<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني قراءة في تصريحات جون آلن بشأن قتال داعش (2/2)

 

 

 

 

قراءة في تصريحات جون آلن بشأن قتال داعش

 

(2/2)

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

المتتبع للموضوع يرى ان منطقتنا تشهد حراكا عسكريا غربيا مكثفا ومتسارع الوتيرة يجري بشكل واضح تحت غطاء محاربة داعش وخاصة في منطقة الخليج العربي. فإلى جانب الوجود الأميركي العسكري في العديد من القواعد العسكرية البحرية والجوية والبرية في منطقة الخليج ويشمل هذا التواجد كل الدول الخليجية باستثناء دولة واحدة فقط وهي إيران، نرى ان بعض الدول الخليجية قد ابرمت عقودا واتفاقيات جديدة مع كل من فرنسا والمملكة المتحدة على بناء قواعد عسكرية على ما تبقى من أراضيها التي تحولت الى ثكنة عسكرية بامتياز. فالمملكة المتحدة على سبيل المثال تستعد لإنشاء ثلاثة قواعد عسكرية في منطقة الخليج في البحرين والامارات وعمان. أما فرنسا فقد أنشأت قاعدة معسكر السلام في أبو ظبي وحصلت على محطة في الأردن لبعض طائراتها تحت ذريعة استخدامها لضرب تنظيم داعش في العراق. ومن المفترض ان تكون قد توجهت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول التي تحمل على متنها ثلاثون طائرة بينها قاذفات رافال وستتمركز هذه الحاملة في مياه الخليج للمشاركة في القصف الجوي لقوات "التحالف الدولي" والتي تأتمر بإمرة الولايات المتحدة لمحاربة "داعش".  والى جانب الخبراء والمستشارين والجنود الاميركيين في العراق والذي بلغ تعدادهم الرسمي المعلن ما يقارب من 4000 فهناك أيضا الخبراء والمستشارين من استراليا والمملكة المتحدة العاملين في العراق. ويعتقد بعض المراقبين ان الولايات المتحدة قد تزج ببعض دول حلف الناتو للتواجد بشكل مستديم في المنطقة لتحمل جزء من مسؤوليتها عن امن الخليج، حتى يتسنى لها ان تسحب بعض القطع المرابطة في منطقة الخليج الى محيط الباسفيك وآسيا وهي المنطقة التي يرى الكثيرون من المحللين ومراكز الأبحاث الأميركية أهميتها للولايات المتحدة للتصدي الى الصين ذلك العملاق الاقتصادي الذي تتخوف من الولايات المتحدة وترى ضرورة احتواءه.

الولايات المتحدة تريد ان تبقي على داعش كفزاعة تحث بها الدول الخليجية بالإضافة الى دول المنطقة على تكوين تحالف عسكري ليشمل الدول الخليجية مضافا اليها بعض دول المنطقة التي تدور في الفلك الأميركي على غرار حلف الناتو (ميدل ايست اونلاين ديسمبر 2014) وتحت اشراف وتدريب أميركي بالدرجة الأولى وتجهيزه بالأسلحة المتطورة يكون دوره مقصورا على الحفاظ على أمن هذه الدول ومحاولة لخلق نوع من التوازن ولو الوهمي ضد ايران التي ترى بها السعودية العربية خطرا عليها تروج له لإبقاء نفوذها في المنطقة وبالتالي فهي الأكثر تحمسا لفكرة إقامة مثل هذا التحالف العسكري. ويجب ان لا ننسى ان السعودية هي التي كانت سابقا قد دفعت الى تشكيل ما يسمى قوات "درع الجزيرة" العسكرية المشتركة عام 1985 بهدف الحفاظ على امن الدول الخليجية بالأساس، واتضح هذا بشكل جلي عندما قامت القوات بالتدخل العسكري المباشر في البحرين عام 2011 لقمع الحركات الاحتجاجية والمظاهرات للمعارضة البحرانية وما زال جزء من هذه القوات مرابطا في البحرين للان لحماية العائلة المالكة. ولقد وصل تعداد قوات "درع الجزيرة" الى 30000 عسكري، ولكن المخطط الان هو رفع العدد الى 100000 جندي تحت القيادة العسكرية المشتركة التي أعلن عنها في ديسمبر 2013 خلال قمة مجلس التعاون لدول الخليج الذي انعقد في الكويت (أخبار الخليج البحرانية 27 ابريل 2014). ولا شك أن الترويج والدفع السعودي خاصة لإنشاء مثل هذه القوة العسكرية يتم تحت الادعاء بان إيران تشكل خطرا على امن الخليج وتريد ان تبتلع دوله، الى جانب الاعتقاد السائد بان الولايات المتحدة تريد ان تقلص من تواجدها العسكري في منطقة الخليج وبالتالي التخلي الجزئي عن مسؤوليتها في الحفاظ على هذه الأنظمة.

