<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي الذكرى السبعون ... للانتصار السوفييتي على النازية الألمانية ... (1)

 

 

الذكرى السبعون ... للانتصار السوفييتي على النازية الألمانية ... (1)

 

 

 

د. علي الأسدي 

 

 

يصادف في التاسع من أيار \ مايو القادم الذكرى السبعون لانتصار الحلفاء ، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية على دول المحور النازي ألمانيا واليابان وايطاليا. وبهذه المناسبة ومنذ نهاية تلك الحرب احتفلت الدولة السوفييتية السابقة وحاليا روسيا بعيد النصرهذا ، حيث يمجد فيه الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل انقاذ وطنهم وشعوبهم والعالم من الغزو النازي. ويدعى للاحتفالات في العادة التي تجرى في موسكو قادة العالم والهيئات الدبلوماسية ، لكن وبخلاف السنوات التاسعة والستين السابقة تجري الاحتفالات في جو سياسي مشحون بالتوتر وعدم الثقة يذكر بمناخات الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة خاصة. فهذه اتخذت من الوضع في أوكرانيا سببا لمقاطعة الاحتفالات في موسكو على مستوى قادة الدول وقامت في الوقت نفسه بالطلب من الدول الدائرة في فلكها بعدم الحضور أيضا.

 

 وبالفعل رفض تلبية الدعوة أكثريتهم ، لكن ليس الرئيس الجيكي ميلوس زيمن. ففي زيارة السفير الأمريكي في براغ أندرو شابيرو له في القصر الرئاسي أبلغه فيها بضرورة عدم تلبية الدعوة لحضور الاحتفالات التي ستجرى في موسكو. الرئيس الجيكي ليس فقط رفض الطلب ، بل اعتبر السفير شخصا غير مرغوب به. وفي رده على طلب السفير قال الرئيس الجيكي : "  لقد كنا في المرتبة الثانية على لائحة الابادة النازية وان الجيش الأحمر السوفييتي هو من أنقذ الشعب الجيكي".

 

وقد علق بيتر هاجيك المستشار السياسي لرئيس جيكيا الأسبق فاسلاف كلاوس على تصرف السفير الأمريكي بالقول " لقد اعتقد السفير انه في محمية تابعة له تعطيه الحق في اصدار الأوامر". ونقل هاجيك عن الرئيس الجيكي قوله " ان حضوره الاحتفالات هو مناسبة هامة يعبر فيها الشعب الجيكي عن العرفان للشعب والجيش الذي ضحى بـحياة 150000 ألفا من أبنائه لتحرير وطننا. ان أقل ما يمكننا تقديمه هو التعبير عن امتناننا وتقديرنا للذين قاتلوا من أجلنا. لا أستطيع أن أتصور قيام السفير الجيكي في واشنطن بالطلب من الرئيس الأمريكي بعدم حضور الاحتفال  ومن الآن فصاعدا لن يجد السفير الأمريكي باب القصر الرئاسي مفتوحة لاستقباله ".

لكن الاحتفالات بذكرى النصر ستمضي قدما رغم ذلك بمشاركة عشرات الوفود من كافة القارات مثل الصين الشعبية والهند وجنوب افريقيا وأكثرية دول أمريكا اللاتينية وايسلاندا وبعض الدول الأوربية والعربية. وستشارك وحدات رمزية من القوات العسكرية الصربية الى جانب 15 ألف عسكري روسي. وقد نقل عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمناسبة قوله: " ان روسيا تمجد ذلك الانتصار على النازية الذي ما كان له أن يتحقق لولا استبسال جنودنا وتضحياتهم في الدفاع عن بلادنا ودحر النازيين الألمان. ان ذكرى النصر وضحاياه يجب أن تقرب بين روسيا والولايات المتحدة أكثر ، لكن على ما يبدو انها غير كافية بالنسبة للقادة الأمريكيين."

