%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
سنة العراق - أن تتكلم الآن، أو فلتصمت إلى الأبد!
بقلم صائب خليل
17 كانون الثاني (يناير) 2013
نرى "الدكتور" طه الدليمي في العديد من المواقف المخجلة والمثيرة للإشمئزاز لضحالتها وطائفيتها. فنراه في هذا الفيديو، يلقي "شعراً" يليق بمقامه، متمنياً للعراق مصير سوريا بربيع مماثل. ومن رأى ما فعلت عصابات الناتو الوهابية في سوريا، ويريد مثل ذلك لبلاده، فإنه يتميز بانعدام ضمير لا مثيل له!(4) ولنلاحظ أن تاريخ هذا الفيديو يعود إلى نصف سنة قبل التظاهرات وقبل التهييج الحالي، مما يدل على ان التظاهرات نفسها قد خططت كجزء من المؤامرة التي نرى فصولها تتكامل الآن. وقد استغلت مشاعر الغبن لدى الناس وإحباطها وقصص الإغتصاب لإطلاق شرارتها التي هيأ لها أمثال طه الدليمي والإعلام المنحط الذي يمثله.
17 كانون الثاني 2013
http://s.alriyadh.com/2012/12/31/im... (اعتصام الأنبار - مطاردة المطلك؟)
يواجه سنة العراق اليوم تحدياً كبيراً قد ينعكس على سمعتهم وتاريخهم ويبقى في ذاكرة العراق لزمن طويل، وربما إلى الأبد. فالعمل ليس بنتائجه المباشرة فقط، وإنما بأسلوبه وتداعياته البعيدة ايضاً، ومن الواضح أن الأسلوب الذي يتبعه المتظاهرون من سنة العراق، وخاصة في الأنبار، في إظهار احتجاجهم على الحكومة، بعيد عن أن يرضي الإنسان الحضاري الهادف إلى خير الجميع والمؤمن بالمساواة والنابذ للعنصرية والطائفية، المترفع عن التهييج والكلام البذيء.
لقد عبر أحمد العلواني منذ بداية التظاهرات عن أخلاقية من يقودها، حين وصف الآخرين، سواء كانوا الشيعة كما يفهم من كلامه، أو الحكومة أو خصومه كما يفهم من نفيه، وصفهم بالخونة وعملاء إيران والخنازير،(1) وفعل ذلك بين حشود المتظاهرين الذين يفترض أن يفهموا أن كل منهم يتحمل مسؤولية الكلام الذي يقال بحضوره وفي تظاهرة تحت أعلام وشعارات يفترض أن تعبر عن موقفه وأسلوبه.
ومن الواضح بالنسبة لي أن قيادات التظاهرات لا تضمر الخير لا للعراق ولا للمتظاهرين، فالتظاهرات أساساً تمت على أساس وجود سجناء اعتقلوا بدون محاكمة لمدة طويلة، ومعتقلات تم التجاوز عليهن وأشيع انه تم اغتصابهن، فتم إطلاق سراح أكثر من 300 سجين من الذين طالب المعتصمون بإطلاق سراحهم، ولم تثبت عليهم تهمة، وتبين أن قضية اغتصاب السجينات لم تكن سوى كذب وتلفيق. فهذا رئيس هيئة افتاء اهل السنة والجماعة الشيخ مهدي الصميدعي اكد عودة جميع المعتقلات الى محافظاتهن واطلاق سراح 17 منهن (حتى ذلك الحين) ،(2) واكد عدم وجود اي عمليات تعذيب أو اغتصاب اوانتهاك للعرض وقال أن المعتقلات اقسمن بأنهن لم يتعرضن لاي مضايقة. وانتقد الافتراءات والاكاذيب، وأشار إلى ظهور احدى النساء على احدى شاشات الفضائيات وادلائها بمعلومات مزيفة غير حقيقية وبعيدة عن الواقع.
