<%@ Language=JavaScript %> قراءة في تصريحات جون آلن بشأن قتال داعش (1) الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

قراءة في تصريحات جون آلن بشأن قتال داعش (1)

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

نقلت صحيفة المنار المقدسية بتاريخ 7 يناير 2014 التصريح الذي ادلى به مؤخرا المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للتحالف الدولي ضد جماعة "داعش" الارهابية جون آلن لمجلة "دير شبيغل" الألمانية من ان الرئيس الأمريكي لا يعتزم "تدمير" داعش " على الرغم من تعهد الرئيس باراك أوباما بتدمير جماعة داعش إلا أن التدمير ربما يكون طموحا، وفي جميع الأحوال ربما لم يكن هذا ما قصده أوباما". ومن الواضح ان هذا التصريح يتنافى مع ما صرح به الرئيس أوباما في كلمته التي القاها أمام مئات من الجنود الاميركيين الشهر الماضي والتي اكد فيها " ان التحالف لن يقوم فقط بحل تلك الجماعات الإرهابية بل سيقوم على تدميرها".  تصريح جون آلن يجب أن يؤخذ على محمل الجد لأنه يأتي من شخصية عسكرية متولية مسؤولية أمر التنسيق ما بين "الدول المتحالفة لقتال داعش" التي شكلتها إدارة الرئيس أوباما بحسب المقاييس والمعايير الامريكية، والتي تبعا لها استبعدت وبشكل متعمد دول ذات ثقل ووزن على الساحة العالمية وبالتحديد روسيا والصين وعلى الساحة الإقليمية مثل إيران وسوريا. سوريا التي حاربت وما زالت تحارب الإرهاب التكفيري من داعش الى النصرة وغيرها على الأراضي السورية ولمدة زادت عن الثلاثة سنوات. تلك المجموعات التي جندت من أكثر من ثمانين دولة ممتدة على ارجاء المعمورة وتم تدريبها وتسليحها بأحدث الأسلحة ونقلها الى الداخل السوري عن طريق تركيا ودول الجوار الأخرى.

ويأتي هذا التصريح ليؤكد من جديد من ان الولايات المتحدة هي الآمر الناهي لهذا "التحالف" وأنها هي التي تحدد المسار والاستراتيجية التي تخدم مصالحها بالدرجة الأولى، على الرغم من عدم وجود استراتيجية علنية واضحة فما زال الغموض سيد الموقف هنا بالنسبة لبقية اللاعبين على الأقل الذين يحركون الى حد كبير كأحجار الشطرنج، وتتكرم الإدارة الأميركية على بعضهم ببعض المكاسب والصفقات حتى تبقيهم فيما يسمى بالتحالف، لإعطاء الانطباع على انه تحالفا "دوليا" ضد الإرهاب.

الولايات المتحدة ومنذ البداية أظهرت بشكل واضح انها لا تعتزم القضاء على داعش، وانما فقط ستعمل على تحجيمها وحصرها في مناطق معينة أو بمعنى آخر المناطق المسموح بها أميركيا والتي تحقق الأهداف الاستراتيجية الإقليمية لها. ومن هنا رأينا ان التدخل الأميركي بدأ بشكل عملاتي عندما اقتربت جحافل برابرة العصر الدواعش من آربيل عاصمة إقليم كردستان العراق والمناطق الغنية بالبترول مثل كركوك التي يتمركز بها ما يقرب من 25% من الاحتياطي العراقي من النفط، هذا عدا عن الاكتشافات الجديدة التي أظهرت وجود كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في شمال العراق والتي يقدر مخزونها الى ضعف ذلك المتواجد في أذربيجان. ويجب ان لا ننسى ان شمال العراق تتواجد فيه معسكرات للجيش الأميركي بالإضافة الى مراكز ومحطات تجسس خاصة على إيران.

الولايات المتحدة لم تقدم على ضرب قوات داعش التي كانت تزحف على عين العرب (كوباني) السورية المحاذية للحدود التركية لإنقاذ أهلها الذين في غالبيتهم من الاكراد، بالرغم من ان قوات داعش كانت وما زالت تتحرك في أراضي صحراوية مفتوحة ومراقبة من قبل طائرات الاستطلاع الاميركية على مدار الساعة. ويكفي ان ندرك ان هذه القوات الداعشية تحركت مسافة تقرب من 400 كيلومتر بمعداتها من الموصل في العراق الى عين العرب السورية، وما زال الامر قائم للان. لو كان هنالك اية نية صادقة للولايات المتحدة بضرب مقاتلي داعش بالغارات الجوية لفعلت، ولكنها تركت الأمور تتفاقم الى الحد التي تم عنده تطويق المدينة وأصبح القتال في داخل شوارعها وعلى قاب قوسين من السقوط لولا الدفاع المستميت من قبل اللجان الشعبية المدافعة عن المدينة. عندها فقط تدخلت الطائرات الأميركية لوقف الزحف ومنع سقوط المدينة ولكنها لم تتدخل لدرجة ضرب مقاتلي داعش بشكل مؤلم وما زال القتال دائر ليومنا هذا منذ أكثر من ثمانية أشهر. والانكى من ذلك ان الطائرات الأميركية  قامت بإنزال جوي الى أسلحة وقعت في ايدي مقاتلي داعش "بالخطا" على حسب ما تدعي الإدارة الأميركية، ربما لتعويض داعش عما فقدته من أسلحة ومعدات. ونفس "الأخطاء" حصلت وتحصل في العراق وقد أشار بعض العراقيين صراحة بان القوات الأميركية تمون داعش بين الفترة والأخرى بالسلاح بهذه الطريقة "المبتكرة".