ما عدا ذلك تبذل في الولايات المتحدة وبريطانيا  الجهود من قبل مؤرخين مبتذلين لاعادة كتابة تاريخ الحرب العالمية الثانية من أجل تشويه الانتصارات السوفييتية على النازية الألمانية وما قامت به لتحرير الشعوب الأوربية من نيرها بصرف النظر عن الحقائق التاريخية. إذ يجري تجاهل الجبهة الشرقية التي خاض الجيش الأحمر معاركه فيها ضد الغزاة النازيين الالمان حتى استسلامهم بينما يوجه كل الاهتمام على الجبهة الغربية ( النورماندي في فرنسا وشمال ايطاليا والعلمين )  وترويج صورة مضللة بين الجمهور العام بأن بريطانيا وأمريكا هما من قام بدحر ألمانيا النازية. بينما يثبت السجل التاريخي لأحداث الحرب العالمية الثانية أنه عندما قامت قوات أمريكية وكندية وبريطانية بالانزال في النورماندي الفرنسية في يونيو \ حزيران من عام 1944 كان الجيش الألماني ( الرايخ الثالث ) قد دحر من قبل الجيش الأحمر السوفييتي على الجبهة الشرقية.

 

ومما ورد في تلك الكتابات ان أقل من مليون ونصف جندي أمريكي في الجبهة الغربية قد قتلوا 834,314 جندي ألماني و250,000 مدني ولم يزد قتلى الجنود الأمريكيين في الحرب عن 400,000 ألف جندي. بينما واجه أقل من 6ملايين جندي ألماني 20مليونا من الجنود السوفييت قتل الألمان منهم 11مليونا و20 مليونا من المدنيين السوفييت في حين لم يقتل السوفييت من الالمان سوى 2،400,000 جندي. وان مئات الآلاف من الجنود السوفييت قتلوا بعضهم بعضا أثناء مغادرتهم مدينة ستالينغراد في محاولة لانسحابهم. ويستخف الأمريكيون باطلاق السوفييت عبارة " الحرب الوطنية العظمى "   Great Patriotic  War.على نزاع الحرب العالمية الثانية. ويدعون أيضا انه وبرغم قلة خبرة الجنود الأمريكيين فان مقابل كل جندي أمريكي قتل في الحرب ضد الألمان قابله 81 جنديا سوفييتيا قتل من قبل الألمان. وفي الوقت الذي تعامل الأمريكيون بانسانية مع الأسرى الألمان أو الألمان مع الأسرى الأمريكيين فان السوفييت قد تعاملوا بوحشية مع أسراهم. وفي الوقت الذي أطعم الأمريكيون جيدا الأسرى الألمان قام السوفييت بتجويع أسراهم وضربهم واهانتهم اضافة الى استخدامهم في الأعمال الشاقة وبسبب ذلك لم يبقى على قيد الحياة من مجموع حوالي 100 ألف أسير غير 5 آلاف فقط. ويستهينون بمقاومة الجنود السوفييت المدافعين عن ستالينغراد في مقابل 370 ألف من الجنود الألمان الذين يقلون عنهم عددا وهو مخالف للواقع. كانت قوى الجانبين تتعرض للتغيير على مدار الساعة واليوم ، فالمعارك لم تكن سباقا رياضيا وديا بل مسرحا لقتال شرس  يجري أمداد الجانبين بالجنود والاسلحة خلال فترة القتال لتعويض الخسائر.

 

 فقد بدأ الحصار الالماني لستالينغراد بـ 270 ألفا وكانت الامدادات تصلهم باستمرار حتى وصل عددهم الى مليون ومائة واربعين الف ، بينما زاد عدد الجنود السوفييت من أقل من 300 الفا الى مليون ومائة وثلاثة وأربعون الفا في السجلات فقط فلم يصل عدد قوات الطرفين في لحظة القتال الفعلي الى هذه الارقام أبدا بسبب الخسائر البشرية اليومية. ونفس الحال مع الطائرات والدبابات والمدافع وغيرها من الاعتدة العسكرية. ويتفاخر المؤرخون المبتذلون بانه لم يقتل مدنيا أمريكيا واحدا ولم تحاصر مدينة أمريكية واحدة من ولاياتها الثامنة والاربعين ولم تسقط قنبلة ألمانية واحدة على أي من المدن الأمريكية.