فماذا يفترض أن يكون رد فعل المتظاهرين؟
في رأيي أن رد الفعل العاقل على ذلك هو أولاً الغضب من الذين كذبوا عليهم واشاعوا بينهم أكاذيب عن عدد كبير من السجينات، تم اغتصابهن، وأثيرت حميتهم عليهن بدون وجه حق وتم ابتزاز مشاعرهم واستغلالها من قبل مجموعة تلفق الأحداث لحساب من لا نعلم من يكون بالضبط|. ويجب أن يتم طرد الملفقين من بينهم ومن عشائرهم ومجتمعاتهم لإقترافهم ذلك الكذب الخطير وإشعالهم فتنة يمكن أن تحرق الأخضر واليابس. وعليهم من ناحية اخرى أن يشكروا الحكومة لتعاملها الحضاري معهم ولاستجابتها لمطالبهم (رغم أن بعض المطالب قد يتجاوز القانون بشكل ما) او على الأقل أن يعودوا إلى بيوتهم! الصميدعي أكد أيضاً وجود مؤامرة كبيرة على الشعب العراقي من خلال قيام بعض الجهات التي تعمل على ايقاظ الفتنة الطائفية وزرع الحقد بين ابناء الشعب، وحذّر من الخروج عن سلمية التظاهرات.
ما الذي يحدث اليوم بدلاً من رد الفعل العقلاني ذاك؟
ما يحدث هو إدامة للتوتر واستمرار للأسلوب الواطئ في التعامل مع الآخر وانجرار أكثرية المتظاهرين إلى محاولات دفعهم ليكونوا وقوداً لإشعال نار الفتنة في العراق. إن قادة التظاهرات المأججين للخطاب الخشن غير الحضاري يسعون إلى غير الأهداف التي يسعى إليها أغلبية المتظاهرين، وإلا فلماذا يستمرون في نفس الزخم في النفخ بالنار، وقد تحققت أهم المطالب التي دعوا إليها وأثاروا الناس من اجلها؟ لماذا لا نرى أثراً للفرحة وهم يستقبلون نبأ اكتشاف أن ما أشيع عن اغتصاب النساء ليس صحيحاً، وهم الذين تظاهروا بالحزن والألم والغضب الشديد على الشرف المفقود؟ لماذا لم يفرحوا وقد أطلق اكثر من 300 سجين بريء، حتى لو كان هذا العدد يمثل جزءاً مما يطلبون؟
إنني لا أجد تفسيراً لذلك سوى أن تلك الدعوات وتلك الخطابات وتلك الأوجه التي تتظاهر بالغضب من أجل الشرف والعرض، لا يمهمها، لا الشرف ولا العرض، ولو كان يهمها لرأينا أثر ذلك الإهتمام على وجوههم وعلى تصرفاتهم بعد ورود الأخبار المطمئنة من رئيس هيئة افتاء اهل السنة والجماعة، أفلا يثقون بكلامه أم ماذا؟ لماذا قبلوا به في لجنة الحكماء التي تقصت الحقائق إذن؟ ومن الذي يثقون به؟ ولماذا لم يرسلوه مع اللجنة؟
إنني لا اجد لذلك سوى أحد أو كلا تفسيرين: الأول أن مطالب هؤلاء القادة التهييجيين لم تكن مطالب الجماهير وإنما تلك المطالب التي أضيفت إليها، ولم يكن يهمهم منها سوى إطلاق سراح الإرهابيين بعفو عام، وفسح المجال كاملاً لعودة البعث، استكمالاً للجهود الأمريكية التي فشلت في فرضه ثانية على الحكم في الإنتخابات السابقة حين ضغطت على الهيئات الحكومية للسماح لعناصره بالترشيح، وحين زورت الإنتخابات لصالح كبيرهم وعميلها باعترافه، أياد علاوي. والتفسير الثاني هو أن القضية كلها حجة، وأن الهدف الحقيقي هو إثارة الفتنة والوصل بالعراق إلى "ربيع" دموي بتكليف من نفس العصابة الدولية التي تقود ربيع سوريا وتذبح أهلها اليوم! فهل ينتبه الناس ويلتفت المتظاهرون لمن يقودهم ويكشفون حقيقتهم، وهل يوقف أهل السنة من يتحدث باسمهم ويسيء إلى سمعتهم؟ هل لا يجد أهل السنة ضيراً من أن يدافع عزت الدوري عنهم؟(3) هل نسوا هذا الذي اشتهر بجرمه وبلاهته، والذي صار مثالاً شعبياً للتملق وتداول الناس النكات عن درجة انبطاحه لسيده ووضاعة تملقه وجبنه؟ هل رفع بعضكم صور صدام نكاية بالحكومة؟ إنما يفعل ذلك نكاية بنفسه! لا شيء يمنعك من الإحتجاج على الحكومة بأية طريقة تريد، دون أن تسيء إلى نفسك بصورة قميئة ترفعها فوق رأسك، أما من يجد أن صورة شخص دموي و عديم الأخلاق تصلح رمزاً له، فهو يقول ضمناً أنه ليس خيراً منها! فلمن أساء من فعل ذلك؟ للحكومة أم لنفسه؟
