرغم من معرفة الإدارة الامريكية واستخباراتها بقدرات إسرائيل النووية وتملكها للأسلحة الذرية فإنها ومنذ عهد الرئيس أيزنهاور في الخمسينات الذي كان على علم ببدء فرنسا ببناء مفاعل ديمونا الذري وليومنا هذا تغض الطرف عن هذا الموضوع. لا بل وتقدم الدعم الكامل للكيان الغاصب وتحميه من اية تساؤلات اممية مشروعة حول قدراته النووية، وتقف حائلا امام المقترحات المقدمة في المحافل الدولية من العديد من الدول ومن ضمنها إيران بجعل منطقة "الشرق الأوسط" منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ومن ضمنها النووية وذلك لضمان عدم المس بأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إسرائيل. لم تمتلك وسائل الاعلام الغربية وخاصة الامريكية منها الجرأة او قليل من الشجاعة والمهنية الصحافية لان تشير الى ترسانة الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل.

ولا شك ان الاهتمام الذي وجه الى الزيارة ولا نستبعد ان ذلك كان متعمدا لصرف الأنظار والتعليقات والاهتمام بقضية جوهرية الا وهي الدعم الذي تقدمه إسرائيل للمجموعات الإرهابية كجبهة النصرة وداعش وغيرها من المجموعات الاجرامية في الداخل السوري، وخاصة على جبهة الجولان على الشريط الحدودي الذي كانت إسرائيل تحويله الى حزاما امنيا على غرار جيش لحد الجنوبي في لبنان، قبل ان ينقلب السحر على الساحر. "المجتمع الدولي" مشغول في محاربة الارهاب بينما إسرائيل تقدم كل الدعم اللوجيستي والتسليحي والعلاج الطبي في مستشفياتها لإرهابي النصرة المصنفة على قائمة الارهاب الدولي هذا الدعم الذي لم يعد خافيا على أحد وخاصة بعد الزيارة التي قام بها نتنياهو الى المستشفى الذي كان يعالج فيه بعض الإرهابيين الذين دخلوا أراضي فلسطين المحتلة من القنيطرة المحتلة لتلقي العلاج، وتدخل الطائرات الإسرائيلية أكثر من مرة لنصرة الإرهابيين والتغطية النارية التي أمنت تواجدهم في تلك المنطقة، وصمتها المطبق عندما قامت المجموعات الإرهابية بخطف قوات المراقبة الدولية في الجولان وطردهم منها والاستيلاء على الشريط الحدودي. ولقد رأى العالم وما يسمى "بالمجتمع الدولي" رفع اعلام المجموعات الإرهابية على بعد أمتار من مراكز الجيش الإسرائيلي ورأى العالم على الشاشات الصغيرة المقايضة التي تمت على الحدود لإطلاق سراح قوات المراقبة الدولية وتحويل مبلغ 20 مليون دولار قامت قطر بدفعها والتأكد من وصولها الى البنك والحساب الذي ارادته المجموعات الإرهابية. لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا تجاه ما تقوم به إسرائيل من دعم للمجموعات الإرهابية وهي التي تدعي قيادة "المجتمع الدولي" لمحاربة الارهاب، الكذبة الكبرى التي ما زال البعض يسوقها. والسبب في عدم تحرك الولايات المتحدة هو ببساطة لأنها تفعل نفس الشيء وهذا يدخل ضمن استراتيجية أمريكية إقليمية وإسرائيل هي طرف واداة ضمن هذا الفضاء الأمريكي. فالولايات المتحدة التي دربت المجموعات الإرهابية وقامت بتسليحها بالخفاء سابقا تقوم الان بتدريبهم علانية ضمن الاتفاقيات مع تركيا والسعودية وقطر في معسكرات في هذه الدول وستقوم بإرسال من تدربهم الي قد يصل عددهم الى ما يقارب 15000 مسلح إرهابي الى سوربا على دفعات بالتأكيد ليس للنزهة ولا لمقاتلة الدواعش. والأخطر من هذا هو التصريح مؤخرا من قبل القيادة العسكرية الامريكية بأن أمريكا ستضمن سلامتهم على الأراضي السورية وعبورهم من والى الحدود التركية. والسؤال هنا وكيف سيتم ذلك إذا لم يكن بتأمين غطاء جوي ومنطقة عازلة وفرض منطقة حظر جوي؟ وهذا يعود ويؤكد الالتحام العضوي والاستراتيجي بما تقوم به كل من إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وأن الحديث عن اختلافات جوهرية بين الطرفين ما هو الا لغط سياسي.