 

يذكر المؤرخون ذلك دون الاشارة الى ان الحرب العالمية الثانية قد بدأت في الأصل في أوربا وليس على الأراضي الأمريكية ، وان الهجوم الألماني قد استهدف بصورة رئيسية الأراضي السوفييتية وشعوبها بعد أن تم صرف النظر عن مهاجمة بريطانيا واحتلالها. فقام الألمان بهجومهم المباغت على الاتحاد السوفييتي في 22\6\1941 برغم وجود معاهدة عدم اعتداء بينهما. و قد استعدوا لذلك الهجوم فترة طويلة قبل ان يبدأ مستغلين التزام الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين بمعاهدة عدم الاعتداء. وبرغم تسلم ستالين لعدة تقارير استخبارية بأن النازيين الألمان يستعدون لمهاجمة بلاده لكنه لم يتحرك لمواجهته وعندما ثبت له صحة تلك التقارير كان الأوان قد فات فدفع ثمنا باهظا بنتيجة ذلك وتحمل خسائر لم يكن مضطرا اليها أبدا. لقد قام الألمان بحشد هائل من القوات والعتاد زاد عن 200 فرقة عسكرية و3000 دبابة و7000 مدفع و2500 طائرة في هجوم تصفه الانسكلوبيديا البريطانية بأنه الهجوم الذي لم يحدث مثيلا له في سعته وقوته في التاريخ البشري جرى خلاله تدمير حوالي 7 آلاف مدينة و70 ألف قرية ، بينما تضاعف مصادر أخرى هذه المعلومات. وقد سيطر الجيش النازي في ذلك الهجوم على مساحة واسعة بلغت مساحتها 500 ألف ميل مربع يقطنها 75 مليون نسمة.

 

وللحفاظ على زخم وعنف وسرعة اندفاع القوى المهاجمة كانت القيادة الألمانية تزج بالمزيد من القوات والعتاد لتكبيد السوفييت أكبر ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية والنفسية أملا في انهيار النظام السياسي السوفييتي في الأسابيع الأولى من الهجوم الذي وصل الى ضواحي موسكو على بعد تسعة عشر ميلا منها. لقد ألزم هتلر جنرالاته بأن لا يقبلوا عرضا باستسلام موسكو ، بل بمساواتها بالارض وهذا ما حاول تنفيذه الطيارون الالمان. فمع بداية الغزو للدولة السوفييتية قامت طائراتهم بعشرات آلاف الطلعات الجوية لقصف المدن الروسية وتجمعات جيوشهم للتعجيل في انهيارها وعدم منحها أية فرصة لاعادة تنظيم نفسها. حيث تم تدمير مئات الطائرات والدبابات والمعدات وهي على الأرض كما تم تدميرالتحصينات السوفييتية وتجمعات الجنود و وقتل وأسر عدة ملايين منهم , لكنهم ونتيجة المقاومة التي أبدتها الوحدات العسكرية السوفييتية حول موسكو تم صد الهجوم النازي مما جعلهم يوقفون خطتهم للتقدم صوب موسكو. كما واجهوا مقاومة شرسة في مناطق أخرى ، فقد حوصرت مدينة لينينغراد لمدة 900 يوما وهو اطول حصار في التاريخ تتعرض له مدينة فقدت بسببه حوالي مليوني من سكانها بنتيجة القصف وندرة الدواء والغذاء والبرد القارس ورغم ذلك لم تستسلم.

 

 ويذكر قائد الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية الجنرال دوايت أيزنهاور في مذكراته : "  عندما طرت الى روسيا عام 1945 لم أرى بيتا واحدا قائما منذ الحدود الغربية للبلاد حتى ضواحي موسكو. وكما ذكر له القائد العسكري السوفييتي الجنرال جوكوف تم قتل النساء والأطفال وكبار السن وان الحكومة السوفييتية لم تكن قادرة أبدا على احصاء عددهم بالضبط". أكثر المؤرخين الذين كتبوا عن أحداث الحرب على الجبهة الشرقية يتفقون بأن مستوى الوحشية التي استخدمت ضد الناس من مختلف الأعمار والأجناس والأديان والاثنيات غير قابلة للوصف وبنفس الوقت اثبت الشعب والجيش السوفييتي قدرة هائلة على الصبر والصمود والمقاومة حتى تحقيقه الانتصار النهائي على الغزاة.

 

علي الأسدي \ يتبع في الجزء الثاني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

29.04.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

29.04.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org