لننظر كيف يرى الناس السنة من خلال أعمال وأقوال من قال أنه يمثلهم. ولنبدأ بما هو أشد قبحاً وإثارة للخجل لننتهي منه أولاً. أنظروا هذه الأفلام لتدركوا إلى أي منحدر تتجه صورة السنة اليوم:
إضافة إلى المشهد المؤسف للعلواني وهو يوزع شتائمه الوسخة،(1) نرى "الدكتور" طه الدليمي في العديد من المواقف المخجلة والمثيرة للإشمئزاز لضحالتها وطائفيتها. فنراه في هذا الفيديو، يلقي "شعراً" يليق بمقامه، متمنياً للعراق مصير سوريا بربيع مماثل. ومن رأى ما فعلت عصابات الناتو الوهابية في سوريا، ويريد مثل ذلك لبلاده، فإنه يتميز بانعدام ضمير لا مثيل له!(4) ولنلاحظ أن تاريخ هذا الفيديو يعود إلى نصف سنة قبل التظاهرات وقبل التهييج الحالي، مما يدل على ان التظاهرات نفسها قد خططت كجزء من المؤامرة التي نرى فصولها تتكامل الآن. وقد استغلت مشاعر الغبن لدى الناس وإحباطها وقصص الإغتصاب لإطلاق شرارتها التي هيأ لها أمثال طه الدليمي والإعلام المنحط الذي يمثله.
عندما أشاهد هذا الفلم الثاني أتساءل إلى أي مدى يمكن أن ينحط الإنسان الذي يسمي نفسه "مثقفاً" عندما يضع نفسه في خدمة أجهزة مشبوهة؟(5) يبدأ طه الدليمي كمن تمرن على إثارة التقزز لدى مشاهديه، فيغمض عينه ويتقمص غروراً شديد القبح، ثم يفتح فمه فتخرج "الدرر" المهولة. يقول:
"محافظة الأنبار تمثل أهل السنة بامتياز لأنها تكاد تكون خالية من قذارة الشيعة!.. .. بقية المحافظات فيها لوثة... محافظة الأنبار تمثل حاجز أمام السرطان الإيراني والسرطان الشيعي... لو قام هذا الإقليم سيكون هذا الإقليم ذو أثر فاعل في الأمن السوري القادم إن شاء الله، بعد سقوط حثالات الشيعة في دمشق عاصمة الأمويين.. الفرات اليوم، يمكن قطعه، نموّت كل الجنوب!"
يصعب على المرء أمام هذا الإنحطاط إلا أن يترك أصول الكتابة جانباً ويهتف: والله لا لوثة إلا في مخك، ولا سرطان إلا في قلبك ولا حثالة إلا من نسي أهله تربيته ليخرج على شاكلتك، ومثلك لا يستحق قطرة ماء واحدة من الفرات، ولا يستحق الموت عطشاً إلا انت وأمثالك. أنتم دود الأرض والخطر الأكبر على هذا البلد، ولا يعجب بكم ويتبعكم إلا من له لوثة في رأسه!
يجب أن نضيف هنا أن طه الدليمي ليس شخصية معروفة في الجانب السني، وأن ليس له تأثير بأي قدر كان، ولذلك فمن المرجح أن من وضعه في الإعلام أراد إيصال رسالته إلى الشيعة بالدرجة الأولى وليس السنة، وستؤدي نفس الغرض بالضبط إن لم يكن أكثر. فاقناع الشيعة أن السنة يتكلمون عنهم بهذا الشكل له تأثير أكبر من دعوات فارغة للسنة للتصرف بشكل طائفي واطئ.
وهذا الآخر يجأر كالثور "أما أن ننتصر أو نموت" وكأنه في حرب خلقها خياله المريض أو من دفع له ثمن كلامه.(6) وعديم الحياء الذي لا ندري من أين جاءوا به، يرغي: "ما نرضى بحكم العتاكه"(7) وما أسهل أن تجد تافهاً ليقول ما تريد، إن امتلكت بعض المال، وأن يستمع إليه عدد ربما لا يكون هيناً من الجهلة والفارغين.
