<%@ Language=JavaScript %> د. علي الأسدي الحروب الأمريكية ... الى متى.....؟؟ ... (1)

 

 

 

الحروب الأمريكية ... الى متى.....؟؟

 

(1)

 

 

د. علي الأسدي 

 

 

لقد انتهت بريطانيا التي لم تغب عن مستعمراتها الشمس خلال القرنين الماضيين بالانكفاء داخل حدودها والاكتفاء بما تتيحه لها الولايات المتحدة من أدوار سياسية وأمنية وعسكرية تخدم بالأساس المصالح الاستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية. وانطلاقا من هذا الواقع تشعر بريطانيا بسعادة غامرة والامتنان للولايات المتحدة حيث لا قواعد عسكرية تنهك ميزانيتها المالية عدا تلك التي تحتفظ بها في قبرص ذات الأهمية الهامشية مقارنة بالوجود الأمريكي الواسع حول العالم. ويبدو ظاهرا إن أوان انكفاء الولايات المتحدة عن دورها كشرطي العالم الذي تحتله منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يحل بعد. فالمتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تلت تحول دول المعسكر الاشتراكي السابق الى الرأسمالية وانضمام أكثر بلدانه الى التحالف الغربي قد عزز من الدور البوليسي الأمريكي وزاده توحشا وعدوانية وأطال من عمره بعض الوقت.

 

ولكونها عضوا مؤسسا لهيئة الأمم المتحدة التي شاركت بصياغة مبادئها بعيد الحرب العالمية الثانية يفترض بها  حفاظها على تلك المبادئ التي تؤكد على حماية أمن وسلام العالم وسيادة واستقلال الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. لكن أول وأكثر من أخل بمبادئ الأمم المتحدة وهدد استقلال وسيادة الدول هو الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها. فاعتبارا من نهاية أربعينيات القرن الماضي وقبل أن يجف حبر توقيعها على ميثاق الأمم المتحدة  باشرت تدخلها العسكري في شبه الجزيرة الكورية. و بعد فترة قصيرة أقحمت جيوشها في الحرب الفيتنامية حتى عام 1973 ورغم تكبدها اكثر من 50 ألف جندي ومئات مليارات الدولارات خرجت مهزومة أمام مقاومة الشعب الفيتنامي. ورغم تلك الهزيمة المذلة والتكاليف المادية والبشرية الباهظة لم تنثني عن التسبب وشن الحروب وتنظيم الانقلابات ضد حكومات الدول المستقلة في جميع القارات.

فأسقطت بداية خمسينيات القرن الماضي الحكومة المنتخبة حديثا في غواتيمالا ، ثم الانقلاب على حكومة محمد مصدق الوطنية في ايران ، تلتها بتنظيم انقلاب ضد حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية وقتله هو وبعض أعضاء حكومته. ولم تتوقف عند هذا ، بل نظمت الانقلابات العسكرية في اندونيسيا ودول الهند الصينية كمبوديا واللاؤوس واسقطت الحكومة الوطنية في الكونغو واغتالت رئيسها باتريس لومومبا وما يزال ذلك البلد الافريقي ضحية للانقلابات والمؤامرات طمعا بغزارة ثرواته الطبيعية منذ استقلاله بداية الستينيات. وفي الفترة نفسها باشرت محاولات التآمر ضد حكومة كوبا الوطنية التي اعتلت السلطة عام 1959 وبعد أن فشلت كافة محاولات الاطاحة بها واغتيال قائده فيدل كاسترو فرضت حصارا اقتصاديا وسياسيا عليها ما يزال مستمرا للعام السابع والخمسين رغم الوعود الأخيرة بانهائه.

 

ولم يتوقف مسلسل الانقلابات الامريكية ضد الشعوب المتحررة فقامت بتنظيم انقلابها ضد الحكومة الشرعية في شيلي فاطاحت برئيسها المنتخب حديثا سلفادور الليندي وقتله عام 1973. تلته في عام 1983 بغزو جزيرة غرينادا في الكاريبي التي لم تمتلك جيشا أصلا بسبب فقرها فقتلت زعيمها موريس بيشوب المنتخب ديمقراطيا وكافة أعضاء حكومته جميعا. ومثال العراق مايزال قائما أمامنا فاحتلاله عام 2003وتدمير شعبه وجيشه وتراثه وتهجير الملايين من مواطنيه داخل وخارج وطنهم بمبررات زائفة فبركها المحافظون الجدد وبتحريض من حكومة حزب العمل الاسرائيلي حينها ايهود باراك.

 وبتحريض وتمويل وتدريب أمريكي وباشراف الحكومة الاسرائيلية الحالية التي لها مع "جبهة النصرة " الارهابية تحالفا مفتوحا يجري الزج بآلاف المرتزقة من شتى اطراف العالم في الحرب الدائرة الآن في سوريا التي ذهب ضحيتها عشرات آلاف المدنيين العزل. ويتنقل أولئك المرتزقة بكل حرية نحو العراق لينضموا الى حشود بهائم داعش في قتل العراقيين العزل وتخريب مدنهم وتحطيم تراثهم الحضاري ومؤسساتهم الاقتصادية من مصافي نفطية وأبار نفط وطرق وسدود. ومع كل فرصة تتاح للتوصل الى حل للازمة السورية الراهنة يزج بآلاف جديدة من المرتزقة لابقاء دوامة القتل والتدمير مستمرة في سوريا والعراق.

