<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي في العراق ازمة حكم قبل ان تكون ازمة حاكم !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

في العراق ازمة حكم قبل ان تكون ازمة حاكم !

 

 

جمال محمد تقي

 

الازمة التي يشهدها العراق اليوم والتي قد يراها البعض مكثفة ومختصرة بانفجار الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات المدنية في العديد من المدن العراقية المطالبة بتغيير الاوضاع الفاسدة والشاملة لكل مناحي الحكم القائم ، هي ليست ازمة حاكم بعينه ، فلو لم يكن المالكي لكان الجعفري اوبيان جبر او علي الاديب او الشهرستاني او عادل عبد المهدي او اياد علاوي او الجلبي  او محمود المشهداني او غازي عجيل الياور او حيدر العبادي او سامي العسكري ، صحيح ان هناك فروقات شخصية بين كل منهم ، ولكن الاصح ايضا ان الجميع من مدرسة واحدة ، والجميع سيكون خاضع لاجندة تتحكم به وهو اسير لنظام بني بطريقة متلازمة ، انهيار احد اساساته يؤدي حتما الى انهيار النظام بأكمله ، واقصى مايمكن لأحدهم القيام به هو كسب الوقت لبناء سلطة قادرة على منح شخصه امتيازات تلزم الاخرين بالتسليم له بالانفراد بالمركز مقابل انفرادهم بحكم الاطراف .

الفدرالية الكردية نموذج مغري لكل اليائسين من حكم المركز بين القوى التي لا ثقل سياسي شعبي حقيقي لها خارج الاطر الطائفية والعنصرية شيعية كانت ام سنية ، وعليه فان مواقف القوى الوطنية العراقية الاصيلة لا تتماهى مع المشروع الكردي لتقسيم العراق وانما تعتبر تغيير نظام الحكم القائم بحكم وطني ديمقراطي مستقل يبني دولة المؤسسات لا دولة المكونات ، دولة المواطنة لا دولة المذاهب والاعراق هو السبيل الاوحد لضمان وجود عراق موحد مزدهر ، فالمظاهرات والاحتجاجات المتواصلة في المناطق الغربية لا تريد مكاسب مناطقية وحقوق مكوناتية ولا تريد عودة الحزب الواحد وانما تريد عراقا حرا لا تفوح من جسده روائح التبعية والفساد السياسي والمالي والاداري ولا تمييز فيه على اساس الطائفة والعرق ، انها لا تريد اكثر من حقوق الانسان التي يجب ان يكون نظام الحكم حريصا على تجسيدها ، يريدون دستورا وطنيا وقوانين تبعث على المصالحة لا الثأر والانتقام ومن هذا المنطلق فان المطالبات المشروعة لابطال العمل بقوانين بريمر التي تجتث الحياة الكريمة لمنتسبي الجيش السبق او منتسبي حزب البعث من غير مرتكبي الجرائم وهم بعشرات الالاف ، ونبذ روح الكيد والاقصاء في تطبيقات قانون مكافحة الارهاب هي دعوات وطنية صادقة لتجاوز الماضي والتحرر من اسره ، وما تأكيدات وتوجيهات المراجع الوطنية في المناطق الغربية على ضرورة التزام المتظاهرين بسلمية وشرعية ووطنية المطالب المرفوعة وعدم الانجرار لاي طرح طائفي تقسيمي الا مؤشر استباقي لتفويت الفرصة على المتربصين بهذا الحراك الشعبي الوطني الذي يريد ادغام مهام التحرير بالتغيير، وليجعل من كيد الكائدين في تظليل ، فهذا الشيخ المرجع عبدالملك الساعدي يدعو الى رص الصفوف وعدم مجاراة دعوات السياسيين ، ويهيب بعلماء الدين وشيوخ عشائر الوسط والجنوب لوقفة رجل واحد من اجل رفع الظلم عن المظلومين ومن اجل نصرة شعب العراق بالضد من سراق حقوقه وثرواته !

المالكي بنى سلطة قادرة على ادامة الحكم لشخصه ولاطول مدة ممكنة ، لكنه غير قادر على الخروج من الدائرة التي يدور فيها فهو لا يملك مشروعا وطنيا يتجاوز حدود النظام الذي اقامه الامريكان بالتفاهم مع الايرانيين ، وهو سيبقى اسيرا للنفس السلطوي الاقصائي الذي مهما طال المطال به وتوسعت مناقبه يبقى عاجزا عن انتاج حلولا وطنية حقيقية للمشاكل القائمة ، وغير مؤهل لاطلاق تنمية حقيقية تسهم بجعل العراق سوق وطنية منتجة لا تستهلك ما ينتجه الاخرون ولا تحول العراقيون الى متلقي اعانات ، حكم المالكي وبدلائه لا ينتج غير المزيد من الفساد والعنف ، وما حصل من تصادم مع متظاهري الفلوجة هذه المدينة التي تحولت الى رمز للتحرير والتغيير ، الا شاهد حي على عدم قدرة هذا النظام على ايجاد حلول حقيقية للمشكلات القائمة .