وأنظروا هذه الجموع تهتف "بغداد النه وما ننطيها"، وكأن بغداد ملك الذي خلّفهم وتركها لهم ليرثوها،(8) وأنظروا جمهور المجانين هذا يطارد صالح المطلك الذي جاء لتأييدهم، رغم إطلاق النار في الهواء وخطورة الموقف! (9) ، وهذا استعراض "مدني" لشباب العشائر في الأنبار،(10) يصرخون "طالعلك يا عدوي طالع"! فتتخيل أنك في مستشفى أمراض عقلية... ويمكن أن نفهم أن متخلفي القبائل، الذين لم يجدوا نظاماً خيراً من ذلك الذي أزاحه الإسلام فعادوا أكثر من 1400 عام إلى الوراء (بل أسوأ، فقد كان في جاهلية العرب الكثير من العقلاء، خاصة بين قادتهم) ، لكن ما لا نفهمه أن تسمح جامعة الأنبار أن يسير موكب باسمها في هذا الجمع المهووس، معتبرة كما يبدو أنها هي الأخرى "قبيلة" من قبائل الجاهلية!
وهذه قناة تلفق قول المالكي عن الشعارات بأنها "نتنه" لتقول أنه يصف المتظاهرين بها وليس الشعارات. ويقول علي حاتم سليمان بغرور مثير عن المالكي: "من يتصور نفسه"؟،(11) وطبيعي أن المالكي يرى نفسه رئيس الحكومة المنتخب في العراق، لكن من هو حقاً علي حاتم سليمان؟ ومن يرى نفسه؟ سنرى ذلك بعد قليل..
هنا علي حاتم سليمان يتوسل بالمتظاهرين أن يسمعوه دون جدوى لأكثر من خمسة دقائق، ليكرر بين كل كلمة وأخرى رجاءه بالهدوء. ،(12) وما الرسالة التي كان علي حاتم سليمان يجهد لإيصالها رغم الهرج والفوضى؟ إن تركنا عباراته الشوارعية عن "الكلاب عملاء إيران" والتي تدل على مستواه الحقيقي، فإننا لا نجد في ما يقول إلا رسالة واحدة، هي تحريض المتظاهرين على عدم القبول بكل ما قد يقدم لهم، وهو ما يكشف حقيقة أمثال هؤلاء الذين يتظاهرون بأنهم "يبكون دماً" على "حرائر العراق"، ثم يكشفون بلا حياء أنهم ليسوا معنيين بحل هذه المشكلة وإنما هم مكلفين بإيصال الأمر إلى معركة حاسمة مع الحكومة، شبيهة بما يحدث في سوريا، وكل من يسعى لإيصال العراق إلى هذا ا لمصير ويدعو لـ "ربيع عراقي" ليس سوى عميل للعصابة الدولية الكبرى "حلف الناتو" وإسرائيل. إنهم الأعداء الأخطر والألد للشعب العراقي وسوف يضعهم التاريخ في أحط قدر، فليتبرأ من الناس من يريد إنقاذ سمعته.
وهنا يقدم علي حاتم نفسه كرمز للتخلف المجتمعي والدعوة للعودة إلى العشائرية والقبلية لما قبل الإسلام، واحتقار القانون والدستور بصراحة تامة،(13) وقد بدأ الترويج لمثل هذا النموذج (14) في الإعلام، ليكون قيادياً للوحوش التي تريدها إسرائيل وأميركا في المنطقة، يكشف عن جهل معيب يجاهر به بلا خجل، ويهتف بتحويل العدو إلى إيران بدلاً من أميركا وينتظر اللحظة المناسبة ليعلنها "صديقاً"، واللحظة التالية ليعلن إسرائيل صديقاً أيضاً. ،(15) إنه مرشح لقيادة جيش من الوحوش المتطرفة التي تريدها أميركا وإسرائيل هراواتها في المنطقة، تضرب بها حيثما تشاء، ورأيناها في سوريا وليبيا قبلها، فتجعل من كل بلد عربي "مصدراً" لتلك الوحوش، وما رأيناه من فوضى وهمجية يخبرنا أن بناء هذا الجيش ليس بعيداً جداً.