وضمن هذا الإطار الأمني والتحالف العسكري تتطلع الدول الخليجية ان توسع دائرة الحلف العسكري ليشمل كل من الأردن والمغرب. ولقد أشارت صحيفة المساء المغربية (14 ابريل 2014) الى ان التحالف العسكري المزمع اقامته سيضم دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، قطر، الامارات، الكويت، البحرين، عمان) بالإضافة الى المغرب والأردن لتكوين كتلة عسكرية تشمل قوات تصل الى 300 الف جندي من المغرب والأردن، إضافة الى قوات مصرية حال تم ادراجها في التحالف. ويرى مركز الاستشارات الأمنية ستراتفر (9 نوفمبر 2014) بان " توسيع مجلس التعاون الخليجي لضم المغرب والأردن سيقدم دعما رئيسيا للطاقات البشرية المتوفرة المحدودة " وعلى انه " في مقابل هذه المشاركة ستحصل كل من الأردن والمغرب على الدعم المالي الذي هم بأمس الحاجة اليه من الدول الخليجية الغنية". وكانت صحيفة المساء المغربية (14 ابريل 2014) قد اشارت الى ان كل من الأردن والمغرب ستتمكن من الحصول على مساعدة مالية قيمتها 5 مليارات دولار لكل منهما تدفع مقدما. ولقد ذكر موقع ميدل ايست اونلاين (ديسمبر 2014) ان مسؤولين مصريون قد صرحوا بانه قد تمت عدة لقاءات رفيعة المستوى بين ممثلين من هذه البلدان لمناقشة الموضوع وأن النقاشات بهذا الشأن قد وصلت الى مراحل متقدمة. وعلى الرغم من عدم صدور اية بيانات رسمية بهذا الخصوص الا انه يمكن الاستدلال بان شيئا قد تم التوصل اليه من خلال بعض الأمور التي أعلن عنها في الصحف والتي قد تبدو للوهلة الأولى انه لا رابط بينها. أولها ربما المناورات العسكرية المشتركة الموسعة التي أجرتها كل من دولة الامارات ومصر والتي شاركت فيها قطاعات مختلفة بحرية وبرية وجوية من الجيش المصري والاماراتي التي استمرت على مدى اسبوعين، وترحيب الامارات العلني باستضافة وحدات من الجيش المصري للبقاء على أراضيها (المنار المقدسية 15 مارس 2014). ولقد ذكرت العديد من الصحافة الأجنبية ان كل من الامارات ومصر مؤخرا قامت بتوجيه ضربات جوية للعناصر المتشددة في ليبيا دون الإفصاح عن ذلك من أي من الدولتين. اما مؤخرا فقد أعلنت المغرب انها قررت ارسال وحدات عسكرية الى دولة الامارات العربية المتحدة من اجل دعمها في مواجهة الارهاب وذلك في إطار التعاون العسكري والأمني الذي يجمع بين المغرب وابوظبي وغيرها من العواصم الخليجية. 

 وعلى الرغم من كل ذلك فان مركز ستراتفر (6 نوفمبر 2014) لا يبدو متفائلا في نجاح مثل هذا الحلف حتى إذا ما تم تكوينه في النهاية. وذلك يعود بحسب المركز الى عدة أسباب ربما أبرزها ان "ليست كل الدول الخليجية ترى ان إيران تمثل ذلك الخطر الذي تراه السعودية، فعمان على سبيل المثال تقيم علاقات طيبة مع إيران". اما بالنسبة لمصر ،" فان دول مجلس التعاون مختلفة حول الفريق الذي تدعمه". هذا بالإضافة الى وجود الاختلافات بالنسبة للموقف من سوريا، وربما تجلى هذا مؤخرا من إعادة فتح السفارة السورية في الكويت على الرغم من حالة العداء والثأر القبلي للعائلة الحاكمة في السعودية الى جانب الامارات وقطر التي ما زالت تضخ الأموال والإرهابيين للقتال في سوريا الى جانب تقديم الدعم المالي، كما هو الحال مع السعودية والامارات. ومن هنا يرى المركز " ان حالة التباين في المصالح لدول مجلس التعاون الخليجي سيجعل من الصعوبة بمكان ان لم يكن مستحيلا لأي كتلة دفاعية محتملة ان تتخذ أي عمل جماعي حتى فيما إذا ما تم تشكيلها". 