لو ارادت الولايات المتحدة ان تقاتل داعش فعلا لما حرمت الجيش العراقي من الطائرات المقاتلة وتمنعت من تسليمهم طائرات F16 أو طائرات الاباتشي التي دفع ثمنها والتي كان بأمس الحاجة اليها وخاصة في بداية القتال مما اطر الحكومة العراقية الى ابرام صفقات أسلحة مع روسيا الاتحادية التي قامت وبشكل سريع لتزويد الجيش العراقي بما يحتاجه في هذا المجال. ويجب ان نؤكد هنا ان اميركا وبالرغم من صرف أكثر من 20 مليار دولار على "بناء وتسليح" الجيش العراقي الذي بنته بعد تسريح وحل المؤسسة العسكرية والجيش العراقي بأكمله بعد احتلال العراق تركته وبعد أكثر من عشر سنوات جيشا لا يستطيع الدفاع حتى عن حدود العراق لتبقيه في حالة من التبعية للبنتاغون والإدارة الاميركية للابتزاز السياسي والأمني، وتبقي الجيش العراقي والدولة العراقية خارج حلبة الصراع مع العدو الصهيوني.

وتبدو عدم الجدية في محاربة داعش من عدد الطلعات الجوية التي تقوم بها الطائرات الأميركية للإغارة على مواقع داعش سواء في العراق او في داخل الأراضي السورية، بالإضافة الى ما تحدثه هذه الغارات من خسائر سواء على المستوى البشري في صفوف المقاتلين من عناصر داعش أو الأسلحة والمعدات التي تمتلكها. فغارات التحالف مجتمعة والتي في معظمها أميركية لم تؤدي الى اضعاف داعش بالمفهوم العسكري بحسب العديد من المحللين والسياسيين الذين يرون النتائج على الأرض. وفي هذا الصدد كان السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري قد صرح مؤخرا ان عدد القتلى من العناصر الإرهابية على ايدي الجيش العربي السوري في معركة واحدة عندما قامت العناصر الإرهابية بالهجوم على مطار دير الزور العسكري يفوق اضعاف واضعاف ما حققته الطائرات الأميركية لشهور منذ بدء الحملة على داعش. بالإضافة الى كل ذلك فما زالت داعش تتحرك على الأرض وتمتلك هذه الديناميكية. وان كانت قد فقدت أراضي من تلك التي استولت عليها سابقا في العراق مثلا فان هذا يعود الى الجيش العراقي واللجان الشعبية ورجال العشائر وعناصر البيشمركة الذين يقاتلون على الأرض. أما في سوريا فان الجيش العربي السوري مدعوما من حلفائه ورجال المقاومة والدفاع الشعبية فانه يتقدم ويحقق الانتصارات على المجموعات الإرهابية يوميا، ولم تكن "المبادرة" التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة دي ميستورا  بالنسبة  لمدينة حلب الا محاولة لتجنيب العناصر الإرهابية المسلحة هزيمة نكراء قادمة لمعقل رئيسي لهم.

ولا بد ان نتساءل لماذا تريد الولايات المتحدة الإبقاء على داعش ولا تسعى للقضاء عليها وهي التي حشدت من ناحية نظرية كل هذا التحالف لمحاربة هذا التنظيم الذي ضخم الى حد كبير من خلال حملة إعلامية مدروسة ومبرمجة؟ وماذا تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقه من خلال الإبقاء على هذا التنظيم وذلك من خلال السماح له بالتمدد الى مناطق مسموح بها وأخرى محرمة عليه او من خلال تزويده بالسلاح عن طريق "الخطأ" كما تدعي أو من خلال السماح لبعض الدول المنضوية تحت ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة "داعش" القيام بذلك والقيام بغض النظر عنها؟ سنتناول بعض من هذه الأسئلة في الجزء الثاني من المقال.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

10.01.2015

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org