هذه نماذج من الجانب الأكثر قبحاً وضلاماً، وأعتذر للقراء عن ما أصابهم من اشمئزاز وقلق على مستقبل بلادهم وشعبهم، بل على شعوب المنطقة بأسرها. لكن لا بأس أن نخاف اليوم من أن نعض يد الندم غداً. علينا أن نعلم أن الهدف ليس إسقاط المالكي وحكومته بحد ذاته، وإنما هو تقسيم العراق، بإسقاط هذه الحكومة أو بدونها. وإن تم تقسيم العراق نفسياً بين الشيعة والسنة، كما حدث بين العرب والكرد رغم تآخي وطيبة الشعبين، فلن يبقى على التقسيم الإداري الرسمي للحدود إلا خطوة صغيرة، وهذه النماذج أعلاه هي من أختارتهم أميركا وإسرائيل لإنجاز ذلك التقسيم النفسي، بعد أن فشل بايدن في استعجال التقسيم الإداري، ووجد أن المزاج الشعبي العراقي لم يطبخ بعد جيداً لإنجاز مشروعه، الذي ووجه بالرفض الشديد والإستنكار واضطر حتى عملاء أميركا إلى التظاهر بأنهم ضده! (إلا من قبل الكتلة الكردستانية التي وافقت عليه بدون استثناء قبل أن تستشعر الجو العام ففضحت نفسها!).
لحسن الحظ، فأن هذا ليس سوى وجه واحد من الحقيقة، وهناك بالمقابل، وفي صراع مرير مع هذا الوجه القبيح المظلم، وجه آخر مضيء ورائق، يذكرنا بالإسلام الجميل الذي يبعث على الإطمئنان، هناك الوجه الذي عرفناه في شخصيات أجدادنا الطيبة المتسامحة، يزيل بعض الغم الذي تثقله على النفوس مثل تلك النماذج المريضة اعلاه. إنه جانب الشيخ الكبيسي الذي لا تمنعه طائفية من ان ينتقد طائفته حيث تخطئ، وكأنه يذكرك بالسيد أحمد الوائلي رحمه الله وهو يفعل ذلك بصراحة غير معهودة. الكبيسي الذي يقول انه يريد أن يدفن مع علي وليس معاوية.
وهناك الشيخ مهدي الصميدعي، الذي قرأنا خطابه الجميل اعلاه، والمعروف بمواقفه المشرفة ومبادراته الإيجابية. وهناك أيضاً الشيخ عبد الملك السعدي الذي يعطي الأمل بفطنة رأسه وطيبة قلبه، وغيرهم عديدون.
الشيخ عبد الملك السعدي قال في كلمة تاريخية ،(16) امام المتظاهرين، فقال: انكم ” شيعة”طالما تحبون آل البيت عليهم السلام ,والشيعة هم ” سنة ” طالما يقدسون السنة النبوية ويعدونها بعد كتاب الله مرجعية لهم. وتذكرنا هذه الكلمة بعبارة السيد السيستاني البليغة "السنة هم أنفسنا"! وقال أن “لكل من العراقيين الحرية في إعتناق المذهب الذي يرضى لنفسه" واكد ان “العراقيين كلهم سواسية بغض النظر عن إختلاف مذاهبهم”. و “لا نريد أن نسمع في الأنبار هتافات تؤذي الآخرين، وطالبهم ”ان يقولوا لمن انحرف عن مساره بأن عليه العودة الى جادة الصواب، وقال :"نحن على طريق ال البيت” و “صلاتنا لا تتم الا بالصلاة على آل البيت”. وذكّر الشيخ المتظاهرين أن الامام جعفرالصادق (ع) كان معلما للامام أبي حنيفة النعمان، وذهب إلى الدعوة إلى وأد مفردتي ”السنة” و”الشيعة” من القاموس العراقي الشعبي. فأين هذا الخطاب من خطابات طه الدليمي أو علي حاتم سليمان، وإلى اي من الخطابين ينتمي السنة؟ هذا هو السؤال الخطير الذي يجب على السنة أن يحسموه لصالحهم قبل فوات الأوان.
لقد دعت الكتلة البيضاء الائمة الى الارتقاء لخطاب عبد الملك السعدي والامتثال لنصائحه،(17) وأشادت بـ "الروح الوطنية التي كانت تطغي على كلامه بالاضافة الى نبذه جميع الخلافات وعدم تسييس التظاهرات والهتاف بشعارات تمس الاخرين ، لذلك نحن ندعو الجميع الى الارتقاء الى مايقوله السعدي في خطاباته حفاظاً على الوحدة الوطنية ووأد الفتنة ".
ومقابل "امير قبائل الدليم" المراهق، علي حاتم السليمان، نجد "أميراً" موزون الكلام، ويتبين أنه الأمير الحقيقي للدليم ويتهم علي حاتم بانتحال صفته العشائرية وينعته بالمجنون والكذاب وأنه "يتكلم بعيدا عن العقلانية ويهول الامور". الأمير الحقيقي هو الشيخ ماجد عبد الرزاق العلي السليمان، الذي دعا "الى التهدئة وعدم التفرقة بين ابناء الشعب العراقي"، وقال "موقفنا يختلف عن موقف علي حاتم السليمان 180 درجة".،(18) وقال الشيخ ماجد: "نناشد شيوخ القبائل والعشائر وعلماء الدين والمرجعيات في النجف الاشرف بان يأخذوا دورهم الحقيقي الوطني والتدخل المباشر لانهاء الازمة القائمة، لاسيما وان العراق يمر بمفترق طرق خطير قد يؤدي الى صدامات تسعى لها مخططات واجندات خارجية". وشدد سليمان على "ضرورة العمل الجاد لقطع السبل امام السياسيين المنتفعين الذيم يحاولون استغلال الحشود الجماهيرية وتجييرها لمصالحهم الشخصية والحزبية".،(19) وهذا أيضاً الشيخ حميد الهايس يتكلم عن السجينات بخطاب آخر، وقال أنهن متهمات بجرائم قتل وبعضهم في الأنبار،(20)
وتحدث عن قادة التظاهرات متسائلاً: من خرج في التظاهرات؟ من يمثلون؟ نائب حصل على 4000 صوت فقط لم نرهم في الأنبار رجال دين، فوجئنا بهم في التظاهرات .. ترفع علم الجيش الحر، والدولة تحميهم . اي ديمقراطية أكثر...
علينا أن نفهم أن أصحاب الخطاب السلمي الحضاري، بما يشكلون من تهديد للوحوش المنحطة، يعرضون أنفسهم إلى اشد الخطر، فتلك الوحوش لا تنوي التخلي عن مشاريعها بسهولة. ، فتهاجم بمحاولات القتل من تعتقد أنها تستطيع أن تقتله، وتهاجم في الإعلام من تخشى أن يتحول شهيداً ورمزاً سلمياً للناس، فتسعى بدلاً من ذلك لقتله أدبياً وتشويه سمعته.
فهذا منزل الشيخ حميد الهايس الذي تحدى المهيجين في الأنبار، يتعرض للقصف بالهاون، وفق نبأ أوردته وكالات أنباء عديدة عن مصدر أمني في الأنبار. ويبدو أن مقتل النائب عيفان العيساوي له علاقة باعتراضاته على ما يجري في ساحة الإعتصام. فقد أعلنت النائب عن كتلةِ العراقيةِ الحرةِ عالية نصيف أن الشهيد أخبرهاأخبرها قبلَ يومين في مكالمةٍ هاتفيةٍ ان أسبابَ انسحابهِ من خيمةِ المتظاهرين هوَ وجود بعض من قياديي تنظيمِ القاعدةِ الإرهابي بين الجالسين في الخيمةِ ما دفعه للانسحابِ كما انهُ اخبرَ بعضَ قادةِ التظاهراتِ بوجودهم وحذرهمْ من مغبةِ السماحِ لهؤلاءِ المجرمين بالتواجدِ في المحافظةِ خلالَ هذهِ الفترة الحرجة".،(21)
ومن خلال هذه الأحداث المتفرقة يمكننا أن نفهم مدى الخطر الذي يتعرض له من يقف بوجه هذه الموجة، لا يستبعد التصفية الجسدية، حتى لو كان ضمن قادة التظاهرات نفسها، فالفوضى يجب أن تبقى بأي ثمن، والجنون يجب أن يدام بأي ثمن!
أما من يخشى أصحاب المشروع التدميري أن يتحول بمقتله إلى رمز للسلام، وأن يقض مضجعهم في استشهاده أكثر مما يفعل في حياته، فإنهم يوجهون إليه عملية الإغتيال الأدبي وتشويه السمعة. فهاهو طه الدليمي يتصدى للشيخ أحمد الكبيسي، للإساءة إليه وإلى خطابه، ولينشر اللقاء تحت عنوان "حقيقة الزنديق أحمد الكبيسي يكشفها د.طه الدليمي"،(22) لم يتحمل بعض دعاة التهييج خسارة الفرصة فدسوا البعض في مواقع الإنترنت للمالكي يدعوه لعدم الإستماع للشيخ السعدي، ، فهذا أسوأ سيناريو بالنسبة لهم، لأن جهودهم كلها ستكون قد ضاعت. وفي مواقع أخرى لم يتورعوا حتى عن التشهير الرخيص ،(23) بأن الشيخ عبد الملك السعدي، لا يتمتع بقدرات عقلية جيدة وأنه مصاب بالخرف، في موقع "وجهات نظر"! من الجدير بالملاحظة أن هذا الموقع يتبنى الإعلام الصدامي ويقف بالضد من حكومة المالكي بكل وضوح، وهو ما له مغزى كبير، فهؤلاء الصداميين لا يناسبهم خطاب التهدئة والحل الذي يدعو له الشيخ عبد الملك السعدي!