ما يربط الكيان الصهيوني والولايات المتحدة أكبر بكثير مما قد يعكر الأجواء بين إدارة أمريكية ورئيس وزراء إسرائيلي، فالعلاقة بينهم علاقة استراتيجية راسخة وقوية وكل من يراهن على فك ارتباط بين المكونين هو واهم يعيش أحلام اليقظة. وتصريح الرئيس أوباما اثناء زيارة نتنياهو يؤكد على ذلك حيث قال بان "الخلاف مع إسرائيل بشأن إيران هو خلاف عابر ولن يكون له ضرر دائم على الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، وعلى ان الخلاف يكمن في سبل تحقيق هدفنا المشترك وهو ضمان عدم امتلاك إيران للأسلحة النووية. وما نطق به الرئيس أوباما هو عين الحقيقة بدون مواربة. نعم ان الاختلاف بينهم على السبل الذي يجب اتباعها لتحقيق المآرب والاهداف الاستراتيجية البعيدة المدى.

الولايات المتحدة الأمريكي أدركت بأنها لا تمتلك القدرة على الأقل في المدى المنظور للجوء الى الخيار العسكري لما قد يترتب على هذا من مخاطر في منطقة تزود العالم الغربي باحتياجات ما يقرب من 40% من النفط عبر مضيق هرمز الذي يمكن ان يقفل نهائيا في حالة نشوب حرب. كما وترك جيدا وخاصة مع التجارب في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 وكذلك الحرب الأخيرة على غزة وبالرغم من تزويد قاعدتها العسكرية المتقدمة إسرائيل بأحدث الأجهزة المتطورة لم تستطع منع الصواريخ من الوصول الى داخل فلسطين المحتلة ولأول مرة تهدد "إسرائيل" في العمق. ولا شك ان المحللين والخبراء العسكريين الأمريكيين وغيرهم في الدوائر الغربية إذا كان هو هذا الحال على الجبهات اللبنانية والفلسطينية ماذا سيكون الحال مع ايران وماذا سيكون مستقبل ابار البترول في منطقة الخليج ودول الكرتون والمشايخ هناك؟ وحتى فيما اذا أقدمت الولايات المتحدة على عمل احمق مثل هذا لا يوجد ضمانات على الاطلاق على تحقيق الأهداف وهي تدمير القدرات النووية الإيرانية وبناها التحتية فايران قد قامت ببناء منشأتها النووية على اعماق من سطح الأرض لتأمينها وهي التي شهدت سهولة تدمير المفاعل الذري العراقي عام 1981 من قبل الطائرات الإسرائيلية. والولايات المتحدة أيضا توصلت ربما الى قناعة بأن القيود والعقوبات التي فرضتها على ايران ولسنوات طويلة بغرض انهاكها الى جانب رعايتها "للمعارضة السلمية" في الداخل الإيراني التي كان يعول عليها ان تبدا "الثورات الملونة" في المنطقة لم تنجح أيضا. فلقد تأقلمت إيران مع نظام العقوبات واستطاعت ان تدير أمورها ليس هذا فحسب، بل واستطاعت تطوير قدراتها في مجالات عديدة وخاصة في المجالات التكنولوجية والعلمية والعسكرية والأبحاث العلمية الى الحد الذي لم يعد من الممكن تجاهله، هذا في الوقت ما زالت بعض الدول الخليجية تمنع المرأة من قيادة السيارات والجدل القائم لتأثير ذلك على مبايض المرأة والانجاب من قبل فئات لا يمكن وصفها الا بالتخلف عن كل ما هو علمي ولا داعي للخوض في هذا المجال اكثر من ذلك. الولايات المتحدة أدركت ان نظام فرض العقوبات لم ولن يجدي وهي التي فرضتها أيضا على كوبا الابية لأكثر من خمسين عاما. بالإضافة الى كل ذلك فقد ادركت الولايات المتحدة على انه بالرغم من صرف مبالغ خيالية تفوق ترليون دولار بحسب التقديرات المتواضعة على حربها في أفغانستان والعراق فإنها اضطرت للخروج من كلا البلدين دون تحقيق شيء يوازي هذه المبالغ التي دفعت الى جانب عشرات الالاف من القتلى من الجنود الأمريكيين، وبالتالي فان التدخلات العسكرية لم تؤتي بثمارها الى جانب ان الولايات المتحدة ادركت محدوديتها وكلفتها المالية والبشرية، وهو ما أدى الى تغير المزاج العام الأمريكي للوقوف ضد الحروب الخارجية التي قامت وتقوم بها الولايات المتحدة. ومن هنا فان التفاوض مع إيران نشأ من حاجة أمريكية فرضتها الوقائع الموضوعية عليها وليس عملية اختيارية وحسن اخلاق من الإدارة الامريكية.

