<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني وجاء الرد والوفاء لدماء شهداء القنيطرة

 

 

 

 

وجاء الرد والوفاء لدماء شهداء القنيطرة

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

لم تنتظر المقاومة الإسلامية في حزب الله طويلا للرد على العدوان الإسرائيلي على القنيطرة التي ذهب ضحيته كوكبة من شهداء محور المقاومة، حيث جاء الرد بعملية نوعية في المكان والزمان وطبيعة الضربة الموجعة التي تلقاها موكب من آليات للجيش الإسرائيلي الذي تم تدميرها بمن فيها بقذائف الكورنيت المضادة للدروع عن قرب، وذلك قرب الشريط الحدودي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

وشكلت العملية صدمة كبيرة للأجهزة الاستخباراتية العسكرية الاسرائيلية والطبقة السياسية الإسرائيلية بأكملها، مما عكس حالة من الارتباك وعدم الاتزان في المواقف وردود الفعل، وخاصة وان الكيان الصهيوني على عتبة انتخابات قادمة قريبة.

المكان الذي نفذت به هذه العملية الجريئة يحمل الكثير من الدلالات والمغزى السياسي والعسكري. فالعملية نفذت في مزارع شبعا المحتلة تأتي لتؤكد التمسك ببوصلة الصراع مع العدو الإسرائيلي، وتنبه البعض من الطبقة السياسية اللبنانية الذين تناسوا بأنه ما زالت هنالك أراضي لبنانية محتلة، وخاصة أولئك الذين ينعقون ليلا نهارا ان قوة لبنان في ضعفه، ليس الا لأنهم هم الضعفاء وهم المتخاذلون ولا نريد ان نقول أكثر من هذا. لكننا نود ان نذكر أولئك الذين سارعوا بالتذكير بالقرار الدولي 1701 بغرض التهجم المبطن على حزب الله ومن أنه يريد ان يقحم لبنان في معركة مع إسرائيل، من ان القرار الدولي يقر بان مزارع شبعا هي أراضي محتلة يجب على الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب منها. ولكون هذه الأراضي محتلة فان مقاومة الاحتلال وبشتى السبل هو حق تكفله كل المواثيق الدولية.

المكان الذي نفذت به العملية هو مكان مكشوف ويخضع للمراقبة المستمرة وبأحدث أجهزة التنصت والمراقبة المعززة بدوريات من جيش الاحتلال على مدار الساعة، وبالتالي فان العملية بحد ذاتها شكلت خرقا امنيا كبيرا وفاضحا لكل الترتيبات التي ظن العدو بان باستطاعته ان يبعد شبح المقاومة على الأقل عن مثل هذه المناطق. والعملية تأتي في الوقت الذي رفعت فيه حالة التأهب والاستنفار الأمني والاستخباراتي والعسكري الى ابعد الدرجات من قبل العدو الإسرائيلي، تحسبا للرد من قبل حزب الله على العدوان الغادر في عملية القنيطرة. وبالتالي فان العملية تأتي لتؤكد جهوزية المقاومة الدائم وانه لا يوجد شيء عصي عليها عندما تأخذ القرار، فهي تمتلك من القدرات الميدانية والامكانيات التقنية واللوجيستية  التي تساعدها وتؤهلها لخوض عمليات قد تبدو عصية. ولقد اعترفت القيادات العسكرية الصهيونية بان هذه العملية هي أخطر عملية تعرضت لها قواتها مع الحدود اللبنانية لغاية الان.

لقد ارادت إسرائيل فرض قواعد اشتباك مع المقاومة في الأراضي السورية وبالتحديد مع حزب الله من خلال العدوان الجبان في القنيطرة، فجاء رد حزب الله ليقلب الموازين ويقلب السحر على الساحر. وفي هذه العملية دلالتين بهذا الخصوص أولها هو التأكيد على الكلمة التي القاها الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصرالله من أن المقاومة لا بل محور المقاومة يحق له أن يرد بالطريقة التي يراها مناسبة وبالمكان والزمن المناسبين. وكان معظم المحللين العسكريين يعتقدون ان الرد سيكون من الجولان المحتل، وعلى ان حزب الله لن يجرؤ على الرد من الأراضي اللبنانية. وتفاجأ الجميع من كون الرد اتى من مزارع شبعا على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. والرد في مزارع شبعا هو رد يحمل في طياته فيما يحمل من أن الجبهات باتت موحدة كما ان المقاومة باتت موحدة وان اعتداء في مكان يمكن ان يرد عليه في مكان آخر فالجبهات أصبحت متلاحمة في جبهة واحدة، وتوازن الردع أصبح يشمل لبنان وسوريا على الأقل. والهبة والتأييد من جانب قوى المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها المقاتلة للعملية والاستعداد للمؤازرة العملية في حالة تطور الاحداث والمجابهة، انما تأتي أيضا لتؤكد على وحدة الدم ووحدة المصير.