وهذا "كاتب"، إن صح التعبير، من كتاب هذا الزمن (يكتب أيضاً أحياناً "شعر" من أشعار هذا الزمن) يكتب تحت اسم "عبد الله شاكر الدليمي" متهجماً : "خطاب الشيخ عبد الملك السعدي.. تخدير وتحقير وتزوير" في موقع إسمه يشي بمحتواه وأغراضه: "القادسية الثالثة". (ونلاحظ رغم ذلك، أن أغلب تعليقات القراء كان إيجابياً، رافضاً للإساءة للشيخ!).
يقول عبد الله مشهراً بالشيخ السعدي بصلافة منقطعة النظير: "ملأ الشيخ خطابه (الوطني) بشطحات – بل جرائم – تنطوي على إساءات بالغة بحق أهل السنة وعقيدتهم وضحاياهم ومصيرهم، وتشي بجهل (أو تجاهل) لأبسط أسس الشرع والسياسة وعلم الاجتماع والتاريخ - بماضيه وحاضره ومستقبله- وأمور أخرى كثيرة." ولأن هذا أو من يقف وراءه يعلم مكانة الشيخ عبد الملك عند السنة ويعرف حق قدره هو بالمقارنة فأنه يستدعي الحذر بين جملة وأخرى فيقول: "كل ما سأقوله موجه نحو الأفكار وليس صاحبها؛ فأرجو ألا ينبري أحد ويتهمني بقلة الأدب مع العلماء أو (أكل لحومهم المسمومة)؛" والحقيقة أن ليس لأحد أن يتهم هذا الشخص بـ "قلة الأدب" بل بانعدامه مثل انعدام صدقية ما يكتب! فهو يتهم الشيخ السعدي بـ "أولا: طمس الهوية السنية وقتل بوادر الانتماء العقدي لدى المعتصمين" فلدى هؤلاء، يجب أن تكون الهوية المذهبية (المفرقة)، هي الوحيدة، أو المسيطرة، لتمحي الهويات (المجمعة) كالهوية الدينية والهوية الوطنية وحتى الهوية القومية في هذه الحالة. فيتحدث عن "وعي جماهيري سني طال انتظاره" (من الذي ينتظره؟) ويؤكد أنها "هويتهم الحقيقية" التي "اندثرت لما يقرب من قرن من الزمان تحت رواسب الوطنية العرجاء"! قارنوا هذا بكلام بدعوة الشيخ السعدي إلى وأد مفردتي ”السنة” و”الشيعة” من القاموس العراقي الشعبي! وأنظروا من يدعوا إلى الدين ووحدته، ومن يعتاش على فرقته وتمزقه! وعبد الله منزعج من دعوة الشيخ السعدي نبذ "الشعارات الطائفية والألفاظ البذيئة"؛ فـ "نحن أمام خيارين: إما أن نستسلم لعدونا فنتشيع أو نُسحق، وإما أن نقاوم ظلم الظالم بكل ما أوتينا من وسائل." – كم بقي عن الوصول إلى هتلر وغوبلز؟ (عدا فرق المستوى العقلي؟). وبعد أن يهلوس "عبد الله" حول أمنياته بأن يتناول قبطان الطائرة التي جاءت بالسعدي، حبة هيروين ليهبط به في مدغشقر.. الخ.. يكمل أتهاماته للسعدي بـ "ثانيا: تعميم المظلومية على جميع العراقيين زورا" و "ثالثا: المساواة بين "دينين" متناقضين متحاربين"!! ليختتم بـ "سامحك الله يا شيخ وغفر لك! فقد ملئت بالقيح قلب كل سني واعٍ حريص على سنيته."