 الخراب الذي لحق بالمدن والقرى السورية لم يماثله في تاريخ الحروب غير التدمير الذي ألحقه النازيون بالعاصمة البولندية وارشو خلال الحرب العالمية الثانية. فحينها تعهد هتلر بتسوية مدينة وارشو بالآرض وقد وفى بعهده قبل أن يحررها الجيش الأحمر السوفييتي.

 المراقب لمجريات الحرب يستطيع الخروج بنتيجة واحدة ان المستهدف فيها ليس بشار الاسد ، فلو كان الأمر كذلك لتمكنوا من ازاحته حيا أو ميتا دون أية صعوبة فقد فعلوها في ليبيا وقبلها في الشيلي وجزيرة غرينادا ، لكن المستهدف هو سوريا وجيشها ومؤسساتها العسكرية وأسلحتها ضمانة الدفاع عن شعبها وتراثها الحضاري. ولو أرادوا التوصل الى حل سلمي للأزمة السورية لتمكنوا دون صعوبة أيضا ، فقد حاول السكرتير السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والجزائري الابراهيمي التوصل الى حل وفشلا ، لأن الوقت على ما يبدو لم يحن بعد في رأي واشنطن واسرائيل ، فماتزال بعض المعالم السورية قائمة تحكي عنفوان وإباء السوريين واحترامهم لهويتهم العربية فمالم تسوى بالأرض تلك المعالم  فالحرب مستمرة.

 

يذكر الكاتب والصحفي الأمريكي فيليب جيرالدي في مقاله الأخير " اعلان الحرب على الجميع" لقد عملنا على تأسيس القاعدة لمهاجمة السوفييت في أفغانستان والعراق الذي غزوناه بدون سبب وسوريا التي تواجه الخراب لأننا لم نعمل بجد من أجل حل سلمي مع الرئيس بشار الأسد. ما فعلناه في العراق وسوريا قد انتج داعش.وليبيا التي تعاني من الفوضى لأننا أطحنا بحكومتها تحت مبرر الأسباب الانسانية. أفغانستان توشك ان تتحول الى نسخة من العراق لأننا غزوناها قبل ثلاثة عشر عاما دون معرفة الطريق للخروج منها. لقد بدأنا الاضطرابات في أوكرانيا وروسيا مخلين بتعهداتنا فوسعنا الناتو وأطحنا بالحكومة المنتخبة فيها. وأخيرا هناك اسرائيل. اسرائيل ليست حليفا ، انها مصدرا لكثير من المشاكل في الشرق الأوسط ، ان مصالحنا ومصالح اسرائيل ليست واحدة وفي غالبيتها متضاربة." *

 

رغبة التوسع وبسط الهيمنة متأصلة في عقلية ادارة القصر الأبيض وطاقم سياسته الخارجية بصرف النظر من يضطلع بالمسئولية في زعامته. المشكلة ان مسئولي البيت الأبيض على قناعة بأن ما يقومون به ضد الدول الصغيرة هو استحقاق تاريخي عليهم الاضطلاع به لفرض هيمنتهم على العالم. وهم لذلك لم يكتفوا بتفكيك الاتحاد السوفييتي وحل حلف وارشو ودفع دوله للانضمام الى حلف شمالي الأطلسي ، بل يسعون لتجريد روسيا الاتحادية من حقوقها في الدفاع عن وحدة أراضيها وأمن شعبها ومصالحها الجيوسياسية. ولهذا السبب يعمل المحافظون في الادارة الامريكية على نشر الفوضى وعدم الاستقرار في دول القفقاس المحيط الجيوسياسي الروسي فهذه الدول متعددة الأصول الاثنية والدينية واللغوية قد نعمت بالاستقرار السياسي والاجتماعي خلال العهد السوفييتي وفي العهد الراهن ايضا.

ففي تصريح لواحد من أشرس قادة المحافظين الجدد وهو بول ولفوفيتز المدير السابق للبنك الدولي عبر عنه في عام 1992 في قمة نشوته بعد الاطاحة بالدولة السوفييتية  قال فيه " هدفنا الأهم هو منع صعود قوة جديدة سواء من منطقة الاتحاد السوفييتي السابق أو أي مكان آخر ، لأن ذلك يشكل تهديدا للواقع الجديد. انها من متطلبات الدفاع الاستراتيجية الجديدة التي نبذلها لتحاشي أي محاولة من قوى معادية تمنعنا من حماية مصادر منطقة نفوذنا." بول ولوفوفيتس هذا من أبرز قادة معسكر المحافظين اليمينيين الجدد وفي مقدمة المسئولين عن مجموعة جورج بوش التي حرضت على غزو العراق وقتل زعيم ليبيا معمر القذافي والحرب على سوريا وحملة التحريض ضد ايران واستخدام طائرات بدون طيار في باكستان واليمن والثورات الملونة في الجمهوريات السوفييتية السابقة والانقلاب في أوكرانيا وحملة العداء وتشويه صورة الرئيس بوتين. وهناك الكثير من الأمريكيين من يتهم المجموعة هذه بالمسئولية عن جريمة مركز التجارة العالمي في 11\9\ 2001 التي استخدمها المحافظون الجدد كغطاء لشن الحرب على أفغانستان. **

 

علي الأسدي \ يتبع في الجزء الثاني

 

 

 

 

 

12.03.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

12.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org