الولايات المتحدة لا تريد القضاء على داعش لأنها تريد ان تبقي على حالة الفوضى وعدم الاستقرار واستنزاف الطاقات العربية وخاصة القدرات العسكرية للحفاظ على أمن دولة الكيان الصهيوني في المنطقة وضمان تفوقه العسكري في أي حرب قادمة. وها هي أكبر ثلاث جيوش عربية في المنطقة وقد انصبت جهودها اليومية على محاربة الارهاب على أراضيها، هذا الجسم السرطاني الذي وفرت له كل المناخات للتمدد فأكثر على أكبر رقعة جغرافية في المنطقة وخارجها مدعوما من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والرجعيات العربية وعلى رأسها الدول الخليجية بقيادة السعودية والامارات وقطر التي استخدمت مجتمعة عشرات مليارات البترودولار لتجنيد وتدريب وتسليح الإرهابيين لخدمة سيدهم وحامي عروشهم وكروشهم في البيت الأبيض.

الولايات المتحدة تريد ان تبقي على داعش، لان البقرة الحلوب ما زالت تدر لبنا وهي احدى السبل لنهب المزيد من الثروات المالية التي يدرها بيع النفط والغاز، وذلك ببيع الأسلحة والمعدات العسكرية التي تكدسها معظم دول الخليج. فهي على الرغم من صرف ثروة تقدر بمئات المليارات من الدولارات ما زالت بحاجة لاستجداء الدول الغربية للدفاع عن ممالكها ومشيخاتها مع دفع الفاتير المترتبة على هذا بالطبع. ولقد شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة ملحوظة في الميزانيات والنفقات العسكرية لشراء الأسلحة. فعلى سبيل المثال فقد وصلت الميزانية العسكرية للسعودية عام 2013 الى نحو 67 مليار دولار للتصدر المركز الرابع على المستوى العالمي في الانفاق العسكري، أما الانفاق العسكري لدولة الامارات الذي لا يتعدى تعداد سكانها الأصليين على 1.4 مليون فقد وصل الى 17 مليار دولار وذلك تبعا للتقرير السنوي (2013) لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام. ولقد قدمت السعودية طلبا للبحرية الأميركية لتطوير قواتها البحرية وشراء الزوارق الحربية ومنظمة رادارات وصواريخ وبحسب شركة لوكهيد مارتن الأميركية فان قيمة الجزء الأول من الصفقة قد تبلغ 20 مليار دولار. وسبق وان قدمت إدارة الرئيس بوش طلبا الى الكونغرس للسماح للولايات المتحدة ببيع أسلحة بقيمة 60 مليار دولار على فترة زمنية تتراوح ما بين 15 الى 20 سنة. وتعتبر السعودية أكبر مشتري للأسلحة من الولايات المتحدة ويبقى السؤال لماذا؟ ولماذا ما زالت السعودية تدفع للجيوش الغربية للدفاع عنها بالرغم من تكديس الأسلحة بمليارات الدولارات؟

الشركات الأميركية المصنعة للأسلحة تحقق أرباحا هائلة بسبب الحرب على داعش كما أورد الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك في صحيفة "الاندبندنت" البريطانية (19 أكتوبر 2014) ولقد أشار انه في اليوم الذي قررت فيه الولايات المتحدة مد القصف الجوي الى سوريا في سبتمبر الماضي فان شركة رايثون الامريكية حصلت على 251 مليون دولار مقابل عقد يتم بموجبه امداد البحرية الامريكية بمزيد من تومهوك كروز كلفة الواحد منها 1.4 مليون دولار. ولقد أشار فيسك الى ارتفاع اسهم الشركات العاملة في مجال الصناعات الحربية عندما اخذ القرار ببدء الحرب على داعش، حيث ارتفعت اسهم لوكهيد مارتن بنسبة 9.3% ,جنرال دينامكس بنسبة 4.3% وهكذا.

في نهاية المقال نود أن نؤكد على ان الولايات المتحدة تسعى من خلال الإبقاء على داعش إعادة صياغة الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في المنطقة خدمة لمصالحها بالدرجة الأولى التي تتمحور في تعزيز مكانتها الدولية التي بدأت تهتز بشكل ملحوظ نظرا لظهور محاور وقوى صاعدة أخرى على الساحة الدولية مثل روسيا والصين وتحالفاتهما، الى جانب انها تسعى لضمان تدفق البترول والغاز الى الأسواق العالمية بالأسعار التي تناسبها والتي يمكن استخدامها في شن حروبها الاقتصادية على الغير لإضعاف شوكته الاقتصادية والسياسية ومحاولة تطويعه كما هو حاصل الان خاصة مع روسيا وايران وذلك باستخدام اداتها الرئيسية السعودية، بالإضافة الى تدمير القدرات والطاقات العسكرية العربية واستنزافها على أكبر مدى زمني ممكن وذلك للحفاظ على أمن ربيبتها "إسرائيل".

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 12.01.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

12.01.2015  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org