ويأتي الرد أيضا ليؤكد وبالمطلق ما صرح به سماحة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الأخير من انه اذا ما اعتقد العدو بان انخراط بعض من مقاتلي حزب الله في مقاتلة المجموعات الإرهابية الى جانب الجيش السوري أن هذا قد اضعف من قدرات حزب الله وجاهزيته لانشغاله في سوريا، يكون قد بنى حساباته على قواعد واسس خاطئة، وعلى ان العدو الإسرائيلي سيرتكب حماقة كبيرة اذا ما اعتقد ذلك وعلى انه سيدفع ثمن حماقته اذا ما ارتكب أي عمل عدواني. وها هو العدو الصهيوني يدفع ثمن الحماقة التي ارتكبها في العملية العدوانية في القنيطرة. وربما يجب ان ننوه هنا الى ان البيان الذي أصدره حزب الله حول العملية التي فاقت كل التوقعات في نجاحها انه حمل البيان رقم واحد. ولا شك ان إعطاء رقم واحد للبيان قد يحمل مؤشرا على انه في حالة اخذت إسرائيل منحى التصعيد وتدحرجت الأمور فان مقاتلي الحزب على استعداد لخوض المعارك إذا فرضت المعركة، وبالتالي سيكون بيان 2 و 3 الخ. ولكن في نفس الوقت قد يكون إعطاء رقم واحد للبيان له دلالة أخرى، وهي انه من الممكن ان تكون هذه أول عملية في سلسلة قادمة للأخذ بثأر كوكبة الشهداء الذين روت دمائهم أرض الوطن الحبيب سوريا، حيث توحدت دماء شهداء محور المقاومة. ولا شك ان الأيام او الأسابيع القليلة القادمة ستحمل في طياتها بعض الإجابات حول هذه الأسئلة. كما ستحمل أيضا عن هوية القتلى في صفوف جنود وضباط العدو الصهيوني، فاعلان العدو بان العملية خطية للغاية يعني شيئا.

الواضح لغاية الان أن هنالك محاولات لتطويق الوضع ومنع التدحرج وتدهور الأوضاع والوصول الى فتح جبهة حرب. الإدارة الامريكية صرحت أن العملية خطيرة ولكن الامر لا يستدعي حربا. الإدارة الامريكية لا تريد لإسرائيل ان تصعد في الموضوع في هذه الفترة الزمنية على الأقل وهي المنشغلة حاليا في إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة تحت ذريعة ما يسمى "محاربة الارهاب" ومحاربة "داعش" والتي جمعت له عدد من الدول الإقليمية والدولية. والجميع يدرك بشكل جيد ان إسرائيل لن تقدم على حرب دون الموافقة والدعم الأمريكي بالتحديد، ومن الواضح ان الولايات المتحدة غير جاهزة الان. وربما هذا ما يفسر انه بعد التصريحات العنترية لنتنياهو عن الرد القاسي عاد وصرح بانه "إذا ما تجدد إطلاق النار فإننا سنعلم كيف نرد لحماية مواطنينا". ولا شك ان الرجعيات العربية التي هللت وسائل اعلامها "ومفكريها" والكتبة المأجورين للعدوان الإسرائيلي الي أدى الى استشهاد كوكبة من رجال محور المقاومة في القنيطرة قد أصيبوا بخيبة الامل والإحباط الشديد بالعملية البطولية التي رفعت رأس كل مقاوم وشريف ووطني غيور، والى هؤلاء نقول موتوا بحسرتكم فمحور المقاومة حي وصامد ومنتصر مهما كانت الصعاب لأنه مؤمن بعدالة قضيته.

الدكتور بهيج سكاكيني

 

29.01.2015

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

29.01.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org