بل ملأ خطابك القميء بالقيح قلب كل مسلم واع، حريص على دينه، وكل عراقي حريص على وطنه وشعبه، بل وكل إنسان حريص على إنسانيته وصدقه! فهل بقي بعد هذا ما يقال وما يناقش يا أهل السنة عن أهداف وأجندة ههذ الأشكال الوسخة الدنيئة، وهم يعلنون صراحة تقسيم دينكم إلى "دينين متناقضين متحاربين"؟ هل من حديث بعد ذلك عن سعي هؤلاء للدفاع عن مصلحة السنة أو شرف السنة أو أي شرف آخر، وهل يعرف أي منهم أي معنى للشرف؟
إذن هذا هو التحدي أمام السنة العرب عموماً، والعراقيين بشكل خاص. تحدٍ يتكون من خطوات: تشويه سمعتهم ،ربط اسمهم بالهياج الجنوني، وضع اشدهم جهلا وتوحشاً لقيادتهم، قتل جسدي أو أدبي للعقلاء بينهم، تقسيم بلادهم إلى بلدين متحاربين، التركيز على هويتهم الطائفية دون غيرها، وتقسيم دينهم إلى "دينين متناقضين متحاربين".. الخ. هل من شك بعد هذا أن خطاب هؤلاء قد كتب في مكاتب الموساد؟ ألن تكون الخطوة التالية لهذا الكاتب أن يبرهن لنا أن هناك علاقة وطيدة بين اليهودية وبين "دين" السنة؟
المعلومات التي جاءتني تؤكد أهمية الشخصيات السلمية المذكورة لدى سنة الأنبار، مثل الشيخ عبد الملك السعدي الذي يحظى باحترام خاص وتقدير كبير. وأن أكثر المتهجمين على تلك الشخصيات، أشخاص غير معروفين وليس لهم أية قيمة. لكن القيمة سوف يمكن استحداثها إذا بقيت هي من يسيطر على الصورة الإعلامية، وإذا تم دعمها بالمال والقوة السياسية. كما أن الجانب الآخر ليس لديه علم إن كان المتحدث مهماً أم لا، مادام يظهر على شاشة التلفزيون أو على منصة خطابة في تظاهرات، وسوف يعتبره ممثلاً لمن يتظاهر، ويتخذ موقفه من المجموع على أساس ذلك الإفتراض، وتتدحرج كرة الثلج الطائفية وتكبر.
لذلك أقول ختاماً معركة مصيرية تستهدف ليس وطنكم فحسب، بل أيضاً كل مبادئكم ومعتقداتكم وما تؤمنون به أيها السنة، فلا مفر أن يحدد كل شخص موقفه منها. هل يرى نفسه مع سنة طه الدليمي وعلي حاتم، أم مع سنة الصميدعي وعبد الملك السعدي؟ إنها ليست مؤامرة على السنة فقط، بل مؤامرة يراد بها تحويل العراق إلى دويلة خليجية يحكمها البدو الأجلاف من أمثال علي حاتم وطه الدليمي، وتسيرها إسرائيل كما تشاء مثل بقية الخليج، بل وأسوأ منه بقدر ما هو طه الدليمي أحط من مثقفي الخليج وبقدر ما هو علي حاتم أكثر من حكامه جلافة وتخلفاً.
إنها لحظة حاسمة من تاريخنا وتاريخ هذا البلد، "فليتكلم من لديه ما يقوله الآن، او فليصمت إلى الأبد"!
(1)http://www.youtube.com/watch?v=X3K1... (2)http://www.assafirnews.net/index.ph... (3)http://qanon302.net/news/news.php?a... (4)http://www.youtube.com/watch?v=OkSd... (5)http://www.youtube.com/watch?v=Oe-z... (6)http://www.youtube.com/watch?v=0px0... (7) http://www.youtube.com/watch?v=wpRX... (8) http://www.youtube.com/watch?v=a0ck... (9)http://www.youtube.com/watch?v=6RIL... (10)http://www.youtube.com/watch?v=S-TY... (11)http://www.youtube.com/watch?v=PSlE... (12) http://www.youtube.com/watch?v=wRGX... (13) http://www.youtube.com/watch?v=z59Y... (14) http://www.youtube.com/watch?v=LC0c... (15) http://www.youtube.com/watch?v=qOZ4... (16) http://www.burathanews.com/news_art... (17) http://www.uragency.net/index.php/4... (18)http://qanon302.net/news/news.php?a... (19)http://www.faceiraq.com/inews.php?i... (20)http://www.youtube.com/watch?v=qcgi... (21) http://qanon302.net/news/news.php?a... (22)http://www.youtube.com/watch?v=NUbQ... (23)http://www.wijhatnadhar.com/2013/01...
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|