اما إسرائيل على الطرف الاخر، الابن المدلل والذي يعربد ويحاول الخروج عن طاعة ولي امره ونعمته فان رئيس وزراءها الحالي على ما يبدو لن يهدأ له بال الا في حالة تغيير النظام في إيران او الذهاب الى الحرب وضرب المنشآت النووية الإيرانية في محاولة لتحطيم البنية التحتية النووية لإيران كوسيلة لمنع إيران من تحقيق أي تقدم في برنامجها السلمي النووي. وما يخيفه هو توجه الولايات المتحدة الى غير هذا الطريق وبالتالي فلقد ذهب الى واشنطن في "مهمة تاريخية" بحسب ما صرح به قبل سفره لإقناع الإدارة الامريكية بأن ما تقوم به بالنسبة للمباحثات مع ايران وتوقيع الاتفاقية معها على برنامجها النووي انما يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل الى جانب انه خطر على الولايات المتحدة والعالم باسره. "انما جئتكم محذرا" او هكذا أراد ان يقول. وهو بهذا حشد كل ما يستطيع من أدوات إعلامية وجند العديد من اصدقاءه من اعضاء في الكونغرس والشيوخ الأمريكي اللذين كانوا يصفقون كالبلهاء لكل جملة ينطق بها، حتى ان بعض المعلقين قال بان هذه إهانة لأكبر سلطة تشريعية في العالم أن يتصرف أعضاءها بها الشكل. الأهم من ذلك ربما ان نتنياهو يعرف قبل غيره ان كل تهديداته التي أطلقها بشأن البرنامج النووي الإيراني لم تكن ولن تكون الا فقاقيع فارغة في الهواء. فإسرائيل لا تقوى على ضرب المنشآت النووية الإيرانية وهذا بتقدير الدوائر العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية قبل ان تكون تقديرات غربية، حتى لو فتحت السعودية وبعض الأدوات الخليجية الأخرى اجوائها علانية للطائرات الإسرائيلية للوصول الى إيران. والمتتبع للأحداث يرى انه في كل لحظة كان نتنياهو يهدد بأخذ خطوة أحادية الجانب بهذا الخصوص كان هناك مبعوثا أمريكيا عسكريا رفيع المستوى على مستوى قيادة الأركان للقوات الامريكية يزور إسرائيل ليوبخ نتنياهو على الهراء الذي يطلقه لان أمريكا ليست على استعداد للانجرار الى حرب مع ايران.

إسرائيل هي القاعدة الامريكية العسكرية المتقدمة في المنطقة وبالتالي فهي مكون أساسي للاستراتيجية الامريكية الكونية، لعبت وما زالت تلعب هذا الدور ضمن الفضاء الأمريكي. وما اغداق كل هذا الدعم المالي والعسكري والسياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية الا دفاع عن جزء عضوي من الولايات المتحدة. والحروب التي خاضتها وتخوضها الولايات المتحدة في المنطقة بكافة اشكالها وابعادها ووسائلها، انما تخوضها دفاعا عن مصالحها في المنطقة الذي يلعب فيه أمن هذا الكيان عنصرا أساسيا فيه. وهذا ليس بالشيء الجديد، والجميع يعلم بان باب البيت الأبيض يفتح للدول الإقليمية التي تبدي استعدادا للتعامل مع هذا الكيان وتقبل بإقامة العلاقات والتطبيع معه.

وفي النهاية نود أن نؤكد على أن الخلافات التي تنشأ وتظهر بين الحين والأخر بين إدارة امريكية ورئس وزراء إسرائيل لا تعدو عن كونها خلافات داخل البيت الواحد والمؤسسة الواحدة فالارتباط بينهما هو ارتباطا عضويا داخل الجسم المتوحد في الأهداف الاستراتيجية على مستوى المنطقة بل وتتعداها لتشمل مناطق أخرى في العالم فنشاط الموساد الإسرائيلي من أوكرانيا الى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة ودول أمريكا اللاتينية والدول الافريقية معروف وبعضه موثق. ومن هنا نقول ان الخلافات التي يريد الكثيرون من المحللين التركيز عليها لحرف الأنظار عن المواضيع الرئيسية ما هي الا زوبعة في فنجان سرعان تمر وتهدأ.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

 

04.03.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

04.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org