في حوار تلفزيوني اجرته معه قناة البغدادية اعترف المالكي ضمنيا بان الدستور الحالي قد مرر بشكل تلفيقي ، عندما قال بان 90 بالمئة من المكون السني لم يكونوا شركاء في العملية السياسية التي انطلقت بعد عام 2003 وتوجت بالاستفتاء على الدستور عام 2005 ، اي ان اكثر من ثلثي ثلاثة محافظات كانت قد قالت لا للدستور الحالي ، وهي النسبة المطلوبة لرفضه بحسب قانون الاستفتاء والتي ضمنت في الدستور كبند معياري لاي حالة تعديل او تغيير دستوري قادم ، وذلك لضمان فيتو كردي شيعي لاي اجراء قد يمس امتيازاتهم ، والمالكي نفسه يجد بان اي تعديل دستوري حقيقي يعيد رسم نظام الحكم بما يضمن سلاسة اكبر ، كأن يكون رئاسيا وليس برلمانيا امر يصعب تحققه ، لانه يفترض اجماع قوى تنظر لما بين يدها على انه حق مكتسب ، سحبه يعني استقلالهم بالاطراف التي يحكموها ، بذريعة خرق الدستور من قبل المركز !

 لا نأتي بشيء جديد اذا قلنا ان العراق حاليا هو واحد من ابرز الدول ، الاكثر فشلا في العالم ، فهذا الوصف صار متداولا بين العديد من المنظمات الدولية المتخصصة ، حتى انه دخل في قاموس المناكفات السياسية بين شركاء الحكم في العراق ، لكننا نريد التاكيد على ان نظام الحكم القائم هو المسؤول الاول عن هذا الفشل وليس شخص المالكي او غيره من رموز العملية السياسية القائمة .

بعد استكمال انسحاب القوات الامريكية من العراق لم يتغير شيء يذكر في نظام الحكم المستخلف ولم تجري مراجعة للاوضاع السياسية والدستورية والاقتصادية الشاذة التي بقيت حاضرة بالرغم من اعتراف مهندسيها بارتكابهم لاخطاء قاتلة تسببت في اشعال موجات متواترة من الفوضى والعنف الاهلي الذي لم يشهد له العراق مثيلا طيلة تاريخه الحديث ، مراجعة تهدف للتغيير والاصلاح وتحقيق المصالحة الوطنية التي صارت هدف على كل لسان بعد ان فرق المحتلون بين افراد الشعب وعاملوهم على كونهم مكونات قابلة للانفصال عن هويتهم الوطنية الجامعة ، الشيء الوحيد المختلف هو استكمال بناء قوات مسلحة جديدة وكبيرة وصل تعدادها الى ستمائة الف عنصر تتواجد داخل المدن وليس لها مهمة سوى الحفاظ على بقاء النظام القائم في الوسط والجنوب ، لان الشمال اصبح منفصلا تماما امنيا واداريا ولا تربطه رابطة حقيقية بالمركز سوى مايتعلق بحصة الاقليم السنوية من الميزانية العامة .

حكومة شراكة ام حكومة اغلبية ، تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بولايتين ام بدون تحديد ، اصدار قانون عفو عام ام خاص ، تشذيب لبعض فقرات قانون المساءلة والعدالة ام الغاء العمل به ، الغاء قانون المخبر السري ام استبداله بقانون المخبر العلني ، مراجعة قانون مكافحة الارهاب ام حصره بالجرم المشهود ؟ كلها ترقيعات لا تغير من جوهر المعادلة القائمة ، بل تجعلها اكثر قدرة على التكيف والتظليل ، لان المشكلة الحقيقية تكمن في غياب مؤسسات مستقلة للدولة الوطنية عن كابينة السلطة ، فمثلا كل محاكم القضاء مبنية وفق نظام المحاصصة ، والجيش ايضا برغم هيمنة حزب المالكي عليه لكونه حاليا يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة ، وبنفس الدرجة من المحاصصة والهيمنة هناك هيئة الاعلام المستقل ، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، والبنك المركزي ، وهكذا دواليك ، في بلد ليس فيه قانون عادل للانتخابات وليس فيه قانون للاحزاب !

لا احد يستطيع انكار تأثيرات الوضع الملتهب في سوريا على طبيعة تحركات السلطة وشركائها في العراق ، بل لا احد يستطيع انكار هذا التأثير حتى على القوى المناوئة لهذه السلطة ، فالكل متحفز للاستفادة او التحوط  من تداعيات ما يجري في البلد المجاور ، البلد الذي يعتبر قرين للعراق في الكثير من الاحوال ، لكن محركات الهبة الشعبية الجارية في العراق ليست مستنسخة عن الحالة السورية ، لان هناك ارهاصات عراقية  لهذا الحراك كانت قد سبقت الحراك السوري بزمن وجرى قمعه باساليب عديدة ومنها الاستعانة المباشرة بالقوات الامنية الامريكية ، وتلفيق تهم الارهاب للمشاركين بحركة الاحتجاجات والتي برزت في البصرة وبغداد وحتى في بعض زيارات الائمة في كربلاء والنجف ، وايضا اثارة النعرات الطائفية للتشويش على اي استقطاب وطني يطالب بتغيير الاوضاع القائمة .

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا